أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - عن الرأي الآخر الذي في السجن














المزيد.....

عن الرأي الآخر الذي في السجن


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 622 - 2003 / 10 / 15 - 05:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يكن مكان للرأي الآخر، بل لم يكن هناك ما يسمى رأي، فقد كان الآخر في السجن.
(1)
كلمة رأي كانت ـ رغم فصاحتها ـ في اللا مكان، لأن الذي ساد هو الوحدانية، الواجد المجتمع عليه، النابذ للانشقاق والخروج والاختلاف، والتميز، والمؤكد على رأي بعينه. لقد أصبح رأس السلطة هو الرأي الأوحّد، الذي يقرّر الحقيقة، وكذلك يوجّدها (أو يولدّها)، وأصبح هو الرأي الذي يجب أن يُلتزم به من قبل المجموع، وأي مخالفة تفرض الطرد، والنبذ، ومن ثمّ… السجن، حتى لو كانت ملاحظة عابرة، أو انتقاداً هامشياً، فالمبدأ هو الالتزام المطلق بما يملى، وترداده دون مساءلة أو حتى محاولة للفهم.
لهذا كان طبيعياً أن لا يكون هناك آخر، فقد كان في السجن، قبل سنوات طويلة، فقط لأنه آخر، لأنه له رأي آخر. وبهذا كانت السلطة ورأيها وكذلك ممارساتها في طرف والرأي الأخر في طرف، لكنه كان شبحاً يتلقى كل الاتهامات والإهانات. ليبدو المجتمع وكأنه موحّد في "وعي جمعي"، يكرره كل فرد، قناعة (وهذا استثناء) أو كرهاً (وهذا هو السائد). وبالتالي لم تناقش سياسات السلطة، ولم ينقد الخطأ فيها، كما لم تنقذ الممارسات، مما أسهم في تفشي ما اسمي "ظاهرة الفساد"، حيث نهبت مؤسسات الدولة، واستغلت السلطة من أجل ممارسات راكمت الرأسمال لدى فئات محدودة.
بمعنى أن وحدانية الرأي المطلقة، القائمة على مبدأ الصحة المطلقة، كانت تفتح الأفق لممارسات خطرة، ألحقت بالدولة والمجتمع خسائر هائلة.
(2)
لكن تحوّلات فرضت أن يصبح ممكناً الإشارة إلى الرأي الآخر. وإلى حقه في أن يعبّر عن ذاته، وأن "يتواجد"...
حيث بدت الدولة وكأنها تعاني من أزمة اقتصادية عميقة، جرى تحميلها لـ "ظاهرة الفساد"، كما بدا أن المجتمع يعيش أزمة نتيجة انخفاض الأجور، وبالتالي تراجع المستوى المعيشي، وحيث أصبح الميل نحو الديمقراطية سمة عامة، نتيجة اتساع الفئات التي تدعو إليها. سواء من قبل فئات تسعى حقيقة من أجل تحقيقها لأنها رأت فيها مخرجاً ضرورياً من مجمل الأزمة المجتمعية، أو سواء من قبل دول تسعى لاستغلال الشفاء من أجل الضغط للحصول على مصالح هي بالأساس مصالح اقتصادية. بنتيجة كل ذلك جرى الاعتراف بـ "الرأي الآخر"، وبحقه في أن يعبّر عن ذاته…
لكن حين مارس حقه (أو بعض بعض حقه)، تبين ـ كما "اكتشفت" السلطة ـ أن الرأي الآخر، هو… آخر، وبالتالي هو مختلف، وربما ضد، أو هو ضد. ليبدو وكأن مصيبة وقعت أو أن زلزالاً حدث. فكيف يمكن للرأي الآخر أن يكون… آخر؟
هنا يبدو وكأن الوحدانية قد زُلزلت، وأن اتساق التكوين قد تخلخل، لأن آخر قد إنوجد (بغض النظر عن حجمه)، وبهذا فقد وقع الشراك، مما يقود إلى تحقق الانشقاق، و"المروق"، و"الزندقة"، وكل ما كان الخلفاء يتهمون خصومهم به.
بمعنى أن كلمة الرأي لا زالت بلا معنى، وأن كلمة آخر لا موقع لها، لأن الآخر هو أنا، وأنا هو أنا، وبالتالي ليس من أحد سوى الأنا.
لهذا، فالرأي الآخر يقبع الآن في السجن.
(3)
أليس واضحاً بأن الآخر ذاتُ لها تصوراتها وآراؤها، التي تختلف بالضرورة عن الرأي السائد؟ وأن التأكيد على الآخر يفترض بديهة القبول بالاختلاف؟ وأن الرأي لا يمكن أن يكون أوحداً إلا بالعنف؟
التعدد سمة الحياة، والديمقراطية هي شكل تنظيم هذا التعدد، الذي هو تعدد طبقي، وفئوي، كما هو تعدد في الرأي، في الأفكار والنظريات، وهو بالأساس تعدد في المصالح، وحين تقرّر فئة أن تحتكر المجتمع، ستفرض بالضرورة فكرتها الوحيدة ورأيها الأوّحد، ولن يكون سوى العنف وسيلة لذلك.
رغم كل الضغوط على المنتديات من أجل وقفها، ورغم حملة الاعتقالات، ليس من الممكن تجاوز مطلب بات ضرورياً، ويتمثل في تحقيق الديمقراطية، حيث الإقرار بحرية إبداء الرأي وحرية الأحزاب والصحافة، وحيث الإقرار بحق الانتخاب الحرّ لمجلس تشريعي حقيقي، يحدّد طابع الوزارة ويقرّر سياساتها، وحيث التساوي بين الأحزاب والأفراد. وحيث... الخ.
الديمقراطية ضرورة، ولهذا أصبح ضرورياً أن تعيد السلطة النظر في آليات سيطرتها، وفي مركز الثقل فيها. حينها سيصح هناك رأي، وآخر، ولكن يفترض ذلك إطلاق سراح رياض الترك وحبيب عيسى وعارف دليلة، وكل المعتقلين القدامى والجدد، وكذلك إطلاق سراح السياسة بمجملها، لكي يصبح للرأي الآخر موقعٌ

