أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بركات محي الدين - الشيعة انتكاس مذهب وازدهار طائفة / ثانيا الامامة والسياسة















المزيد.....


الشيعة انتكاس مذهب وازدهار طائفة / ثانيا الامامة والسياسة


بركات محي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2102 - 2007 / 11 / 17 - 10:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الرب ينصب الفخاخ لشعبه ، والفقهاء يساعدونه في عمله هذا بتمويه الأهداف ، هو لا يرغب أن يمضي إرادته بصراحة فيستعين بهم لأجل تعمية الرعية التي تنشد الضالة ، اللف والدوران لعبة السماء المفضلة وعلينا القبول بذلك لأنها تمنحنا المزيد من الإثارة والأجر ..
هذه هي النتيجة الأولى التي يخرج بها المؤمنون بتقريرات اللاهوت الشيعي المعقد !! هذه فنطازيا دينية من الصنف الرديء ، هذا اللاهوت بدأ بسيطا وواضحا مع نشأة علم الكلام الاسلامي الذي أسسه المعتزلة في القرن الهجري الثاني ، وما لبث أن نما وتضخم طيلة قرنين ليستوي في القرن الرابع أخيرا كمذهب عقائدي شائك بفعل التراكمات التي كان يضيفها أرباب الجدل وأهل الكلام إليه ، يختلف الشيعة عن غيرهم أن فقهاءهم كانوا متكلمين أيضا فاختلط الفقه لديهم بالعقيدة بخلاف الفرق الإسلامية الأخرى كالمعتزلة والمرجئة والقدرية والجبرية وغيرها من الفرق التي كانت فرقا ومذاهب كلامية لم تنتج مذاهب فقهية كبرى مع خطورتها لأنها كانت تدرك إن الكلام شيء والفقه شيء آخر ، لذلك لن يكون غريبا أن تجد معتزليا يعمل بفقه أبي حنيفة وآخر بفقه مالك أو احمد أو الصادق ، ولكنك لن تجد شيعيا واحدا يعمل بفقه باقي المذاهب الإسلامية .قال علي بن أسباط : قلت للرضا (ع) يحدث الأمر لا أجد بداً من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه احد استفتيه من مواليك فقال : ائت فقيه البلد فأستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فأن الحق فيه ( عيون أخبار الرضا 1 : 275 ) ..
قبل معركة صفين سنة 37 هجــ كان بحر الفكر الاسلامي وادعا ورقراقا لكن كلمة مثيرة أطلقها الخوارج ( الحكم لله ) في ذلك اليوم جعلته رجراجا ومتحفزا للهيجان ، ومنذ ذلك الآن زُفَّت السياسة الفاتنة إلى الدين العفيف فكان منهما البنون والبنات ، وأخذت الفرق والمذاهب السياسية تتطلع لبناء لواهيتها الخاصة لإيهام الأتباع والعامة أنها لم تكن فرقا سياسية حسب وانما مذاهب دينية تضمن لأتباعها أنهم على المحجة البيضاء !!
