أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مسعود عكو - نوروز رسالة الألم الكردي














المزيد.....

نوروز رسالة الألم الكردي


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 2233 - 2008 / 3 / 27 - 11:08
المحور: القضية الكردية
    


كان مساء النوروز، الأطفال يضحكون، الشباب يقفزون من فوق شعلة أوقدوها بأحلامهم، الفتيات يصفقن ويزغردن، مرتديات ألوان الطيف الكردي، النار تحتفل ليوم جديد، الغناء والفرح والسمر، عناوين ذلك المساء الجميل، لكن! تلبدت السماء بالغيوم، فكان المطر ماء سيارة إطفاء جرت العادة أن تكون فارغة عند الحرائق ومعبئة بشكل تام لتفريق محتفلين كورد، القنابل المسيلة للدموع حولت الغيوم إلى ضباب آثم، أملئت عيون المحتفلين دموع الألم، تلك الدموع التي ما برحت قط تلك العيون، وظل الكردي يفرح ويرقص ويدبك ليوم جديد.

المارة يتفرجون على النيران، إطارات محترقة، ومشاعل، وشموع كانت تضيء ليل مدينتنا الصغيرة، المحتفون يغنون، ويدبكون على وقع موسيقا كوردية حزينة، ولكنها تفلح للفرح والبهجة، فأثار الفرح سخطهم، وكان الموت على موعد معنا، فأردوا المشاعل والشموع قتلى على قارعة الطريق.

مركبات سريعة فتحت نيران بواريدها الصدئة، على الجموع الفرحة بقدوم رأس السنة الجديدة، لم يفرقوا بين طفل يلهو، وشاب يغني ويرقص، وفتاة تغمز بعينها وتلعب بخصلة شعرها، فأردوا ثلاثة زهور قتلى وأخطأت الطلقات الخرقاء أجساد آخرين، ولم تنجح تلك الرصاصات من أخذ حياتهم، فكان الجرح بليغاً، وسال الدم مرة أخرى سقيا للزرع المخضر تواً، فكان القمح الأخضر والدم الأحمر والنار الصفراء، ألواناً مرفرفة في سماء قامشلو ليلة النوروز هذا العام.

أعظم هدايا قدمت لثلاثة ثكالى، فكان عيد الأم عيداً للثكلى، هداياهن أكبر الهدايا، وأغلاها، وأثمنها على مر العمر، ثلاثة أمهات على موعد باحتضان أطفالهم لأخر مرة، وصار الثرى أماً حنونة لهم. واتخذوا من تراب قامشلو داراً دائمة، فابتسمي يا أمي، إن عظمة عيد الأم هي اليوم، فكانت هديتك ابنك محملاً على نعش الشهادة، عريساً محمولاً وكأنه في هودج، يزفه عشرات الآلاف إلى عروسه، آه أيتها العروس كم أنت قاسية.

أيتها الثكالى، لا تحزن، إن الله معهم، فكان يوم ميلاد أشرف المرسلين محمداً عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، على موعدٍ لثلاثة محمدون، وليهنئوا بجيرته، ورفقته يوم الموعد، فالشهادة كانت أعظم احتفالٍ بيوم مولدك يا سيدي يا رسول الله، فادعوا لنا إنا والله لمظلومون، وعلى فراق أحبتنا لمحزنون، فقلوبنا منفطرة، وعيوننا تدمع ألماً وحنين، فأين شفاعتك يا سيد المرسلين؟؟؟

كم طفلاً كان سيجري على تراب النوروز؟ كم شاباً كان سيرقص أمام مسارح الغناء في حلقات جميلة؟ كم فتاة كان له موعد مع حبيبها؟ ولكنهم أبوا أن يشبك العشاق أيديهم بأيد بعض، وصار الفرح حزناً، والدبكة جنازة، والخمر عبرات حزن وأنين، فليهنئوا بقتلهم، ولنهنأ بشهدائنا، شهداء مشاعل نوروز المتقدة على مر التاريخ.

لن يفلح أي ازدهاك بنوروزنا، وستظل الأم الكردية، كل يوم تنجب كاواً جديداً، لن تطفأ مياههم النتنة، مشاعل وشموع أمتنا العظيمة، ولن تدمع غازاتهم أعيننا مرة أخرى، سنغني وندبك ونرقص ونفرح، وقبل كل ذلك سنشعل كل نوروز آلاف المشاعل والشموع، ولن نكتفي بتقديم ثلاثة قرابين جدد، فكل يوم في آذار هو ميلاد قربان كردي جديد، ولن ترهبنا رصاصاتهم القاتلة، وينبغي أن أكون سعيداً بموت آخر.

سنزرع حقولنا، ولن نجعل ثرانا بوراً، سنوقد كل الشموع، فكل يوم لنا نوروز، أيامنا كلها أفراح، وساعاتنا الحزينة ذبلت، فلا مكان للخوف عندنا، ولتعلموا أننا سنوقد النيران في كل مكان، في جبالنا، وبيوتنا، ومشاعلنا، وشموعنا، وقبل كل ذلك سنوقدها دائماً في قلوبنا المليئة بالحب والسلام والتسامح لكل حي يدب على البسيطة، هذا هو آذارنا، تلك هي رسالة نوروزنا كل عام، فكان الحمام رفيقاً لشهدائنا حين أنزلناهم اللحد، فالسلام والحب والتسامح رسائلنا، حتى ولو قتلتم كل الحمائم، إن السماء لن تخلو من الأنجم.

أيها الحجل، أخبر كل الطيور، بأن نوروز هذا العام ليس ككل عام، استشهد ثلاثة من زهورنا، وأوقدوا شعلة نوروزنا بأجسادهم، فكانت دمائهم سقيا ليوم جديد، ووقوداً لإيقاد شموع فرحتنا، وألم ينتهي بعد حين، وأرسل للحجحجيك في كل مكان، بأن نوروز هذا العام وكل عام، سيظل على مر التاريخ، رسالة الألم الكردي، رسالة الحب والتسامح والسلام، رسالة أمهات في عيدهن، أرسل لهم هذا العام، رسالة الله العظيمة، وقل لهم " وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ".



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آذار خان... سيد الشهور
- المرأة السورية بين ثنائية السياسة وحقوق الإنسان
- غني يا فيروز...
- إعلان دمشق.. اغتيال ربيع آخر
- رصيف أمن الدولة
- القمع الأمني للظواهر الكردية
- جرائم الشرف... وأد الأنثى من جديد
- خمسة عقود ونصف ومازالت المأساة مستمرة
- أصدقاء الأمس أعداء اليوم ... سوريا وتركيا وحزب العمال الكردس ...
- تركية وتحديات المرحلة الجديدة
- مقابلة مع السيد حسن سوادي عبد العزيز القائم بأعمال السفارة ا ...
- هنيئاً لك طاووس ملك
- هل تفعلها السياسة كما فعلتها الرياضة؟؟؟!
- اللاجئون العراقيون في سوريا مأساة يومية متجددة
- معارضون خلف القضبان
- الرقابة على الإعلام الإلكتروني في سوريا
- عندما يغتال الظلام ضياء الشباب
- الحب على طريقة المطران عيسى
- مترجم يخلق شعراً بدلاً من ترجمته بدل رفو المزوري مترجماً
- نهر الفن تصميم وإرادة في زمن الفشل والكآبة


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مسعود عكو - نوروز رسالة الألم الكردي