طبيب عراقي: نحن نعيش في عصر آخر ل هيروشيما!!

عبدالوهاب حميد رشي

الحوار المتمدن-العدد: 2235 - 2008 / 3 / 29 - 11:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تُحاول الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا وإسرائيل تحويل منطقة الشرق الأوسط لشرائح من جهنم النشاط الإشعاعي الفعال radioactive hell بإطلاقها ذخائر ما يسمونها "اليورانيوم المنضب" depleted uranium-DU، لكن في حقيقتها هي ذخائر تولد نشاطاً إشعاعياً فعالاً، وربما تشكل التكتيك الأكثر ابتكاراً وقتلاً لما توصل إليه عقل الإنسان لأغراض الحرب حتى الوقت الحاضر.
تتواجد كميات ضخمة من المعلومات عن اليورانيوم المنضب- الوسيلة القاتلة للإنسان والتربة والحيوان/ البيئة، يمكن أن يطلع عليها المتشككون. من هذه المصادر: تقرير لجنة وكالة الطاقة الذرية IAEA للعام 1999.. تقرير الأعضاء المختصين بدراسة علم الأورام oncologist من الأطباء الفيزيائيين physicians- الجمعية الملكية البريطانية.. تقرير أطباء مستشفى العلاج الذري للمحاربين القدماء في الولايات المتحدة.. الرسميون في مستشفى الولادة- البصرة.. سكوت بترسون- كريستيان ساينس.
استخدم بترسون أداة لاكتشاف الجسيمات Geiger counter في أغسطس العام 2003 ووجد تصاعد الإشعاعات المتولدة عن غبار ذخائر اليورانيوم المنضب المتفجرة قرب بغداد إلى حدود تتراوح بين 1000 (و) 1900 مرة أكثر من الحالات الاعتيادية. وبعد كل ذلك فإن محتوى القنبلة النموذجية يشمل كمية تتجاوز الطن من اليورانيوم المنضب.
بغية تكوين فكرة دقيقة وموجزة عن الحرب الإشعاعية، أقرأ كتاب: اليورانيوم المنضب و"تحرير" العراق DU and the liberation of Iraq لكاتبه: Christian Sherrer- الباحث في معهد هيروشيما للسلام. صدر عن Znet في إبريل العام 2003. يبدأ شيرر كتابه اعتماداً على تقرير الاجتماع 48 للجنة الأمم المتحدة في إبريل العام 1999 بشأن تأثيرات الإشعاع الفعال في الزيادات السريعة للوفيات خلال الفترة 1991-1997، فقد تنبأت وثيقة IAEA موت نصف مليون عراقي، موضحة ... استخدام حوالي 700-800 طن من اليورانيوم في تفجير المواقع العسكرية جنوب العراق. ولهذه الكمية المستخدمة آثار إشعاعية كافية لتتسبب بنصف مليون إصابة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة."*
يُضيف شيرر في كتابه: "استخدمت ذخائر اليورانيوم المنضب العام 1991 بشكل رئيس ضد المدرعات العراقية في الصحراء قرب البصرة، في حين استخدمت في الحرب القائمة ذخائر اليورانيوم المنضب في كافة مناطق العراق، بل وحتى في المناطق كثيفة السكان، ومنها: قلب بغداد، الموصل، تكريت، ومدناً عديدة أخرى. ويضيف قائلاً، وبالاعتماد على تقديرات IAEA وبحثها السابق، فإن "عدد القتلى العراقيين ربما يتعدى المليون على مدى السنوات القليلة القادمة، وهناك المزيد لاحقاً."**
لاحظ شيرر، وعلى نحو متطابق، أن لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة أعلنت بالمقابل العام 1996: أن أسلحة اليوارنيوم المنضب تعتبر أسلحة دمار شامل WMD وأن هؤلاء ممن يستخدمونها مذنبون guilty بارتكابهم جرائم ضد البشرية. ومن بين مستخدمي هذه الأسلحة: الأول الرئيس الأمريكي بوش (الأب)، الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون الذي تسبب في نشر الإشعاعات القاتلة في البلقان، والقائمون حالياً على إدارة البيت الأبيض.
