أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عياد أبلال - زواج المتطرفين الأصولين بين زواج المتعة والزواج العرفي، نحو مقاربة سوسيولوجية للجنسانية الأنثوية من منظور ذكوري أصولي















المزيد.....


زواج المتطرفين الأصولين بين زواج المتعة والزواج العرفي، نحو مقاربة سوسيولوجية للجنسانية الأنثوية من منظور ذكوري أصولي


عياد أبلال

الحوار المتمدن-العدد: 2150 - 2008 / 1 / 4 - 11:17
المحور: مقابلات و حوارات
    


الباحث السوسيولوجي المغربي عياد أبلال لجريدة" رسالة الأمة" (*)
- كيف تفسرون ظاهرة الزواج بدون عقود كسلوك لا يحترم القواعد المجتمعية المغربية؟
بداية للحديث عن ظاهرة الزواج بدون عقود باعتباره فعلا اجتماعيا أنومياً يشكل انزياحا عن القواعد المعمول بها في المجتمع ورفضاً لبراديغم الاجتماعي الذي يشكل نسقا من القيم والمبادئ الأخلاقية والقانونية والعرفية التي تأسست وفق إجماع مجتمعي تاريخي منسجم والمرجعية الدينية التي تشكل على المستوى المرجعي مدخلات نسق الثقافة كنسق أساسي من الأنساق التي تغدي هذا البراديغم الذي يغدي بدوره نسق الشخصية, ومن هذا المنطلق يصبح الفاعل مطوقا ومسيجا قانونياً وانضباطيا للمجتمع الذي يعمل عبر عدد من المؤسسات الاجتماعية على تعبئة الفرد باعتباره فاعلا اجتماعيا وفق خطاطة التطبيع وفق المعايير التي ارتضاها لنفسه,لأن الحديث عن ظاهرة الزواج بدون عقود يحيلنا مذهبيا على عدد من المذاهب الدينية الإسلامية والتي تختلف فيما بينها بخصوص هذه الظاهرة, فهناك من يقبلها وهناك من يرفضها رفضا قاطعا ويعتبرها حراما من وجهة نظر دينية وبالتالي فإن التعميم في هذه المسألة يصبح ضربا من السطحية والخطأ المنهجي والعلمي, فالمذهب الشيعي الإثني عشري وتحت إسم زواج المتعة يعتبر حلالا ومرغوبا فيه لتفادي الزنا والفساد, كما هو الحال بالنسبة المذهب الحنفي تحت إسم الزواج العرفي في مصر وبعض دول الخليج وفلسطين وسوريا... أما المذهب المالكي الذي يعتبر المرجعية المذهبية الدينية في المغرب, فيعتبره حراماً لأن الأساس في النكاح هو الشهرة والإعلام,ومن تم فإن مسألة عقود النكاح التي تعتبر تنظيميا وقانونيا الشرعية المؤسساتية التي تضفي عليه الطابع الشرعي, هو في الحقيقة ترجمة للمذهب المالكي, لأن غياب الشهود وعقد النكاح, يلغي شرعية هذا الإجتماع الثنائي بين المرأة والرجل الدي يجب أن يخضع لقوانين الدولة ومعاييرها وأعرفها,وكل انزياح عن المعايير والقوانين المجتمعية هو انحراف وخروج عن سلطة المجتمع الذي يستوجب الردع والعقاب, وهو شكل من أشكال إعادة التطبيع والإندماج من جديد, لكن السؤال الأساسي دائما ومن منظور سوسيولوجي ,هو كيف يتم هذا الخروج والإنزياح عن البراديغم الاجتماعي,وبالتالي تتشكل سلوكات وممارسات اجتماعية منافية وسلبية من منظور المجتمعي,شأن ظاهرة الزواج بدون عقد النكاح,ومقدماته الشرعية والعرفية؟
إن المجتمع هو في الحقيقة مجموعة أنساق وظيفية تعمل بتساند وتكامل وظيفي في حالة التوازن, وهي الحالة التي يمكن اعتبارها الحالة الماقبل بروز الظاهرة, وهكذا نجد ثلاثة أنساق أساسية:النسق الاجتماعي- النسق الثقافي- نسق الشخصية, وهذه الأنساق الثلاثة هي التي تحدد وظيفيا الفعل الاجتماعي الذي وفي حالة التساند الوظيفي والتكامل السليم تمنحنا فعلا منسجما والمعايير المقبولة اجتماعيا,إذ في حالة إي خلل من جهة نظر وضيفية في أحد هذه الأنساق فإننا نصبح أمام أنوميا اجتماعية أي سلوك منافي ومعارض لما هو متعارف عليه ومتعامل به قانونيا, هكذا إذن وباستحضارنا للمرجعية الدينية للحركات الأصولية والتي أفضل أن أسميها اليمينية المتطرفة نظرا