أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - ألدور الرجعي لتشويه وعي الذات القومي















المزيد.....

ألدور الرجعي لتشويه وعي الذات القومي


خليل اندراوس

الحوار المتمدن-العدد: 2075 - 2007 / 10 / 21 - 10:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حيوية كل أمة، ودورها التاريخي، وفعاليتها الايجابية في بناء حضارة إنسانية متقدمة ومنفتحة على حضارات الشعوب الأخرى، تتناسب طردا إيجابيا مع طابع ومستوى وعي الذات القومي بالمعنى الواسع للكلمة.
ولكن في المجتمع الطبقي، كل طبقة ترسم مناهج ومفاهيم، وأساليب سياسية متغايرة في تربية وعي الذات القومي. الطبقة الرأسمالية الاستغلالية، تعمل دائما على تشويه وعي الذات القومي، بحيث يسهل عليها تقديم مصالح الطبقات الإستغلالية الأنانية، وغير الإنسانية، والمتوحشة، على أنها مصالح قومية، تعني الأمة بأسرها، ولكن هذا التشويه لا ينسجم مع المصالح القومية التحقيقة، بل يخونها ويهمشها وحتى ينفيها أمام المصالح الطبقية لرأس المال.
فالطبقة الإستغلالية من خلال وسائل الإعلام، والأطر السياسية التي تحتلها، وفلاسفتها، ومنظروها تخلق الإجواء الشوفينية، العدوانية عند هذه الأمة او تلك بهدف التحكم بعمليات إدراك الأمم، وفي رسم سياستها إستنادا الى مشاعر العصبية القومية العنصرية وهذا ما يحدث في أمريكا، وخاصة إسرائيل ربيبتها.
فكما كتب إنجلز "البرجوازي الذي غطس حتى أذنيه في مستنقع اوهامه الطبقية، يبذل كل ما في وسعه، لكي يُفَصّل المجتمع كله على مقاسه، لكي يُخضِع كافة أفراد المجتمع لمعاييره".
وما قاله إنجلز قبل أكثر من 150 عاما يتطابق مع ما تفعله الطغمة الرأسمالية العدوانية من المحافظين الجدد في أمريكا وما يفعله حكام إسرائيل تجاه الشعب الإسرائيلي وشعوب المنطقة.
وتمثل العصبية القومية، أي إستبدال وعي الذات القومي بالوعي الشوفيني، أداة لا بديل لها في تشكيل النزعة الكونفورمية البرجوازية. وهذا ما يحدث الآن داخل المجتمع الامريكي والإسرائيلي، من حيث تعميق المفاهيم العنصرية والشوفينية والعدوانية، وتحولها الى مفاهيم وأنماط حياتية تعكس نمو وإنتشار، وعمق، الوعي الشوفيني الجماعي لكل من المجتمع الأمريكي والإسرائيلي.
وينبغي التأكيد على أن أيديولوجي البرجوازية يستغلون النقص في معالجة المشكلة النظرية الخاصة بالعلاقة بين وعي الذات القومي وبين النزعة القومية، أفضل استغلال.
فمن التاريخ نستطيع أن نذكر تشويه وعي الذات القومي على يدي الفاشية الهتلرية، وما يجري اليوم من تشويه الذات القومي على أيدي الصقور السياسيين الأمريكان وعلى رأسهم بوش، في إسرائيل من نتنياهو الى براك ومن أولمرت الى رامون الذي رفع شعار قطع الكهرباء والماء عن قطاع غزة وفرض الحصار الكامل على أكثر من مليون ونصف إنسان، هذا النهج البربري الذي يلقى كل الدعم من ساسة البيت الأبيض، الذي يدعي ويشوه الوعي الجماعي للناس بأنه يريد ان يبني مجتمعات ديمقراطية في الشرق، بينما أساس ومبادئ السياسة الأمريكية عامة وفي الشرق الأوسط خاصة، من خلال أيضا دعمها المباشر لسياسات حكام إسرائيل، ترتكز على استعمال أبشع أساليب العنف والقتل والتشريد والتعذيب. لا شك بأن قمة الديماغوغية الإجتماعية السياسية في خداع الأمريكان وأيضا في إسرائيل وصلت ذروتها في ظل حكومة ريغان والآن في ظل حكومة بوش الابن، والذي بين فترة ٍ وأخرى ينكشف كرئيس دولة عدواني مستعمر، جاهل، ولكن بوحشية شوفينية عنصرية يمارس سياسات يدعي بأنها تخدم الامة الامريكية ولكنها على ارض الواقع تخدم فقط الزمرة الحاكمة المحافظة الصهيونية المسيحية في البيت الأبيض، طغمة رأس المال.
وكذلك في إسرائيل تعبئة شعب إسرائيل بمفاهيم شوفينية عنصرية بداية من مقولة "شعب الله المختار" (وما الفرق بين هذه المقولة ومقولة الروح الشوفينية النازية التي رفعت شعار "الامة الألمانية فوق كل شيء") الى شعار أرض إسرائيل الكبرى، أيضا تخدم المشاعر الشوفينية وتشوه الوعي الجماعي للمجتمع الإسرائيلي لكي يستمر في نهجه الرافض لتقبل الآخر وبناء السلام العادل في المنطقة خدمة لأسياد رأس المال في أمريكا.
فترويج استعمال القوة، صباحا ومساء في وسائل إعلام الغرب وإسرائيل يساعد على تقديم السياسات الخارجية لأمريكا وإسرائيل الى شعوب هذه الدول، بحيث يبدأ معها الصوت الباطني، لكلا المجتمعين الأمريكي والإسرائيلي وخاصة المجتمع الإسرائيلي الذي يعاني من "بسيخوزا إجتماعية" وليس فقط تقبل، بل تعمل من اجل المطالبة التدريجية باستخدام القوة.
إستمرار هذه السياسة سيؤدي في النهاية الى كارثة قومية، ليس فقط لدى الشعوب المعتدى عليها (أفغانستان والعراق، وفلسطين ولبنان، وعلى اللائحة إيران وسوريا) بل أيضا والى كارثة قومية إسرائيلية أمريكية، تغير الخارطة السياسية العالمية. لذلك من واجب كل محبي السلام في العالم وخاصة في اسرائيل، طرح البديل الانساني الوحيد لكل شعوب المنطقة وهو السلام العادل فسلام الشعوب بحق الشعوب.
فحشو مرادك الجماهير الشعبية الواسعة بتصورات باطلة عن مصالحها القومية، وتشكيل الوعي القومي المتعصب والشوفيني على هذه الأرضية، نهج، تسير عليه البلدان الإمبريالية الأوروبية الأخرى أيضا. وعلى أساس هذه السياسات تبرز معاناة الأقليات العرقية المختلفة في أوروبا وخاصة الأقليات المسلمة، واقليات شمال افريقيا، وما انتفاضة الأحياء الفقيرة في فرنسا قبل أكثر من سنة إلا تعبير عن تهميش هذه الأقليات ومعاناتها في مجتمع رأسمالي إعلام غربي عنصري شوفيني.
أما في أمريكا فبلغ تشويه وعي الذات القومي حدا خطيرا، فالإعلام الأمريكي الرسمي يفسر كل أعمالها العدوانية الوحشية الإستعمارية على أنها ضرورية من اجل الدفاع عن المصالح القومية للولايات المتحدة الأمريكية. وتتسع دائرة هذه "المصالح" لتشمل احتلال أفغانستان والعراق، والدعم اللا محدود لبربرية الإحتلال الإسرائيلي،وكذلك خنق بلدان أمريكا الجنوبية بالديون الثقيلة، وقتل الملايين بمرض الإيدز في افريقيا من خلال منع الشركات المحلية منح أدوية رخيصة لعلاج صنع المرض من اجل الحفاظ على الارباح الخيالية لشركات الأدوية الأمريكية، وإفتعال الحروب المحلية، والتوسع في ميدان الثقافة على حساب ثقافات الشعوب الأخرى وحتى اغتيال الحياة الإنسانية نفسها من خلال سياسات سباق التسلح. وعدم الحفاظ على البيئة وطبقة الاوزون، وقد وصلت الديماغوغية الإجتماعية السياسية في خداع الأمريكان والعالم في فترة بوش "الصغير" وإدارته المجرمة ضد الإنسانية الذروة.
ويمارس جهاده الفكري الرأس مالي تسميم مدروس لنفسية الناس ويخدرون وعي الذات القومي لديهم بالأفكار الشوفينية، مثل "التفوق الأمريكي" و "الرسالة العالمية للأمة الأمريكية" وحتى استغلال اسم الرب، مثل الشعار المألوف "GOD BLESS AMERICA" (أيها الرب بارك أمريكا)، وحتى بوش إدعى بأنـّه تحدث مع الرب أو شاهد الرب، قبل احتلاله للعراق، وكذلك فعل رئيس حكومة بريطانيا بلير.
فمن خلال هذه الخرافات الديماغوغية يتمكنون من شد أغلبية الأمة الى عجلتهم السياسية العدوانية، وبهذا يتسترون على دورهم في اشاعة هذه الكونفورمية، ليتشدقوا بخصوصية التكوين النفسي للأمة الأمريكية وليطرحوا سياستهم على أنها مطالب للروح الأمريكية.
فالاحتكارات الرأسمالية العابرة للقارات من خلال الإعلام الغربي الرسمي تسعى دوما لتوظيف الأمة كلها في خدمة مصالحها الأنانية، معنية الى أقصى حد بتحسين وتطوير الآلية الخفية لتشويه وعي الذات القومي.
وقد أحرزت الإمبريالية الأمريكية قصب السبق في هذا المضمار. فالولايات المتحدة الأمريكية تحاول أن تملي على الأسرة الدولية أطماعها في أن يكون لها وضع استثنائي ورسالة تاريخية خاصة. بهذا وحده يمكن تفسير تطلعاتها الإمبراطورية الخاصة "بمناطق المصالح الحيوية" و "بحق التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى" و "مكافأة" أو "معاقبة" الدول والشعوب المستقلة وفقا "لرغبة واشنطن وهذا ما يجري" من ممارسات عملية، خاصة، في منطقة الشرق الأوسط، ضد إيران وسوريا،وقوى المعارضة في لبنان وعلى رأسها حزب الله، وكل من يناضل ضد الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية في الشرق الأوسط.
ولقد استطاعت أمريكا من خلال تشويه وعي الذات القومي الأمريكي أن تحول الصراع بين مصالح الإحتكارات الأمريكية ورأس المال الغربي،وبين مصالح الشعوب والطبقات المستغلة الى صراع بين الأمم وبين الأديان، وخاصة صراع ضد الإرهاب الإسلامي، بينما في الحقيقة، الإرهاب الرسمي تمارسه أمريكا وإسرائيل ضد شعوب الشرق بغالبيتها المسلمة. هذا لا يعني بأننا نؤيد الإرهاب الفردي، بل نؤكد بأن الإرهاب الفردي غير المجدي يساعد أمريكا وإسرائيل في عملية تشويه الوعي القومي لشعوبهم.
ومن هنا علينا كماركسيين، نحمل فكرا ثوريا جدليا، أن نتفاعل مع الموضوعات السياسية المطروحة بفكر منفتح، وجدلي، آخذين بالحسبان، بأن ظروف المجتمع الرأسمالي الطبقي تولد مشاعر ومفاهيم ومدارك قومية مشوهة، فضلا عن التأجيج المصطنع لهذه المفاهيم المشوهة من قبل مجمل مخزون الاعلام الرسمي، والثقافة الرسمية، والفكر البرجوازي الرسمي من دعاية تخدم الطبقات البرجوازية الرأسمالية السائدة خاصة في أمريكا وإسرائيل.
ولكن على القوى التقدمية الحقيقية وخاصة من يحمل الفكر الثوري التقدمي الماركسي اللينيني، أن تعتمد فقط على النهج والفكر والمشاعر القومية التي تعكس المصالح القومية الحقيقية، من خلال تحرير وعي الجماهير الشعبية الواسعة وخاصة الطبقة العاملة، من ثقل، وتشويهات العصبية القومية الشوفينية البرجوازية الكبيرة منها والصغيرة.
فالوعي الذاتي القومي لا يعكس المصالح القومية الحقيقية لهذه الأمة أو تلك إلا عندما يتحرر هذا الوعي من مشاعر العصبية القومية، ويتشبع بروح النظرة الأممية الإنسانية.

