أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حنان كوتاري - يونس بين القرآن و سفر يونان قراءة في تجربة يونس الإنسانية















المزيد.....



يونس بين القرآن و سفر يونان قراءة في تجربة يونس الإنسانية


حنان كوتاري

الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 11:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تقديم
تصعب معرفة الحقيقة الكاملة أو القريبة من الكمال، عن التجارب و الأحداث و القصص الإنسانية المكونة للثقافة الإنسانية، بالاعتماد على التلاوة القرآنية لهذا الإرث الثقافي الإنساني، و إنما تتطلب تلك الحقيقة دراسة تدبرية للقرآن مع السير في الأرض و النظر إلى كيف بدء الخلق والبحث في الآفاق و الأنفس، و هذا ما يفتح باب العلوم الدينية لعلوم التاريخ و الاجتماع و النفس ......، و يؤكد نظرية تكامل العلوم .
"أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدء الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير" العنكبوت 19- 20.
فـكما رقى العـقـل البشري من الإحيائية إلى الرؤية المـتكاملة و الشـمـولـية للكون و الوجود و الأشياء ، فمن الضروري أن ينتقل الآن من مرحلة الاعتقاد باستقلال العلوم و بعدم احتياج بعضها للبعض الآخر ، إلى مرحلة الاقتناع بأن بحر كل علم يصب في بحر غيره من العلوم ، و أن الوصول إلى الحقيقة سواء في ميدان العلوم الطبيعية أو الإنسانية لا يتأتى إلا بتدخل علوم أخرى .
و لا يبتعد منهج القرآن في دراسته للقضايا الإنسانية عن هذه النظرة الشمولية ، و إنما يستفز الباحث بما يثيره من إشكاليات و أسئلة ، فيطوف به من علم التاريخ إلى المكتشفات الأثرية إلى النظريات النفسية ...
و بناء على هذا فإن هذه الدراسة التي بين أيدينا لتجربة يونس الإنسانية، ما هي إلا دراسة تمهيدية تثير إشكالات و أسئلة ، تمهد الطريق لدراسات أوسع و أشمل، تتجاوز النصوص إلى ما طرحته العلوم الأخرى عن الآشوريين و تاريخ اليهود و السلوك الإنساني....
و أحب أن أسجل في هذه المقدمة أن دراستي المتواضعة لقصة يونس جعلتني أعي معنى قوله تعالى "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" النحل الآية 43 ، و أستوعب بعض حقائق علاقة القرآن بالكتاب المقدس، فلولا سفر يونان لما استطعت حل الكثير من الألغاز التي اعترضت طريق دراستي لقصة هذا النبي الكريم، كما أحب أن أنبه إلى أن التلاوة القرآنية لقصة يونس عليه السلام لم تستهدف سفر يونان فحسب، و إنما كل ما ثبت في الثقافة الإنسانية من قصص و حكايات و روايات عن يونس عليه السلام، و إن كانت هذه الدراسة تركز على السفر التوراتي محاولة تقديم منها دراسة مقارنة بين القرآن و التوراة .
فما الحقائق و الإضافات التي حملتها تلاوة القرآن لقصة يونس؟
ما الجوانب الإنسانية التي يكشف عنها القرآن في هذه التجربة؟
ثلاث حقائق كبرى
ورد ذكر يونس في القرآن الكريم في ست مواضع متفرقة هي: النساء الآية 163 – الأنعام الآية 86 – يونس الآية 98 – الأنبياء الآية 87 – الصافات الآية 139 – القلم الآية 48 ، و ورد ذكر يونان في التوراة في سفر يونان ، الذي يصنف ضمن أسفار الأنبياء الصغار.
و يلاحظ أن تلاوة القرآن لنبأ يونس على الناس بالحق - رغم تفرق مواضعها- ، جاءت مرتبة حسب أبرز الإشكالات التي يثيرها سفر يونان، و قد بدأت بالكشف عن ثلاث حقائق كبرى قبل عرضها لتجربة يونس الإنسانية ، حقائق أربكت السفر و وضعت العديد من أحداثه تحت مجهر السؤال و الشك، و صححت للباحث المدخل الذي يدخل منه إلى قصة يونس أو يونان.
الحقيقة الأولى " رسلا مبشرين و منذرين "
"إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" النساء 163
إن أولى الإشكالات التي يطرحها النص التوراتي، حصر رسالة يونس في إنذار نينوى ،
« و أمر الرب يونان بن أمتاي " هيا امض إلى نينوى المدينة العظيمة و بلغ أهلها قضائي لأن إثمهم قد صعد إلى" « يونان [1:1-2]، فيأتي القرآن ليتلوا علينا النبأ بالحق، مبتدأ بقوله تعالى " إنا أوحينا "، فما تلقاه يونس من الرب كان وحيا يتضمن الأمر بالـعـقـائد و الـمـبـادئ و الأخلاق التي تضمنها و حي غيره من الرسل و الأنبياء ، فهو وحي توجيهي تربوي ، يهدي الناس إلى الخير و الحق ، يبشر و ينذر ، و هذا ما زاد الله التأكيد عليه بقوله " رسلا مبشرين و منذرين "، و هو ما ينسجم مع سنة الله في عقاب الناس "و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" سورة الإسراء الآية 12، و مهمة الرسول دائما تتضمن الإنذار و التبشير.
و بناء على هذه التلاوة القرآنية يحتمل أن سفر يونان قد حذف منه أوله ، و هو الجزء الذي يتضمن وصفا لرحلة يونان داخل نينوى مبشرا و منذرا ، و ربما هذا ما يفسر ورود حرف الواو في بداية السفر " و أمر الرب" التي يحتمل أن تكون واو عطف عطف الله بها على أمر سابق، و يمكن اعتبار السفر كاملا سليم البداية ، لكن التغيير وقع في مضمون الأمر الإلهي ليونان بحصره في الإنذار ، و في الحالتين معا يطرح السؤال الآتي
: لم غيب كاتب الكتاب المقدس صفة التبشير من وحي الرب ليونان ؟

الحقيقة الثانية "و كلا فضلنا على العالمين"
"وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ و إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِين وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ" سورة الأنعام من الآية 84 إلى الآية 90 َ .
