أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - الشاعر سركون بولص ل - الحوار المتمدن















المزيد.....



الشاعر سركون بولص ل - الحوار المتمدن


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 687 - 2003 / 12 / 19 - 08:34
المحور: مقابلات و حوارات
    


• حاوره: عدنان حسين أحمد/ أمستردام
• الشاعر سركون بولص ل ( الحوار المتمدن )
- الشاعر كائن بدائي لديه معرفة عميقة بالأشياء
-  قضيت أكثر من أربعين سنة في كتابة الشعر، وملازمة هذا الهم الجميل

في أواخر الستينات من القرن الماضي غادر الشاعر سركون بولص العراق بلا جواز سفر تثقل كاهله حقيبة ملأى بالقصص والقصائد وبعض النماذج المترجمة. وبعد رحلة مضنية عبر الصحراء العراقية- السورية وصل سركون إلى دمشق بمحفظة نقود خاوية لا تؤمّن له هاجس الطعام لمدة عشرة أيام، لكنه كان يعوّل على الصبر والمطاولة والتطلع إلى الأفق المفتوح. ومن هناك استطاع أن يتسلل في غفلة من حراس الحدود إلى ( العاصمة الذهبية ) بيروت. وعندما ضاقت به السبل قرر أن يهاجر إلى أمريكا بمساعدة السفير الأمريكي والشاعر يوسف الخال وبعض الأصدقاء الحميمين. وكان له ما أراد، إذ استقر به المطاف في سان فرانسيسكو، المدينة التي أحبها، وكتب عنها قبل أن يراها. وهناك تعرف على أشهر الأدباء الأمريكيين الذين يمثلون جيل البيتنكس أمثال ألن غينسبرغ، كرواك، غريغوري كورسو، بوب كوفمن، لورنس فيرلينغيتي، غاري سنايدر وغيرهم. ويعد الشاعر سركون بولص من المترجمين العراقيين المتمكنين من فن الترجمة، إذ رفد المكتبة العربية بالعديد من ترجماته الأمينة لإزرا باوند، أودن، ميرْون، شيللي، شكسبير، وليام كارلوس وليامز، سيلفيا بلاث، غينسبرغ، روبرت دنكان، جون آشبيري، آنا سكستون، روبرت بلاي، جون لوكان، فضلاً عن نيرودا، ريلكه، فاسكو بوبا وآخرين. أصدر سركون بولص عدداً من الدواوين الشعرية وهي ( حامل الفانوس في ليل الذئاب، إذا كنت نائماً في مركب نوح، الأول والتالي، الوصول إلى مدينة أين، الحياة قرب الأكروبول ). كما صدرت له مختارات شعرية مترجمة بعنوان ( رقائم لروح الكون ) ومجموعة قصصية تحت عنوان ( غرفة مهجورة ) وباللغتين العربية والألمانية، فضلاً عن سيرة ذاتية بعنوان ( شهود على الضفاف ). وقبل أيام حلّ سركون بولص ضيفاً علينا في مدينة لاهاي الهولندية، وبعد أمسية أدبية حافلة بالقراءات الشعرية والحوارات المعمقة اتفقنا أنا والناقد إسماعيل زاير أن نستضيفه في مكان هادئ، وهو منزل إسماعيل  زاير نفسه، حيث تهيمن على فضاء صالة الاستقبال مكتبته الضخمة العتيدة، وينفتح في مقدمة البيت غاليري إيكاروس الذي  يضم جزءاً كبيراً من لوحاته الفنية، وبعض لوحات الفنانين الأصدقاء. ولابد من الإشارة إلى كرم السيدة آنا فان آملروي، الكاتبة والصحفية الهولندية المعروفة، زوجة الفنان زاير وهي تغمرنا بكرمها المعروف ونحن الذين لا نكف عن الكلام الذي لا يعرف النهايات. هكذا دار بيني وبين الشاعر سركون بولص حوار طويل جداً هو في حقيقة الأمر مشروع كتاب كامل عن تجربة بولص الشعرية والحياتية، وقد نشرت حلقة واحدة منه في صحيفة ( الزمان ) وها أنا اليوم أخص موقع ( الحوار المتمدن )  بالجزء الثاني من الحوار الذي يسلط الضوء على آراء ومفاهيم أدبية تشغل بال الشاعر الآشوري الصديق سركون بولص. وفيما يلي نص الحوار:

• هل تعتقد أنك أول من عرّف بحركة البيتنكس الشعرية في سان فرانسيسكو؟ وهل لك أن تتحدث لنا عن سطوة وتأثير قصيدة ( عواء ) على شعراء جماعة كركوك وبالذات على الشاعر فاضل العزاوي؟