ومع إن العقيدة القرآنية ( ولا أقول الفقه القرآني ) كانت واضحة منذ البداية ولم تكن تحتاج لأي تفسير البتة - وهذه هي سمة الأديان الموحدة عموما - إلا إن المفكرين المسلمين أسرفوا في تأويل العقيدة وتوجيهها إلى مقاصد معينة بفعل تأثيرات سياسية أو ثقافية أو اجتماعية خاصة بهم إلى الدرجة التي توحي إن الرب كان عاجزا عن توضيح مراده أو مراوغا في ذلك !! وقبل ذلك عاش التوحيد العالمي أبهى عصوره في صدر الرسالة وشطرا كبيرا من الخلافة الراشدة قبل أن يكون عرضة للنهب السياسي والمذهبي ،
ومن الطبيعي أن تختلف الفرق الإسلامية في صناعة البناء النظري لكل فرقة باختلاف الأسس الفلسفية المعتمدة لديها في عملية التصنيع ، فكان أصحاب الاتجاه الواقعي – كالاشاعرة مثلا – منسجمين مع التاريخ إلى ابعد الحدود فأجازوا ولاية المفضول مع جود الأفضل لسبب بسيط هو إن ذلك الشيء هو الذي حدث فعلا ، وان الأشياء التي حدثت لم تكن لتحدث لولا لياقتها للحدوث ، وان حدوثها كان يعني شرعيتها أيضا ، وان تلك اللياقة كانت عامل الحسم في دفع الأشياء من عالم الإمكان والافتراض إلى عالم الفعل والظهور، وان أية نظرية لا تتخذ من الواقع سبيلا ليست سوى مجموعة من الميول والرغائب ، أي إنهم استعرضوا التاريخ أمامهم فاستلوا منه معالم النظرية ، أما الشيعة فقد فضلوا منهجا مغايرا تماما عندما وضعوا نظريتهم قبل أن يختبروها على ارض الواقع وكانوا كلما عرضوا متبنياتها على التاريخ جاءهم الجواب إن الذي حدث كان شيئا مختلفا عما تذهبون إليه ، فكانوا مضطرين إلى العمل باتجاهين لتلافي هذا الخرق : الأول تمثل بالترميم الفكري المستديم للفجوات التي تحدث على فترات في أركان النظرية فكانت الأسس الكبرى في اللاهوت الشيعي تظهر بالتعاقب كلما دعت الحاجة لذلك وهكذا كانت الإمامة أول الأسس ظهورا إلى حيز الوجود الفكري ثم العصمة ثم التقية ثم الغيبة والرجعة ثم الاثنا عشرية ثم ولاية الفقيه ، وكان نتيجة هذا العمل إعراض الشيعة عن دراسة التاريخ الاسلامي في حوزاتهم العلمية أو اقتصار تلك الدراسة على بعض المعلومات التاريخية الطائفية أو تاريخ القضية الحسينية وبعض مقاتل الأئمة ،
أما العمل الثاني الذي جدّوا فيه فتمثل بتفسيق التاريخ من قبلهم والإعلان عن عدم براءته أو وضع تواريخ موازية خاصة بهم مثل كتاب سليم بن قيس الهلالي وكتاب السقيفة للجوهري ،
وكان من نتائج هذين العملين أن يختلف الشيعة مع مؤرخين كبار كالطبري وابن كثير ويتهمونهم بالتحريف أو مع مفكرين أفذاذ كابن خلدون الذي اتهموه بالانحراف ،
يكمن عمل بن خلدون الرائع في انه كان أول من جعل من التاريخ شيئا ذا قيمة بعد أن كان مجموعة من الخردة فأسس بذلك لما يمكن أن نسميه الاتجاه المعملي في دراسة التاريخ، وهو أول من ووضع حجر الأساس لعلم الاجتماع السياسي الذي أبدع الأوربيون فيه فيما بعد وأصبح عندهم نهجا يحتذى حتى إن المفكر الكبير نيقولا ميكافيللي ( 1469 م – 1527 م ) كتب مطارحاته السياسية اعتمادا على الكتب العشرة الأولى في تاريخ روما لتيتوس ليفي( 59 ق م – 17 ب م ) ..
إن فوضى الروايات المأثورة عن السلف – وان صحت – لاتصلح لإقامة أية نظرية دينية نهائية ، ما دام الغرماء يحملون في جعبتهم آلاف الأحاديث الصحيحة التي تؤيد دعواهم إزاء الآلاف التي تحملها أنت كذلك ، ومع إن العرب والمسلمين قد أبدعوا دون غيرهم من الأمم علما مهما هو علم الجرح والتعديل وتراجم الرجال فأن ذلك العلم بقي عاطلا مع إيثارهم عدم الاستفادة منه لتشذيب أفنان شجرة المروّيات المتشابكة واجتثاث دغلها المخيِّم ، فهم لا زالوا يقدسون صحاحهم ويحملونها على عواتقهم في كل زمان ومكان جاعلين منها صنوا للقرآن أو أكثر من ذلك !! يقول أبن كثير في تاريخه عن حوادث سنة 701 هجـ : وفي شهر رجب قويت الأخبار بعزم التتار على دخول بلاد الشام فأنزعج الناس واشتد خوفهم وقنت الخطيب في الصلوات وقرئ البخاري ( البداية والنهاية ج 14 ص 36 ) هكذا كان البخاري يُقرأ في النوازل والخطوب !! ، أما الشيعة فلديهم قول مأثور يقول ( الكافي كاف لشيعتنا ) !! مع إن الكافي عند كل إنسان يمتلك الفطرة السليمة والذوق البريء يُعد اكبر تلمود من تلاميد الخرافة والتخريب والوقيعة والتكفير بين أبناء الأمة ، ومع ما في البخاري من ترهات وقذائف تطعن بالكرامة النبوية ، إلا إن علماء الأمة لم يتجرؤوا ليتفقوا على تطهيرهما وباقي الصحاح من كل ذاك ، رغم الأذن المسبق من النبي بهذا عندما قال ( ستكثر بعدي القالة فإذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله العزيز فان وافقه فاعملوا به وإلا فردوه ) ومن الأكيد إن الذي يقصده النبي بالكتاب هو الظاهر من القرآن وليس التأويلات الباطنية الملتوية – مثلا – التي تقول إن علي بن أبي طالب هو الدابة عندما تفسر قوله تعالى ( وأخرجنا لهم دابة من الأرض ) !! وغيرها من التفاسير التي أوردها الكليني ..
