أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فادي نصّار - عالم مختلّ














المزيد.....

عالم مختلّ


فادي نصّار

الحوار المتمدن-العدد: 2096 - 2007 / 11 / 11 - 11:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تبقى في العالم زهرة واحدة، وحمامة سلام واحدة, وامرأة واحدة تستحق التقبيل فأسرع اليها, لأجدني بلا شفاه, بلا صوت, وحتى بلا قلب، في عالم يحاول يوميا أن يسحق انسانيتي، ويعاملنني وكأنني رقم من بين ملايين الأصفار العربية العالمثالثية، التي تنام ذاكرتها ريثما تستقيظ, وتستيقظ عندما تنتهي وسائل الاعلام من بثّ سمومها العاهرة المسلية. ملايين لديها عقدة الجنس وعقدة الذكورة وعقدة التحرر وعقدة التديين وعقدة القبل وعقد لاتنتهي الا بلا اله الا الله. تلك الارقام تستيقظ على نشرة أحوال الطقس لانها سئمت من طقوس الحروب والمرارات والمجاعات والحرمان والتشرد المتنامي في ظل اقتصاد معولم مسيحه يهوة العاشق لسفك الدماء, ملايين كرهت كل من يذكرها أو يحذرها من مستقبل البشرية المجهول، وأدمنت بدلا منها برامج الإغواء بكل أشكاله وتلاوينه وتدرجاته، نعم أدمنته مسكوباً في بوتقة اللامبالاة المميتة.. أصبحت أكثر وحشية من أسلاف أسلافها. نعم في هذا العالم أصبحوا ينظرون الينا كأرقام ونحن نسألهم كلما ذهبنا الى كنيسة او مسجد كلفة جدرانه الاسمنتية والرخامية ملايين وملايين وعدد المصلين فيه لايتجاوز أصابع اليد نسألهم: والفقراء إخوتكم????? عندما يقتل الأخ أخاه.. عندما نتجرد من فعل الانسان وحسِّه فينا نحن البشر الذئاب وعندما نشعر برهبة الموت ونتذكر الله نسألهم: هل الله يحضر مع الموت??? عندما تسأل ولايجبيون, تظن أنها بداية نهاية الحضارات التي قامت على دفء العلاقات بين الناس. والملايين المهمشة تحلم بتسونامي يهز الأرض، كابوس مرعب سببه التجارب النووية الاخيرة في قاع البحار الآسيوية، نعم كابوس يحضرنا بتسونامي مرعب فظيع. الا اننا وهم أيضا لن تسعفنا الثواني لجمع أزواج أزواج من الكائنات كي نرسلها للشيخ البحار نوح الحكيم.

عندما يرهبني أن أكون معارضاً لسلطة بلادي فيحترق قلبي وقلب أمي وأخوتي في نفي قسري، ومثله السجن، وأن أكون عضواً في حكومة معرّضاً للاغتيال.. وصحفياً مغامراً يهدده الإرهابيون الملتحون بدين لايرون منه سوى بقعة ظلام دامس تمحو كل أنوار التحرر والمحبة والتسامح، وان أكون عالماً مسلماً مجتهداً فأهدَّد بالتكفير ويراق دمي ويسلبون مني زوجتي.. وان أكون مسيحياً زرادشتياً موسويا شيطانياً ملحداً من أقليات الأمة تطارده التفرقة والإبادات والتهجير.. عندها أسألهم كيف يمكن أن يكون المرء طبيعياً في عالم مختلّ.. كيف يمكن أن أصطحب زوجتي ورفاقي الى رحلة يرقصون يتكلمون يضحكون ملء القلب معبرين عما في داخلهم من حب وشجون دون حواجز وحدود. عندما ترسل ألف رسالة أو يرسلون لك مثلها فتعلق في أجهزة الأمن المركزي لانها ذيلت بكلمة حرية.. عندما تقرر العودة لحضن أمك الحنون وصحبة الأصدقاء ورفاق الدرب فيستقبلك زوار الفجر بتهمهم الجاهزة.. عندما أحلم بطفل ثمرة حياتي ويحلم طفلي بلعبة، بهدية الميلاد فأكذب عليه بأن "بابا نويل" قد مات بحادث سير، بسيارة ابن أحد منظري اقتاد السوق الاجتماعي (لأني لا أملك ثمن الهدية). عندما يقولون في الصحف للملايين المنحدرة نحو عمق الهاوية أن شدوا الأحزمة ويتلونها بكلمات مثل رمضان كريم ـ فصح مبارك ـ ميلاد وأضحى مجيدين وتستمر الخمس نجوم في الملاهي الليلية بالشذوذ متربعة على رأس الهرم المكون من شعب الله المرتاح. عندما نوجه سهام الكراهية لرفاق الأمس وتهمة الخيانة جاهزة لمن لايقف في الصف المناضل. عندما تطالع كتب الحب واشعاره فتجد أصدقها وأرقها ما كتب بالعربية وتواجه في الصفحة الاخيرة لكل صحف الوطن عنواناً بالبنط العريض (جريمة شرف أخرى). عندها نسأل في أي زمن نحن.???? زمن فيه ديمقراطيات واحزاب وحريات، ولكن مايزال هناك عبيد وسجناء رأي وتجارة رقيق ونساء مهددات بالختان والوشم والقتل. زمن وصلت فيه عبقرية الانسان الى ما لانهاية الابداع من فن وأدب وموسيقا وعلم ورقص.. زمن فيه مايزال الناس يحتكمون لفتوى رجال الدين... زمن كل شيء قابل للبيع والشراء و"معك قرش بتسوى قرش". زمن "كل مين إيدو إلو"، و "ألف عين تبكي ولاعين أمي تدمع". و "ياليل ياليل ياعين".. زمن "ماحدا في ماشي والماشي فيه مابيعرف لوين ماشي"... وألله ينجينا من الآتي.



#فادي_نصّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيمياء الحنين
- موانئ الذاكرة
- تراتيل


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فادي نصّار - عالم مختلّ