- عندما كنت في كركوك وصلت إلينا أخبار في الصحف والمجلات عن هذه الحركة، كما قرأنا بعض قصائد غينسبرغ والبيتنكس، ولكنها مجرد شذرات في صحيفة أو مجلة إلى أن أتيح لي عندما ذهبت إلى بغداد، واطلعت على قصائد غينسبرغ في المكتبة الأمريكية، ثم قرأت كرواك. ومن خلال القراءة حدثت بعض التأثيرات لأنهم كانوا الجماعة الطاغية في تلك الفترة ( 1965-1964 ) ولكننا لم نكن نعرف عنهم سوى هذه الشذرات أو القصائد المتفرقة المنشورة هنا وهناك. وحين وصلت إلى بيروت ذهبت مباشرة إلى المكتبة الأمريكية فوجدت هناك كتب غينسبرغ وكرواك وآخرين أمحضهم حباً كبيراً، فقلت ليوسف الخال أريد أن أعمل ملفاً خاصاً عن حركة البيتنكس لمجلة ( شعر ). وافق الخال مباشرة، وأعطاني مدة شهرين لإنجاز هذا الملف وقد صدر هذا الملف وفيه قصائد لغينسبرغ ومنكور وسنايدر وأغلب الشعراء المهمين في هذه الحركة، بل أنني ترجمت بعض أغلفة اسطوانات عملوها في تلك الفترة. كان عدداً جميلاً ومفيداً. أما عن تأثير قصيدة ( عواء ) فدعني أقول أولاً أنها قصيدة صعبة وعصية على الترجمة، وكان عليّ أن أنتظر سنوات طوال حتى أسبر أغوارها جيداً. وهكذا ظلت القصيدة معلقة إلى أن وجدت نفسي في اليونان واشتغلت عليها مدة طويلة فهي كما تعرف قصيدة مليئة بأسماء الأماكن، ولا يمكن لك أن تفهم هذه الأشياء ما لم تذهب إلى سان فرانسيسكو بالتحديد فهي مكتوبة هناك، وهو يذكر أنواعاً من الخمور والمخدرات كالماريوانا والأشياء الأخرى التي كانت شائعة آنذاك ولن يعرفها أحد إلا إذا عاش هناك. القصيدة محتشدة بأسماء الشوارع والأحياء والأشخاص وغيرها. وعندما ذهبت إلى أمريكا وعشت هناك عرفت كيف أترجم قصيدة ( عواء ) وهي قصيدة مهمة جداً، وربما يكون فاضل العزاوي قد قرأها في ذلك الوقت وتأثر بها. أنا هنا أتساءل منْ من العرب ترجم غينسبرغ؟  وجوابي هو لا أحد. ربما تأثر بعض الشعراء من خلال السماع أو قراءة شذرات متفرقة له في الصحف والمجلات. إن قصيدة ( عواء ) تركت تأثيراً ذهنياً كبيراً مذهلاً على قرائها. إن أي قارئ عندما يقرأ القصيدة أول مرة فإنها تصعقه بشكل لا يصدق من دون شك إذا كان يفهم الإنكليزية بشكل جيد. لهذا السبب كان عليّ أن أترجم قصائد هذا الشاعر المبدع، وفيما بعد تعرّفت عليه شخصياً، وأصبحنا أصدقاء حميمين.  توفي غينسبرغ قبل سنتين، ولكنه عاش حياة جيدة، إذ كان في الثمانينات من عمره، بينما مات كرواك في خمسيناته بسبب السكر والكحول والمخدرات. وقبل سنة مات غريغوري كورسو، وهو من أفضل شعراء هذه الحركة. أما سنايدر فما يزال حياً، وقد أنهى قبل ثلاث سنوات قصيدة ملحمية اشتغل عليها أربعين سنة، ونال عليها جائزة ( كوتزار ).وفرلنغيتي أطولهم عمراً ما يزال حياً، وتراه أحياناً يمشي في شارع كولومبس أمام مكتبته وهو في طريقه إلى مقهاه الإيطالي المفضل مع كلبين أفغانيين كبيرين. وقد أصبح غنياً وبرجوازياً من خلال مكتبته المسماة ( أضواء المدينة ) التي نشرت قصيدة ( عواء )، هذه القصيدة التي أحدث نشرهاً دوياً كبيراً في المشهد الثقافي الأمريكي. وما تزال ( عواء ) تصدر في طبعات متواصلة لا تنقطع، ذلك أن الجيل الجديد في أمريكا بدأ يقرأ هذه القصيدة، ويحاول أن يجد فيها، كما وجد الجيل الستيني رموزاً معينة تدفعه إلى الإيمان بشيء ما. وهي قصيدة مهمة صدرت حتى الآن طبعتها الأربعون، أو ربما أكثر من ذلك. لذلك اغتنى فرلنغيتي من هذه القصيدة ( الكتاب ) الذي بيعت منه أكثر من مليوني نسخة، ولا أعتقد أن هناك كتاباً شعرياً في التاريخ باع هذه الكمية الكبيرة. غينسبرغ هو إنسان عظيم، وشاعر مبدع، وآخر مرة رأيته كانت في مدينة أوكلاند، عبر الخليج، وهي مدينة قريبة من سان فرانسيسكو. وقد اتصل بي ذات مرة، وقال لي أنه سوف يقوم بقراءة شعرية، وسيبعث المكافأة لأطفال فلسطين، وهو يهودي بالمناسبة. وقد اقترح عليّ ذات مرة أن نذهب إلى فلسطين، ونقرأ قصيدة ( عواء ) معاً، هو يقرأ النص الأصلي بالإنكليزية وأنا أقرأ الترجمة بالعربية أمام حائط المبكى أو أمام قبة الصخرة. فقلت له هذه فكرة شعرية عظيمة، لكنك سترجع سالماً إلى أمريكا، وربما أعلّق أنا على غصن شجرة هناك. الرجل كان شاعراً عظيماً، وعندما وافته المنية كنت في أبو ظبي، ألقيت محاضرة عن حياته وتجربته الشعرية. إذاً أن جيل البيتنكس هو جيل عظيم، وأثر فينا أخلاقياً من دون شك، وعلمنا أن نكون أحراراً، وأن نجرب الكتابة بأساليب جديدة من دون خوف. وعندما كنت في سان فرانسيسكو دخلت في معمعة الحرية والثورة الجنسية وحتى المخدرات. ولم لا فعلى الشاعر أن يجرب كل هذه الأشياء. فاضل العزاوي جرّب هذه المسائل في وقت مبكر، لم لا هنيئاً له.