ولقد مرّ دهر طويل على الحزب الشيعي كان منظّروه وقادة الرأي فيه منشغلون بتدوين الروايات الخاصة بمناقب الأئمة ومعالجتها فيما كان المسلمون يحملون الإسلام بإخلاص إلى مجاهل أفريقيا وسهوب آسيا وينشرونه هناك ،
وقد استنزفت العنعنات جهود المفكر الشيعي وأنتجت لديه فلسفة مثالية تبريرية قابعة في عوالم ما وراء التاريخ وما قبل العقلنة ، لتعترف ضمنا بعدم آبليتها للتطبيق والظهور في عالم الأشياء اليومية وتغيراته المستمرة ، حيث كانت سيرة الأئمة شيئا مختلفا عن مقررات طوبى الإمامة ، في الحقيقة كانت الإمامة وملحقاتها حلما ولم تكن نظرية ، تماما كأحلام أفلاطون والفارابي في الجمهورية والمدينة ،
أما الجهود السياسية والعسكرية للشيعة فقد انصبت على إثارة القلاقل والفتن وإعلان الثورات على الأنظمة الحاكمة ، وفي البداية كانت الأراضي القديمة للإمبراطورية ( العراق والحجاز ) مسرحا لتلك القلاقل ثم توسعت لتشمل الأراضي المفتوحة في آسيا الصغرى وخراسان مع دخول الموالي للإسلام ، ولقد وجد الموالي الساخطين على الحكم العربي الذي قضى على أمجادهم القديمة ، وجدوا في الحزب الشيعي المعارض ملاذا آمنا لتحقيق رغباتهم للقضاء على ملك الفاتحين ، ويجب أن نعترف إن بعض المبادئ والشعارات التي كان يرفعا ذلك الحزب كالعدالة والمساواة وعدم التمييز العرقي كانت مغرية لدخول أولئك المقهورين فيه ، فالتقى هوى الشيعة وأمنياتهم مع آمال الموالي ورغباتهم وذلك ما يفسر اعتناق هولاكو وقومه وبني بويه للتشيع ، وبالمقابل كانت العقائد الأصلية لتلك الشعوب كالحلول والتناسخ والرجعة والتفويض تتغلغل في الفكر الشيعي وترسم طرقها في شعابه ،

لا نريد أن نلجأ لمعمعة الروايات في تعضيد نظرية الإمامة أو نقضها لان ذلك سيولد المزيد من البلبلة ، ولأننا قررنا منذ البداية أن يكون التاريخ وحوادثه عونا لنا في هذا الشأن ، ولكن ذلك لا يمنع أيضا من استخدام بعض الروايات التي كانت مرتبطة بالحوادث ، لان تلك الروايات على هذا الشرط ستكون حوادثا أيضا ،
عندما نقرأ سيرة علي بن أبي طالب طيلة فترة خلافة شيوخ الإسلام الثلاثة قبله ، لا نجد إن الإمام الأب كان مشاغبا شغب من يؤمن بأن لديه نص الهي قاطع بالخلافة وان الأمة كانت تعرف النص وتعترف به ، وإنما كانت اعتراضاته على خلافة الأول وإجراءاتها السريعة منصبة على أحقيته بإرث عائلي بملك أبن عمه فهو اقرب الناس إليه دما وأول الناس به تصديقا وأكثر الناس عنه دفاعا إضافة إلى ما تمتع به الإمام من مواهب ومزايا ومناقب انقطع نظيرها في جميع الصحابة من المهاجرين والأنصار ، فاعتقد انه أولى الناس بها وقد كان محقا في ذلك ، ولكن حوارييه وأنصاره جعلوا من ذلك الاعتقاد فيما