أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - شلال الشمري - الليبرالية .. المفهوم الأصعب















المزيد.....

الليبرالية .. المفهوم الأصعب


شلال الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 2321 - 2008 / 6 / 23 - 10:16
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إن مفهوم الليبرالية متحرك ومتغير تبعاً للزمان والمكان ، لذا فإن الإحاطة به تكاد تكون بالغة الصعوبة ، إضافة إلى أن مفهوم الليبرالية تداخلت في نسيجه جملة من المفاهيم والطروحات الفكرية تم ترجيح بعضها على حساب الجوانب الأخرى تبعاً لسياسة البلد ، ومن هذه المفاهيم : العلمانية .. العولمة .. الديمقراطية .. ويتبعها ضمناً حقوق الإنسان والمساواة والشفافية والحرية الفردية ونسبية المعرفة ، بالإضافة إلى البراغماتية كخلفية فلسفية .

وإذا أخذنا مفهوم العلمانية(العلمانية فلسفة سياسية وليست إيديولوجية) كأحد مقومات النسيج الليبرالي نجد إن إستخداماتها وتوظيفها فكرياً اشترك ما بين الأنظمة الماركسية والأنظمة الرأسمالية والقومية والدكتاتورية ، ففي الفكر الماركسي إعتبرت العلمانية بصيغتها (فصل الدين عن الدولة) مرحلة ، تمهيداً لتجاوزها إلى مرحلة أبعد وهي (فصل الدين عن الدولة والمجتمع) في المرحلة الشيوعية ، وبالحقيقة فإن الماركسية إعتمدت العلمانية كمفهوم شاع في أوربا ليس إيماناً بها ، بل لتؤسس وتمهد لدين الماركسية كأيديولوجيا جديدة في المجتمع على حساب الديانات السابقة هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإن العلمانية في أمريكا إتخذت تقارباً ملحوظاً تجاه الدين والإيمان في حين إن علمانية فرنسا تتشدد في ذلك إلى الحد الذي يتدخل في حرية الشخص الفردية فيما لو ارتدى أي رمز ديني بسيط ، أما علمانية تركيا فإمتازت بحسها القومي المتشدد تجاه القوميات الأخرى لذا فإننا في الشرق قد نحتاج إن نوسع من مفهوم العلمانية ليشمل فصل الدين والقومية والإيديولوجية العشائرية والمناطقية والعائلية عن الدولة ، وأن لا نقف موقفاً مشابهاً لأوربا تجاه الدين ، فعلمانية اليابان لم تنسخ النظام التربوي ، ولم تكسر التقاليد اليابانية .

إن العلمانية كمفهوم تعني فصل (الدين عن الحياة والدولة) وترى إن الدين عاطفة أو ضمير يكنه الشخص داخل نفسه ، لا يوزن بمعيار الصح والخطأ أو بنظام المجتمع من دينه ، وهي لا تبخس الطقوس الدينية حقها في أداء وظيفة التقديس والتعالي وربط الإنسان بالمطلق بهدف تهدئة روعه الداخلي إزاء ظاهرة الموت .

وعلى صعيد مفهوم الحرية فقد تشعبت الطروحات وأخذت مديات الحرية تشمل كافة الميادين السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعلمية ، فالحرية الفردية ركيزة أساسية من ركائز الليبرالية إلى جانب المساواة أمام القانون ، وهما أعلى القيم التي لا يمكن المساس بهما ، وتعتبران من الثوابت والمقدسات التي تنتظم معها وتخضع لهما قيم المجتمع الأخرى ، لا بل إن قيمة وحرية الفرد ومصالحه تعلو على مصلحة المجتمع وبسبب من سيادة مفهوم الحرية في النظام الديمقراطي تتشكل قناعات جديدة لدى الأفراد نتيجة حركة المجتمع التي تكون بوتائر أكبر عبر تغير السلطة عقب كل دورة إنتخابية ، ونحن إزاء تشكل قيمي قد لا يرتبط بكل ما موروث إذ يتحتم على أطراف اللعبة الديمقراطية إستلهام طروحات جديدة غير تقليدية للفوز بأصوات الناخبين ، وأخذت مساحات الحرية تتسع بلا حدود فحرية اليوم هي قيداً في المستقبل.