لإرتباط الأصولية كمفهوم بالمسيحية واليهودية على المستوى الجنيالوجي,نجد ان هذه الحركات: (للمثال لا الحصر: السلفية الجهادية, الهجرة والتكفير...) تغذي ايديولوجيتها الدينية من مرجعيات أخرى غير المذهب المالكي, وتعتبر المجتمع باعتباره نظاما من القيم والمعايير على خطأ وعلى الضلال بما تحيل عليه الكلمة في القاموس الديني اليميني المتطرف , وهنا تصبح المرجعية المغذية لنسق الثقافة مختلفة عن النسق الذي يعمل به المجتمع, كما يصبح هذا الأخير لا يلبي حاجيات ومتطلبات الشخصية وهنا يحصل الخلل الوظيفي الذي تكلمنا عنه سابقا,وكلما كبرت حجم هذا الخلل وكبر حجم المسافة المعيارية بين النسقين كلما كانت الأنوميا الاجتماعية أكثر بروزا وأكثر حدة, وهنا تصبح ظاهرة من منظور السوسيولوجيا,على أن ارتباط كل من نسق الثقافة ونسق الشخصية بالنسق الاجتماعي الذي يحدد طبيعة الفعل في نهاية المطاف,يفسر علة مستوى الواقع العلائقي والتفاعلي الذي يمتح من السياسي والاقتصادي علله وأسبابه,لأن الفاعل الاجتماعي عندما يجد استحالة أو صعوبة في تلبية مطالبه الأساسية يختلق مصوغات ايديولوجية ونسقا ثقافيا لتبرير رفضه وأنوميته الاجتماعية, وما ظاهرة الزواج بدون عقود سوى دليل على الخلل الوظيفي في أداء الأ نساق الثلاثة السابقة الذكر,لأن هذه الحركات اليمينية المتطرفة والتي حتى وإن كانت ترتبط بمرجعيات ايديولوجية خارجة عن المجتمع, ونتيجة الراهن العربي والإسلامي وفق النظام العالمي الجديد , بعد سقوط جدار برلين واندحار الإتحاد السوفياتي, وبروز نظام القطب الوحيد, ومن تم هيمنة امريكا على الخريطة العربية والإسلامية وغطرسة وجبروت إسرائيل, فإنه لا يممكن فصله داخليا عن الخلل المسجل في الأداء الوظيفي لهذه الأنساق, فالنسق الاجتماعي لم يعد يفي بمتطلبات الشخصية , ونقصد بذلك المتطلبات اساسية للفاعل الاجتماعي: نتيجة الواقع السوسيواقتصادي للغالبية العضمى من المجتمع, البطالة , الفقر, الأمية, الجهل, الحيف الاجتماعية , والحكرة الاجتماعية...... وهو ما أعطى وشجع على تنامي التطرف و الإنحراف عن معايير المجتمع كشكل من أشكال الخلل في أداء الأنساق, كما أن غياب الحد الأدنى – فيما سبق, خاصة قبل 16 ماي – من الضبط والتطبيع من أجل خلق مناعة لدى الأفراد المنتمون بشكل يكاد يكون مطلقاً للهامش, وقراءة سويولوجية سريعة لفئات الإنتماء الاجتماعي للدين توبعوا في أحداث 16 ماي, بالرغم من مغالات الدولة في ذلك, العدد تجاوز 2000 تؤكد هذا الإنتماء,ضد ثقافة التطرف والإنحراف عن سلطة ومعايير المجتمع,خاصة وأن الدولة من خلال عدد من المؤسسات الإجتماعية ومؤسسات التنشئة والتاطير السياسي والاجتماعي والثقافي لم تقم بواجبها في خلق تلك المناعة وفي خلق الميكانيزمات الكفيلة بإشباع متطلبات الأنساق,بحيادها السلبي أحيانا وتشجيعها بشكل غير مباشر أحيانا أخرى لترويج وتداول مرجعيات دينية يمينية كالوهابية مثلا التي أصلا تم التعامل معها بشكل اجتراري وسطحي, وهنا أصبحت هذه الحركات في غنى عن نسق الثقافة الذي يتغدى من المدهب الديني المالكي, وهنا نشأت وبلورت هذه الحركات التمطرفة معاييرها وقيمها وخطاطاتها التواصلية وصاغت قوانيها وأعرافها الخاصة بها, ولما كانت الجنسانية قلب كل تصور ديني ومذهبي فطبيعي جداً أن تقنن وتظبط هذه الأخيرة الجنسانية الأنثوية, والمرأة وفق تصوراتها وايديولوجيتها, وما زواج بدون عقود سوى جزء من عدة أجزاء تشكل بنية تصور ورؤية هذه الحركات للمرأة والمجتمع,وهي رؤية ذات مرجعية مذهبية ذات منزع ذكوري يحاول ضبط الجنسانية الأنثوية لصالح أطر ايديولوجية تسعى إلى تعميق وتكريس دونية المرأة وقمعها رمزيا ومادياً,.
