|
الطائفية.. الجاثوم السياسي في بيوتنا!
بدر عبدالملك
الحوار المتمدن-العدد: 2037 - 2007 / 9 / 13 - 11:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يشكل المشهد السياسي اليومي في مملكة البحرين، واحدا من أهم المشاهد الإقليمية والعربية لمسألة التجربة الإصلاحية والديمقراطية الوليدة، وعلى الرغم من مرور سبع سنوات على التجربة الإصلاحية، فإن المتمعن في ذلك المشهد، يجد ركاما هائلا من القضايا والملفات التي ماجت بقوة في بعض الأحيان، وتجاذبتها التوترات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني، الحديثة في تجربتها العلنية، تجاورها وتلازمها حركة الجمعيات السياسية التي خاضت منذ ولادتها »العلنية« في العديد من القضايا، وساومت عليها كثيرا وزايدت بأوراقها بروح طائفية لدى ضفتي النهر الطائفي العارم، سواء إن كان ذلك في داخل المجلس النيابي أو خارجه. تلك الملفات ربما خطورتها وأهميتها تتعلق بجزء من شريحة مجتمعية أو قضية وطنية قابلة للنقاش والمعالجة، ولكن ثمة قضايا من المهم أن يتم تداولها ليس بعجالة ومجاملة سياسية عابرة، وإنما بروح من الثقة والتعاون والإدراك الوطني للمصالح العليا لوحدة الوطن واستقراره، فمعضلة الطائفية تفوق كل المشاكل بل هي أم المشاكل، فمن خطورة تلك المعضلة أنها كلما اتسعت جروحها واستشرت كمرض سرطاني فإنها تصيب أهم جانب من حياتنا السياسية الا وهو مسألة الوحدة الوطنية كنسيج مهم للسلم الاجتماعي وديمومة العلاقات الحياتية اليومية التي نعيشها في كل زاوية من زوايا حياتنا. فالآباء ومرحلتهم عاشوا تجربة الغوص ثم انتقلوا للعيش المشترك في شركة بابكو، فكانت هناك تنسج لحمة العمل اليومي بين الطوائف في ظل الشركات الأجنبية ومرحلة الاستعمار. وعلى الرغم من طبيعة هذا المناخ السياسي وتعقده الذي نفضل معالجته في مقالة أخرى، خلق بذور الطائفية كجزء من ثقافة وسياسة المستعمر، ولكن حركة الهيئة في حينها كانت معنية بتوجيه شعبنا، بكل نسيجه القومي والطائفي والاجتماعي نحو عدو مشترك هو الاستعمار بهدف انجاز مشروع التحرر الوطني والاستقلال، وكانت مسألة الوحدة الوطنية من مرتكزات الهيئة الأساسية في تلك الديناميكية السياسية الجماهيرية. اليوم ونحن نحاول تسليط الضوء على هذا الجاثوم السياسي الراهن، لا بد وان نرفع »قبعاتنا تحية« إلى الأستاذ حسن الجشي، عندما كتب حينها مقالته بعنوان »الطائفية علّتنا الكبرى« وهو بذلك كان يعبر عن تضخم حالة الطائفية كمعوق وطني أمام تماسك واندفاع وتلاحم الهيئة، وإلا لما وصفها بالعلة الكبرى، فقد كانت يومها علل كثيرة تواجه الهيئة والمجتمع البحريني، غير أن الطائفية يومها عششت بين جوانب المجتمع البحريني وأطلت برأسها، حين لامسها الجشي بحساسية وطنية من داخل المؤسسة العائلية والثقافية والاجتماعية والطائفية؛ فهو جاء من صلب تلك البنيات والتركيبات المتداخلة، لهذا عبر بمقالته كصوت للهيئة أولا وضمير للحركة الوطنية بامتدادها الشعبي أخيرا التي مسكت بخيط من خيوط المعضلة، فكـان على رئيس تحرير »صوت البحرين« أن يقول كلمته التحذيرية ويقرع جرسه منذرا، حيث تصاعدت أنفاس الطائفية وأطلت برأسها ودائها الخبيث، وكادت أن تشق وحدة الشعب، لولا اليقظة السياسية يومها في وعي الحركة للأهداف والوسائل