بعد أصلا من أصول الإيمان وركنا من أركان الدين !! سأل علي بعض من حضر السقيفة : بم احتج أبو بكر وعمر على الأنصار ، فقيل له إنهم احتجوا عليهم بأن قريشا أولى بملك النبي من غيرهم ، فقال لقد احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة ، أي انه يعني إن التسلسل في القرب سوف يفضي إليه لا محالة ، ولم ينقل لنا التاريخ إن عليا قد احتج على من سبقه إلى الخلافة بأي من الأحاديث المهمة التي يتمسك بها الشيعة لإثبات الإمامة كنص الهي مثل حديث الغدير والمنزلة والطائر المشوي والكساء ، ولكن الشيعة اعتمدوا في أخبار السقيفة وما دار فيها وبعدها على كتاب سليم بن قيس الهلالي الذي يقولون انه كان من أصحاب علي والحسن والسجاد ، وقد ثبت إن هذا الكتاب وضع في القرن الرابع الهجري ، وقد قال السيد الخوئي في رجاله عن الراوي الأول لهذا الكتاب أبان بن أبي عياش انه تابعي ضعيف ينسب إليه أصحابنا وضع كتاب سليم بن قيس ، وقال النجاشي عن سليم انه كان يتعاطى الكلام ويحضر مجلس أبي الحسين بن الشيبة الزيدي فعمل له كتابا وذكر فيه إن الأئمة ثلاثة عشر و ادخل زيداً فيهم ، وقال الشيخ المفيد عن الكتاب إن فيه خلط وتدليس فينبغي للمتدين أن يتجنب العمل بكل ما فيه ولا يعول على جملته ، وكان سبب اعتراض المفيد الحقيقي عليه هو انه جعل الأئمة ثلاثة عشر مما ينسف النظرية ألاثني عشرية ، وينطوي هذا الكتاب على الكثير من المعلومات التاريخية الفاسدة ومنها روايته إن محمد بن أبي بكر قام بوعظ أبيه وتعنيفه عند وفاته والمعلوم إن عمر محمد آنذاك كان ثلاث سنين فقط !! ومع كل هذا فان معظم علماء الشيعة ومصنفيهم يعدون ذلك الكتاب من مصادر التاريخ والتشريع ، فالنعماني في غيبته يعده أصل من اكبر الأصول التي رواها أهل العلم وان الشيعة ترجع إليه وتعول عليه معتذرا عن بعض تناقضاته بتأويلها فقال إن العدد ثلاثة عشر صحيح لدخول النبي في عدة الأئمة !! وان وعظ محمد بن أبي بكر لأبيه جاء من باب المعجزة !!
على كل حال فأن ابن أبي طالب كان مواطنا صالحا في كنف خلافة من قبله ولطالما أبدى لهم المشورة المخلصة وقدم خدماته الجليلة للدولة والمجتمع . والشيعة يعترفون بذلك أيضا بل إنهم يذهبون لأبعد من ذلك عندما صوّروه على انه كان مواطنا خانعا أيضا وهو يرى بيته يُحرق وزوجته تهان وحملها يسقط دون أن يحرك ساكنا ، وذلك ما لا يرضاه أي ديوث لنفسه فما بالك بمغوار باسل يخبرنا هو عن بطولته وإقدامه على الحرب قائلا (( ولقد نهضت فيها وما بلغت العشرين وها أنا ذا قد ذرفت على الستين )) !!! هذه القصة المريضة نقضها آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله والباحث الاسلامي السيد احمد الكاتب ...
