أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - الانتفاضة والسياسة














المزيد.....

الانتفاضة والسياسة


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 674 - 2003 / 12 / 6 - 01:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما نكون متفرجين، لكن علينا أن نتعلم لكي نكون قادرين على اتخاذ موقع فيما يجري. ربما كانت السنوات العشر الماضية قد همشتنا، أو جعلتنا نضلّ الطريق، لكن علينا الآن أن نكتشف الضلال الذي أمعنّا فيه. في الفكر كما في السياسة يبدو الميل لقبول “الواقع” عنصراً كامناً، لهذا حالما يبدأ الانهيار يميل الفكر للتخلّي عن مبادئه، وتميل السياسة إلى “المصالحة” والقبول بالأمر الواقع، فتطفو التسويات ويخفّ وزن التنازل، وتنتصر هلامية الأفكار والمواقف والسياسات. تتسيّد نعم وتخبو لا، وتصبح الإشارة إلى الـ “لا” هذه رجس من عمل الشيطان. لكن يمكن أن يقلب حجر كل المعادلة، فماذا يحدث لمشوار صاغته ميول كامنة، وأوهام معلنة؟
ربما كنت أوصّف مآل الصراع العربي الصهيوني، حيث بدا وكأن الفكر كما السياسة ضلّا بعيداً فأصبحا بعيدين عما يجري في الواقع، أو أن حجراً إبان هذا البعد. هل يعني ذلك بأن المثقف والسياسي قد تنحيّا جانباً؟ ربما، لكن يمكن القول بأن الانهيار قد جرفهما فأصبحا “واقعيين”، لينقلب دورهما ويصبحا بوق تبرير، و”مدحلة” تسوية، ورهط استسلام. لهذا كان إنفجار الانتفاضة لحظة فكفكة، ولوح ختام لمنطق ومناطقة. فالانتفاضة توضح بأن الجماهير لازالت قادرة على المواجهة وعلى القتال، وأنها مصممة على ذلك، وأنها كذلك تزداد جرأة وقوة، وأن كل الانهيارات التي حدثت في العقود الماضية وكل أيديولوجيا التيئيس التي تعممت بأبواق متعددة وكل الحديث عن “اختلال موازين القوى” وعن “العجز عن مواجهة العولمة والدور الأميركي المتفرّد”، كل ذلك لم يثن طفلاً عن أن يخوض معركته بحجر، وأن يصمم على خوضها حتى التراب/ الوطن. ما أشير إليه هنا هو هذا الانهيار في الحركة السياسية وذاك التراجع في دور المثقف، أشير إلى حالة الاحباط التي وصلنا إليها والتي تتعرى الآن أمام اندفاعة أطفال وشبان وشيوخ، أمام إصرارهم على مقارعة الاحتلال الصهيوني من أجل فلسطين، التي كدنا نخطئ تهجئتها لأننا أحللنا محلها كيان آخر، والتي تهنا في متاهات الحدود التي قُز›مت فيها، وعجزنا عن لمحها ونحن نحدّق في متاهات الطريق.
لهذا توضّح الانتفاضة الجديدة بأن “منطق التسوية” هش، وبأن القبول بالكيان الصهيوني ككيان “طبيعي” أمر مشكوك فيه، وبالتالي فإن منطق الصراع هو الأساس حيث لا إمكانية لحلœ ينهي التناقض إلا الحل الذي ينهي الكيان الصهيوني ذاته، لأن هذا الكيان لم يؤسس لحلّ مشكلة يهود مشردين أو مضطهدين، لكي تقنع القيادة الصهيونية بأرض يمكن أن نرضى نحن بالتخلّي عنها، إنه ليس مأوى عجزة لكي يقبل التقاسم والتعايش و”حسن الجوار” إنه مركز سيطرة تأسيس في سياق مشروع إمبريالي يهدف الهيمنة على الوطن العربي عبر إلغاء الطابع القومي له، لتعاد صياغته بالارتكاز إلى هذا “المولود” الجديد. ليصبح هو العنصر المهيمن فيه، وهو “الحاكم” له. هذه المسألة هي جوهر المشكلة، هي العنصر المحدّد للسياسة الصهيونية وأي زيغات عنها يقود إلى الضلال، إلى التيه، وبالتالي إلى الإسهام في تحققها، من هنا نحن معنيون بالتمسك بمسألتين: الطابع العربي للصراع وبضرورة الصراع، وأي زيغان لن يقود سوى إلى أن تكتمل الهيمنة ويتحقق المشروع.