بعد أن كشف القرآن عن حقيقة رسالة يونس ، انتقل مباشرة إلى الكشف عن حقيقة يونس ، و ذلك لأن ثاني أهم الإشكالات التي يثيرها سفر يونان الصورة التي قدم بها يونس عليه السلام ، فقد صوره في صورة الإنسان الذي يختار عصيان الرب على طاعته دون الاكتراث لغضبه ، و يسيء الأدب مع الرب ، و يكره الخير للناس ، و يجهل قدر الرب العظيم ، صفات تحط من قيمة يونان و تطعن في اصطفاء الله له ، و لهذا نجد القرآن يخصص ثاني النصوص المتحدثة عن يونس [سورة الأنعام 84- 90] لإبراز مكانته الرفيعة و صفاته الكريمة ، فهو رسول كريم من نسل رسل كرام أطهار " و نوحا هدينا من قبل و من ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هارون و كذلك نجزي المحسنين و زكرياء و يحي و عيسى و إلياس كل من الصالحين و إسماعيل و اليسع و يونس و لوطا....."، فضله الله على العالمين "و كلا فضلنا على العالمين" ، اجتباه و هداه "و اجتبيناهم و هديناهم إلى صراط مستقيم " ، و آتاه الكتاب و الحكم و النبوة "أولئك الذين آتيناهم الكتاب و الحكم و النبوة" ، و أمر خاتم الرسل الذي قال عنه " و إنك لعلى خلق عظيم"[القلم:4] بالإقتداء بهداه "أولئك الذين هدى الله فبهادهم اقتده" .
إن يونس كما قدمه القرآن إنسان يتصف بالهدى و العقل و الحكمة و العلم ، جميل الخلق حسن التصرف، وهذا ما يضع العديد من أحداث سفر يونان تحت مجهر السؤال:
كيف لمن آتاه الله الكتاب و العلم و النبوة أن يجهل علم الإله بما في السماوات و الأرض
و ما تحت الثرى و ينوي الهروب منه ؟
و هل بالفعل لم يحب النجاة لأهل رسالته ؟
و إن لم يصح ذلك فما هو السبب في عصيانه لأمر الرب كما تذكر التوراة؟
الحقيقة الثالثة " إلا قوم يونس"
" فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين" سورة يونس الآية 98
تذكر الرواية التوراتية أن يونس رجل عبراني أرسله الله إلى نينوى ، و تصف إقلاع أهل نينوى عما كانوا فيه من عصيان مباشرة بعد سماعهم إنذار يونس، و بذلك نجوا من العذاب، و يستمر القرآن في النص الثالث في كشف الحقائق و تصحيح المفاهيم و التصورات بأسلوبه البسيط و كلماته الدقيقة ، فيقول ضاربا المثل " إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا و متعناهم إلى حين "[يونس:98] ، إن كثيرا من القرى حاق بها عذاب الله عندما أصرت على الكفر، و لولا ذالك لنجت من هذا المصير، كقوم يونس الذين فازوا بكشف العذاب عنهم جزاء توبتهم عن كفرهم ، و هكذا يضعنا القرآن أمام حقيقتين أساسيتين هما :
 أن الله بعث يونس إلى قومه، و هذا يحتمل مع استحضار الرواية التوراتية أن يونس رجل عبراني بعثه الله إلى العبرانيين، أو أنه رسول من نينوى جاء بوحي إلهي إلى قومه، هذا إن اعترفنا بصحة العلاقة التي تخلقها التوراة بين يونس و نينوى، و اعتبرنا أن نينوى المتحدث عنها في التوراة هي نينوى عاصمة آشور، و إلا فإن القرآن لم يحدد مكان دعوة يونس.
 أن قوم يونس استقبلوا دعوته بالرفض و الإعراض فأصابهم العذاب، ثم تابوا فكشف الله عنهم عذاب الخزي و متعهم إلى حين، و بهذا تفقد قصة التوبة المباشرة و النجاة المباشرة لأهل نينوى مصداقيتها.
لم اختار المتدخل في النص التوراتي رجلا عبرانيا لإنذار الآشوريين ؟ لم يَكن مشاعر الحقد و الكره لهم ؟ هذه المشاعر التي عبرت عنها شخصية يونس في سفر يونان، ما طبيعة العلاقة التي امتدت بين اليهود و الآشوريين ؟

التلاوة القرآنية لقصة يونس
"وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ " سورة الأنبياء 87- 88
" وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ" سورة الصافات من الآية 139 إلى الآية 148
"فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ" سورة القلم 48
ابتدأ القرآن الكريم قصة يونس بالحديث مباشرة عن ذهابه إلى الفلك آبقا مغاضبا، و لم يهتم –كعادته- بذكر التفاصيل و الجزئيات التي كثيرا ما تتوه بالأحداث عن أهدافها دون أن تضيف شيئا للقصة، فلم يقص أسباب غضب يونس، واكتفى بالإشارة إلى أنه " ذهب مغاضبا" في وصف منه لحالته النفسية و تلميح إلى طبيعة مزاجه و شخصيته.
"غاضب (غاضب يغاضب مغاضبة ) الرجل صاحبه راغمه أي حمله على الشيء أو أثار فـيه الغـضـب أو فـعـل به ما يثير غـضبه .... و غـاضب الرجـل قـومه خرج عـنهم مراغـما و خلافا" .
"أبق و تأبق : استخفى ثم ذهب ...و تأبق : استتر و يقال احتبس" ، و "أبق العبد هرب من وجه سيده و استخفى فهو آبق" .