نتناول اللحمة الأخرى للنسيج الليبرالي وهي العولمة كمفهوم إنتشر على مستوى العالم بعد سقوط النظام الاشتراكي فحواها أن تسود النظام العالمي قيم وممارسات الأطراف الفاعلة في العالم ، أي أن تسود قوانين السوق الرأسمالية العالمية ، لأنها أصبحت تمتلك هيكل القوة الثلاثي : الاقتصاد – التكنولوجيا – الردع العسكري ، وفي هذا خضوع تام لمتطلبات وقوى وقوانين السوق الرأسمالية ، وهي تتمثل بضمان توريد المواد الخام ، وضمان إيجاد أسواق للمواد المصنعة وضمان حركة وإستثمار رأس المال الفائض ، وحرية الهجرة وتنقل السكان ، أما الإشكالية الكبرى في العولمة ففي الجانب الأخلاقي ، حيث ستسود علاقات إنتاج مادية عقلانية على حساب علاقات إنتاج إنسانية عاطفية ، أي سيسود مبدأ الربح في مقياس نجاح أي مشروع إقتصادي بغض النظر عما ستؤول إليه الأمور في الدول الأخرى من بطالة أو تدمير للصناعات المحلية التي لا تستطيع أن تنافس المنتجات العالمية من حيث السعر والجودة لعدم وجود الحماية ولإعتماد سياسة السوق المفتوح ، بل من أخطر ما يواجهنا في هذا المجال هو عدم وجود طبقة برجوازية وطنية قادرة على إنشاء قاعدة إقتصادية منافسة ، مما يجعل البلد تحت سيطرة الرأسمال الوافد ويكرس فيه الحالة التي هو عليها كونه مجتمع إستهلاكي مما ينتج عنه إشكالية أخلاقية ، لأن العولمة ستؤسس لظهور طبقة عليا مترفة وافدة ليست من أبناء البلد هدفها الربح لأنه معيار نجاح عملها مقابل ملايين الشعب من أبناء البلد الذين يشكلون طبقة أخرى على الجانب الآخر .

وأخيراً فإن العولمة (سياسية كونية وسلطة عالمية تشرعن الليبرالية وفق النموذج الأمريكي عبر الزمان والمكان وهي الحركة الإجتماعية المحتوية ضمناً لإنكماش البعدين الزماني والمكاني ، وهي متغيرات جذرية في الإقتصاد والسياسة والثقافة والإجتماع والتكنولوجيا هدفها تهيئة الأجواء العالمية لمرحلة إقتصادية جديدة وحديثة ، مثل الإنفتاح على العالم وإلغاء التمركز الصناعي وسرعة الإنتاج والإستهلاك والإستثمار ، وإلغاء دور الحكومات وربط الإقتصاد بمصالح الشركات الكبرى)* .

ويدخل مفهوم الشفافية ضمن نسيج اللبرالية ويتمثل في مقدرة المواطنين العاديين على محاسبة الحكومة على أعمالها ومن مظاهر الشفافية استجلاء أنشطة الحكومة بوضوح بدل من إحاطتها بستار من السرية وتسهل للمواطنين العاديين الوصول إلى بعض الاجتماعات الحكومية والوثائق الحكومية والمساهمة في قرارات الحكومة ووضع الأنظمة**

كخلفية فكرية لكل ما ورد ذكره نتناول الفلسفة البراغماتية بإيجاز والتي تسمى أيضاً الأداتية والعملية والذرائعية والوسيلية ، وهي تعني طريقة للبحث عن الأفضل والأنفع ، وهي ليست عقيدة ولا تمثل أو تناصر أية مبادئ (تنكر الجمود على الأفكار المتعلقة بالماضي ، وهي فلسفة مكرسة لخلق المستقبل ، وهي بيانات ليست عن الحاضر والماضي بل عن الأعمال واجبة الإنجاز في المستقبل ، والبراغماتية تقر بأن الفكر لا قيمة له إلا إذا تحول إلى أعمال من شأنها أن تعيد ترتيب وإنشاء العالم الذي نعيش فيه والبرغماتية تقر أن قيمة أية فكرة يجب الحكم عليها بالأرباح التي تعود بها )***

