أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاخر السلطان - الحرية تُنتهك باسم -لجنة الظواهر السلبية-















المزيد.....

الحرية تُنتهك باسم -لجنة الظواهر السلبية-


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 06:47
المحور: المجتمع المدني
    


بإنشاء مجلس الأمة الكويتي "للجنة الظواهر السلبية"، التي تعتبر لجنة غريبة على الواقع الثقافي والاجتماعي الكويتي، فإن بعض الأسئلة تطرح نفسها: أين موقع الحرية من ذلك؟ وهل يتصادم إنشاء اللجنة مع المفهوم الحديث للحرية؟ وهل النواب الذين تبنّوا اللجنة يؤمنون بهذا المفهوم الإنساني؟
مما هو معروف أن مفهوم الحرية وأهميته بالنسبة للإنسان في الماضي يختلف عنه في الحاضر، إذ كان نداؤه عبر التاريخ خافتا ومختلفا مقارنة بالعصر الحديث الذي علا فيه وأصبح من أهم المفاهيم الإنسانية منزلةً. فهو يمثّل أحد الحقوق الأساسية للإنسان الراهن. ونحن إذ نجهد للمطالبة بحقوقنا والدفاع عنها كان لزاما علينا تركيز مطالبنا على الحرية، التي نعتقد بأنها تتوافق مع حقوقنا الفطرية، وأن نسعى إلى إثبات ضرورتها وأهميتها في الحياة.
وعلى أن الحرية هي جزء لا يتجزأ من الإطار الذي تتشكل من خلاله العدالة، فإننا نعتقد بأنه لايمكن للعدالة أن تتحقق إلا بوجود الحرية. فإذا كان تعريف العدالة بمعنى إحقاق حقوق الإنسان، فإن الحرية هي أحد الحقوق التي لايمكن للعدالة أن تتحقق إلا بإحقاقها.
وإذا ما ادّعت إيديولوجيا فكرية ما، من خلال نشاط أفرادها أو حزبها أو نظامها السياسي، بأن من أهدافها تحقيق العدالة لكنها تضيّق على الحريات في المجتمع، فإن مسعاها هذا سيكون ناقصا.
وبما أن نواب الإسلام السياسي والمتعاطفين معهم المؤسسين "للجنة الظواهر السلبية" قد تعدّوا حدود حرية أفراد المجتمع بإنشاء هذه اللجنة، من خلال شرعنة التدخّل في الحريات الخاصة للناس، والتضييق على الحريات العامة ومواجهة أي مسعى لتطويرها بما يتناسب مع مستلزمات الحياة الحديثة وتطورها، بزعم الحفاظ على ثوابت المجتمع وقيمه الدينية وعاداته المحافظة، وهي بالنسبة لرؤاهم قيم وعادات وثوابت ربّانية طبيعية غير قابلة للتغيير، فإن شعار الدفاع عن الحرية لتحقيق العدالة الذي يرفعه هؤلاء هو ادّعاء فحسب، ما يعكس معاداتهم لمفهوم الحرية الحقيقي الساعي لتغيير الحياة لتحقيق مزيد من الإستفادة منها، كما يعكس تأييدهم للمفهوم التاريخي الساعي إلى الإبقاء على الواقع.
إن الفكر الديني لم يكن في يوم من الأيام مساهما في تأسيس وإنتاج المفاهيم الإنسانية الحديثة، ومن ضمنها مفهوم الحرية. كذلك لا نجد إسهاما لهذا الفكر في مواجهة النظام الرعوي العبودي المعادي للحرية الذي كان سائدا في العالم القديم، واستبداله بنظام يستند إلى الحرية وحقوق الإنسان. ولايزال رموز هذا الفكر يساهمون في تشجيع النظام الرعوي السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المجتمعات العربية والمسلمة بوصفه نظاما طبيعيا يجب ألا يتغيّر، نظاما يتوافق مع الفكر التاريخي والحياة القديمة. إذن، كيف يمكن للأحزاب والتنظيمات التي خرجت من رحم هذا الفكر أن تكون مساهما فاعلا في الدفاع عن الحرية بمعناها الحديث؟ فهي تسعى إلى تفعيل فهمها الماضوي المتوافق مع النظام السياسي والاجتماعي التاريخي، أي المتوافق مع النظام الرعوي العبودي الفردي، وقد اتصف هذا الفهم بصفات انتهت صلاحيتها ولم تعد تصلح للحياة الحديثة.