أبق يونس إلى الفلك إباقا يمتزج فيه الهروب مع الاستتار، و لهذا اختار فلكا مشحونا، " إذ أبق إلى الفلك المشحون" ، حتى يتوه بين الناس فلا يصل إليه كل من حاول تعقبه، ولذا نجد في سفـر يونان حديثا عن نوم يونس في عـمـق السفـينة " أما يونان فلجأ إلى جوف السفـيـنة و رقد مستغرقا في نوم عميق"[يونان5:1].
و تحكي التوراة أن يونان فر إلى السفينة هربا من تنفيذ أمر الرب بإنذار نينوى ، دون أن تشير إلى مسألة المغاضبة "غير أن يونان تأهب ليهرب من الرب إلى ترشيش فانحدر إلى مدينة يافا حيث عثر على سفينة مبحرة إلى ترشيش.."[يونان3:1]، لكن القرآن يجعل تجربة البحر مرحلة سابقة لمرحلة الاصطفاء بالرسالة و النبوة و كأنها كانت إعدادا لها، يقول تعالى بعد الانتهاء من الحديث عن قصة يونس مع الحوت " و أرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم حتى حين " الصافات 139 ، "فاجتباه ربه فجعله من الصالحين" القلم 48.
تحرك الفلك في البحر ، و بعد أن ابتعد عن الشاطئ اختل توازنه ، و آض عرضة للانكسار و الغرق، و لم يكن السبب إعصارا بحريا أثارته ريح أرسلها الله على البحر، عقابا ليونس على خروجه دون إذنه كما تذكر التوراة، فيونس إلى تلك اللحظة لم ينزل الوحي عليه بعد، و إنما يتمثل السبب في أن الفلك كان مشحونا، "إذ أبق إلى الفلك المشحون " .
و لو كان السبب في تعرض السفينة للانكسار هو الريح البحرية كما تذكر التوراة ، فلم لجأ البحارة إلى طرح أمتعتهم للتخفيف من حمولتها ؟ ما علاقة هذا الفعل بتجنب خطر الريح؟
و لم جلس البحارة لمباحثة أمر الريح و إجراء قرعة لمعرفة من جر عليهم بلاءها، مع أن تعرض سفينة وسط البحر للرياح من الأمور المرتبطة بعملهم والتي تعودوا عليها و لا تثير دهشتهم؟
" فساهم" فساهم يونس في ما يقوم به البحارة و الركاب من أعمال للمحافظة على توازن الفلك و إيصاله إلى الشاطئ ، و من هذه الأعمال التجديف للرجوع إلى الشاطئ أو طرح بعض الأمتعة للتخفيف من حمولة الفلك و ليس التخلص من بعض الركاب ، و هذا هو الأقرب لمنطق العقل و الأولى بالفعل ، فلو اضطر الركاب إلى التخلص من جميع أمتعتهم ومن أثاث الفلك و أجهزته الثانوية لضمان نجاتهم و إعادة التوازن للفلك ، لسارعوا إلى فعل ذلك دون التفكير مطلقا في التضحية بالبشر ، و هذا ما يفسر حديث التوراة عن طرح البحارة للأمتعة في البحر "فأرسل الرب ريحا عاتية على البحر أثارت إعصارا بحريا ، حتى أشرفت السفينة على الانكسار ، ففزع الملاحون و استغاث كل واحد منهم بإلهه ، و طرحوا ما في السفينة من أمتعة ليخففوا من حمولتها"[يونان1: 4-5].
أما الأخذ بالرواية التوراتية و التراثية و اعتبار قوله تعالى " فساهم" إشارة إلى مشاركة يونس في قرعة أجراها الركاب و البحارة لمعرفة الشخص الذي جر عليهم ما أصابهم من بلاء – حسب التوراة-، أو اختيار شخص للإلقاء به في البحر و التخفيف على الفلك– حسب الرواية التراثية -، فإنه يوقع النص القرآني في التناقض ، لأن تصديق قصة القرعة يقتضي التصديق بأن السبب في اختلال توازن الفلك هو الريح البحرية التي أرسلها الله عقابا ليونس على هروبه، و هذا عكس ما ذكره الله تعالى من أن سبب مشكلة الفلك حمولته الزائدة، و أن يونس أرسل بعد تجربة البحر .
"فكان من المدحضين" فانزلق يونس أثناء عمله و سقط في اتجاه البحر، "أدحض الله حجة فلان فدحضت : أبطلها فبطلت ، و الدحض أصله الزلق في الماء و الطين" ، و تذكر التوراة أن البحارة صرخوا إلى الرب قائلين " أيها الرب لا تهلكنا من أجل حياة هذا الرجل، و لا تحملنا دما بريئا لأنك يا رب فعلت كما شئت"، ثم اخذوا يونان و قذفوا به إلى البحر[يونان14:1 15]، و ربما الصحيح أن صراخ البحارة كان عندما فوجئوا بيونس يسقط في البحر، فصرخوا إلى الرب مبرئين أنفسهم من ذنبه.
"فالتقمه الحوت" لم يقل الله فأكله الحوت وصفا دقيقا منه تعالى للموقف، فلم يسقط يونس في البحر و لم يلمس جسمه ماءه، و إنما سقط مباشرة في فم الحوت الذي ما إن رآه يسقط حتى تلقى له و التقمه، لقمة انزلقت بقوة إلى بطنه .
وجد يونس نفسه في بطن الحوت فجزع و ظن ألا مفر، "فظن ألن نقدر عليه"، و لم يرى لنـفـسه فـي الـوجود من منقـذ، حتى موجـد الـوجود الـذي و إن لم يجاري قـومه فـي شـركهم و كفرهم به، فقد ضل عن الاهتداء إليه كما قال تعالى "ووجدك ضالا فهدى" سورة الضحى الآية7، ففي قوله تعالى"فنادى في الظلمات لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" إشارة خفية إلى أن يونس كان في ضلال عن الله قبل تجربة البحر، و أن معاني الإيمان تفتحت بداخله و هو في بطن الحوت. يأس يونس من النجاة، و صحب الحوت في البحر، فعاشت نفسه التجربة ، و أدركت حقيقة الوجود الإنساني المرتبط بالوجود الإلهي،"فنادى في الظلمات"، ظلمات مادية كظلمات بطن الحوت و البحر، و ظلمات معنوية كظلمة الضلال و الكفر و الشرك ، يقول تعالى"و الذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها و من لم يجعل الله له نور فماله من نور ..." ، سورة النور39- 40 .