وأخيراً فان الليبرالية تنظم الممكنات الاجتماعية والاقتصادية وفق تكيف خاص يتطلبه السياق الحضاري والثقافي استناداً للظرفين الزماني والمكاني وهي نتاج منظومة القيم الاجتماعية في مرحلة تاريخية محددة وهي رهينة في الظروف النسبية وهي ليست إيديولوجيا بل تنضوي على منطقة فراغ فكري وقد جاءت لحل إشكاليات النهايات المسدودة التي وصل إليها الصراع الديني والقومي في الغرب وهي فلسفة حياة مادية ترى أن الحقوق والحريات وان اقتبست من بعض قيم الدين إلا أن العقل المجرد هو مرجعيتها وهو الحاكم بالقبول والرفض . ومن ثوابتها ومقدساتها الحرية والمساواة وان قيمة الفرد أعلى من قيمة المجتمع وليست للبرالية نسخة أصلية فهدف اليوم قد يصبح غداً قيد وهي تتعامل مع الحقيقة كأمر بالغ التعقيد من الصعب جداً أن تزعم امتلاك اليقين بشأنه.

(جوهر الليبرالية عبارة عن نبذ التقديس ورجحان الحقوق على الواجبات وعدم الخضوع لأية ولاية ، وإعتبار الإنسان غير معصوم وتحري الحق وسط تضارب الآراء وعدم الإعتراف لأي إنسان بحق خالص له من عند نفسه أو من عند الله والتسامح في الشؤون العقيدية وتقرير حقوق متساوية للجميع وعدم إسقاط إنسانية الإنسان بسبب كفره أو ذنوبه****.

المبدأ في الليبرالية من الناحية النظرية ، هو إن كل شيء جائز مسموح به إلا إذا أثبتت التجربة ضرره).*****

(فالليبرالية تقوم على محورية الفرد في هذه الحياة وبالتالي فكل شيء يدور به وحوله ، حريته ، حقوقه ، مسؤوليته الحرة عن خياراته ، وإختياراته ، دون وصاية من سلطة عليا ، سواء كانت هذه السلطة معرفية أو سياسية أو إجماعية .

الفرد هو الحقيقة الوحيدة الملموسة في الحياة الإجتماعية ، وما عدا ذلك فهو إضافات على الجوهر ألا وهو الفرد ، وبإيجاز فإن الحرية الفردية هي حجر الأساس الذي ترتكز عليه الليبرالية) . ******

* العولمة الإقتصادية – د.محمود خالد المسافر . بغداد 2002 ، بيت الحكمة ، ص90.
** الشفافية في الحكم/مكتب برامج الإعلام الخارجي/وزارة الخارجية الأمريكية/بقلم الين أم كاتس .

*** البراغماتية والفلسفة العلمية تأليف موريس نفورت ، ترجمة إبراهيم كبة منشورات الثقافة الجديدة 1960 مطبعة الرابطة بغداد ص 138 .

**** عبد الكريم سروش ، مجلة قضايا إسلامية معاصرة ، العددان 24-25 ، 2003 ، ص163.
***** المصدر السابق ، ص168.



#شلال_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نموذج لأخلاقيات اللعبة الديمقراطية
- إشكاليات التيار الديني في العراق
- تصادم القوى.. العراق بين السندان الأمريكي ومطرقة التيار الدي ...
- التيار الليبرالي .. بين منصة الإحتياط وتثوير العملية السياسي ...


المزيد.....




- حفلات زفاف على شاطئ للعراة في جزيرة بإيطاليا لمحبي تبادل الن ...
- مباحثات مهمة حول القضايا الدولية تجمع زعماء الصين وفرنسا وال ...
- الخارجية الروسية تستدعي سفير بريطانيا في موسكو
- الحمض النووي يكشف حقيقة جريمة ارتكبت قبل 58 عاما
- مراسلون بلا حدود تحتج على زيارة الرئيس الصيني إلى باريس
- ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 60 شخصًا
- زابرينا فيتمان.. أول مدربة لفريق كرة قدم رجالي محترف في ألما ...
- إياب الكلاسيكو الأوروبي ـ كبرياء بايرن يتحدى هالة الريال
- ورشة فنية روسية تونسية
- لوبان توضح خلفية تصريحات ماكرون حول إرسال قوات إلى أوكرانيا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - شلال الشمري - الليبرالية .. المفهوم الأصعب