- ماهي الأصول التاريخية لظاهرة الزواج بدون عقود بالنسبة للدول العربية من جهة وبالنسبة للمغرب بالتحديد؟
في الحقيقة يمتزج المحدد التاريخي بالثقافي والاجتماعي على المستوى الجنيالوجي,فالظاهرة عرفتها شبه جزيرة العرب قبل الإسلام,كشكل من اشكال المتعة والهيمنة على الجنسانية الأنثوية, وعلى المرأة في نهاية المطاف,لكن تم نبذها مرحليا بعد مجيئ الإسلام, وبالتحديد قبل أن تعرف المنطقة والنسق السياسي الاسلامي انشقاقات وصراعات ايديولوجية بعد موت الرسول (ص) ونشوء الفرق المذهبية الأربعة الكبرى بالإظافة للمذهب الشيعي, الذي رفض إمامة وخلافة عمر بن الخطاب, وبالتالي يعتبر تأكيده على تحريم زواج المتعة, أو العرفي, أو بدون أوراق, حسب الإصطلاحات الحديثة للظاهرة, وحسب تعدد واختلاف الأماكن والثقافات والأزمنة, لاغياً ومطعونا فيه نظراً للاشرعية خلافة وإمامة علي أصلا,لذلك فقد استمرت الظاهرة وفق غطاء شرعي عند الشيعة الإثني عشرية, حتى في مرحلة النظام البهلوي في إيران على إعتبار أن ايران تضم أغلبية الشيعة, لم يستطع البهلوي تحريم هذه القضية بالرغم من عدم اقتناعه بها, نظرا لتشبت الشيعة بها,كما يقدمون الحجة على إباحة القرآن الكريم لزواج المتعة ( " والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليكم حكيما ", النساء, الآية 24 ) كما يؤكون موافقة الرسول على الآية, وهنا بقي الخلاف كبيرا بين السنة والشيعة بخصوص زواج المتعة,الذي يكون حسب الرجعية الشيعية باتفاق الرجل والمرأة على هذا الإقتران الثنائي حسب عقد خاص وبحضور شهود , أوأحيانا بغيابهما إن اقتضت الظروف , وهو نفس الشئ بخصوص الزواج العرفي في مصر وفلسطين وسوريا..وعدد من دول الخليج العربي, وهو نفسه في المغرب تحت اسم اخر هو الزواج بدون اوراق,ولو ان المبررات تختلف من دولة إلى اخرى, ففي الدول التي ذكرنا منها الشيعية, او الحنفية كمصر مثلا, يعتبر الزواج العرفي أو زواج المتعة كما في إيران مسألة مقبولة دينيا, إن كانت مرفوضاً أحيانا وغير مرغوب فيها من طرف بعض الأوساط كطبقات النسائية الوسطى والأسر الميسورة بالنسبة لبناتها, ولكن حين يتعلق الأمر برغبة الرجل فإن تصبح محبوبة ومطلوبة اجتماعياً,لذلك فهذه الظاهرة جنيالوجيا هي قديمة, وقبل الإسلام, واستمرت بعد وفاة الرسول (ص) واختلفت بين القبول والر فض بعد نشوء الفرق والمذاهب, وتاريخيا فالمجتمعات التي أقرت بإندراجها في خانة الحلال,لا تعتبرها منافية للدين , حتى وإن كانت غير مرغوب فيها اجتماعيا, أما بالنسبة للمغرب فإن هذه الظاهرة لم تبرز إلى الوجود بشكل جلي, إلا في مرحلة المد الإسلاموي المتطرف وبروز الحركات اليمينية التي تكلمنا عنها سابقاً والتي نشطت بداية التسعينيات, ولو ان جدور الظاهرة تمتد إلى الستينيات بعد التاثير بحركات الإخوان الممسلمين في مصر الستينيات, وايران السبعينيات وخاصة بعد نجاح الثورة الإسلامية ووصول الخميني إلى السلطة , 1979على ان الزواج بدون أوراق كانت تقتضيه ظروف أمنية تجعل المنتمين إلى هذه الجماعات, قبل أن تتحول إلى حركات,تتخذ إجراءات احترازية من متابعة السلطة ومن تتبعها, ومن هذا المنطلق كان الزواج بدون أوراق شكل من اشكال السرية التي يقتضيها العمل السري في حد ذاته, أما في عقد التسعينيات فإن المسألة اتخذت أشكالا أخرى ومصوغات ايديولوجية أكثر انحرافاً, إذ أصبحت هذه الحركات تعتبر الإلتزام بقوانين ومعايير المجتمع والدولة,خيانة وتطبيعا مع نظام منحرف ومدنس, ومن تم التقيد بقعود النكاح والإلتزام بحيتياته ومستتبعاته ومقتضياته أصبح يتنافى ومرجعية وايديولوجية هذه الحركات التي أصبحت تنازع المجتمع والدولة السلطة الدينية,وتحاول بسط هيمنتها وإقرار مذهبيتها اليمينية المتطرفة من خلال العمل على نشرها والعمل على كسب الأتباع والمريدين وتعبيء الجماهير ,وما هذه المسألة سوى مقدمة لعدة قضايا اجتماعية, حيث وجدت في الهامش التربة الخصبة لنشر ايديولوجيتها, والملاحظ سوسيولوجيا, هو كون هذه الزيجات بدون عقود كشكل من اشكال السيطرة على الجنسانية الأنثوية لصالح الرجل/ الذكر ولصالح الفكر المتطرف والهيمنة الذكورية التي تتكئ على فحولة متخيلة, تعتبر أن الحل الأنسب لدرء المفاسد والزنا هو التعدد , ومن هذا الباب وجدت هذه الحركات سبيلها لتحقيق هذه الفحولة مادام الرجل داخل هذه الحركات غير ملزم قانونيا واجتماعيا بما يلتزم ويتوجب على الأخرين إن أقاموا التعدد وفق عقود نكاح رسمية وقانونية, قلت هاته الإقترانات تتم من داخل الحركات نفسها وهو ما اسميه بالنكاح الداخلي الحركي المفروض, لأنه يتم كما قلت من داخل المنتمين لهذا الحركات , لأنها تقبل بذلك وتعتبره ينسجم ومرجعيتهم المذهبية, وحركي لأن المنتمين الذكور لهذه الحركات الإسلاموية بالأساس يفرضونه بشكل مراوغ واحتيالي من خلال التعبئة الإيديولوجية على المرأة التي تصبح ضحية وموضوع الجنسانية الذكورية.خاصة وأن هذه الحركات تعتبر الرغبة الجنسية للمرأة وحقها الطبيعي في التمتع باللذة الجنسية, يجب أن يكون في خدمة المقدس, أي وفق الشرع والشريعة, التي يتم تكيفها وفق ايديولوجية هذه الحركات, وكل خروج لهذه اللذه هو خروج عن المقدس ودخول في المدنس , وهم ما يتنافى ويختلف مثلا عن زواج المتعة عند الشيعة, والزواج العرفي في عدد من الدول, لأن هذه الأشكال من النكاح والإقتران الثنائي بين الرجل والمرأة, ولو أنها تتشابه إلى حد كبير, تتم بشكل كبير ومنتشر في المجتمع, وقد يأتي من رغبة اولية من طرف الرجل والمرأة على حد سواء, وهنا الإختلاف حول طبيعة الرؤية للجنسانية الأنثوية وحقها في المتعة الجنسية,دون التأثير عليها ايديولوجيا بالدين لصالح فحولة متخيلة ذكورية,تحق لنفسها التمتع بالجنس وبجسد المرأة, وتحرم ذلك على هذه الأخيرة, خاصة وأن هذا النكاح سهل الحل والإرتباط بإمرأة أخرى وهكذا, المهم عندهم هو عدم تجاوز الأربعة نساء, وهذا العدد يبقى أحيانا قائماً, ولكن بتجديد النساء, وقد كشفت لي الصدفة هاته المسألة واعتبرتها حالة استثنائية, لكن تبين فيما بعد أن المسألة معروفة في هاته الأوساط,لكن لا يجب تهويل القضية, فمع نهاية التسعينيات سوف تعرف هذه الظاهرة - من خلال الأخبار