نادى يونس "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، بعد أن أدرك أن الضلال عن الله ظلم، فسبح الله مخلصا له الدين .
و بناء عـلى هـذا فالأرجح أن يونس لم يكـن عـبرانيا و إنما كان مـن قـوم وثنيين مشركـين، و نجد في التوراة إشارة إلى وثنية الملاحين "ففزع الملاحون و استغاث كل واحد منهم بإلهه"[يونان5:1] ، ثم تكشفت ليونس الحقيقة و هو صحبة الحوت في أعماق البحر، كما تكشفت لإبراهيم و هو يتأمل في الشمس والقمر، فآمن و سبح الإله الواحد القادر، و استجاب له الله و نجاه مـن غـمه و حـزنه ، لأنه أضحى مـن الـمـؤمنين "فاستجبنا له و نجيناه من الغم و الحزن و كذلك ننجي المؤمنين" ، و لولا هذا للبث في بطن الحوت إلى يوم البعث ، "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون".
"فنبذناه بالعراء و هو سقيم و أنبتنا عليه شجرة من يقطين"
نجى الله يونس و نبذه بالعراء و هو سقيم ، لأن مكوثه في بطن الحوت ، ثم رحلة خروجه منه و التي تطلبت إلقاءه بقوة و لهذا قال تعالى " نبذناه "، هذا كله جعله سقيما، و بالرغم من الرحمة التي غمر الله بها يونس عندما أنقذه من الحوت ، فإن يونس بما في طبعه من سرعة غضب و سرعة جزع و قلة صبر، جزع مما هو فيه : السقم و العراء الذي نبذ به و يعرضه لأذى الشمس ، فأعاد النداء في كرب و غم ، قال تعالى " و لا تكن كصاحب الحوت إذ نادى و هو مكظوم "، و ربما هذا أصل قول يونان في سفره "فلما أشرقت الشمس أرسل الله ريحا شرقية حارة لفحت رأس يونان ، فأصابه الإعياء و تمنى لنفسه الموت قائلا: خير لي أن أموت من أظل حيا"[يونان8:4]، و بهذا يكون الصحيح في قصة جلوس يونان شرقي مدينة نينوى غاضبا من نجاتها، أن الحوت ألقى بيونس شرق مدينته، و أنها المنطقة التي قضى بها فترة النبذ بالعراء.
و لولا نعمة الله و رحمته لبقي يونس بالعراء و هو مذموم لقلة صبره ، لكن الله تداركه بنعمته فانبت عليه شجرة من يقطين .
و قد وصى الله الرسول بعدم الضيق بتعنت قومه و الصبر على حكمه ضاربا له المثل بصاحب الحوت ، قال تعالى " و لا تكن كصاحب الحوت إذ نادى و هو مكظوم لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء و هو مذموم فاجتباه ربه فجعله من الصالحين"، فوجه الشبه بين ما صدر من يونس و ما يؤمر الرسول باجتنابه هو قلة الصبر ، أما التفسير الذي قدمته بعض التفاسير لهذه الآية ، و الذي يجعل منها دليلا على صحة خبر خروج يونس من قريته غاضبا من قومه تاركا دعوتهم دون إذن من الله بعد إصرارهم على الكفر و إعراضهم عن الإيمان، فإن التأثير التوراتي فيه واضح و جلي ، و لو درست آيات قصة يونس بعيدا عن الروايات الإسرائيلية المعتمدة على التوراة ، لوقع الانتباه إلى أن تجربة يونس في البحر كانت قبل اصطفائه بالرسالة ، و أن حديث الله في آية سورة القلم مرتبط بفترة النبذ بالعراء بعد الخروج من بطن الحوت، و أن قوله تعالى "لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء و هو مذموم"، غير قوله تعالى "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون".
"و أنبتنا عليه شجرة من يقطين"
يذكر الله تداركه يونس برحمته و إنبات شجرة من يقطين عليه، و بهذا يموضع قصة اليقطينة في موضعها الصحيح، و يصحح للتوراة مسار الأحداث، ففي الوقت الذي قفزت فيه التوراة من "فأمر الرب الحوت فقذف بيونان إلى الشاطئ"[يونان10:2]، مباشرة إلى "و أمر الرب يونان ثانية قم امض إلى نينوى المدينة العظيمة ، و أعلن لهم الرسالة التي أبلغك إياها" [يونان1:3-2] دون أن تحل مشكلة يونان بعد النجاة، و توضح كيف استعاد قوته و تجاوز أثر محنة البحر عليه، ساقت قصة اليقطينة في سياق بعيد عن المنطق و الإقناع ، تقول التوراة بعد أن وصفت غـضب يونان من نجاة نينوى مـن العـذاب"و خـرج يونان من نينوى و جلس شرقي المدينة، بعد أن نصب لنفسه مظلة جلس تحت ظلها يرقب ما يجري على المدينة ، فأعد الرب الإله يقطينة نمت و ارتفعت حتى ظللت رأس يونان لتقيه من شدة الحر فلا يؤذيه، فابتهج باليقطينة ابتهاجا عظيما ، و لكن في فجر اليوم التالي أعد الله دودة قرضت اليقطينة فجفت فلما أشرقت الشمس أرسل الله ريحا شرقية حارة لفحت رأس يونان فأصابه الإعياء و تمنى لنفسه الموت قائلا: خير لي أن أموت من أن أظل حيا"[يونان5:4- 6- 7- 8].
