أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد أرمانيوس - التعديات الحقوقية سرطان اجتماعي














المزيد.....

التعديات الحقوقية سرطان اجتماعي


عماد أرمانيوس

الحوار المتمدن-العدد: 2305 - 2008 / 6 / 7 - 06:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يمكن للمجتمع أن يتسرطن فيقضي نحبه، هل يمكن للخلايا الإجتماعية أن تصاب بـ (الخبث) في تصرفاتها كما تفعل الخلايا السرطانية المدمرة في الجسم؟ هل هناك مظاهر أو تصرفات اجتماعية توحي بمثل هذا التحول المدمر؟ وهل هناك أدوات وأجهزة للتشخيص المبكر في هذه التحولات الخبيثة؟ بل هل تطورت الأبحاث الاجتماعية بما فيه الكفاية، مثل الأبحاث البيولوجية فطورت المعالجة ( الاجتماعية الكيماوية والإشعاعية بل والجينية) من أجل التطهير الاجتماعي والقضاء على الخلايا المسرطنة القاتلة ونجاة البدن من موت محقق؟ وهل يموت المجتمع بهذا الداء العضال كما يموت الأفراد بالسرطانات المختلفة؟ بل هل هناك بالأصل (موت اجتماعي) فتموت الأمة كما يموت أي فرد؟

ولفهم السرطان الإجتماعي؛ لابد من تعريف السرطان البيولوجي. إن السرطان هو إعلان التمرد العام على نظام الجسم، وهو في صورة ثانية (الخلل الوظيفي الزماني المكاني)، فالخلية المجنونة تتكاثر بدون هدف إلا عربدتها الخاصة، وهي تترك مكانها لتحتل بغير جدارة مكان خاصاً بآخرين، وهي تنمو بسرعتها الخاصة مثل نشاز اللحن خلال لحن البدن البديع، وهكذا فمن كانت مهمته البناء يتجه للتدمير (سرطان العظام)، والخلايا المخصصة لجمال الوجه تتحول إلى فقاعات ورمية سوداء بشعة (سرطان الجلد)، وخلايا الأمعاء تترك مكانها لتنزل ضيفاً غير مرحب فيه في الكبد والرئة بل والدماغ (سرطان القولون)... ولنذكر تماماً أن ضياع المجتمعات يحدث أيضاً بنفس الطريقة فالسرطان الاجتماعي الذي يأكلها عندما تضيع المسؤوليات .. ويشذ الناس على القانون ....
ويجب أن نعلم أنه كما يموت الأفراد، تموت الجماعات، وتزول الدول، وتفنى الأمم، وتنقرض الحضارات فـ (لكل أمة أجل) من خلال السرطان النوعي الخاص بكل مستوى .

وتقول حكمة أسبانية" لمجرد أن الشيء ليس أسودَ، لا ينبغي الاستنتاج أنه أبيض"

ربما من سخرية الزمان عجز الاتجاهات الإصلاحية في البلاد عن إنجاز أي تقدم حقيقي فيما يتعلّق بالحصول على حقوق المواطنين، سواءً حقوق المواطنين ككل أو حقوق الأقليّات المذهبية، والتي انتهكت وسُحِقت ودُفنت تحت التراب.

في الوقت ذاته انشغلنا نحن عن المطالبة الحقيقية بحقوقنا المضيّعة وكرامتنا المنتهكة وأموالنا المنهوبة، انشغلنا عنها بمؤتمرات وحدة فارغة عديمة الفائدة، وبمجاملات لم تنتج سوى عن تخديرنا وتنويمنا وإلهائنا عن القضايا الحقيقية .