والقوى المحركة، وبوجود قيادة وطنية دينو - سياسية قادرة على الالتفاف الشعبي والسياسي لكل ظاهرة سلبية تنبع داخل الواقع البحريني. وإذا ما كانت الطائفية في الخمسينات مصنوعة في المطبخ البريطاني، وقد تحركت بأدوات محلية عديدة، فان طائفية الألفية الثالثة تتحرك بروح مختلفة وبرؤوس عدة، وهي تعزز كل يوم مناخا طائفيا يباعد في العملية السياسية والاجتماعية بين الشعب، ويجعل من الوعي العام طائفيا بدلا أن يذهب بعيدا في عمق الظاهرة، ويتخطى الأزمات القائمة بروح وطنية. ما يشهده البيت البحريني والمؤسسة البحرينية روحا قائما على رؤى طائفـية لكل الأمور، تساهم في تعميق المعضـلة بـدلا من تهيئة ظروف المعالجة الرشيدة لها، بل ونجد صغار النفوس الذين يخسرون مواقعهم في اللعبة السياسة الكبيرة مع خطوات الإصلاح ومسيرتها، يصبون زيتهم في نيران الطائفية، حتى بدت بيوتنا خطابا طائفيا في كل أسئلته وإجاباته، حيث يغيب العقل العلمي ويزيف الوعي الوطني في آلية تحليل المسألة في جوهرها وأبعادها. وبما أن اللهيب ينتج حريقا فان الكراهية تنتج الكراهية، والحساسية الثقافية في الخطاب اليومي للناس، ينقسم ويتوزع على ذلك المقياس الطائفي كما هي العادة، وتناسينا أن هذا وذاك ليس إلا الوطن والشعب منقسم على نفسه ويتصارع مع نفسه بأدوات تخريبية واعية تدرك فعلتها، يستقبلها عقل، ووعي محدود في اللعبة السياسية الأكثر خطورة على وحدتنا الوطنية ومسيرة الإصلاح والديمقراطية التي علينا أن نجعلها تجربة حية نحو مشروع وطني صادق بالمواقف، يتخطى سقف الطائفية البغيض، ويصحو من جاثوم سياسي مدمر يكتم أنفاسنا الوطنية ووحدتنا المنشودة التي أصابها تصدع عميق خلال العقود الأخيرة، وعلينا بسرعة أن نمسك بقاطرتنا. فكيف نخلق سدا منيعا في وجه الجاثوم السياسي وهو يحوم في غرف نومنا وبيوتنا؟ هذا ما سنحاول معالجته لاحقا.
#بدر_عبدالملك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فليذهب الى بنغلاديش او الصومال!
-
سؤال التحدي والمواجهة في المملكة السعودية
-
تضخيم الصوت ومسألة الأحوال الشخصية
-
لمن ينحاز الناخب عند صناديق الاقتراع
-
الذين دخلوا قبورهم قبل الأوان
-
الإعــــــلام المعاصــــــر وخطاباتــــــــه الغريبـــــــــ
...
-
في سبيل ائتلاف واسع للديمقراطيين
المزيد.....
-
إيهود أولمرت يؤيد دعوة شومر لإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل
...
-
بشرط واحد.. طريقة التسجيل في اعتكاف المسجد الحرام 2024-1445
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية
...
-
-تصريحات ترامب- عن اليهود تثير عاصفة من الجدل
-
أصول المصارف الإسلامية بالإمارات تتجاوز 700 مليار درهم
-
54 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى
-
ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية
...
-
ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ
...
-
إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله
...
المزيد.....
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
-
فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب.
/ يوسف هشام محمد
-
التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا
...
/ علي أسعد وطفة
المزيد.....
|