أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - دحام هزاع التكريتي - العراقيون بين عربدة -مهدي- وبين عنجهية -بدر- ووحشية -الدولة الإسلامية-















المزيد.....

العراقيون بين عربدة -مهدي- وبين عنجهية -بدر- ووحشية -الدولة الإسلامية-


دحام هزاع التكريتي

الحوار المتمدن-العدد: 2197 - 2008 / 2 / 20 - 11:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سيسجل التاريخ عن هذه الحقبة التي يمر بها العراق حالياً صفحة سوداء مدمرة ، حيث أصبح القتل ممارسة مفضلة لدى من أتبع درب الشيطان في هذا البلد . كما تحولت مدن العراق وأم الدنيا بغداد إلى ميدان مرعب للتصفيات الجسدية ومقبرة لعشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء وبإسم الدين..وأي دين؟؟. إن هذه الحقبة تؤشر إلى تحول الدين من مظهر للرحمة والتسامح ولإتمام مكارم الأخلاق إلى مظهر لبِأس الأخلاق وللبطش والقتل والتدمير غير المعهود. فقد انتقل بعض رجال الدين من مقام الوعظ بالأخلاق والصدق والأمانة إلى زمرة خبراء في البطش وأخذ الخاوات والأتاوات والنزاع على المغانم، وهو مؤشر على انحطاط في القيم والأخلاق. نعم إنها في العراق لحقبة فريدة لم تحدث لا في تاريخنا القديم ولا الحديث. لعل تاريخنا قد شهد تنافس نفر غير قليل من الحكام في استغلال الورقة الدينية لفرض سطوتهم على العباد، ولكننا لم نشهد أن يبادر رجال الدين بمثل ما نشهده من كثافة إلى تصّدر السياسة والعسكر والمخابرات والشرطة بدلاً من القيام بوظائفهم الدينية. لقد شهد التاريخ الإنساني أمثلة مشابهة عندما راح رجال الكنيسة في العصور الوسطى يسعون فرض إرادتهم على الناس أو الترويج للحروب وتشكيل الجيوش. ولكن هذه الممارسة انهارت في أوربا، وأنهارت معها مكانة الكنيسة ومكانة رجل الدين في تلك البلدان بسبب تسييس وتجييش الدين. وأضحى الدين والإيمان الديني في هذه البلدان الخاسر الأكبر في هذه الصرعات الغريبة. إننا نشهد الآن في العراق أو في بعض البلدان الأخرى المجاورة كإيران وأفغانستان والباكستان تكرار لما جرى في أوربا في تلك العصور المظلمة، وربما سيلحق بالدين في العراق وغيره نفس ما لحق به في تلك البلدان، وعندها سيكون الإيمان الديني والدين هو الخاسر أيضاً نتيجة تصرفات من يتصّدر الشأن الديني في هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا.

نشير إلى ذلك ونحن نشهد تصرفات بعض التيارات الدينية وأقطابها منذ أن أنهار النظام السابق. فالتطاحن بين هذه التيارات الدينية التي تنتمي إلى "أمة واحدة"، هذه الأمة التي قيل عنها إنها "خير أمة أخرجت للناس"، أصبح الوجه الغالب في الصراعات الدموية التي حدثت وتحدث في العراق. في البداية قيل أن مهمة هذه التيارات الدينية هي الدفاع عن "الدين" أمام غزو "الكفار" لبلادنا. وحسب ما أعلن مقتدى الصدر لجريدة الحياة البيروتية قائلاً إن:" أعدادنا ليست بسيطة لا من ناحية العدد ولا من ناحية العدة وإن شاء الله مهما كثر الأعداء فنحن صامدون أمام هذا الزحف الصليبي ضد الإسلام وسنقف إلى آخر نقطة دم في أجسادنا لو صح التعبير لندافع عن هذه المقدسات وندافع عن هذه الأرض المقدسة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها وسنكون إن شاء الله على قدر المسؤولية وعلى قدر تطبيق الأحكام الشرعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

