أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله أبو شرخ - وردة حمدان














المزيد.....

وردة حمدان


عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)


الحوار المتمدن-العدد: 2019 - 2007 / 8 / 26 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


هجم الجندي على حمدان مدرس التربية الفنية بمدرسة القرية، وشده من القميص البرتقالــي الكئيب ودفعه بقوة لينضم إلى بعض رفاقه المعتقلين منذ أيام في أحد السجون الإسرائيليـــــة. كانت الأنفاس محبوسة وسرعة ضربات القلب في علو وانخفاض، وظـل السـؤال عالـقا فـي الأذهان: لماذا أخرجونا من نظارة الحجز؟
كان هاجس التحقيق وما يتخلله من اختناق وتعذيب يملأ القلوب، ويرتسـم عـلى الوجـوه التـي بدت صفراء نحيفة لقلة الطعام - على سوئـه - لكـن الهواجـس تبـدلت فـجأة. ذلـك أن الحـراس قد اقتادوهم في الممر الطويل إلى فناء السجن ولم ينعطفوا بهم إلى الدهليز المؤدي إلى أقبيـة التحقيق، وبعد لحظات تبين أن المقصود هو تكليف من مدير السجن بأن يقوم بعض" الحثالــة العرب " بتنظيف روث الخيول التابعة للضباط - بجمعـه ومن ثم حملــه في حاويـات لإلقائـه فـي الساحة الرملية الواسعة.
لم يشعر حمدان بمرارة يمكن أن تضاف لما حدث في قريته ليلة الاجتياح فهو حتى اللحـظـة لا يعلم على وجه التحديد الكثير من التفاصيل حول المآسي التي أوقعها الفاشيون لكـن شـيئـا ما تحرك في أعماقه حول الطريقة التي يفكر بها الجنود الإسرائيليون. كان كـل مـا عــرفـه عن العنصرية الصهيونية يتجسد أمام ناظريه في كل لحظة، فالعرب في نظر هؤلاء ليســوا سوى " كائنات ضارة " لا علاقة لهم بالمدينة والحضارة وحدث نفسه حول شراهة القتل الإسرائيليـــة ومصادرها التربوية فقرر الرد على الفور وبأي وسيلة كانت.
لم يفهم رفاق حمدان لماذا كان مصرا على أماكن بعينها لدلق القمامة ولكن حبهم له جعلهــم ينفذون طلبه من دون الكثير من التردد. وفي الأسبوع الثالث بدأ الرفاق ليحظون ما ينــفــذه حمدان. فقد كان يبني وردة هائلة تغطي الساحة كلها و فهموا أبضا لماذا كان مصرا حـتــى على تـحدـيد أمـاكن بعينـها للروث الخـشن وأخـرى للأنـواع الأقـل خشونة. وبعد بضعة أيـام حدثت جلبة و ضجة من بعض الجنود عند نقطة المراقبة في نهاية الساحة، وبـعد دقائق كان حمدان وباقي فريق التنظيف رهن التحقيق.

كانت الشمس تعكس أشعتها الحمراء الذهبية، في الوقت الذي كـان فيه مـديـر السجـن يتأمـل الوردة العملاقة من نقطة المراقبة. كان الضوء ينعكس على الأكوام الداكنة فيكسبـها حــركة وهمية تزيدها سحرا؛ تراءت له ابنته التي تحـب الورود وتمنـي للـحـظـات لو أنهـا بـرفقتــه لتسعد برؤية هذه الوردة العجيبة؛ تمني أيضا لو أن أمه تراها.
وفجأة هبط مدير السجن درجات السلم الحديدي الرفيع بسرعة. واتجه بخطى متسارعة إلـى غـرفة مـكتبة فـوجد المـأمور قـد تـرك ورقة كتـب عليـها " انتهى التحقيق وتم التعرف علـى الشخص الذي رسم الوردة، وما زال معزولاً لدينا .. بانتظار أوامركم " .. فتح سدادة قلمـــه وكتب على نفس الورقة: " دعه يعود إلى الحجز حيث رفاقه "، ثم تناول ورقة جديدة وبدأ يكتب" تحياتي وتقديري سيدي الجنرال .. تم العثور على فنان تشكـيـلي معتقل لديـنـا منـذ اجـتـيـاح بـعـض المـناطق التي يسكنها العرب، وقد رسم وردة عجيبة في منها الروعة مستخدما روث البهائم .. سيدي لم أرى مثلها في حياتي .. ما زلت أذكر جيدا كلام مدرس المدرسة والحـاخـام عن العرب وقذارتهم و وحشيتهم .. تعال وشاهد بنفسك كيف قام هذا الفنان بتحويل القذارة إلى وردة ساحرة بقدرة وإبداع يعز نظيرهما .. سيدي أتوسل إليكم تدبير أي إجراء من شأنه إن يساعد في إطلاق سـراح هذا الفنـان .. أو أن تـتـكرموا بقبول طـلبي الاستقالة ".
صرخ مساعد وزير الداخلية ساخرا وهو يقلب أوراق الملف: شيء رائع بالفعل .. إسرائيل في حالة حرب مع " الإرهابيين "، وقد تندلع الحرب ضد العـراق وتحـتـرق حدودنا مع لبنان و باقة العرب؛ كل ذلك والأحمق يتعاطف معهم .. شيء ممتع فعلاً.
بعد دقائق كان المجتمع الطارئ منعقدا في وزارة الداخلية لينتهي بصدور قرارين، يقضــــي الأول بنقل فوري للسجين الرسام إلى سجن آخر وتشتيت باقي رفاقه إلى سجـون أخــــرى، فيما يقضي الثاني بالإيقاف الفوري لمدير السجن عن العمل وإحالة الملف إلـى المـحكـمــة العسكرية المختصة مرفقاً بطلب النيابة العسكرية للنظر في القضية بصفتها خيانة عظمى.
=======================
جباليا/غزة - 2002



#عبدالله_أبو_شرخ (هاشتاغ)       Abdallah_M_Abusharekh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الظلام والحصار في غزة - رداً على مقال الزميل علي جرادات
- حماس بين مأزق المقاومة وأزمة التحول الديمقراطي !
- ديمقراطية آخر مويل !!
- إسرائيل دولة عنصرية لا تقبل السلام أو التعايش !! وثيقة هامة
- جدتي وأرسطو
- حل السلطة بين استمرار المقاومة والدولة المقترحة


المزيد.....




- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله أبو شرخ - وردة حمدان