ثم صاغت التوراة لقصة اليقطين حدثا يجعل ورودها في السفر مبررا، و يتمثل فيما تحمله من عبرة ليونان الذي أشفق على اليقطينة عندما جفت، في حين غضب من إشفاق الله على نينوى ،" فقال الله ليونان: أأنت محق في غضبك من أجل اليقطينة؟ فأجاب: أنا محق في غضبي حتى الموت، فقال الرب: لقد أشفقت أنت على هذه اليقطينة التي لم تتعب في تنميتها وتربيتها هذه اليقطينة التي ترعرعت في ليلة و ذوت في ليلة، أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي أكثر من مئة و عشرين ألف..."[يونان9:4- 10- 11].
لكن بالرغم من هذا تظل قصة اليقطينة حسب الرواية التوراتية بعيدة عن المنطق و القدرة على الإقـناع ، فـيونان لم يغضب من أجل جفاف الـيـقـطينة و إنما من الإعـياء الذي أصابه، و لهذا ظهر الخلل و عدم التماسك في الحوار الآتي: فأصابه الإعياء و تمنى لنفسه الموت قائلا: خير لي أن أموت من أن أظل حيا- فقال الله ليونان: أأنت محق في غضبك من أجل اليقطينة؟- فأجاب: أنا محق في غضبي حتى الموت.
لقد حرفت قـصة اليقطينة من موضعها فبدت حدثا دس في السفـر دون حبكة، فـجاء القـرآن و أعادها إلى موضعها الصحيح و سياقها المناسب، " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء و هو سقيم و أنبتنا عليه شجرة من يقطين"، لقد خرج يونس من بطن الحوت سقيما ضعيف القوة ، لا يقوى على السير في الأرض و البحث عما يقيه حر الشمس و يسد جوعه ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين، وفرت له الطعام و حمته من الهلاك جوعا ، و رفت عليه بظلها فوقته حر الشمس ، و ألقت في نفسه أثار الرحمة التي غمره الله بها، فوقع الاطمئنان و السكينة، و تداوت جروح النفس و الجسد.
"وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون" يثبت الله بهذه الآية تأخر اصطفاء يونس للرسالة عن تجربته في البحر و يفتح لنا الباب للحديث عن الجانب الإنساني في قصة يونس، و عن العلاقة التي يربطها القرآن بالعلوم الإنسانية من خلال هذه التجربة الإنسانية.
القرآن و العلوم الإنسانية من خلال قصة يونس عليه السلام
لقد صهرت تجربة البحر يونس عليه السلام فأحالته من إنسان سريع الغضب سريع الجزع قليل الصبر، إلى إنسان صبور حليم استطاع تحمل أعباء رسالة إلهية إلى ألف مائة أو يزيدون ، بكل ما يتطلبه تبليغ الرسالة منه من أناة و حكمة في التعامل مع الناس، و صبر على أذاهم و غلظتهم ، و نفس طويل في دعوتهم، و بهذا يوجه القرآن الكريم العلوم الإنسانية إلى ضرورة دراسة سلوك الإنسان و طباعه على ضوء التجارب الحياتية التي عاشها، فلا يمكن فهم سلوكيات و طباع أي إنسان سواء كانت سوية أو منحرفة ، مع الجهل بالتجارب التي عاشها في حياته.
لقد جعلتنا تجربة يونس نكتشف أن الإنسان لا يعيش الحياة بوتيرة واحدة لا تتغير، و إنما يعيشها مراحل مختلفة تختلف فيها سلوكياته و طباعه حسب تجاربه فيها، كما جعلتنا ندرك أن نضج الإنسان يـتحـقـق باحـتكاكه بالحـياة، و هــذا يـمـكـن أن نـتـابعه مع يوسف في البئر و السجن ، و مع موسى في مدين.....
يأخذ القرآن الكريم من خلال تجربة يونس ، أبحاث و دراسات العلوم الإنسانية إلى جانب من الحقيقة الإنسانية لم يحظى بعد بالاهتمام الكافي و البحث الوافي، ألا و هو إدراك الإنسان لوجود الله- وجود خالق للوجود- العزم على الصلاح و الاستقامة في الحياة ، في ظل تجربة التعرض للخطر وسط البحر أو في أعماقه ، لقد نادى يونس لا إله إلا أنت في أعماق البحر ، و يذكر القرآن أن غيره كثير يفعلون ذلك يقول تعالى " هو الذي يسيركم في البر و البحر حتى إذا كنتم في الفلك و جرين بهم بريح طيبة و فرحوا بها جاءتها ريح عاصف و جاءهم الموج من كل مكان و ظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين" يونس22.
" فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون " سورة العنكبوت 65.
" و إذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم على البر فمنهم مقتصد و ما يجحد بآياتنا إلا كل ختال فخور" سورة لقمان 32.
و خلاصة القول
لا تقف بنا تجربة يونس عليه السلام عند هذا الحد من المعاني و الحقائق، و إنما ما تزال تزخر بالكثير مما يحتاج إلى الدراسة و البحث، خاصة فيما يتعلق بموضوع حضور الغيب في حياة الإنسان، و طبيعة التدخل الإلهي في مجرى أحداثها .
و أود في نهاية هذه الرحلة الجميلة التي صحبنا فيها صاحب الحوت أن أقول:
لقد ظـلـم القـرآن زمانا طويلا، عـندما سجن وراء قـضبان شروط الـمـفـسر و أحـكـام الناسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه،وعندما قرئ من خلال روايات و أقوال كان إثمها في أحيان كثيرة أكبر من نفعها، و قد آن الأوان لأن يصحح منهج النظر في القرآن بمنهج شمولي يـنـصت للقـرآن ، يفـتح المـصحف مع كـتـاب الطبيعة ، يتتبع آيات الله في القـرآن و الأنفـس و الآفاق، يحي صلة الرحم بين القرآن وعلوم النفس و الاجتماع و التاريخ .....، فيعيد بذلك للقرآن دوره في التصديق و الهيمنة، ناقدا و مصححا للأخطاء، مقوما للاعوجاج و مساهما في تحقيق خلافة آدم.