ولقد صدّق البعض هذا الكلام، وخاصة حديث هذه التيارات عن رفع شعار خروج المحتل من البلاد. وراح البعض المغفل والذي أغرته هذه الشعارات يقدّم كل ما عنده وبما فيه التضحية بالنفس إيماناً منه بهذه الدعوات. وذهب حتى العديد من الكتاب المغفلين يسّطرون المقالات تلو المقالات لكيل المديح "للمقاومة المزعومة" المدافعة عن العرض والدين ووصفها بأوصاف بعيدة عن واقعها. وأخيراً التزم هؤلاء الكتاب الصمت ولم يعودوا يدافعون عن "مقاومة" بعد أن بانت الحقيقة بكاملها وعرف الناس جوهر هؤلاء المقاومين. إذن ومع مرور الأيام تتضح الصورة الحقيقية لتبين إن من تصّدر هذه المجاميع ما هم إلا زمر نهبت الدولة وبما فيها وخاصة مخازن الاسلحة بكل أنواعها والتي صرف الشعب عليها وجاع من أجل تسديد نفقاتها. وبدأت هذه الأسلحة تستخدم لا لمواجهة المحتل، كما كانوا يرددون، بل في قتل همجي عشوائي للعراقيين والعراقيات بذرائع سياسية أو طائفية أو غير مفهومة. وعلى هذا النحو بدأت موجات قتل النساء بذريعة عدم التمسك بزي من اللباس النسائي حدده "مصمموا الأزياء" العاملين عند هؤلاء المتطرفين، أو قتل كل من له خبرة من العراقيين كي يُحرم العراق من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والفنانين والموسيقيين والمغنين والأدباء والحلاقين والخياطين، وليخلوا الميدان كي يصول ويجول فيه أمراء القتل والتخلف من العراقيين والوافدين العرب والأفغان والشيشان وغيرهم.

وهكذا افتضح أمر هؤلاء ودعواتهم لمحاربة المحتل. لقد خرج القتل والصراع الدموي الذي تخوضه هذه الزمرعن دائرة القتل الطائفي كما أسلفنا، ليدخل دائرة جديدة هي دائرة الصراع الداخلي حول "الغنيمة" والسيطرة على مقدرات البلاد بشعبها وخيراتها بين أصحاب المذهب الواحد، أو حتى بين أسلاف "الجد" الواحد وأنصار القائمة الواحدة التي باركتها المرجعية الدينية وأوصلت هذه المجاميع إلى مجلس النواب والمجالس المحلية وإلى تشكيلة مجلس الوزراء. والحديث لا يدور فقط عن ذلك الإنهيار الذي أصاب تحالف البعض مع تنظيم القاعدة في العراق، والذي تحوّل إلى صراع دموي أخذ يشق طريقه لإزاحة أشرار "دولة العراق الإسلامية" من مناطق لهم في محافظة الأنبار، والشروع بمطاردتهم في أماكن أخرى بعد أن تبينت الحقيقة لمن أغرتهم شعارات القاعدة من العراقيين ودفعتهم إلى الالتحاق بها. وأتضحت دوافع هذه الدولة لمن أحتضنها ووفر لها كل أسباب نجاحها في السنوات السابقة، ولا نحتاج إلى الكثير من الحديث بعد أن أفتضح أمرها.

ولكن الحديث يصبح أكثر التباساً عندما يجري حول تلك التيارات التي انخرطت في العملية السياسية وتحالفت في الظاهر فيما بينها بإعتبارها من "بيت" واحد. وإذا ما أريد التحدث بالقلم العريض، فإننا نقصد ذلك الصراع الدموي المخفي والمعلن ومنذ الاطاحة بصدام حسين بين أنصار مقتدى الصدر وأنصار عبد العزيز الحكيم، أي بين "جيش المهدي" التابع للتيار الصدري وبين فيلق "بدر" التابع للمجلس الأعلى الإسلامي الذي شمل جميع المحافظات الجنوبية والمدن المقدسة وألحق الدمار بها. هذان التياران مازالا يحتفظان بالاسلحة التي تم السيطرة عليها من مخازن الجيش العراقي وبميليشيات مسلحة بدون حق وخلافاً لنصوص الدستور العراقي التي شارك في صياغتها هذان الطرفان. ومن الغريب والمثير هنا أن أحد أقطاب هذا الصراع المدمر، وهو هادي العامري المسؤول الأول في منظمة بدر، يشغل منصب رئيس لجنة الأمن والقوات المسلحة في مجلس النواب!!!. إن الاحتفاظ بالسلاح لا يعني في حالة اختلاف الرؤى بين الطرفين إلا كارثة مسلحة لا تحصد أنصار الطرفين بل الأبرياء والمؤسسات العامة. وهذا ما شهد عليه أبناء الشعب منذ أول صدام بين الطرفين. كما إن هذا الصدام لا يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة هي المزيد من التوتر الاجتماعي وشل الحياة العامة والاحتقان في بلد يجلس على بركان مخيف، في حين أن من واجب هذين الطرفين ، هو العمل بكل الطرق لتهدئة الأوضاع والحد من التطرف في سلوك المواطنين لا تأجيجه. كما أن من واجبهما أرجاع الممتلكات العامة، الاسلحة وغيرها، إلى الدولة وتسليم أية أسلحة حصلوا عليها بشكل غير مشروع الى الجهات المختصة، كي تتولى الدولة وحدها بأجهزتها العسكرية والأمنية مهمة احلال الأمن في البلاد.