• اعتبرتَ قصيدة ( آلام بودلير وصلت ) نقطة تحول في تجربتك الشعرية. هل لك أن تتحدث لنا عن معطيات هذه القصيدة من الناحية الفنية؟

- من الناحية الفنية كانت قصيدة ( آلام  بودلير وصلت ) وثبة ثلاثية في تركيبها ومواجهتها للموضوع مباشرة منذ الكلمة الأولى ونزولاً إلى أعماق القصيدة. وكنت في حالة من الإنخطاف السحري الذي يحدث بشكل نادراً أحياناً، وتكتب في تلك الحالة وكأنك هذا الشيء يُنزل عليك من الأعالي. ومن دون مبالغة أقول إن هناك قصائد كتبتها مرة واحدة، ونشرتها كما هي من دون أي حذف أو إضافة أو تعديل أو مراجعة، وهذه الحالة نادراً ما تحدث. وأنت تعرف أنا من الشعراء الذين يشتغلون على القصيدة وعلى أمداء مختلفة من الزمن، لكنني أتذكر أن هذه القصيدة التي تسأل عنها الآن كتبتها في قرية اسمها ( شطين )، وهي القرية التي كانت يسكن فيها الصديق وديع سعادة. وقد قضيت هناك عدة أيام في تلك القرية الجبلية المطلة على وادي مدهش. إنها بالضبط مثل عش يطل على الوادي. كان الهواء النقي يغمرني، ومن فرط التجلي وجدت نفسي في الليل أكتب قصيدتين، قصيدة ( آلام بودلير ) وقصيدة أخرى ضاعت مني كتبتهما من دون توقف، وأعطيت الأولى إلى يوسف الخال في اليوم التالي. وقال لي بالحرف الواحد أنه سينشرها لوحدها في مجلة ( شعر ) دون أي قصيدة أخرى. وإذا راجعت ذلك العدد فستجد أنها فعلاً قصيدة العدد الوحيدة، أما بقية القصائد فهي قصائد مترجمة. كان يوسف الخال يقرأ القصائد التي تأتي إلى بريد مجلة ( شعر ) ثم اقرأها أنا. وكان بيننا ما يشبه الاتفاق، فعندما ينظر إلي نظرة خاصة ويقول ( فالصو ) فإذا أومأت له بالإيجاب كانت تلك القصيدة تذهب إلى الأرشيف. كانت قصيدة ( ألام بودلير ) تقول كل شيء عن مواجهة الألم من الأحشاء، ذلك أنني كنت في بيروت بعد سنة من خروجي من العراق. وكنت قد جرّبت الحب الحقيقي لأول مرة مع صديقة لبنانية درزية مازلت أحبها. كانت جميلة جداً، وهي أيضاً كاتبة وصحفية معروفة، لا أحب أن اذكر اسمها،  كانت جميلة جداً بحيث أنني أحببت من خلالها جميع الدروز( أي والله هكذا ) لذلك كنت في حالة حب وفي حالة انفعال عميق محترق. كنت في الحادية والعشرين أو في الثانية والعشرين من عمري، وهو ، كما تعرف، عمر التهابي. هكذا كنا في حالة التهاب ثقافي وفلسفي وفكري، نقرأ، ونبحث، ونغامر، ونحب، ونعشق، ونمارس كل الأفعال الإنسانية الضرورية. وبيروت كانت مكاناً عظيماً كما تعلم، مكان يكاد يكون أسطورياً لعراقي قادم من كركوك أو بغداد، فجأة يجد نفسه منقذفاً في العاصمة الذهبية كما كنا نسميها آنذاك. من هنا انبثقت هذه القصيدة التي أعدها نقطة تحول في حياتي الشعرية أو في الحالة الإلهامية التي مررت بها بسبب قصة حبي العاصفة.
 