 



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في كشف دكتاتوريتنا / في كشف ديمقراطيتنا
- المسألة اليهودية، الصهيونية والعرب
- تأملات في الدين والدولة
- ما الماركسية؟
- الماركسية، التقدم والصراع الطبقي
- الليبرالية والليبرالية الجديدة
- عولمة -الشرق الأوسط
- ورقة عمل من أجل اليسار
- تحوّلات إستراتيجية قادمة
- عراق ما بعد الدكتاتورية آليات تشكيل - العراق الجديد
- العراق من الدكتاتورية إلى الاحتلال
- عولمة الليبرالية الجديدة
- العولمة والحرب
- حروب الإمبراطورية
- هل نستطيع تقييم التجربة الاشتراكية
- كتاب - اطروحات من أجل ماركسية مناضلة
- أية عولمة نناهض
- مع حقوق الإنسان ضد حقوق الشعوب؟!
- العراق كبوابة لصوغ - عالم جديد
- لا للحرب...


المزيد.....




- بكلمات -نابية-.. ترامب ينتقد إسرائيل وإيران بشكل لاذع أمام ا ...
- قمة حلف الأطلسي: نحو زيادة تاريخية في ميزانية الإنفاق الدفاع ...
- من هو نورمان فوستر الذي سيتولى تصميم نصب تذكاري للملكة إليزا ...
- قطر تستدعي سفير طهران بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
- قبل ساعات من الهدنة.. إسرائيل تشن غارات عنيفة على أهداف في ط ...
- ما هي جماعة -سرايا أنصار السنة- التي تبنت تفجير كنيسة مار إل ...
- إسرائيل تقول إنها -امتنعت- عن ضرب إيران بعد مباحثات مع ترامب ...
- ميرتس يأمل في التوصل إلى اتفاق في النزاع الجمركي مع واشنطن
- بعد إعلان وقف إطلاق النار.. ما الجديد في إسرائيل؟
- اجتماع حاسم لحلف الناتو.. الدول الأعضاء تتجه نحو زيادة نفقات ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - عن الرأي الآخر الذي في السجن