وللأسف فإن هذين الطرفين يصرّان على الاحتفاظ بقوة عسكرية وبسلاح منهوب من الدولة خلافاً للقانون. إنهما يعقدان الهدنة بينهما، ويعلن التيار الصدري تجميد جيش المهدي ويلوّح بين الحين والآخر بإعادة نشاطه. ولكن على أرض الواقع يعمل كل طرف على الغدر بالطرف الآخر وبقوة السلاح. وفي الوقت الذي يتوصل الطرفان في الظاهر إلى إتفاق حول " تفادي إراقة الدم العراقي وحفظ مصالح البلاد العليا»، إلاّ أنه سرعان ما يعلن نصار الربيعي عضو مجلس النواب أخيراً عن أن "الاتفاق الذي وقع لتفادي إراقة الدماء فشل وفقد فاعليته"، بما يعني العودة إلى إراقة الدماء وتدمير الممتلكات العامة. فأي نائب هذا، وأية مسؤولية يتحملها ضمن مسؤوليته كنائب في المجلس عن حماية أرواح العراقيين وضمان الأمن والأمان لهم!!!. ويلاحظ آثار هذين الطرفين، إلى جانب مجاميع مسلحة من ألوان متنوعة من دولة العراق المزعومة إلي جيوش لعمر ومحمد، في كل النزاعات المسلحة الطائفية منها أو البينية بما فيها تشكيل فرق الموت الطائفية والخطف وملاحقة الأجانب وقتلهم وتشكيل قضاء مزيف لمعاقبة من لا يروق لهم. ولعل تدخل حارث العذاري مسؤول التيار الصدري في البصرة لإطلاق سراح أحد الصحفيين البريطانيين المختطفين أخيراً في البصرة هو نوع من ضلوع وعلاقة هذا التيار بالأعمال غير المشروعة التي تضع الأسافين أمام الحكومة التي شاركوا هم في انتخابها.

إن مجلس النواب والحكومة العراقية أمام معادلة ينبغي عليهما حلها كي توضع ضوابط توّصل العراق وشعبه إلى بر الأمان. هذه المعادلة تقضي بعدم السماح بقيام تنظيمات عسكرية وتحت أية مسميات دينية وغير دينية خارج إطار القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الرسمية، وإلا سيكون حالنا بأسوء من حال تلك الدول التي شرعنت أو غضت الطرف عن هذه الظاهرة وظلت تعيش في حالة الفوضى والحروب الداخلية المستمرة.



#دحام_هزاع_التكريتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علام هذا التشبث بممارسات وتقاليد عهد فاسد
- القناة الفضائية العراقية وهموم العراقيين
- على حسقيل قوچمان!! الإعتذار للشعب العراقي والكف عن الإساءة ل ...
- هل يحرق أياد علاوي مراكبه؟
- الى السيدة سعاد خيري : لطفاً حذاري من لوي عنق الحقيقة
- عندما يتحول الاجتهاد الى تخريف، يتحول هتلر وموسليني وصدام ال ...


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - دحام هزاع التكريتي - العراقيون بين عربدة -مهدي- وبين عنجهية -بدر- ووحشية -الدولة الإسلامية-