الملحق 1 سفر يونان
الإصحاح الأول
1: 1 و صار قول الرب الى يونان بن امتاي قائلا
1: 2 قم اذهب الى نينوى المدينة العظيمة و ناد عليها لانه قد صعد شرهم امامي
1: 3 فقام يونان ليهرب الى ترشيش من وجه الرب فنزل الى يافا و وجد سفينة ذاهبة الى ترشيش فدفع اجرتها و نزل فيها ليذهب معهم الى ترشيش من وجه الرب
1: 4 فارسل الرب ريحا شديدة الى البحر فحدث نوء عظيم في البحر حتى كادت السفينة تنكسر
1: 5 فخاف الملاحون و صرخوا كل واحد الى الهه و طرحوا الامتعة التي في السفينة الى البحر ليخففوا عنهم و اما يونان فكان قد نزل الى جوف السفينة و اضطجع و نام نوما ثقيلا
1: 6 فجاء اليه رئيس النوتية و قال له ما لك نائما قم اصرخ الى الهك عسى ان يفتكر الاله فينا فلا نهلك
1: 7 و قال بعضهم لبعض هلم نلقي قرعا لنعرف بسبب من هذه البلية فالقوا قرعا فوقعت القرعة على يونان
1: 8 فقالوا له اخبرنا بسبب من هذه المصيبة علينا ما هو عملك و من اين اتيت ما هي ارضك و من اي شعب انت
1: 9 فقال لهم انا عبراني و انا خائف من الرب اله السماء الذي صنع البحر و البر
1: 10 فخاف الرجال خوفا عظيما و قالوا له لماذا فعلت هذا فان الرجال عرفوا انه هارب من وجه الرب لانه اخبرهم
1: 11 فقالوا له ماذا نصنع بك ليسكن البحر عنا لان البحر كان يزداد اضطرابا
1: 12 فقال لهم خذوني و اطرحوني في البحر فيسكن البحر عنكم لانني عالم انه بسببي هذا النوء العظيم عليكم
1: 13 و لكن الرجال جذفوا ليرجعوا السفينة الى البر فلم يستطيعوا لان البحر كان يزداد اضطرابا عليهم
1: 14 فصرخوا الى الرب و قالوا اه يا رب لا نهلك من اجل نفس هذا الرجل و لا تجعل علينا دما بريئا لانك يا رب فعلت كما شئت
1: 15 ثم اخذوا يونان و طرحوه في البحر فوقف البحر عن هيجانه
1: 16 فخاف الرجال من الرب خوفا عظيما و ذبحوا ذبيحة للرب و نذروا نذورا
1: 17 و اما الرب فاعد حوتا عظيما ليبتلع يونان فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة ايام و ثلاث ليال
***
الإصحاح الثاني
2: 1 فصلى يونان الى الرب الهه من جوف الحوت
2: 2 و قال دعوت من ضيقي الرب فاستجابني صرخت من جوف الهاوية فسمعت صوتي
2: 3 لانك طرحتني في العمق في قلب البحار فاحاط بي نهر جازت فوقي جميع تياراتك و لججك
2: 4 فقلت قد طردت من امام عينيك و لكنني اعود انظر الى هيكل قدسك
2: 5 قد اكتنفتني مياه الى النفس احاط بي غمر التف عشب البحر براسي
2: 6 نزلت الى اسافل الجبال مغاليق الارض علي الى الابد ثم اصعدت من الوهدة حياتي ايها الرب الهي
2: 7 حين اعيت في نفسي ذكرت الرب فجاءت اليك صلاتي الى هيكل قدسك
2: 8 الذين يراعون اباطيل كاذبة يتركون نعمتهم
2: 9 اما انا فبصوت الحمد اذبح لك و اوفي بما نذرته للرب الخلاص
2: 10 و امر الرب الحوت فقذف يونان الى البر
***
الإصحاح الثالث
3: 1 ثم صار قول الرب الى يونان ثانية قائلا
3: 2 قم اذهب الى نينوى المدينة العظيمة و ناد لها المناداة التي انا مكلمك بها
3: 3 فقام يونان و ذهب الى نينوى بحسب قول الرب اما نينوى فكانت مدينة عظيمة لله مسيرة ثلاثة ايام
3: 4 فابتدا يونان يدخل المدينة مسيرة يوم واحد و نادى و قال بعد اربعين يوما تنقلب نينوى
3: 5 فامن اهل نينوى بالله و نادوا بصوم و لبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم
3: 6 و بلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه و خلع رداءه عنه و تغطى بمسح و جلس على الرماد
3: 7 و نودي و قيل في نينوى عن امر الملك و عظمائه قائلا لا تذق الناس و لا البهائم و لا البقر و لا الغنم شيئا لا ترع و لا تشرب ماء
3: 8 و ليتغط بمسوح الناس و البهائم و يصرخوا الى الله بشدة و يرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة و عن الظلم الذي في ايديهم
3: 9 لعل الله يعود و يندم و يرجع عن حمو غضبه فلا نهلك
3: 10 فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه
***
الإصحاح الرابع
4: 1 فغم ذلك يونان غما شديدا فاغتاظ
4: 2 و صلى الى الرب و قال اه يا رب اليس هذا كلامي اذ كنت بعد في ارضي لذلك بادرت الى الهرب الى ترشيش لاني علمت انك اله رؤوف و رحيم بطيء الغضب و كثير الرحمة و نادم على الشر
4: 3 فالان يا رب خذ نفسي مني لان موتي خير من حياتي
4: 4 فقال الرب هل اغتظت بالصواب
4: 5 و خرج يونان من المدينة و جلس شرقي المدينة و صنع لنفسه هناك مظلة و جلس تحتها في الظل حتى يرى ماذا يحدث في المدينة
4: 6 فاعد الرب الاله يقطينة فارتفعت فوق يونان لتكون ظلا على راسه لكي يخلصه من غمه ففرح يونان من اجل اليقطينة فرحا عظيما
4: 7 ثم اعد الله دودة عند طلوع الفجر في الغد فضربت اليقطينة فيبست
4: 8 و حدث عند طلوع الشمس ان الله اعد ريحا شرقية حارة فضربت الشمس على راس يونان فذبل فطلب لنفسه الموت و قال موتي خير من حياتي
4: 9 فقال الله ليونان هل اغتظت بالصواب من اجل اليقطينة فقال اغتظت بالصواب حتى الموت
4: 10 فقال الرب انت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها و لا ربيتها التي بنت ليلة كانت و بنت ليلة هلكت
4: 11 افلا اشفق انا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها اكثر من اثنتي عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم و بهائم كثيرة