الإنسان في العصر الحديث قد تغيّر، ولم يعد يرضى بسيادة المفاهيم القديمة التي تضيّق على إنسانيته وتلزمه بأطر تاريخية وتعيق مسار حياته الحديثة، كما لم يعد يشبه إنسان العصر القديم في صفاته وفي نظرته تجاه نفسه وتجاه القضايا والمسائل. وقد ترتب على ذلك تغيّر النظرة تجاه الحرية، وكذلك تجاه العدالة وحقوق الإنسان، وتجاه مختلف القضايا والمسائل. لذلك أصبحت الحرية بالنسبة للإنسان الحديث أساس الحياة وأحد المصادر الرئيسية لإحقاق الحقوق المختلفة والدفاع عنها، كما باتت ذات شأن بارز ومكانة مرموقة لم تكن كذلك عند إنسان العصر القديم. فنحن بتنا نعشق الحرية بصورة لا تتشابه مع ما كانت عليه شكل العلاقة لدى القدماء. وهذا كله لم يكن ليولد لولا ولادة العقلانية الجديدة التي خلقت العالم الجديد الذي نعيش فيه. وأصبحنا نرى آثار تلك العقلانية من خلال ولادة الفلسفة الجديدة والعلم الجديد والتكنولوجيا الجديدة، وفي ولادة حقوق جديدة ومفاهيم جديدة كان على رأسها مفهوم الحرية. وكان ذلك التحوّل أمرا طبيعيا، إذ كانت حاجات ومطالب الإنسان القديم تختلف عن حاجات ومطالب الإنسان الحديث بسبب اختلاف تفسير العقلانية عند الأثنين، وبالتالي أصبح هناك اختلاف في إنتاجات كل منهما. فلم تكن هناك حاجة إلى الحرية بمفهومها الحديث لدى الأفراد الذين كانوا يعيشون في العصر القديم، في المقابل لايمكن تحقيق حاجات الإنسان الحديث إلا من خلال العيش في ظل حرية تستند إلى تفسير حديث، ما يعني أن الحاجات اختلفت في العصر الحديث عنها في العصر القديم. فالعصر القديم كان يوصف بالعصر الطبيعي، أي أن جميع الأشياء كانت تعتبر طبيعية ولا تحتاج إلى تغيير. فمثلما كانت البحار والجبال والسماء مسائل طبيعية، كانت صور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تعتبر أيضا من المسائل الطبيعية التي لاتحتاج إلى تغيير. فإذا كان الله قد خلق الشمس والقمر والفلك والبحار والأنهار والهواء والأمطار، أي الطبيعة، لكي تخدم البشر، وهي غير قابلة للتغيير، فإن نوع الحكم الذي كان سائدا آنذاك، والقائم على الحكم الفردي المستند إلى النظام الرعوي العبودي، كان أمرا طبيعيا غير قابل للتغيير، بل إن أي خروج عن ذلك النظام الطبيعي كان عملا غير مألوف. أما في العصر الحديث فقد تغيرت الأمور، وبات رفض وصف الأمور والمسائل بالطبيعية هو ما يميز الحياة.
إن الإنسان الحديث أصبح يطرح تساؤلا مهما: كيف نستطيع أن نغيّر مختلف المسائل ونستفيد منها؟ بمعنى أن التغيير بات يطال مختلف الأمور، ومنها على سبيل المثال شكل الإنسان الذي كان يوصف بالطبيعي في الماضي، في حين أن الإنسان الحديث أصبح يوجه سؤالا جديدا: كيف يمكن أن نغيّر الحياة لكي نحسّن شكلها الطبيعي؟ لذلك تعتبر عمليات التجميل تدخلا من قبل الإنسان لتغيير شكله (الطبيعي) نحو الأفضل. وقس على ذلك مختلف الأمور.
