|
امريكا : قبل رامبوييه و بعدها
عديد نصار
الحوار المتمدن-العدد: 2014 - 2007 / 8 / 21 - 10:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن الماركسية هي التحليل الملموس للواقع الملموس. و إن هذا الذي ينهشني بالتأكيد ليس حملا، إنه فعلا بأنياب و مخالب، و أنا، إذ أقاوم عملية إفنائي الفيزيائية، لا أحارب طواحين هواء ... و لا يمكنك أن تقنع أحدا، و لا نفسك، بأن أمريكا، و تحديدا أمريكا، و تحديدا تحت حكم الطبقة الوسطى الصهيونية الشاذة بكل معاني الشذوذ، أمريكا التي تحتل العراق، هي جمعية خيرية تتبرع هكذا بأموالها و "أبنائها" ( البررة أو البرابرة ) لتحمي شعب العراق من أن يأكل بعضه بعضا، بعد أن قامت بتدمير البلد بكل ما فيه من أطر ( على علاتها ) يمكن أن تبقي شعبه موحدا ، من الجيش إلى المكتبات التاريخية إلى المتاحف ... و إشاعة كل ما يشتت و يفعّـل سياسة التدمير الذاتي من فتن و تحريض و إشاعات و عمليات قذرة من خلال نشر عشرات ألوف المرتزقة في طول البلاد و عرضها و تحكم الموساد و ال سي أي إي بكل مفاصل الحراك التدميري بين قطعان بشرية ينخرها الجهل و الغباء و الظلامية. فإذا كان النظام السابق قد عمم ثقافة القطيع، فهؤلاء الأمريكان هم من حول القطيع إلى قطعان وأضرم بينها نار حرب أهلية قذرة ما عاد باستطاعتهم، إن أرادوا ، وقفها. و لو ان هناك شيئا من الرغبة في إزاحة النظام البائد لإقامة شيء من الديمقراطية في العراق من قبل هؤلاء الأمريكان، كما يحكى، لكان بإمكانهم أن يفعلوه منذ اليوم الأول لسقوط النظام. و لكنهم ما جاؤوا إلا لأجل هذا الذي يحصل اليوم. لقد حققوا أهدافهم في تبديد البلاد بكل ما تعنيه الكلمة، و تدمير المجتمع تدميرا قد يكون نهائيا. كم من النضال المضني يلزم هذا الشعب البائس كي يستعيد وحدة عاصمته التاريخية بغداد ؟ أليس هذا ما يسعون إلى تحقيقه في بيروت و في عواصم عديدة عربية و غير عربية؟ لقد نجحت تجربتهم الأولى في يوغسلافيا و اليوم يجري تعميمها. إنهم يريدون تفتيت العالم كي يسهل عليهم ابتلاعه. هذا هو الواقع الملموس الذي لا يمكن تجاهله و لا يمكن أن يجهّله أي تحليل أو تأويل، و هذا ما تسعى إليه أمريكا الصهيونية لتعميمه في طول العالم و عرضه. و إذا كان ادعاؤنا أن أمريكا الإمبريالية قد انتهت منذ قمة رامبوييه، فما هو الثابت و ما هو المتغير في السياسة الأمريكية قبل و بعد هذه القمة ؟ أليست هي نفسها أمريكا التي ضربت الشعب الفيتنامي بطائرات ال " ب 52 " و قنابل النابالم الحارقة قبل رامبوييه و تفتك بالشعب العراقي بأحدث أنواع الأسلحة بعد قمة رامبوييه؟ أليست هي ذاتها التي أقامت الجسور الجوية لدعم الكيان الصهيوني في حروبه و مولته و قدمت له كل مقومات البقاء و غطت جرائمه و ساعدته في تجاهل كل القرارات الدولية ما قبل قمة رامبوييه ثم أسقطت قرارا دوليا بمساواة الصهيونية بالعنصرية و استمرت بتغطية جرائمه و أمدته بكل وسائل القتل و الإبادة و بعشرات المليارات من الدولارات بعد هذه القمة ؟ إنها أمريكا نفسها عدوة الشعوب، لا بل عدوة الحياة على الأرض. هي نفسها التي انسحبت من معاهدة بريتون وود و هي نفسها التي امتنعت عن توقيع اتفاقية كيوتو لحماية الأرض. إنها الدولة الوحيدة في العالم القادرة على شن الحروب، رغم رفض الأمم المتحدة، و القادرة على تدمير الدول و المجتمعات و حماية المعتدين و التغطية على جرائمهم و حماية الديكتاتوريات و الاستبداد و تعميم الجهل و الفساد و الترويج المفرط للتفاهات، هي نفسها التي "تناضل" لإحقاق المحكمة الدولية في إغتيال رفيق الحريري، و تمنع أي تحقيق في جرائم و مجازر الصهاينة حتى ضد مقار الأمم المتحدة في لبنان، فما بالك بالمجازر ضد الفلسطينيين و اللبنانيين في صبرا و شاتيلا و جنين و غير جنين، عدا عن القتل المتواصل الناشئ عن مئات آلاف القنابل العنقودية التي ألقيت على لبنان و التي قتلت و ستبقى تقتل ألوف الأطفال رغم مرور أكثر من عام على وقف الحرب. ليس حقدا على أمريكا و لا عداوة لشعبها، فما حصل أثناء إعصار كاترينا يشبه تماما ما يحصل في الهند و باكستان و أفريقيا و أمريكا اللاتينية أثناء كوارث مماثلة، لكنه الواقع الملموس الذي نعانيه، بل قل الواقع الأشد إيلاما، و نحن نعرف تماما من يغذيه و يعمل على استمراره و تفاقمه. http://jammoull.net/Forum/showthread.php?t=5502
#عديد_نصار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ِحدايَ احْدِيْ
-
-روتين-
-
الإتحاد العالمي للحركة الشيوعية
-
وحدة الحركة الشيوعية فوق كل اعتبار
-
غباء يتجدد
المزيد.....
-
بريطانيا: فرض عقوبات على إسرائيليين متشددين بسبب أعمال عنف ف
...
-
السعودية.. وفاة و20 حالة في العناية المركزة بتسمم غذائي بمطع
...
-
السعودية تكشف جنسية وافد عربي ابتز فتاة ودردشتهما -مموهة-
-
الأردن.. الملكة رانيا تكشف عن نصيحة الملك الحسين لها عندما ت
...
-
من هو المرشح الرئاسي الذي قد يستحوذ على دعم الشباب في تشاد؟
...
-
المشروب الكحولي الأقل ضررا للكبد
-
المشكلات الصحية التي تشير إليها الرغبة الشديدة في تناول الحل
...
-
أنطونوف: اتهامات واشنطن بتورط روسيا في هجمات إلكترونية على أ
...
-
انجراف التربة نتيجة الأمطار الغزيرة في هايتي يودي بحياة 12 ش
...
-
الجزائر تطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن المقابر الجم
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|