والآن، دعونا نسمع من الأطباء العراقيين: الدكتور جواد العلي- اختصاصي بعلم الأورام- مستشفى البصرة- والبروفسور حسام الجرموكلي- جامعة بغداد "أظهرا أن الزيادة السريعة في وفيات العراقيين منذ العام 1991 بسبب السرطان وفقر الدم- ليوكيميا leukemia جاءت حصيلة حرب الإشعاع الأمريكية." وحسب شيرر، وبالاعتماد على نتائج تحليلهما في الأول من ديسمبر العام 2002 في قاعة السلام بمناسبة ذكرى هيروشيما: "إن غبار الصحراء يحمل معه الموت. تُشير دراساتنا أن أكثر من 40% من السكان حول البصرة سيصابون بالسرطان. نحن نعيش في عصر هيروشيما آخر." (تضم مدينة البصرة 1.7 مليون نسمة. هل هذا يعني أن 680 ألفاً من سكانها سيتعرضون للإصابة!؟ هذا العدد يفوق الإصابات التي تولدت نتيجة ضرب الولايات المتحدة كلاً من هيروشيما وناكازاكي بالقنبلة الذرية نهاية الحرب العالمية الثانية!!)
صدر نفس التقرير منذ العام 1990. تضمن تصاعد معدل الإصابة بفقر الدم (ليوكيميا) في العراق ليتجاوز600%، وعلى نحو مماثل، "فإن معدل الإصابات باليوكيميا في ساراجيفو Saragevo بسبب قصفها من قبل الولايات المتحدة بذخائر اليورانيوم المنضب، تضاعف إلى ثلاثة أمثاله في الخمس سنوات التالية،" وأن "عناصر الناتو وقوات حفظ السلام للأمم المتحدة في الإقليم كذلك حدثت لديهم إصابات بالسرطان."
ذكر الدكتور زناد محمد- قسم الولادة- المستشفى التعليمي بالبصرة: خلال ثلاثة أشهر بدءً من أغسطس العام 1998، ولِد عشرة أطفال بدون رؤوس، وثمانية مع رؤوس كبيرة غير طبيعية، وستة مع أطراف مشوهة، حسب تقرير موقع World Socialist Web بتاريخ الثامن من سبتمبر العام 1999. كذلك نشرت الصحيفة البريطانية Guardian عن مستشفى الولادة في البصرة بأن حالات الإصابة بالسرطان قفزت من 80 حالة العام 1990 إلى 380 حالة العام 1997.
كما اقتبس المراسل الصحفي Phil Gardner عن الدكتور بسام العاصم- اختصاصي بعلم أمراض النساء- مستشفى المأمون في بغداد- بقوله: كنت أراقب هذه الحالات على مدى سبع سنوات من الآن وهي في تصاعد مستمر. لا نرى مجرد أطفال ولِدوا في حالات خلقية شاذة، بل وفي وقت متأخر جداً ظهرت حالات إجهاض تلقائية .spontaneous abortions. وبسبب الآثار الخلقية الشاذة المتولدة سابقاً اعتدنا أن نرى، ربما حالة واحدة كل شهر. حالياً نلاحظ حالتين أو ثلاث حالات يومياً." (حالتان أو ثلاث حالات يومياً... هل هذا يُعادل 1000 حالة لكل سنة في هذا المستشفى فقط!؟)
وأيضاً من وجهة نظر أطباء أمريكان: قال الكولونيل Asaf Durakovic- رئيس العلاج النووي Nuclear Medicine Chief- مستشفى المحاربين القدماء- الولايات المتحدة الأمريكية- بأنه وجد نظائر يورانيوم مشعة في أجسام المحاربين القدماء لحرب الخليج. ونشرت النيويورك تايمز في 29 يناير العام 2001 بأن دوركاجوف وجد "اليورانيوم المنضب، متضمنة اليورانيوم 236 في 26% من مرضى المحاربين القدماء لحرب الخليج ممن تم فحصهم. ويرى أن جسيمات اليورانيوم القابعة في أجسامهم يمكن أن تكون سبب أمراضهم. وأوضح الدكتور دروكاجوف: "حالما يتم استنشاق الغبار الذري (نتيجة إطلاق ذخائر اليورانيوم المنضب) يمكن للجسيمات الذرية الانتقال إلى مجرى الدم ولتصل إلى العظام، الغدد الليمفاوية، الرئتين والكليتين، وتستقر هناك، وتُسبب مختلف أشكال الضرر على مدى فترة تالية،" حسب تقرير التايمز. كما دعا تقرير التايمز كذلك إلى الانتباه لموت 24 من الجنود الأوربيين ممن خدموا في قوة حفظ السلام في البلقان بسبب السرطان، وأيضاً الانتباه إلى الحالات المرضية الأخرى التي صدرت عنها تقارير من جهات متعددة."