• قلت ذات مرة أن توفيق صائغ هو أعظم شاعر قصيدة نثر على الإطلاق. هل لأنه حاول أن يأتي ببديل للوزن أم لأسباب أخرى؟

- مازلت أرى توفيق صايغ شاعراً فهم الشكل المعمّق لقصيدة النثر أو قصيدة الشعر الحر من حيث التكثيف والتركيز والتركيب. كيف نفهم شكل قصيدة النثر؟ هذه أشياء مبكرة كتبها توفيق صايغ. ثلاثون قصيدة نثر مبكرة كتبها في بداية الخمسينات من القرن الماضي. ترى من كان يكتب قصيدة النثر في ذلك الوقت وبهذا الفهم وهذا العمق؟ وإذا نظرنا إلى قصائده الآن لوجدناها تصمد أمام القراءة صموداً ممتازاً. هناك قصائد كثيرة موزونة لم تصمد أمام الزمن، وإذا قرأناها اليوم لوجدنا فيها ثغرات وأخطاء كثيرة تقع عند جميع الشعراء المعروفين، لكن توفيق صايغ لم يُقرأ جيداً لا أعرف لماذا؟ هناك أسباب طبعاً، هناك العداء المعلن وقتها حتى ضد قصيدة الوزن التي كانوا يعتبرونها خروجاً على العمود، وكانوا يهاجمون البياتي والسياب وعبد الصبور فكيف بتوفيق صايغ، لكنني سأكون صريحاً معك أن هناك نقطة مهمة جداً وهي أن النقاد العرب أهملوا توفيق صايغ بسبب رموزه المسيحية. وتعرف أن الشعر القومي كان هو السائد آنذاك وحتى إلى وقت قريب إلى أن جاء الشعراء الجدد وأزاحوا هذه المومياء من صفحات الجرائد والمجلات وهذا شيء إيجابي وجميل. أنسي الحاج كان يمتلك منصة رائعة وهي ( دار النهار ) لذلك لم يكن يحتاج إلى شيء من أحد لكن توفيق صائغ مر بتجربة ماحقة ولذلك فقد قُتل كشاعر وإنسان فيما بعد، وهذا عيب على النقاد والشعراء العرب أن يتجاهلوا توفيق صايغ، فهو شاعر عظيم كرّس نفسه لخلق شعر حقيقي قد يكون غريباً قليلاً، ولكن كل شعر عظيم قد يبدو غريباً أول الأمر إلى أن تألف أذناك إيقاعاته، وإذا دققت رموزه وكان لك صبر كبير كدارس للشعر لذهبت إلى التوراة أو الرموز الموجودة فيه أو حتى إلى القرآن لتكشفت لك الأمور العميقة، فتوفيق صايغ ليس مسيحياً بهذا المعنى الضيق، إنه متصوف، روحاني، باطني يريد أن يكتب قصيدة عميقة عن الحب أو الأضحية أو فكرة القربان، وهو بهذا المعنى فلسطيني، ولكن على مستوى الفلسفة والباطنية والتصوف، وهذه أشياء عميقة وغنية في شاعر مثل توفيق صايغ. أنا لست دارساً لهذا المعنى لأنني مشغول بأشياء أخرى، ولكن إذا أتيحت لي فرصة ذات يوم فقد أدرس توفيق صائغ دراسة يستحقها وأرجو أن أحقق هذا الأمر.

• في أوقات معينة كنت تشعر بأن الثقافة غير كافية لتفسير العالم والقبض على متاهة أسراره اللامتناهية. هل لهذا السبب اتجهت للدراسة في أكاديمية الفنون السينمائية، مثلما درست قبل ذلك الرسم والنحت؟