الملحق 2 الأخبار الواردة في أمر يونس عليه السلام
هذه القصة مذكورة ههنا وفي سورة الصافات وفي سورة ن وذلك أن يونس بن متى عليه السلام بعثه الله إلى أهل قرية نينوى وهي قرية من أرض الموصل فدعاهم إلى الله تعالى فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم فخرج من بين أظهرهم مغاضبا لهم ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث فلما تحققوا منه ذلك وعلموا أن النبي لا يكذب خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم وفرقوا بين الأمهات وأولادها ثم تضرعوا إلى الله عز وجل وجأروا إليه ورغت الإبل وفصلانها وخارت البقر وأولادها وثغت الغنم وسخالها فرفع الله عنهم العذاب قال الله تعالى " فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ". وأما يونس " فإنه ذهب فركب قوم في سفينة فلججت بهم وخافوا أن يغرقوا فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه فوقعت القرعة على يونس فأبوا أن يلقوه ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا فأبوا ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا قال الله تعالى " فساهم فكان من المدحضين " أي وقعت عليه القرعة فقام يونس عليه السلام وتجرد من ثيابه ثم ألقى نفسه في البحر وقد أرسل الله سبحانه من البحر الأخضر- فيما قاله ابن مسعود- حوتا يشق البحار حتى جاء فالتقم يونس حين ألقى نفسه من السفينة فأوحى الله إلى ذلك الحوت أن لا تأكل له لحما ولا تهشم له عظما فإن يونس ليس لك رزقا وإنما بطنك تكون له سجنا وقوله " وذا النون " يعني الحوت صحت الإضافة إليه بهذه النسبة. وقوله " إذ ذهب مغاضبا " قال الضحاك لقومه " فظن أن لن نقدر عليه " أي نضيق عليه في بطن الحوت. يروى نحو هذا عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وغيرهم واختاره ابن جرير واستشهد عليه بقوله تعالى " ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا " وقال عطية العوفي أي فظن أن لن نقدر عليه أي نقضي عليه كأنه جعل ذلك بمعنى التقدير فإن العرب تقول قدر وقدر بمعنى واحد وقال الشاعر:
فلا عائد ذاك الزمان الذي مضى تباركت ما تقدر يكن ذلك الأمر
ومنه قوله تعالى " فالتقى الماء على أمر قد قدر " أي قدر وقوله " فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " قال ابن مسعود:ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر و ظلمة الليل وكذا روي عن ابن عباس وعمرو بن ميمون وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والضحاك والحسن وقتادة وقال سالم بن أبي الجعد: ظلمة حوت في بطن حوت آخر في ظلمة البحر قال ابن مسعود وابن عباس وغيرهما وذلك أنه ذهب به الحوت في البحار يشقها حتى انتهى به إلى قرار البحر فسمع يونس تسبيح الحصى في قراره فعند ذلك وهنالك قال " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وقال عوف الأعرابي لما صار يونس في بطن الحوت ظن أنه قد مات ثم حرك رجليه فلما تحركت سجد مكانه ثم نادى يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع لم يبلغه أحد من الناس وقال سعيد بن أبي الحسن البصري مكث في بطن الحوت أربعين يوما رواهما ابن جرير وقال محمد بن إسحاق بن يسار عمن حدثه عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه ما هذا؟ فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت إن هذا تسبيح دواب البحر قال وسبح وهو في بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة قال ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر قالوا العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال نعم قال فشفعوا له عند ذلك فأمر الحوت فقذفه في الساحل كما قال الله تعالى " وهو سقيم " " رواه ابن جرير ورواه البزار في مسنده من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة فذكره بنحوه ثم قال لا نعلمه يروى عن النبي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. وروى ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثني أبو صخر أن يزيد الرقاشي حدثه قال سمعت أنس ابن مالك ولا أعلم إلا أن أنسا يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يونس النبي عليه السلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فأقبلت هذه الدعوة تحت العرش فقالت الملائكة يا رب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة فقال أما تعرفون ذاك؟ قالوا لا يا رب ومن هو؟ قال عبدي يونس قالوا عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة قالوا يا رب أولا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه من البلاء قال بلى فأمر الحوت فطرحه في العراء. تفسير ابن كثير