ومن وجهة نظر الباحث الأمريكي Roberto Gwiazda- قسم علم سموم البيئة- جامعة كاليفورنيا- سانتا كروز- وكان رئيس باحثي فحص المحاربين القدماء العائدين من حرب الخليج ممن تصاعدت لديهم أضرار الإصابات بالأشعة الفعالة. اقتبست The University-City on Hill Press Paper عنه قائلاً: "فيما يخص هؤلاء المصابين بأضرار إشعاعية حادة، لدى جميعهم مستويات عالية من اليورانيوم في البول. وبالنسبة لمن عنده حالة احتراق اليورانيوم incendiary uranium، وعددهم كبير إحصائياً، كذلك يعانون من مستويات عالية من اليورانيوم."
ومن وجهة نظر المحاربين القدماء الأمريكان:فيما يخص TomCassidy- الفيلق الأول لسلاح الفرسان- ممن خدم في العراق للفترة 2003-2005 "بعد حرب الخليج الأولى، كان مستوى الإشعاع 300 مرة أكثر من الاعتيادي. "في هذه الحرب (الغزو/ الاحتلال) استخدمنا المزيد من ذخائر اليورانيوم المنضب. التأثيرات أصبحت مرعبة،" حسب قوله لصحيفة UCSC. وبالنسبة إلى Dennis Kyen- الجيش الأمريكي- الفرقة العسكرية 18 المجوقلة- من المحاربين القدماء لعاصفة الصحراء، ويشكو من "مرض غير قابل للتشخيص," undiagnosed illness: "يسميه العلماء (تمزق الخلية) cell distrubtion، وهم لا يعلمون لماذا يحدث هذا للمحاربين القدماء، لكن الحقيقة، حسب قوله، هي مرض الإصابة بإشعاعات اليورانيوم. وهذا بسبب استخدامنا ذخائر اليورانيوم المنضب."
مممممممممممممممممممممـ
"We are living through another Hiroshima," Iraqi doctor says, Sherwood Ross,(uruknet.info), March 24, 2008.
Dear Chimp Readers, Yo! Yo! Ahoy! Please take note: the column about Ford s superlative treatment of his work force referred to his early days, before he changed and hired goons and thugs to cow and beat his employees. Right at the beginning the column sa.
* وبالمقارنة، استخدمت الولايات المتحدة وبريطانيا في حرب العراق- الغزو/ الاحتلال- كمية تتراوح بين 1100-2200 طن من اليورانيوم المنضب!! أنظر: عبدالوهاب حميد رشيد، التحول الديمقراطي في العراق: المواريث التاريخية والأسس الثقافية والمحددات الخارجية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، تموز/ يوليو 2006، ص167.
لمزيد من التفصيل، أنظر للباحث (مواقع متعددة):
+ العراق: ارتفاع الولادات.. العمليات القيصرية.. اليورانيوم المنضب، 3/11/2006.
+ اليورانيوم المنضب وراء تصاعد انتشار السرطان في العراق، 14/11/2006،
+ اليورانيوم المنضب: قاتل خبيث يستمر في القتل، 19/2/2007.
.. الجدير بالملاحظة: إن آثار اليورانيوم المنضب غير قابلة للزوال على مدى قرون طويلة جداً، عند عدم معالجتها.. مَن يقترب من المناطق أو المخلفات المصابة بذخائر اليورانيوم المنضب لأكثر من مائة متر يمكن أن يُصاب بالإشعاع.. تنظيف بيئة البلاد من هذا الوباء المستمر مطلب حيوي عاجل، يتطلب في سياق إجراءات عديدة: حملة حكومية بمساعدة الأجهزة المختصة للأمم المتحدة.. تحديد المواقع المصابة.. دفن المخلفات المتروكة والركام في أعماق قياسية وبإشراف خبراء مختصين..

ترجمة:عبدالوهاب حميد رشي

#عبدالوهاب_حميد_رشي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات