أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس ولد القابلة - النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 1















المزيد.....

النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 1


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 662 - 2003 / 11 / 24 - 04:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد تحدث الكثيرون عن قضية المسألة الدينية بالمغرب، فمنهم من تطرق إلى الخلفية الثقافية التي دأبت على استغلال الجهل و الفقر في هذا المجال، و منهم من تطرق إلى الاحتكار الايدولوجي للإسلام في الحقل السياسي، و منهم من اهتم بشرعنة العنف و الإرهاب و تغلغل المد الشيعي في الحركات الإسلامية المغربية، و منهم من تناول قضية الدين من زاوية منظومة إمارة المؤمنين، و منهم من حاول الدفاع على أطروحة التعددية الدينية بين المذهب المالكي و الأشعرية و الصوفية.

و الإشكالية الدينية ليست جديدة بالمغرب، تعود بعض عناصر الصراع بين الإسلام الرسمي للدولة و إسلام العموم إلى فترات متباعدة. و لعل أقربها ما حدث في النصف الأخير من القرن الثامن عشر بعد اشتداد الصراع بين الزوايا و السلطة المركزية حول النفوذ الديني. و مقابل ظهور المنافسة السلطوية للزوايا، معتمدة على السلفية (العودة إلى المنابع الأولى للدين) لجأت السلطة المركزية إلى الوهابية. و كان أول سلطان مغربي وظف الوهابية كوسيلة للنيل من شعبية الزوايا هو السلطان مولاي سليمان (1792-1822) الذي عمل على تبني انتقادات علماء الوهابية للممارسات الدينية المنحرفة للمتصوفة و الطرقية و هي الأساس التنظيمي المعتمدة عليه الزوايا. و في سنة 1811 حرر السلطان مولاي سليمان رسالة تليت في المساجد عبر أنحاء البلاد تحت عنوان رسالة ضد المواسم و البدع. إلا أن السلطان مني بهزيمة أمام الزوايا حينما لجأ إلى فرض التوازن السياسي من خلال دعمه المباشر للإيديولوجية الوهابية. و عرفت حرب السلطان ضد القبائل (معقل الزوايا) سنة 1818 هزيمة مشهودة حيث تم أسره مما فرض اللجوء إلى المصالحة الدينية و اعتماد توازن سياسي بين الإسلام الشعبي (الزوايا) و الإسلام الرسمي.

و في فترة الحماية حاول الاستعمار إذكاء نفس الصراع بين الوهابية و الزوايا لضبط خيوط اللعبة في اتجاه خدمة مصالحه و استدامة تواجده بالمغرب. إلا أنه تبين عبر التاريخ أنه كلما ابتعدت ظروف الصراع بين السلطة و جماعات الضغط الديني عاد المذهب المالكي إلى البروز باعتباره أساس الوسطية الدينية السائدة بالمغرب.

و مهما يكن من أمر يظل تناول المسألة الدينية بالمغرب مطبوعا بخاصيات ذاتية، إذ كل ظهور خلخلة في البنيات التقليدية المهيكلة للحقل الديني بالمغرب يؤثر مباشرة و بالضرورة على وظائف مؤسسة المخزن، لاسيما و أن هناك رمزية قوية مستمدة من الدين. كما أن بنية الملكية بالمغرب مرتبطة بالدين مادام هناك تداخل بين السلط الروحية و الزمنية، اعتبارا لكون الإسلام و الملكية صنعا المغرب. و كل هذا يقع ضمن واقع عام يتميز حاليا بأزمة للعقل الإسلامي و بظهور حركات إسلامية احتجاجية تسعى إلى تغيير الواقع استنادا على الدين و من أجل تطبيقه.

و هذا، في وقت يسجل فيه البعض أن المغرب يحاول حاليا أن يروم خلق حركية جديدة في الحقل الديني، و هذا ما أشار إليه البروز العلني لزوجة الملك و كذلك التحكيم الملكي في مشروع تعديل مدونة الأحوال الشخصية و قانون الأسرة.