امتنع الإمام علي مع بعض بني هاشم عن بيعة أبي بكر في بادئ الأمر وامتنع معهم بعض بني أمية ومنهم أبو سفيان بن حرب وعرض البيعة على علي وأغراه بالحرب ( هذه يد بيضاء للرجل على الشيعة فهو أول من طالب بإسناد الملك إليهم وقد سبق الأمريكان الذين أعادوا الملك لأتباع أهل البيت فلماذا لا يعترفون له بهذا الفضل ؟ !! )
هذا لا يهم ، المهم انه بعد اللتيا واللتي بايع علي أبا بكر بعد وفاة فاطمة الزهراء مباشرة ، نحن نجهل سر هذا التوقيت ولعله يكون مرتبطا بمداراة مشاعر الزوجة والحبيبة بضعة الرسول الأكرم ،ولطالما كان أمير المؤمنين حريصا على إسعادها وعدم تعكير صفوها فلم يتزوج عليها في حياتها ، وقد كانت ابنة الرسول ترى إن الملك يجب إن يبقى في بيت محمد (ص) وانه جزء من ميراثه ، والحق إنها لمشاعر إنسانية مقبولة ومشروعة لان أنظمة الحكم حينذاك لم تعرف سوى النظام الملكي القائم على الوراثة ، ولهذا قيل إن بيعة أبي بكر كانت فلتة لأنها كانت كسرا للقاعدة ،
ومهما يكن من أمر فقد انخرط علي بن أبي طالب في القواعد الجديدة للعبة السياسية عندما قبل أن يدخل ودونما إكراه في مجلس الشورى الذي انتخبه الخليفة الثاني والمكون من ستة أشخاص هم كل من علي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن وعثمان مع انه عبّر عن تبرمه فيما بعد عن اشتراكه في ذلك المجلس المصغر بقوله ( متى اعترض في الريب مع الأول حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر ) وذلك بسب انصراف الأمر عنه ورسوّه على عثمان ، وهذا القول – إن صح -ما كنا لنسمعه لو أن القرعة قد رست عليه وصار ثالث الخلفاء ، وقد جعل علي من الشورى أصلا شرعيا من أصول الحكم فقد قال لطلحة والزبير عندما عرضا عليه البيعة بعد مقتل عثمان ( ليس ذلك لكم إنما هو لأهل الشورى وأهل بدر فمن رضي به أهل الشورى وأهل بدر فهو الخليفة / الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص 65 ) ، وقال لمبايعيه أيضا ( دعوني والتمسوا غيري فأنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان .. ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم / نهج البلاغة شرح محمد عبده ص 181 ) وكتب علي إلى معاوية ( وان الشورى للمهاجرين والأنصار فإذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما كان ذلك لله رضا / الإمامة والسياسة ص113 ) ، ومن الواضح إن هذه الاعترافات تعد نقضا مبكرا لنظرية الإمامة ..
يعتمد الشيعة في نقاشهم الفلسفي المستميت في إثبات نظرية الإمامة على مبدأ اللطف ، وقد كان هذا المبدأ هو الاسطوانة المركزية التي تلتف حولها البراهين الفرعية عند العلامة الحلي الذي ساق ألفي دليل عقلي ونقلي في كتابه الشهير ( الألفين ) – وصلنا منها ألف وشيء – ، وفيها يقوم جدله على إن الإمامة لطف واللطف واجب على الله فالإمامة واجبة إذن ، ولن يحتاج المرء لكبير جهد لدحض هذه الرطانة المتهافتة ، وانما سنكتفي بطرح هذا السؤال على العلامة الحلي واضرابه فنقول : أليس من اللطف الواجب على الله أيضا أن تكون الإمامة واضحة جلية سافرة ظاهرة حاضرة نهائية حاسمة قاطعة مباحة معروفة ، وليست سرا غامضا أو أحجية عويصة أو مكافئة محدودة أو جائزة محجوبة ، لكي تكون حجة الله على الناس ابلغ وعذره إليهم أقطع ،