قوله تعالى : " وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون " قد تقدم عن ابن عباس أن رسالة يونس عليه السلام إنما كانت بعد ما نبذه الحوت . وليس له طريق إلى عن شهر بن حوشب . النحاس : وأجود منه إسناداً وأصح ما حدثناه عن علي بن الحسين قال : حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا عمرو بن العنقزي قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال حدثنا عبد الله بن مسعود في بيت المال عن يونس النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن يونس وعد قومه العذاب وأخبرهم أن يأتيهم إلى ثلاثة أيام ، ففرقوا بين كل والدة وولدها ، وخرجوا فجأروا إلى الله عز وجل واستغفروا فكف الله عز وجل عنهم العذاب ، وغدا يونس عليه السلام ينتظر العذاب فلم ير شيئاً - وكان من كذب ولم تكن له بينة قتل - فخرج يونس مغاضباً فأتى قوماً في سفينة فحملوه فلما دخل السفينة ركدت السفينة والسفن تسير يميناً وشمالاً ، فقالوا : ما لسفينتكم ؟ فقالوا : لا ندري . فقال يونس عليه السلام إن فيها عبداً آبقاً من ربه جل وعز وإنها لن تسير حتى تلقوه . قالوا أما أنت يا نبي الله فإنا لا نلقيك . قال : فاقترعوا فمن قرع فليقع ، فاقترعوا فقرعهم يونس فأبوا أن يدعوه ، قال : فاقترعوا ثلاثاً فمن قرع فليقع . فاقترعوا فقرعهم يونس ثلاث مرات أو قال ثلاثاً فوقع . وقد وكل الله به جل وعز حوتاً فابتلعه وهو يهوى به إلى قرار الأرض ، فسمع يونس عليه السلام تسبيح الحصى " فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " قال : ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت قال : " فنبذناه بالعراء وهو سقيم " قال : كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش . قال : وأنبت الله عليه شجرة من يقطين فنبتت ، فكان يستظل بها ويصيب منها فيبست فبكى عليها ، فأوحى الله جل وعز إليه : أتبكي على شجرة يبست ، ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم ! قال : وخرج رسول الله يونس فإذا هو بغلام يرعى ، قال : يا غلام من أنت ؟ قال : من قوم يونس . قال : فإذا جئت إليهم فأخبرهم أنك قد لقيت يونس . قال : إن كنت يونس فقد علمت أنه من كذب قتل إذا لم تكن بينة فمن يشهد لي ؟ قال : هذه الشجرة وهذه البقعة . قال : فمرهما ، فقال لهما يونس : إذا جاءكما هذا الغلام فاشهدا له . قالتا : نعم . قال : فرجع الغلام إلى قومه وكان في منعة وكان له إخوة ، فأتى الملك فقال : إني قد لقيت يونس وهو يقرأ عليك السلام . قال : فأمر به أن يقتل ، فقالوا : إن له بينة فأرسلوا معه . فأتى الشجرة و البقعة نشدتكما بالله جل وعز أتشهدان إني لقيت يونس ؟ قالتا : نعم ! قال : فرجع القوم مذعورين يقولون له : شهدت له الشجرة والأرض ! فأتوا الملك فأخبروه بما رأوا . قال عبد الله : فتناول الملك يد الغلام فأجلسه في مجلسه وقال : أنت أحق بهذا المكان مني . قال عبد الله : فأقام لهم ذلك الغلام أمرهم أربعين سنة . قال أبو جعفر النحاس : فقد تبين في هذا الحديث أن يونس كان قد أرسل قبل أن يلتقمه الحوت بهذا الإسناد الذي لا يؤخذ بالقياس وفيه أيضاً من الفائدة أن قوم يونس آمنوا وندموا قبل أن يروا العذاب ، لأن فيه أنه أخبرهم أنه يأتيهم العذاب إلى ثلاثة أيام ، ففرقوا بين كل والدة وولدها وضجوا ضجة واحدة إلى الله عز وجل . وهذا هو الصحيح في الباب ، وأنه لم يكن حكم الله عز وجل فيهم كحكمه في غيرهم في قوله عز وجل : " فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " [ غافر : 85 ] وقوله عز وجل : " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت " [ النساء : 18 ] الآية . وقال بعض العلماء : إنهم رأوا مخائل العذاب فتابوا . وهذا لا يمنع ، وقد تقدم ما للعلماء في هذا في سورة فلينظر هناك .
قوله تعالى : قد مضى في < البقرة > محامل < أو > في قوله تعالى : " أو أشد قسوة " [ البقرة : 74 ] . وقال الفراء : < أو > بمعنى بل . وقال غيره إنها بمعنى الواو ، ومنه قول الشاعر :
فلما اشتد أمر الحرب فينا تأملنا رياحاً أو رزاماً
أي ورزاماً . وهذا كقوله تعالى : " وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب " [ النحل : 77 ] وقرأ جعفر بن محمد < إلى مائة ألف ويزيدون > بغير همز ، فـ < يزيدون > في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ محذوف أي وهم يزيدون . النحاس : ولا يصح هذان القولان عند البصريين ، وأنكروا كون < أو > بمعنى بل وبمعنى الواو ، لأن بل للإضراب عن الأول والإيجاب لما بعده ، وتعالى الله عز وجل عن ذلك ، أو خروج من شيء إلى شيء وليس هذا موضع ذلك ، والواو معناه خلاف معنى < أو > فلو كان أحدهما بمعنى الآخر لبطلت المعاني ، ولو جاز ذلك لكان وأرسلناه إلى أكثر من مائتي ألف أخصر . وقال المبرد : المعنى وأرسلناه إلى جماعة لو رأيتموهم لقلتم هم مائة ألف أو أكثر ، وإنما خوطب العباد على ما يعرفون . وقيل : هو كما تقول : جاءني زيد أو عمرو وأنت تعرف من جاءك منهم إلا أنك أبهمت على المخاطب . وقال : الأخقش و الزجاج : أي أو يزيدون في تقديركم .
قال ابن عباس : زادوا على مائة ألف عشرين ألفاً . ورواه أبي بن كعب مرفوعاً . وعن ابن عباس أيضاً : ثلاثين ألفاً . الحسن و الربيع : بضعة وثلاثين ألفاً . وقال مقاتل بن حيان : سبعين ألفاً . تفسير القرطبي



#حنان_كوتاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألم يقل الله عيسى ابن مريم؟
- زهور الأقحوان
- دموع حائرة
- إمرأة ... أنا
- القرآن و الإنسان
- وهم


المزيد.....




- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حنان كوتاري - يونس بين القرآن و سفر يونان قراءة في تجربة يونس الإنسانية