- أنا دائما أفكر بأن الثقافة شيء جميل لكنها غير كافية لتفسير التجربة البشرية. هناك نواحٍ كثيرة وفنون أخرى كالرسم الذي أحبه كثيراً والذي كنت أساوم بينه وبين الكتابة، وقد فكرت بأن أترك الكتابة من أجله ذات يوم، والتمثيل الذي كان يسكن مخيلتي أيضاً، لكن رغبة التمثيل قد انتهت في داخلي بعد أن إرمّد شعري. والتمثيل كما تعرف هو حلم الشباب. ومع ذلك فالسينما فن عظيم له مكانة كبيرة في نفسي. الثقافة مكونة من كل هذه الأشياء، وأضيف إليها أسلوبي في الحياة، أو طريقة سيري في هذا العالم، أو اختياري لوظيفتي، أو انتقائي للأشياء التي تستحق الاهتمام في هذا العالم. هذه الأشياء كلها أعتبرها ثقافة، لكن الثقافة قد تبدو أحياناً أنها موجودة في الكتب فقط أو في المدرسة أو في الأكاديمية، لكن الأمر ليس كذلك، فأنا أحياناً لا أقرأ ولا أكتب لشهور وبعد ذلك أقضي سنوات في القراءة والكتابة. هذه موازنة داخلية لأنك تعرف تركيبتك وما تحتاج إليه. أحياناً أرى أفلاماً كثيرة ثم أقرف من السينما. أما في الرسم فالأمر مختلف فاللوحة تظل جميلة جداً ولا تنزل من عليائها لتسقط في فخاخ القرف. عندي دائماً رسامين معينين إذا نظرت إلى لوحاتهم أشعر بالراحة والتوازن، فاللوحة كنز بصري يملؤني بالرغبة  في متابعة الكتابة من جديد. المسألة هي حالة يأس عند المثقف، عند الشاعر الذي يمضي حياته من جبل إلى واد، ومن وادٍ إلى جبل. هذه القفزات الروحية والخيبات والانكسارات التي تبعث على اليأس، ونحن العراقيين عندنا ما يكفي من الأثقال بحيث تحني ظهرنا ونشعر باليأس. حياتي في الثقافة تتحرك بهذا الشكل. في أمريكا وأوربا هناك الكتب والسينما والمسرح وكل ما تريد، لكن الشاعر لديه نظرة خاصة فهو يختلف عن المثقف، فالشاعر هو كائن بدائي لديه معرفة عميقة بالأشياء، هذه محاولة للتعريف، والشاعر الحديث هو شخص يختار أشياء معينة في الثقافة، وكثير منها يبدو نوعاً من العلف المكتوب والمصنّع من أجل الماشية، من أجل القطيع، لكي تتواصل المسيرة ولا تتوقف القطعان عن المشي، لذلك أنا أرى العالم مثل كتل بشرية مدفوعة إلى العبودية ليل نهار، ولكي تشغل ماكنة المجتمع عليك بمواصلة فكرة التصنيع. حتى طلبة الجامعات أراهم مجرد مادة خام لتخريجهم كأطباء ومهندسين ومحامين وسياسيين يولدون من هذه الماكنة. الشاعر وحده يقف خارج الماكنة ويراها من الخارج، وهذا ضروري جداً، وقالها بريشت ذات يوم بأن الشاعر يقف دائماً خارج الأسوار، ولا يمكن له أن يكون داخل هذه الأسوار إلا إذا كان شاعراً يلتحق بالدولة أو المنظمة أو المؤسسة. هناك شعراء من هذا النوع، لكن الشاعر الحقيقي هو الذي يرى كل شيء من الخارج، ويقف على مسافة جمالية ضرورية بحيث يرى الأشياء، ويحتفظ بحرية أن يقول عنها ما يريد. هذه نظرتي الفلسفية أو موقفي كشاعر  ينبغي أن يمتلك حرية الاختيار.

• كانت لديك مجموعة شعرية بعنوان ( عاصمة آدم ) نشر أدونيس أجزاءً كبيرة منها في مجلة مواقف. أين أصبح مصير هذه المجموعة؟

- قبل ثلاث سنوات كنت في الأردن، وقد قابلت بعض أفراد أسرتي الذين تركوا العراق متأخرين وقد جلبوا معهم صندوقاً صغيراً فيه كتاباتي الأولى وهي عبارة عن ست أو سبع دفاتر، أحد هذه الدفاتر مليء بالقصص القصيرة، والبقية تحتوي على قصائدي التي كتبتها منذ سنة 1961 وهي القصائد المبكرة التي كتبتها في كركوك إلى سنة 1965 ، وهناك دفتر يحتوي على قصائد تمتد من سنة 1965 إلى سنة 1966 وفيه قصائد آدم، وبعضها منشور في الصحف العراقية وبعض المجلات اللبنانية مثل ( شعر ) و ( مواقف ) ومجلات أخرى. بالمناسبة نشرت في مجلة ( شعر ) حوالي أربعين قصيدة لم أجمعها في كتاب لحد الآن. وأفكر الآن أن أنتقي مختارات من قصائدي المبكرة التي أسميتها عاصمة آدم، وهذا العنوان سيتغير حتماً لكن عاصمة آدم هي سلسلة قصائد في هذا الكتاب. أتمنى أن يُتاح لي العمل لإنجاز هذا الكتاب ونشر قصائده كما هي، فهي تمثلني في تلك الفترة، وأكثر هذه القصائد موزونة، وفيها قصائد نثر أيضاً، وهي تبيّن كيف كنت أشتغل، وبماذا كنت أهتم. هذه القصائد لها نكهة خاصة، وفيها جمالية معينة أشعر بها تعيدني إلى أيام الستينات.

• ( غرفة مهجورة ) هي مجموعتك القصصية الأولى، ولديك عشرات القصص المنشورة وغير المنشورة كيف يتجاور القاص والشاعر في أعماق سركون بولص؟ هل يتصادمان أحياناً أم أنهما متصالحان على الدوام؟

- أنا أعتقد أن القصة والقصيدة هما شيء واحد بالنسبة لي، وأكتب القصة عندما أريد أن أكتب قصة، أو عندما يكون لي موضوع قصصي. وأنا كما تعرف أحب كتابة القصص كثيراً، وعندي قصص منشورة وأخرى غير منشورة. أنا أشتغل على عدة جبهات، أترجم، وأكتب الشعر، وأكتب القصة، وأشتغل على كتابين أو ثلاثة كتب في أنٍ واحد. ولابد من الإشارة إلى أنني أفكر بإصدار مجموعة قصصية كبيرة تمثلني بشكل حقيقي، ولكنني أرجئ هذه الفكرة دائماً إلى فترة قادمة، وأرجو أن أنتهي هذه السنة من إصدار هذه المجموعة التي تشغلني منذ زمن طويل.  هذه القصص مطبوعة وجاهزة وموجودة عند ناشري الصغير في ألمانيا ( نشاكسه قليلاً ) الذي بدأ يتكاسل ويتهمني بالكسل. فهذه المسألة يجب أن تحل، وإنشاء الله سوف ترى هذه المجموعة القصصية النور في السنة القادمة. أما ( غرفة مهجورة ) وهي المجموعة القصصية التي صدرت باللغتين العربية والألمانية فهي مجرد مختارات تحمل نكهة خاصة من نفسي القصصي.