فنحن نقوم بنفس الأخطاء مراراً وتكرارا، متناسين دروس الماضي وقانعين أنفسنا بأن أفعالنا سيترتب عليها نتيجة مختلفة هذه المرة. القدرة على التعلم من أخطاء الماضي قد يكون له أثره في منع المآسي.
ترتكب المؤسسات الحكومية والخاصة خطأ جسيماً، إذا لم تتعاون مع الجمعيات المعنية بحقوق الإنسان في المجتمع، ولم تؤسس مفاهيم جديدة للتواصل، بل ترتكب خطأً معرفياً وتاريخياً، إذا لم تُطوع لفظ «حقوق الإنسان» لشمولية معناه وليس تفكيكه، بتجاهلها الردود العاجلة، على القضايا والموضوعات التي تعيد له حقوقه، وقد كفلها له النظام الأساسي للحكم، والمواثيق الخاصة بحقوق الإنسان، الأمر الذي يتطلب فرض التزامات حقيقية على تلك المؤسسات، تكسر حاجز عدم التواصل، وتحقق التوازن والانسجام بين اللفظ والمعنى، كي تكتمل المنظومة الخاصة بـ«حقوق الإنسان» في هذا المجتمع.

لكنّ واقع هذا التعامل، لا يقوم على التفاعل والتواصل، بل ساده مُناخ سلبي، من شأنه أن يُفضي -إذا ساد واستمر- إلى تفريغ لفظ «حقوق الإنسان» من مضامينه ودلالاته، ومن ثم لا يمكن التصدي لظاهرة التعدي على حقوقه.

سقف المطالبة بالحقوق ..

أحد وجوه السياسة أنها فن من فنون المساومة .

ومن المساومات في السياسة الحقوق وسقف المطالبة بالحقوق, إذا كنت تريد أن تطالب بحقك في حرية الانتخاب الحر مثلاً, يجب أن ترفع سقف مطالبك إلى حق المشاركة في الحكم, فإذا ساومك الطرف الأخر ( القوى الحاكمة ) أصبح لديك مجال للمناورة, فإن لم يعطيك حق المشاركة في الحكم (وهو أعلى سقف طرحته)، (أعطاك حرية الانتخاب الحر (وهو أدنى سقف تريد. وإذا أردت المشاركة في الحكم وجب عليك رفع سقف مطالبك إلى المطالبة بالحكم ذاته.

استرضاء الرأي العام على حساب الحقوق!

تلعب النظم الحاكمة لعبة في منتهى الخطورة، لتتهرب من تلبية المطالب الحقوقية؛ حيث تستخدم كل الوسائل الإعلامية، والتي لها سحر التأثير على عناصر المجتمع لتشويه أوجه الحقيقة وتفريغ الوقائع من مضامينها فتستبيح لنفسها الكذب الساذج، كل ذلك بغية توجيه الرأي العام حيث تريد، واهمة أنها تصنع دواء في حين أنها تتفنن في الانتحار.
فتوجيه الرأي العام نحو عدم الإستجابة للمطالب الحقوقية هو توفير للمناخ السرطاني الذي يستعصي علاجه بعد ذلك، والسرطان مرض – كما أوضحنا – ليس مرض يتوقف عند حدود العضو المصاب فقط بل يمتد ليؤثر على الجسم برمته ثم يقضي عليه نهائيا.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسراء .. إضراب


المزيد.....




- شاهد.. أب يقفز في المحيط لإنقاذ ابنته بعد سقوطها من سفينة سي ...
- تُعاني من فرط الحركة؟ هكذا تواجه صعوبات النوم
- انتبه للصيف.. تعقيم مكيف السيارة يحافظ على صحة الركاب
- تونس.. العثور على جثة طفلة جرفتها الأمواج من بين ذويها
- المغرب: استئنافية الرباط تؤيد الحكم بسجن الصحفي حميد المهداو ...
- مجموعة السبع تدعو إلى استئناف المحادثات بشأن نووي إيران
- -مهددة بفقدان البصر-.. الشرطة الأسترالية تعتدي على محامية خل ...
- ترحيب أممي بتسوية أوضاع 2400 من عديمي الجنسية في مالي
- الجوع يهدد 4 ملايين لاجئ سوداني في دول الجوار
- السيسي: لا سلام في المنطقة دون دولة فلسطينية على حدود 67


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد أرمانيوس - التعديات الحقوقية سرطان اجتماعي