أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد نورالله - وعد بالعدل














المزيد.....

وعد بالعدل


محمد نورالله

الحوار المتمدن-العدد: 2178 - 2008 / 2 / 1 - 01:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نقض العهد بالعدالة هو عمل مناقض للمنطق بشكل غريب لأنه يتضمن تضليلا مزدوجا. ليس في العدالة الموعودة بل أيضا في عدالة هذا الوعد. كيف يمكن أن نكون عادلين في وعد العدالة ذاته؟ خصوصاً وأن وعدا كهذا يجلب في طياته ذكريات مختنقة من خيبات أمل وإخفاقات سابقة في الماضي. أليس من الأفضل نسيان وعد كهذا لأنه يجلب معه أحداث الماضي التي فشلت دائما بتحقيق العدالة؟ في الوقت ذاته فإن مفهوم وجود العالم بدون عدالة مفهوم يصعب تخيله. إن التخيلات المسبقة لعالم بدون عدالة والتي تبدو من خلال أفعال "غير مسؤولة – تتخلى عن مسؤولية تحقيق العدل" لفكر حاكم يعزف عن تقديم الوعد بالعدالة، ستعيد إحياء رغبة قوية في العدالة حتماً.

أحد الطرق الواضحة لتحقيق عدالة هذا الوعد هي إدراك هذا الوعد وماهيته بشكل جيد. أيضا فإن هذا الإدراك سيضلل الوعد والعدالة بذاتهما. لأن الوعد بالعدل سيضع نصب العين بشكل حتمي فكرة تحقيق الانتقام. ومحاولة فصل العدل عن الانتقام واحدة من أكثر القضايا مأساوية في تاريخ الفلسفة البشرية – وهي حتى الآن لا تزال محل جدل. إن صعوبة فصل العدالة عن الانتقام تكمن في تجسدهما بشكل واحد، أحد أهم محركات الثورة ضد الظلم تكمن في تحقيق العدل عن طريق التخلص من رموز الظلم السابقين لتحقيق العدل، هذا الارتباط الشديد لم تسلم منه أكثر الثورات نبلاً في مفاهيمها على مدار التاريخ، حتى ثورة المسيحية كمثال عن التسامح. فقد أعاد القديس بولص تركيبها لتشمل في مفهومها تحقيق العدل عن طريق القصاص حين يأخذ الرب حق الانتقام لنفسه. وهنا تأخذ العدالة قيمها من اللاهوت. بشكل عام فإن الأديان كلها تعطي وعدا بالعدل في الدنيا للبشر، "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، ورغم أن الدين أيضا يوضح جانباً مهما جدا من العدل البشري فهو يقول أن الله هو من سيحقق العدل لأن البشر فشلوا حتما في تحقيق العدالة بشكل نبيل، إلا أن الدين يقع في التناقض ذاته، فحتى (الله) بمفهوم الدين لم ينج من الوعد بالعدالة الممزوجة بالانتقام. يوم الحساب هو يوم العدل الذي سيحترق فيه ملايين البشر تحقيقاً للعدالة.
ربما أن أكثر الأمثلة عنفا ووضوحا في التاريخ هو الثائر السفاح روبسبير الذي كان صوت الثورة الفرنسية ضد الظلم والذي استطاع أن يقتل ستة آلاف رجل في ستة أسابيع باسم العدالة فكان منتقماً من الدرجة الممتازة. هذا العنف الذي تباركه قيم دينية أو فكرية يمكن القول أنه يصل لحدود الانتقام عندما يقوم الناس بفرض إرهاب على (أناس) آخرين وجعلهم "يدفعون الثمن".. ثمن العدالة. لا يمكن على الإطلاق فصل صورة العدل عن الانتقام ويجد الإنسان نفسه مرغما على إلصاق الصبغة (المقدسة) على هذا العنف محاولا إسدال غطاء ما على هذا المفهوم. . إن تطبيق عقوبة الإعدام على القاتل أيضاً هو تنظيم للانتقام وإعطاء هذا الانتقام (العنيف) قدسية وغطاء كتب القوانين لا أكثر.
حتما يبقى الجدل الكبير الذي يؤرق سياسة القانون وفلسفته بين تحقيق العدالة عن طريق العنف المقدس (سواء كان باسم قيم دينية أو فكرية إنسانية) و تحقيق العدل عن طريق الرحمة. هذا المفصل الأساسي بين المفهومين سيبقي وعد العدل على المحك. كيف نستطيع أن نقدم "وعدا" بالعدل إن كنا تنادي بالتسامح والرحمة هرباً من "الانتقام "؟... ...أو ربما أن الحقيقة فيما قال الفيلسوف اليوناني أناكسيماندر... " الأشياء التي لا تكون عادلة بطبيعتها ستعدل نفسها بنفسها وتصلح بعضها البعض على مدار الزمن".



#محمد_نورالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نفكر
- عن التقاليد الإجتماعية
- العدالة في الليبرالية


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد نورالله - وعد بالعدل