• ما هي اعتراضاتك على ( الروح الحية ) للشاعر والروائي فاضل العزاوي. هل أقصى أسماء شعرية مهمة من المشهد الشعري الستيني. كيف تعامل العزاوي من وجهة نظرك مع الشعراء الستينيين في الداخل والخارج. هل همّش أحد من الشعراء أو غمطه حقه؟
- مشكلة كتاب فاضل العزاوي أنه يخفي حقائق معينة، ويحاول أن يعطي بديلاً لا أجد له أي أساس لتلك الحقائق، ومثله مثل سامي مهدي فهو منحاز منذ البداية إلى طريقة مسبقة لتصوير جيل الستينات، أو إلى شكل مسبق كان موجوداً في ذهنه قبل أن يراجع الحقائق، ويتكلم عن الشخصيات التي كانت فعالة آنذاك بشكل صادق. مشكلة سامي مهدي أنه منحاز كبعثي، وكموظف مسؤول في تصنيع الثقافة العراقية، ولكن مشكلة فاضل أنه أنا متضخمة تريد أن تهيمن على كل شيء. كتابه ينضح بنوع من التزييف الخطير، خصوصاً وأنه غمط حق الكثير من الشخصيات، وله طريقة معينة في تتفيه مواقف معينة لشخصيات معروفة آنذاك، وبالمقابل فإنه كان يضخّم دوره ودور شعراء غير مهمين على الإطلاق لكي يغطي على الشعراء الآخرين. وهذا هو كل ما يمكنني أن أعلق على كتاب فاضل العزاوي.
• هل تعتقد أن الشعراء الستينيين من جماعة كركوك كانوا أكثر إطلاعاً على المنجز الشعري العالمي أو على الحداثة تحديداً بحكم سعة إطلاعهم ومعرفتهم باللغة الإنكليزية؟
- هذه نقطة تسجل لجماعة كركوك لا عليهم، ولكن هذا لا يعني أنهم كانوا متفوقين بهذا المعنى على الشعراء الآخرين، ذلك أن أدباءً وشعراءً آخرين في بغداد ومناطق أخرى من العراق كان لهم سعيهم أيضاً في هذا المجال، لكن أن تعرف لغة أجنبية في الستينات من القرن الماضي عندما كان الجو الأدبي شبه جاهل بما يجري في العالم فهذه نقطة تحسب لصالحك. إن قراءتي باللغة الإنكليزية على الصعيد الشخصي قد عجلت في نمو معرفتي وتطوري بأساليب جديدة، كما عجلت في معرفتي بأسماء أدبية عالمية مهمة. نعم، كنا نشعر بنوع من التفوق لأننا كنا نعرف كيف نقرأ كتباً معينة لا يعرف الآخرون كيف يستدلون عليها.

• بعض الشعراء الذين يشكلون حلقة الوصل بين الجيلين الخمسيني والستيني خدمتهم السياسة، ورسخت أسماءهم بشكل شبه قسري في ذاكرة الناس، بينما أنت لم تخدمك السياسة، ولكن مع ذلك فقد حققت حضوراً مهماً في المشهد الشعري العربي المعاصر. كيف تفسر لنا هذا الإشكال؟

- قد يكون هناك نوع من الإشكال، لكنني أعتقد شخصياً أن الشاعر الذي يتصفح بحماية أي حزب هو شاعر قد يتضرر في النهاية عندما ينحسر مد التأثير الإيديولوجي في الأدب كما حدث للكثيرين. وأنا لم أكن سياسياً بالمعنى الذي تقصده عندما نتكلم عن شعراء الحزب، سواء أكان هذا الحزب الشيوعي أو حزب البعث أو أي حزب آخر. الكثير من الشعراء العراقيين وُجدوا يكتبون بلسان الحزب أو يتظاهرون بأنهم يكتبون باسم الشعب أو باسم هذه الجهة أو تلك، وفي النهاية قد يكون الشيء المهم في كتابة الستينيين هو معرفتهم لهذا الشيء أو انتباههم إلى أن الشاعر الحزبي قاصر، وخصوصاً أن المرحلة كانت مرحلة أفكار وصرعات فكرية ووجودية، لذلك وجدت نفسي لا أهتم بالكتابة التي لا تخضع لأي جهة أو لأي أسلوب مسبق، وقد يكون هذا ناجم من قراءاتي للشعراء غير الحزبيين رغم محبتي لنيرودا وناظم حكمت اللذين كانا نوعاً من المثال للشاعر الحزبي. أنا لم أفكر أبداً بأن شعري يمكن أن يُقبل أو يُرفض إذا لم يكن تابعاً لهذا الحزب أو ذاك أو لهذه الجهة أو تلك. هذه الأشياء لم تكن واردة إطلاقاً، ولا تزال غير واردة.
• ما هي المساحة التي تحتلها المرأة في شعر سركون بولص. كيف تتعامل معها شعرياً. أعني كيف تُدخلها إلى نسيج النص؟