التداولة والمعلومات التي نستنتجها من خلال الإعتماد على بعض الذين كانوا قد انتموا إلى هذه الإطر الإيديولوجية, (من بين هؤلاء بعض الشباب وخاصة النساء الدين استطاعوا الإنفصال عن هذه الجماعات وقررن التخلي عن الحجاب... كما تقول إحدهن : اكتشفت بالصدفة وانا طالبة جامعية أن زوجي الذي قررنا الإقتران أنا وإياه بميثاق شرف وعهد على المصحف, انه مرتبط بنفس الطريقة مع ثلاث أخريات, منهن طالبات في جامعات أخرى..) بدأنا لا نكاد نسمع عن هذه الظاهرة, وما أشاع هذه الأخيرة للعموم هو اعتقال بعض المنتمين للسلفية الجهادية والهجرة والتكفير عقب أحداث 16 ماي, وما دون ذلك لا يعتبر ملاحضة أو تسجيلا سيويولوجيا, إذ يبدوا ان المسألة لا يمكن اعتبارها اليوم ظاهرة بالمفهوم السوسيولوجي للكلمة. كما أنه لم يفرض أي بحث سوسيولوجي مخصص لهذه الظاهرة حتي في حينها, نظرا لعدة اسباب لا يسمح المقام بالخوض فيها
- هل يمكن اعتباره هذه الظاهرة في الأصل استغلال للدين لإضفاء الشرعية على علاقة غير شرعية؟ وماهي آثارها السلبية على الأسرة, ماهي الحلول المقترحة في هذا السياق؟
كما رأينا سابقاً, لا يمكن الحديث عن إضفاء الدين على علاقة غير شرعية, فالدين الإسلامي مذاهب وفرق, ولكل مذهب رؤيته الخاصة به لهذه المسألة, فالشيعة مثلا يعتبرون زواج المتعة حلالا ومرغوب فيه لتفادي الزنا والفساد. وما وقوف الرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني أعلى سلطة تشريعية في إيران سنة 1990 في جمعة من جمعات شهر نونبر أمام جمهور المصلين في المسجد مقرا بجنسانية المرأة وحقها في المتعة الجنسية, من خلال الإقرار بزواج المتعة الذي يمكن يتساوى فيه الرجل والمرأة, دون ان تنعت هذه الأخيرة بالفسق والفساد والعهر إن هي فاتحت شخصاً في هذا الزواج, فهل يحق لنا أن نقول أن هذا الزواج الذي هو نفسه إلى حد كبير الزواج بدون عقود في التجربة المغربية, مع اختلاف في طبيعة الرؤية إلى الجنسانية الأنثوية كما شرحت لك سابقا, زواج حرام ولاشرعي, وبالنتيجة فهل الإيرانيون ليسوا مسلمين ما داموا قد احلوا هذا الإرتباط الإقتراني بين الرجل والمرأة ؟ فمسألة الشرعية وغياب الشرعية يجب أن تتحول من الجانب الديني وبالرجوع إليه إلى الجانب الاجتماعي والمدني, لأن الزواج هو إضفاء طابع الشرعية على الجنس,والشرعية هنا شرعية مدنية وقانونية تختلف من بلد على اخر, لأن الدين لم يحسم بشكل قطعي في المسألة, وهناك اختلاف بين المذاهب في هذه القضية ولا يحق لأي مذهب تكفير وتبخيص المذهب الآخر,ففي نظري فالعلاقة الشرعية هي كل علاقة تضمن الحق في جنسانية عادلة وفي متعة متبادلة بين الرجل والمرأة في إطار من الحرية في الإختيار والإقتران من طرف الجانبين دون تسخير الدين ايديولوجيا في الهيمنة والسيطرة, وفي تقنين الجنسانية الأنثوية لصالح الهيمنة الذكورية ومن أجلها, سواء كانت زواج متعة أو زواج عرفي, لكن بشرط الإنتقال إلى تحرير العقود والإرتباط مؤسساتيا في حالة وجود الأطفال منعاً لكل خلل أو تفكك للأسر, وحفاظا على أسر منسجمة ورعاية للأطفال