عند الشيعة سيكون من الهين عليك أن تبحث عن ألف نبي وتعرفهم وتثبت نبوتهم ولا تبحث عن إمام واحد !! فــــ ( أمرنا سر في سر وسر مستسر وسر لا يفيد إلا سر و سر على سر و سر مقنع بسر ) و ( إن حديثنا صعب مستصعب لا يؤمن به إلا عبد امتحن الله قلبه للإيمان ) كما نقل جابر بن عبد الله الجعفي عن أبي عبد الله الصادق ، ومثل ذلك مئات الروايات والقصص التي تظهر الإمامة ومنظوماتها الفكرية والإجرائية الباطنية كمنظومة ماسو نية غير قابلة للاختراق والمفروض إنها لطف مبذول ورحمة للعالمين ، ذُكر إن محمد بن علي بن النعمان الملقب عند الشيعة بمؤمن الطاق وعند الناس بشيطان الطاق وهو صاحب القدح المعلى في تأسيس نظرية الإمامة ، ذُكر انه سُئل مالذي جرى بينك وبين زيد بن علي في محضر أبي عبد الله فقال : قال لي زيد يا محمد بن علي انك تزعم إن في آل محمد إماما مفترض الطاعة ، قال : قلت نعم وكان أبوك علي بن الحسين واحدا منهم ، فقال زيد وكيف كان يؤتى باللقمة وهي حارة فيبردها بيده فيلقمنيها ، أفَترى انه كان يشفق علي من حرّ اللقمة ولا يشفق علي من حر النار ، قال : فقلت له كره أن يخبرك فتكفر فلا يكون له فيك الشفاعة ولا لله فيك المشيئة ، فقال أبو عبد الله أخذته من بين يديه ومن خلفه فما تركت له مخرجا ( رجال الخوئي ج 18 ص 34 ) ، وحسب هذه الفلسفة الزنبورية حُرم زيد بن علي مع كل زهده وشرفه وورعه وبذله لدمه في سبيل الله من ذلك اللطف الإلهي الكريم بينما يتمتع به ( طغام أهل الحجاز وأوباش العراق وحمقى الفسطاط وغوغاء السواد ) مابين المعقوفتين من قول لمعاوية استعرناه لبلاغته ودقة معناه .. أَلم اقل لكم إن الرب عند الشيعة ينصب الفخاخ لشعبه ؟ لقد أنفق الشيعة أطنان الورق ليثبتوا الخلافة الإلهية لعلي بن أبي طالب في الوقت الذي لم ينفق فيه الباري تعالى سوى أربعة اسطر ذكر فيها محمداً (ص) بالاسم في قرآنه مع خطورة منصب النبوة ، ألم يكن من الأولى أن يشخص علياً أيضا ليزيل اللبس ويقطع دابر الجدل ويريح الخلق ما دام الأمر متعلقا بأصل من أصول الدين لا بفرع من فروعه ؟
الإنسان مخلوق مجادل له القدرة على إثبات الشيء واثبات نقيضه في وقت واحد ، والرب يعرف ذلك لذا قرر أن يكون أمره في القضايا الكبرى كالتوحيد والنبوة والمعاد جليا وواضحا لخلقه وبعد ذلك( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ،
ليس هذا فقط فأن ادعاء الشيعة بأن أسماء الأئمة وهوياتهم كان منصوص عليها من قبل الرسول وإنها كانت معروفة لدى العامة هي ادعاءات واهية لا تصمد أمام أي نقد ، فأن الشيعة غالبا ما كانوا يدخلون في حيص بيص بعد وفاة كل إمام وتعيين من يخلفه وكانوا يتوزعون أيادي سبأ خلف كل ولد من أولاده ، فنشأت الفرقة الزيدية والإسماعيلية والفطحية والمحمدية والجارودية ،
و ربما كانوا يلجئون أحيانا لبعض الاختبارات البدائية كالمعاجز والكرامات ووجود السلاح – سلاح الرسول- لدى المدعي ومن الطريف في هذا الشأن ما رواه بن بابويه ألقمي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا قال : قلت لعبد بن جعفر ( الافطح ) أنت إمام فقال نعم ، قلت : إن الشيعة تروي إن صاحب هذا الأمر يكون عنده سلاح رسول الله (ص ) فما عندك منه فقال عندي رمحه ، ولم يُعرف لرسول الله رمح ( الإمامة والتبصرة لابن بابويه ص73 ) ، فهذا المسكين لم يكن يعرف ما كان يحويه مشجب رسول الله من أسلحة ولو أنه كان أكثر ذكاءً ومهارة لأخرج للسائل سيفا صدئاً ولتم تسجيله كأمام مفترض الطاعة ،