- المرأة هي الكل في الكل رغم أنني لا أنشغل بها طوال الوقت، لكن لها حضور دائم في قصائدي. وعندي موقف معين من المرأة، أو لنقل من شعر الحب. إن موقفي يختلف مع الكثيرين من الشعراء. المرأة بالنسبة لي ليست مجرد جسد، وليست كما يقال رفيقة درب أبداً. المرأة بالنسبة لي هي نوع من المخلوق الأسطوري، أحياناً في قدرته على أن يكون دليلاً فلسفياً للرجل في العالم ، ولكن على الصعيد الواقعي المرأة هي تلك الصديقة والحبيبة التي يمكنها أن تضيء حياتك إذا التقيت بالمرأة الحقيقية أو المرأة الملاك، أما إذا التقيت بالمرأة الخطأ فعليك أن تعد عدة الهرب وتجد طريقاً تنقذ بها رقبتك من مخالبها التي لا تعرف الرحمة.
• هل تعتقد أن ذائقتك النقدية الصارمة قد أضرت بعلاقاتك الشخصية بجماعة كركوعك من جهة، وبجيل الستينات عموماً، فلديك آراء سلبية ببعض أسماء الجيل الستيني ومنهم على وجه التحديد لا الحصر فاضل العزاوي وعبد الرحمن مجيد الربيعي وغيرهم؟

- أنا قد أكون صارماً في آرائي، وحاد في مواقفي، لكن هذه الحدية تبرز أكثر عندما أرى البعض منهم يلعب لعبة التلفيق، وتزييف الحقائق الأساسية التي كنا نعرفها جيداً، وأغضب كثيراً عندما أجد كاتباً يعتمد على الكذب، ويزور تجربة الآخرين. وأنا مع الأسف اذكر الأسماء حياناً، لكنني أجد نفسي مجبراً على ذلك. أنا أؤمن بأن الساحة الأدبية ينبغي أن تكون نظيفة عندما نرى جميع الساحات الأخرى مليئة بالقذارة والزيف والكذب. ترى لماذا يكذب الشعراء؟ لماذا يكذب الكتاب؟ الربيعي بسبب شعوره بالمنافسة مع الآخرين زيّف حقائق كثيرة، لكنه مازال صديقاً ورفيق طريق. وعلينا أحياناً أن ننتقد بعضنا البعض بهذه الطريقة الصريحة لكي نصل إلى نوع من العالم الأدبي خالٍ من التلوث. فاضل العزاوي هو صديق، ورفيق في مجموعة معينة، وكلانا من مدينة واحدة، لكنه مع الأسف خيّبني في كتابته عني بشكل غير عادل وغير منصف تماماً، وهذا هو المؤلم في الأمر، لذلك ينبغي أن أكون صريحاً معهم. أنا لم أكتب عن أي صديق آخر بشكل أحاول أن أؤذيه فلماذا يحاول الآخرون إيذائي؟ هناك نوع من العقدة النفسية التي حدثت لسبب ما، وفي مكان ما، وزمان ما، لكن على هذا الكاتب أن يكون رحب الصدر، لا أن يكون ضيّق الأفق بهذا الشكل بحيث يصبح أسيراً لتلك العقدة النفسية، وهذا كل ما أستطيع أن أقوله عن الصديقين الربيعي والعزاوي.

• هل شرعت في كتابة مذكراتك الشخصية، أم أن هذا الموضوع مازال مؤجلاً. وهل تنوي أن تكتبه سيرة ذاتية روائية تغطي فيه تجاربك ومغامراتك الحياتية؟

- أنا أصدرت آخر كتاب لي بالألمانية وهو عبارة عن سيرة ذاتي، وقد أترجمه إلى العربية، وأضيف إليه، وأنقحه. وهذا الكتاب عنوانه ( أساطير وتراث ) إنه سيرة ذاتية لكنها مكتوبة بطريقة جديدة فيها سرد وحوارات ومنولوجات وصور فوتوغرافية. السيرة تهمني جداً، وأنا أعد الآن كتاباً مؤلفاً من شذرات وذكريات ولقاءات وأنواع كثيرة من الكتابة كلها تصب في خانة السيرة وأرجو أن أنتهي منه هذه السنة.
• هل تعتقد أن على الشاعر أو المبدع عموماً أن يحتفظ بأسراره الشخصية، أم أن عليه أن يبوح بها بوصفها تجربة متاحة للذاكرة الجمعية لقرائه ومحبيه؟

- الشعراء أنواع مختلفة، وأمزجة متباينة، فهناك شاعر إعتراف يحب أن ينشر غسيله على حبال الجرائد، وهناك الشاعر الذي يدون سيرته الشخصية الكاملة في قصائده، ولكن في قالب فني حقيقي. إذاً لكل شاعر طريقة في البوح أو في كشف الأسرار. أنا أفعل ذلك بطريقة غير إعترافية، وبصورة غير مباشرة، لكن الأسرار موجودة هناك، وإذا أراد القارئ أن يعرفها فعليه أن يقرأ القصيدة جيداً، ويتعمق في تفاصيلها وبنيتها الداخلية، وسيجد كل ما يبحث عنه من أسرار.