إلا أن أحداث 16 مايو 2003 بالدار البيضاء طرحت من جديد الهاجس الأمني ضمانا لاستقرار المؤسسات، لا سيما مؤسسة إمارة المؤمنين و المؤسسات السياسية. إلا أن التصدي لجذور العنف و الإرهاب بالمغرب كشف جبهات أخرى لامناص من التصدي إليها، و التصدي إليها يستوجب أول ما يستوجبه عدم ترك المجال للهاجس الأمني ليحدد التصورات و الاختيارات و المخططات. و هذه الجبهات هي الجانب الاجتماعي و الجانب الاقتصادي و إشكالية التعليم و قضية الدين بالمغرب. و تزداد خطورة اعتماد الهاجس الأمني كأولوية في وقت أضحت إشكالية الدين مطروحة بوضوح أكثر من أي وقت مضى, سواء فيما يتعلق باحتكار الإسلام و توظيفه لأغراض سياسية أو تعلق بفصل الدين عن الدولة. علما أن النظام بالمغرب يعتبر أن علاقة الدين بالدولة محسومة في ظل تنصيص الدستور على أن المملكة المغربية دولة إسلامية و أن أمير المؤمنين مؤتمن على حماية الدين.

و من الواضح حاليا أن الملكية و الحقل الديني بالمغرب لن يكونا مثلما كان الحال عليه بالأمس، لاسيما فيما يرتبط بالنهج الجديد في التعاطي مع الحقل الديني. خصوصا و أنه منذ أن ظهر الحديث حول سياسة جديدة للتعاطي مع المساجد و الصحوة الإسلامية و الدينية، و هذا ما شارك فيه بعض الإسلاميين المقربين من المخزن. و ذلك لمحاولة التخلص من هيمنة الهاجس الأمني على تنظيم الحقل الديني بالغرب و الذي أدى إلى نتائج عكسية و مأسوية أحيانا كثيرة تعيش البلاد آثارها و انعكاساتها حاليا.و ما يعيشه المغرب اليوم في هذا المجال إلا نتاج طبيعي لسياسة وزير الأوقاف و الشؤون الدينية السابق الذي سعى لمواجهة تيار الشبيبة الإسلامية بعد أن ساهم بقوة من قبل في بروزها لمواجهة الحركة الماركسية اللينينية المغربية.

و قد تزامن تطبيق هذه السياسة في ظرف عرفت فيه عدة مدن مغربية انتفاضات من أجل الخبز و تحسين الأوضاع المادية المزرية. آنذاك بالضبط عملت وزارة الأوقاف على إرسال بعثات من الطلبة و الفقهاء إلى السعودية، و هناك تشرب هؤلاء بالمذهب الوهابي فكرا و ممارسة و قناعة، ليعودوا متشبعين بجملة من الأفكار دعوا إليها بعد عودتهم إلى أرض الوطن. و هذا ما أدى بدوره إلى تفريخ خطباء و وعاظ، لاسيما في مساجد الأحياء المهمشة، يدعون إلى مثل تلك الأفكار إلى أن بدأت البلاد تعرف ركحا دينيا متمردا غير خاضع للسلطة كما كان الحال من قبل. الشيء الذي ساهم في بروز إشكالية احتكارية الدولة للحقل الديني.

و هكذا بدأ تضييق الخناق على الحركات الإسلامية بالمغرب، لاسيما بعد أحداث 16 مايو 2003 بالدار البيضاء، و قد تم اعتقال ما يفوق 1000 شخص في إطار التحقيقات المرتبطة بتلك الأحداث، و قد امتد الأمر ليشمل بعض الأشخاص المحسوبين على الإسلاميين المعترف بهم (الإسلاميين الشرعيين).
و في اعتقاد البعض، جماعة العدل و الإحسان مثلا، فان الحديث عن مشروع إصلاح تدبير الشأن الديني بالمغرب يظل مجرد ديماغوجية، لأنه في اعتقاد هؤلاء، أن المشروع العام (النظام) يقوم، سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا، على فصل الدين عن الشأن العام، أي فصل الدين عن الدولة و هو أمر لا يستقيم مع الإسلام.

في حين يستحسن البعض الآخر مبادرة الحكومة الرامية إلى تأطير الشأن الديني عبر إرساء توافق بين سياسة الدولة و تعاليم الإسلام و الالتزام المذهبي.