وتربيتهم وفق رعاية أبوية كاملة, لتفادي الأثار السلبية لشكل هذا الإقتران الذي لم يصل في المغرب إلى مستوى الظاهرة على المستوى السوسيولوجي , حتى وإن كان في مرحلة معينة من تاريخه كما أسلفنا سابقاً, وبالتالي يصبح شرط الإنصات لجنسانية المرأة وإنصافها جنسيا وفق ديموقراطية وحرية في الإختيار بعيداً عن تصريف الدين ايديولوجيا لصالح الذكور كما هو الحال بالنسبة لليمين المتطرف الإسلاموي حال الحركات الإسلاموية المغربية كما اسلفنا, يصبح ضروريا,لكن عندما نتكلم عن الأسرة كمؤسسة اجتماعية ذات اهمية كبيرة في التنشئة الاجتماعية وهذا مستوى أخر من التحليل,فإنه من الضروري ان تكزن ملتزمة بالإندماج والإلتزام بالقوانين المنظمة ومن بينها العقود ومتطلبات الحالة المدنية , حتى لا تتعرض للتفكك والانحلال وما يتبعه من انحرافات ومشاكل اجتماعية, وهنا يصبح كل من المرأة والرجل المقترنين بشكل متعى أو عرفي أو بدون أوراق, مع العلم أن كل هذا الأشكال تستوجب في الأصل شاهدين وعقد شخصي بين الطرفين,ملزمين بالإقتران مدنيا وقانونيا بعقد نكاح رسمي وفق القوانين الجاري بها العمل في المجتمع, ولكن يجب حتما وبالنسبة للمستويين معاً: العلاقة الاقترانية بين الجنسين من خلال أية رابطة كانت , وأنا أتكلم عن صيع النكاح المتعددة التي جاءت في سياق حديثي كموستوى مؤسس وسابق عن بناء الأسرة, يجب أن يكون باعتراف المجتمع بمعنى أخر يجب التفكير في شرعنتها قانونياً حتى لا يقع الخلل والفوضي التي هي المدخل الساسي لإنحلال المجتمع وتفككه, وهذا في نظري ومن موقعي كباحث في علم الاجتماع, لثلاث أسباب, اولهما لتفادي الفساد والزنا الذي ينخر المجتمع ويسبب عددا من الآثار السلبية الوخيمة العواقب والتي يعلمها الجميع, والتي تكرس دونية وتهين المرأة, من خلال اعتبارها مجرد جسد فقط,يجوز فقط للرجل استعلالها جنسياً دون أخد بعين الإعتبار رغبة وحريتها, والسبب الثاني ذات الصلة هو محاولة بناء علاقات ديوقراطية بين الجنسين أساسها تساوي الجنسانية الذكورية والأنثوية,وبالتالي التخلي عن الفحولة الذكورية المتخيلة التي تجعل من التعدد الأساس والمرجعية, والثالث هو الحفاظ على تماسك المجتمع وتفادي حالات الأنوميا والإنحراف عن أعراف المجتمع وقوانينه, أما على المستوى الديني, وبالنظر إلى اختلاف المذاهب بخصوص هذا الزواج الذي هو بالنهاية اقتران ثنائي بين الرجل والمرأة,فإن الدعوة مفتوحة للمشتغلين بالشأن الديني والباحثين في هذا المجال لإيجاد السبل الكفيلة للحفاظ على تماسك الأسر من جهة ومن جهة اخرى, لإنصاف المرأة جنسانيا وليس فقط جنسياً من خلال اعتماد خطاطة علائقية بين الجنسين تتيح لكلا الطرفين الحق في الإختيار وفي التمتع باللذة الجنسية باعتبارها حاجة بيوثقافية متبادلة وليس حكرا فقط على الرجل, كما يجب التفريق بين الإرتباط الإقتراني بين الرجل والمرأة, وهذا مستوى من الإجتماع يتطلبا تحليلا سوسيولوجيا, يختلف عن الأسرة التي لا يمكن الحديث عنها إلا بوجود الأبناء, هنا يتطلب التحليل مستوى اخر ويستدعي عدداً من العوامل والقضايا