المسألة تتعلق بمشروع هيمنة ومشروع إخضاع، وعلينا أن نختار بين القبول وبالتالي التحوّل إلى شراذم ملحقة، أو الرفض وبالتالي المواجهة. ولدق انجرف السياسي والمثقف في طريق بدأت بالقبول، وكما نلاحظ كانت نتيجتها الوصول إلى اختبار دقيق بين الهامشية أو التخلي عن سياسة سادت منذ السبعينات، وإذا كان الانهيار العالمي قد أسهم في هذا الانجراف ـ منذ مؤتمر مدريد ـ عبر فقدان الثقة بقيم وأفكار، وبالتالي التخلي عنها و”الانقلاب” عليها لاعتناق نقيضها التي كان ممثلوها يتسيّدون العالم، فإن لحظة الانتفاضة فجرّت “منطقاً”‚كان يعطى كل أبعاده، وأطاحت بأحلام صغيرة ومُرة، وأبانت العمق: بأن المسألة ليست مسألة أمتار نقبلها أو نتنازل عنها، وليست مسألة بشر يبحثون عن مأوى، بل هي مسألة أيّ المشاريع ينتصر، ومن هو سيّد المنطقة وأين موقعها في هذا العالم؟ هذا هو دور المثقف والسياسي، دورهما في الفهم وفي الممارسة.
الطفل يتقدم، والبسطاء الذي اعتبرنا أنهم خارج معادلة السياسة، هم الذين يصنعون السياسة الآن، وهم الذين يهدمون أكواماً من الأفكار تراكمت طيلة عقود، دون أن يلجأوا إلى تنظير أو ثرثرة، وهم الذين يؤكدون على المقدرة على تغيير معادلة الصراع دون جنرالات. فهل يؤسس ذلك إلى تجاوز القبول بالواقع، وشطب ميل السياسة نحو “المصالحة”، وميل الثقافة للتخلي عن المبادئ؟ هذا ما يجب أن يحدث لكي يعود للسياسة دور، وللسياسي فعل، ولكي يمارس المثقف مهمة هو صاحبها افتراضاً ـ والآن يجب أن نعيد النظر بمسار مرحلة كسرها حجر طفل، لكي يصبح ممكناً البدء من جديد، ولكي يشق الحجر طريقاً، فلقد انفتح الصراع من جديد، وتوضحت طبيعته، وتهدمت كل السياقات التي ابتدأ بالأوهام. انفتح الصراع وبقي أن يتوضّح دور المثقف والسياسي، /دور المثقف/ السياسي، أو السياسي/ المثقف، فالمبادئ بحاجة لأن يعاد الاعتبار لها، كما يجب إعادة الاعتبار للسياسة، للفعل السياسي. بقي أن يزال ركام الأوهام التي ملأت فضاء مرحلة وقادت إلى دمار نمط من الوعي، ونمط من العمل السياسي، بالتالي قادت إلى ترك الجماهير عارية. بقي أن يزال وهم “الواقعية”، ووهم القبول من الطرف الآخر ووهم التعايش و… الخ، ليعاد تأسيس الوعي والدور بما يطابق واقع الصراع وطبيعته، وبالتالي ليعاد تأسيس السياسة بعد عقود من انحطاطها.
الانتفاضة إذن فتحت أفق السياسة، وبالتالي ربما كان الوطن العربي يبدأ مرحلة جديدة، توحي بإمكان أن يتحقق نهوض جديد.
* * * * * * * * * *



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسية في الصراع الراهن
- تساؤلات حول الراهن السوري
- ســؤال الازمة فـي سوريــا تـجـاوز الـبـنـيـة الـشـمـولـيـة
- اليسار ومشروع النهضة في الوطن العربي
- عن الرأي الآخر الذي في السجن
- في كشف دكتاتوريتنا / في كشف ديمقراطيتنا
- المسألة اليهودية، الصهيونية والعرب
- تأملات في الدين والدولة
- ما الماركسية؟
- الماركسية، التقدم والصراع الطبقي
- الليبرالية والليبرالية الجديدة
- عولمة -الشرق الأوسط
- ورقة عمل من أجل اليسار
- تحوّلات إستراتيجية قادمة
- عراق ما بعد الدكتاتورية آليات تشكيل - العراق الجديد
- العراق من الدكتاتورية إلى الاحتلال
- عولمة الليبرالية الجديدة
- العولمة والحرب
- حروب الإمبراطورية
- هل نستطيع تقييم التجربة الاشتراكية


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - الانتفاضة والسياسة