• ما جدوى الكتابة، وهل يستحق الشعر أن تكرس له حياتك الشخصية، وأن تتحمل من أجله كل هذه العذابات؟

- أنا أعتقد أن سؤالك ينطوي على نوع من الشك في أهمية الكتابة وجدوى النصوص الشعرية التي نكتبها. بالنسبة لي يستحق الشعر أن أكرّس كل حياتي من أجله. فالكتابة بالنسبة لي إجمالاً هي نوع من العذاب الحقيقي واللذة النهائية أيضاً. اللذة هي أنك تقضي سنوات طوالاً وأنت مستغرق في أسرار الكتابة، وبالذات أسرار الشعر لتخلق لنصك قوانين خفية تشدك إلى هذا المكان الغامض أو المنحى الباطني الذي تكون مستعداً لأن تضحي من أجله  بكل شيء. أنا قضيت أكثر من أربعين سنة في كتابة الشعر، وملازمة هذا الهم الجميل، ومع ذلك فأنا لا أريد أن أتظاهر بأنني قد كرّست حياتي للشعر أكثر من غيري لأنني موقن تماماً بأن هناك شعراء في هذا العالم ضحوا من أجل الشعر بأشياء كثيرة لا تصدّق. هناك شعراء يمكن لنا أن نعتبرهم شهداءً حقيقيين ضحوا بأنفسهم من أجل الشعر أمثال سيزار فاييخو، وهو أعظم شعراء العالم، مات في باريس من الجوع. وهناك شعراء آخرون كبار أمثال ناظم حكمت، ونيرودا عرفوا منذ البداية حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم، لأن اختيار الشعر مسألة غير هينة على الإطلاق. الشعر عالم له أسرار لا تنتهي، ورهان خطير، لكن مع ذلك فهناك شعراء كثيرون قبلوا بهذا الرهان ومنهم شعراء الرومانس البريطانيين على سبيل المثال لا الحصر أمثال ووردزوورث، وكيتس، وشيللي، وبيرون، وكوليريج. وكل واحد من هؤلاء بالمناسبة يعتبر عالماً كاملاً قد يستغرقك سنوات عديدة إذا أردت أن تدرس عالمه، وتفهمه بعمق. جون كيتس مثلاً أثّر في السياب بشكل عميق بحيث أننا لا يمكن أن نفهم السياب بشكل دقيق ما لم نفهم كيتس جيداً، لذلك ترى أن الشعر متداخل ببعضه، وأن حيوات الشعراء متداخلة ببعضها أيضاً. فالشاعر الذي مات قبل ألف سنة أو أكثر كأمرئ القيس ما زال مفعوله سارياً في شعرنا. السياب ما يزال هاجساً بالنسبة لي، وقصائده ما تزال تشدني وتثير فيّ غابة من الأسئلة. فالشاعر الحقيقي الذي يؤمن بالشعر، ولم يأت إليه عابثاً من أجل كتابة بضع قصائد عابرة ينبغي أن يكرس نفسه وحياته للشعر، ويجب أن يعتبر نفسه ذا مهمة كبيرة في التاريخ. وأن يقدّس الكتابة، ويخلص لها من كل قلبه.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج فؤاد جلال في إطلالته الجديدة. . من البنفسجي إلى الأسو ...
- محمد الأمين في ديوانه الأول - فوانيس عاطلة أيامه -. . . صور ...
- قصائد باسم فرات. . . بين تقنية النص المفتوح وبنية التبئير
- تمظهرات الجانب الديونيسي في تجربة الفنان علي طالب: وجوه تتفا ...
- الفنان ستار كاووش في معرضة الشخصي الثالث عشر: بين التكعيبية ...
- علامات - في عددها الأول . . شجرة واحدة لا تصنع ربيعاً، ونجمة ...
- ما مصير النساء الكرديات اللواتي أُجْبِرنَ من قبل النظام البا ...
- ندوة ثقافية عن مجلة - أحداق - في إطلالتها الأولى
- أحداق - فضاء للمخيلة المجنّحة، ومنبر لصياغة الخطاب الجمالي م ...
- مهرجان روتردام للفيلم العربي
- اجتماع الناصرية وردود فعل الشارع العراقي
- تداعيات إشهار الورقة الصفراء بوجه اللاعب السوري
- مساقط ضوئية تعري الوجوه المشتعلة بالرغبات السريّة
- العراقيون مع الحرب وضدها في آنٍ معاً
- عبادة الآلهة المزيفة
- سقوط النمر الورقي
- الدعاية والدعاية المضادة في الحرب على العراق
- سيئول ستشترك في الحرب ضد العراقمن أجل تعزيز علاقاتها بواشنطن
- مسرحية - المتشائل - في لاهاي
- حفل فني لمارسيل خليفة في هولندا


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - الشاعر سركون بولص ل - الحوار المتمدن