التي لا تتوفر في المستوى الأول, حتى يفهم خطابنا فهمنا عميقاً ولا يساء فهمه, وأظن أن هذا المطلب لإعادة النظر في المنظومة الدينية وتجديد البحث من جديد في قضايا مستجدة من قضايا الإجتماع قد تأسس في المغرب عقب مدونة الأسرة, فيما يخص مثلا أهلية المرأة في الزواج ومنحها الحق في الولاية في الزواج بعد السن 18 السنة,بعدما كان في السابق في مدونة الأحوال الشخصية مقتصرا على الأب أو الوالي الذي يحدد ويقرر زواج البنت او الأخت... ولا يجوز الزواج إلا بموافقته, مع العلم ان المذهب المالكي يقر بولاية الأب أو الوالي ويسقطها عن المعنية بالزواج, في حين يمنحها ذلك المذهب الحنفي والشيعي,وفي ذلك ثورة حقيقية وبداية لإنصاف النساء, وتأسيس العلاقات بين الجنسين وفق منظور حداثي وديموقراطي, بطبيعة الحال في انتظار خطوات أخرى, دون أن نطعن أونتخلى عن المرجعية الإسلامية , التي يعتبر عدد من اليمينين المتطرفين (الأصوليين) الذين يعتمدون التقية منهجا واستراتيجية في العمل داخل المجتمع سياسياً, قد تم التخلي عنها بالرغم من إقرار مدونة الأسرة وفق اجماع دستوري لأن المشكل يبقى في طبيعة التعاطي مع النص الديني,الذي يتعرض دوما لأطر ايدجيولوجية تحاول باسم الدين إضفاء رؤيتها وفردها على الباقي والضحية الأولى هي المرأة , والأسرة ثانيا,وتبقى مسألة الحفاظ علة الأداء الوظيفي للأنساق المشكلة والمنتجة لنسق الفعل الإجتماعي, وهي نسق الثقافة, الشخصية و النسق الاجتماعي, حتي لا يتعرض هذا الأداء للخلل الوظيفي الذي قد ينتج انحرافات وأنوميا اجتماعية خطيرة,ولن يتم هذا إلى بمزيد من الديموقراطية, العدالة الاجتماعية, العدل في توزيع الثروات ومحاربة الجهل والأمية والتهميش والحكرة الاجتماعية,وتبقى مسألة التعامل مع الجنسانية الأنثوية بنفس المستوى والدرجة التي يمنحها المجتمع للجنسانية الذكورية , مسألة جد اساسية في هذا الأفق– وهي المسألة التي ترفضها الحركات اليمينية المتطرفة بالمغرب وخارجه على حد سواء, وما الزواج بدون عقود سوى شكل من اشكال الهيمنة والسيطرة على الجنسانية الأنثوية شعوريا ولاشعوريا, ووسيلة مربحة وغير مكلفة بشكل غير مباشر للتمتع بالتعدد وفق استراتيجية ذكورية بامتياز . وانحرافاً عن المعايير والقوانين المتعارف عليهل اجتماعياً .
* جريدة مغربية، عدد 1023 بتاريخ 15أكتوبر 2005
حاورته حسناء زوان



#عياد_أبلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزواج المبكر طلب سوسيو ثقافي جنساني وشكل من أشكال إضفاء طاب ...
- الإعلام، التنمية والجريمة في المغرب
- صورة المرأة العربية وتفكيك الفحولة المتخيلة في الخطاب السردي ...
- المجال والتحولات الاجتماعية
- السحر والشعوذة, التمثلات الاجتماعية, التطبيقات والتجليات في ...
- المرجعيات الثقافية والاجتماعية للزواج المختلط بالوطن العربي ...


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عياد أبلال - زواج المتطرفين الأصولين بين زواج المتعة والزواج العرفي، نحو مقاربة سوسيولوجية للجنسانية الأنثوية من منظور ذكوري أصولي