(كفر ياسيف)



#خليل_اندراوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألمسألة الأساسية في الفلسفة
- ألحزب الشيوعي والجبهة وتحدّيات المرحلة الراهنة
- ما أصعب أن يعيش الإنسان بدون حلم
- مداخلة في نقد الخطاب والفكر السلفي
- مداخلة حول رسالة الحزب الشيوعي التاريخية .
- مداخلة حول رسالة الحزب الشيوعي التاريخية
- ألعلاقة الجدلية بين الدمقراطية والرأسمالية
- أنصار الدولة الكهنوتية الاسلامية
- عملية السلام وبسيخوزا المجتمع الاسرائيلي
- دور اليسار في مكافحة هيمنة رأس المال
- البديل الإنساني الوحيد
- ألصهيونية المسيحية - دين في خدمة العنصرية ورأسمال
- ألثورة العلمية والتناقضات بين العمل والرأسمال
- حول الطائفية والعودة إلى السلفية
- علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي
- إمبراطورية الشر - من وجهة نظر ماركسية
- بعض ملامح مملكة الحرية - مجتمع المستقبل


المزيد.....




- رفح.. العدو على أبواب مصر
- “أمن الدولة” تجدد حبس معتقلي “بانر التضامن مع فلسطين” 15 يوم ...
- طلاب العالم اتحدوا ضد الصهيونية وداعميها الرأسماليين
- غزة: السابع من أكتوبر في المنظور التاريخي
- بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قض ...
- الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج ...
- العدد 555 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجيش التركي -يحيد- 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف ...
- اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - ألدور الرجعي لتشويه وعي الذات القومي