و هذا في وقت تعرف فيه المؤسسات الدينية الرسمية أزمة واضحة المعالم. و لعل من أبهى مظاهر هذه الأزمة البؤس المعرفي و العلمي  - مازال الجميع يتذكر حرب البيانات المرتبطة بلعبة البوكيمون و الفتوى المرتبطة بها و قضية شرعنة القداس المقام بالرباط على أرواح ضحايا أحداث 11 شتنبر 2001 بحضور المسلمين و اليهود و النصارى-. و قد كشفت هذه الحرب بجلاء مدى التخبط الذي يطبع مؤسسات الإسلام الرسمي بالمغرب. كما أن أحداث الدار البيضاء الأخيرة أبانت هي كذلك انفلات المساجد، لاسيما مساجد الأحياء المهمشة، من قبضة الوزارة الوصية.

و يظل السؤال مطروحا :  كيف يمكن حل إشكالية علاقة الدين بالدولة في المغرب؟
فلا يخفى على أحد أن الإسلام هو المرجعية الثقافية الأساسية في تكوين الهوية المغربية، إذ بفضله تمكن المغرب من الحفاظ على استمراري ته ككيان عبر التاريخ. فالإسلام كان السند لمواجهة الغزاة و التحريض النضالي في مواجهة المستعمر. كما أن الاسلام ظل يحتل موقعا متميزا في الخطاب السياسي إذ ظل الشأن الوطني ممتزجا بالشأن الديني. إلا أنه بعد خروج المستعمر و بعد أن تتالت الاحباطات أضحى الإسلام من المستندات للتنديد بالواقع سعيا وراء تغييره. و قد تمكن هذا المد من البروز و الاتساع و الانتشار بفعل الأوضاع الاجتماعية المزرية و استفحال التهميش الاقتصادي و الاجتماعي و المعيشي لأوسع فئات الشعب المغربي التي ظل عددها يتزايد لتوسيع دائرة الفقر بمرور السنين و بفعل اتساع الأزمات المتراكمة. و بذلك أضحى الإسلام دائم الحضور في الصراع السياسي منذ منتصف سبعينات القرن الماضي.

و في هذا الصدد يعتقد البعض أن الشأن الديني بالمغرب هو من اختصاص كل المغاربة، و يجب أن ينفصل على العمل الحكومي، لاسيما استغلاله في ظرفية معينة لأغراض ضيقة. و في هذا الإطار يقترح هؤلاء ربط الحقل الديني بمؤسسة أمير المؤمنين عبر تأطيره من طرف مجلس وطني مستقل. لأن الحكومة نفسها لا يحق لها هي كذلك استعمال الشأن الديني بأي شكل من الأشكال.

و في هذا المضمار هناك أطروحة للباحثة المغربية آمال الوردي بعنوان "تنظيم الحقل الديني بالمغرب :   العلماء نموذجا". و قد استهلت الباحثة أطروحتها بالإشارة إلى اجتهاد الدولة المغربية منذ الاستقلال على استثمار المرجعية الدينية من أجل إضفاء الشرعية على اختياراتها و توجهاتها، و كذلك عبر احتكارها لكل الرموز و الشعائر الدينية و تأويل النصوص الدينية. إلا أنه سرعان ما طفا إلى السطح تناقضا واضحا بين التكوين الفقهي التقليدي لعلماء المغرب و الطابع الحديث و العصري للإدارة الموروثة بعد الاستقلال. و بذلك ذهبت الدولة في اتجاه تهميشهم التدريجي من دواليب الحكم و الإدارة و بالتالي الاستغناء عنهم و عن دورهم و عن خدماتهم بعد التوجه نحو الاعتماد على أطر حديثة ذات ثقافة عصرية مخالفة لثقافتهم رأسا على عقب.

يتبع



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يرى الدكتور المهدي المنجرة مغرب 2020
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة الأخيرة
- الحوار نهج يفتح الأبواب و لا يصدها
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 26
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 25
- أحزاب تحول دون استكمال الانتقال الديقراطي
- زيادة تعويضات النواب بالمغرب قرار حكومي يتذمر له الرأي العام
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 24
- تنحي عبد الرحمان اليوسفي ليس في مستوى مساره الطويل
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة23
- القضاء في محنة بالمغرب
- محاكمات الإرهاب - الحلقة 22
- الحرس الجامعي و حرمة الجامعة بالمغرب
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 21
- الجامعة المغربية و الحركة الإسلامية
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 20
- المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 19
- الحقيقة أولا ... الحقيقة دائما
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 18


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس ولد القابلة - النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 1