عندما نقول إن الإمام علي وبعض أولاده سعوا للوصول إلى السلطة واجتهدوا في سبيلها ، فأن الشيعة يعتبرون ذلك شتيمة مع إنهم يعتبرون الخلافة أصلا من أصول الدين يكفر من لا يعترف به!!الشيعة ينقلون عن علي قوله ( إن دنياكم هذه عندي ازهد من عفطة عنز ) لكن ثمن تلك العفطة كان باهظا أيضا ، فقد كانت السنوات الأخيرة من عمره الشريف نهاية غير موفقة لرجل مثله حيث انهمك فيها بحروب أهلية دامية راح ضحيتها أكثر من مائة وعشرين ألف مسلم ، ومنذ ذلك الحين دخل المسلمون نادي الحروب الأهلية ولازالوا أعضاء نشطين فيه لحد الآن . ولقد أدرك الإمام الحسن بن علي هذه الكارثة جيدا فآثر الصلح والسلامة واستجلب لنفسه بذلك سخط الكثيرين من الشيعة حيث كانوا يخاطبونه بــ ( يا مذل المؤمنين ) ولا زالوا يعتبرون عمله المخلص ذاك عملا غير صائب !! , وقد ذهب الحسين شهيداً في مشهد مروّع نتيجة لمؤامرة كبرى قام بها شيعة العراق عندما كتبوا إليه بالإمارة والخلافة وأغروه بالمجيء إلى الكوفة ، حيث أبدى ندما على ذلك وعرض على جيش العدو في اللحظات الأخيرة أن يرجع إلى المدينة أو يذهب للجهاد في بعض الثغور ،
إن الإمامة التي يؤمن بها الشيعة كركن أصيل من أركان الإيمان تجعل كل من لا يقرُّ أو يتحمس لمقرراتها من المسلمين كافرا وخاسئا في نار جهنم فـ ( لو أن عبداً عبد الله ألف عام ثم لم يأت الله بولايتنا أهل البيت لكان حقيقا على الله أن يكبه على منخريه في نار جهنم ) وتجعل كل من اقرّ بها . من أهل الجنة والكرامة وان كان فاسقا أو مجرما ، يا أيها الفاسقون لا خوف عليكم ولا انتم تحزنون ، هكذا قرر الكليني والمفيد والطوسي وألقمي وغيرهم ، لكن الذين آمنوا يعرفون إن أئمة أهل البيت الأطهار كانوا من ذلك الرعيل الأول من رجال الأمة الذين نفروا للتفقه في الدين والذين قال عنهم الباري تعالى ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) التوبة 123 ، فلا حرج على المؤمن أن يأخذ فقهه من الصادق أو الكاظم أو النعمان أو مالك أو السيستاني أو اليعقوبي أو القرضاوي أما الدين واصله فليس مما يُجتَهد فيه ويُفتى فقد بت الله في أمره فيما بين الدفتين فلا مراء فيه ولا جدل ، وأما السياسة فتلك أيام الله يداولها بين الناس كل حسب مهارته وربما نذالته ،
عندما أثرت كل هذا ما كنت طالبا للتنكيل والإثارة ولكنني وجدت إن نفوسنا المألوسة لا زالت تقتات على تلك الازواد ثم تتقيأها دما عبيطا كل يوم في مدننا الخربة .. شكرا

بركات محي الدين
مفكر وباحث عراقي
[email protected]





#بركات_محي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيعة ....انتكاس مذهب وازدهار طائفة
- تهافت الفقهاء .. قضية الرق نموذجا
- المعجم الوجيز في اوهام عبد العزيز
- 555 ناقص5 / القسم العاشر من تاريخ التفخيخ
- رقسة نهاية الاسبوع/ القسم التاسع من تاريخ التفخيخ
- موسم صيد الآيات/ القسم الثامن من تاريخ التفخيخ
- موسم صيد الآيات/القسم الثامن من تاريخ التفخيخ
- المرجع المدرع/ القسم السادس من تاريخ التفخيخ
- ذو الرئاستين دجّال يحظى بثقة الطائفتين.. القسم السابع من تار ...
- المرأة ..الهة سرق الرجال عرشها بالخديعة
- اوربا واعدة اعمار الفلسفة
- ديمقراطية الاسلام..بين ولاية الفقيه وامارة السفيه
- تاريخ التفخيخ ..من مدونات اللعن حتى البهائم المفخخة .. الاقس ...
- العراق الديمقرا-ديني.. تطلع خفي نحو الديكتاتورية


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بركات محي الدين - الشيعة انتكاس مذهب وازدهار طائفة / ثانيا الامامة والسياسة