على هذا الأساس، فمن يعتقد بأن الحرية هي جزء من الطبيعة، وأن تعريف السياسة والاقتصاد والاجتماع تاريخي ماضوي ينتمي إلى العالم القديم أو إلى الفهم الطبيعي للأمور، وأنّ لامبرر للحرية في مقابل ثبات الطبيعة، وهذه وجهة نظر أنصار الفكر الديني تجاه مختلف القضايا والمسائل والمفاهيم، فإن هذا الشخص لايستطيع إلا أن يرفض مفهوم الحرية الحقيقية أو الحرية وفق فهمها الحديث التي تعطي الإنسان حق التدخل في الحياة لتغييرها نحو الأفضل وترفض الوصاية المعرقلة لهذا التغيير. وهذا بالضبط ما يريده نواب "لجنة الظواهر السلبية"، وهو أن يكونوا أوصياء على الحرية، وأن يتدخلوا في الحريات الفردية والمجتمعية ويعرقلوا التغيير ويحافظوا على الواقع بوصفه شأن طبيعي بأمر ربّاني غير قابل للتغيير. بعبارة أخرى: أن يمارسوا الاستبداد من خلال التضييق على الحريات بحجة المحافظة على القيم الدينية والعادات المحافظة. فإذا كان للحرية الحديثة سلبيات (وفق زعمهم)، فإن سلبيات الاستبداد تفوقها بأضعاف.
كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟(2 – 2)
- العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟ (1-2)
- بين معيار الحقيقة.. ومعيار الحرية
- الإنسان.. وفصل الدين عن السياسة
- في صراع الدين والحداثة
- لنُسقط العمامة المسيّسة
- الإسلاميون غير تواقين للديموقراطية
- المرأة.. قاصرة.. متبوعة.. غير حرة
- الليبراليون.. وإصلاح الدين
- في نقد الخطاب الليبرالي الكويتي
- يفخخ المجتمع.. ثم يتبرأ من تبعات الانفجار
- الزرقاوي ومغنية.. وسؤال الطائفية
- حزب الله.. والفكر الوصائي لنظام التقليد
- حزب الله.. ومغنية.. والكويت
- الدين والدنيا
- الخطاب الأسطوري.. والتديّن العقلاني
- التفسير الأسطوري.. ومفهوم التعددية الإيمانية
- التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة
- في نقد التفسير الأسطوري لحادثة عاشوراء
- أعداء المرأة


المزيد.....




- -كندا دولة قانون-.. تعليق من ترودو بعد اعتقالات مرتبطة باغتي ...
- الصحة العالمية تحذر من -حمام دم- ومن امتداد المجاعة لجنوب ال ...
- فرار 8 معتقلين من سجن في هايتي والشرطة تقتل 4 آخرين
- الآلاف يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة باتفاق رهائن مع حماس
- ميقاتي ينفي تلقي لبنان -رشوة أوروبية- لإبقاء اللاجئين السوري ...
- فيديو.. سمير فرج يُشكك في عدد الأسرى الإسرائيليين: حماس تخفي ...
- برنامج الأغذية العالمي: أجزاء من غزة تعيش -مجاعة شاملة-
- مديرة برنامج الأغذية العالمي: شمال غزة يواجه بالفعل مجاعة كا ...
- -جيروزاليم بوست-: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ...
- فعلها بحادثة مشابهة.. اعتقال مشتبه به دهس طفلة وهرب من مكان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاخر السلطان - الحرية تُنتهك باسم -لجنة الظواهر السلبية-