كرد سورية بعد نصف قرن من الحياة الحزبية 3 - 3

صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2000 - 2007 / 8 / 7 - 05:14
المحور: القضية الكردية
    

( 3 – 3 )
ملاحظات عامة :
أرى من المناسب توضيح بعض الأمور كتعقيب على عدد من المقالات والمساهمات التي تعتبر قليلة جدا في مثل هذه المناسبة التاريخية وبالرغم من اختلاف الرأي والتقييم في بعض الجوانب الا أنني أعتبر غالبيتها جادة وصادرة من عقول منفتحة ونفوس مفعمة بالوطنية والحرص على الحركة بخصوص الذكرى الخمسين مع تفادي ذكر أسماء أصحابها :
أ - وثيقة التفاهم بين حزبي – الاتحاد الشعبي والبارتي الديموقراطي – في بداية ثمانينات القرن الماضي الصادرة في بيروت بعد حوار صريح في العمق متشعب وشفاف وعرفت بوثيقة ( كمال – صلاح ) المسؤولان الأولان حينذاك في الحزبين لم تكن – ميتة أوخجولة – بل كانت بمثابة اتفاق الحد الأدنى حسب أصول التحالفات الجبهوية وأزعم أننا تمكننا عبر الحوار وايجابية المرحوم كمال اعادة الحزب الحليف الى سكة المعارضة الكردية والنضال من أجل الحقوق القومية التي كانت تشكل نقطة خلاف بيننا خاصة في موضوعة حق تقرير المصير المبدئي وتوجيه صفعة الى التيار الأقرب فكريا الى اليمين ضمن صفوفه والذي كان مناهضا لأي تقارب معنا استجابة لضغوط وارادة السلطة وأسباب أخرى , كما شكلت الوثيقة قاعدة أساسية تكاد تكون وحيدة للعمل المشترك والتنسيق بين تيارين مناضلين في الحركة القومية الكردية في سورية يوحد بينهما الكثير من المواقف الكردستانية المشتركة ودشن سابقة جبهوية تاريخية أولى ( أقر المؤتمر الثالث للبارتي الديموقراطي الكردي اليساري الاتحاد الشعبي لاحقا برنامج الجبهة الديموقراطية الكردية في سورية منذ 1973 ) وأضافها كتجربة ووثيقة لحركتنا التي كانت تفتقر الى مثل هذا التقليد الديموقراطي في التوافق على حلول متوازنة من أجل المصالح الجوهرية أولم تكن تلك الوثيقة لبنة أولى في صرح التحالف الديموقراطي الذي قام على ضوئها وانطلاقا منها قبل وخلال عام 1986 بين تيارات العمل القومي الديموقراطي الرئيسية على أسس سليمة ومستقبل واعد ومن ثم خرج فيما بعد عن النهج الذي بني عليه بعد – تسلل – اليمين بتسهيل من أحد أجنحة حزب البارتي الحليف ( وكما يبدو فان هذا الجناح ما زال مستمرا في عرقلة العديد من المشاريع البناءة لصالح تعزيز الحركة القومية الكردية ) لم يكن بعيدا عن رغبة الجهات الرسمية السورية الهادفة كما ظهر الى تقليص نفوذ التيارات الملتزمة بحقوق الشعب الكردي ومواجهة المخططات العنصرية في التحالف وتاليا افراغه من أي محتوى قد يشكل تحديا أو ازعاجا لمشروع النظام بخصوص القضية الكردية .
ب - علينا ادراك أن تاريخ الحركة الكردية في سورية لم يبدأ من مؤتمر – ناوبردان – التوحيدي عام 1970 ولم يتوقف عنده رغم أهميته الاستراتيجية البالغة ومعانيه القومية العميقة خاصة وأنه عقد برعاية البارزاني الخالد وأننا جميعا أمام مهمة اعادة بحث وبناء أسس وملامح العلاقات القومية الكردستانية وترقيتها وتطويرها خاصة بعد تحقيق الفدرالية في الجنوب والانتقال من مرحلة الثورة الى مرحلة الكيان فيه وبعد اخفاقات وأزمات حزب العمال الكردستاني في الشمال وبعد الهبة الكردية الآذارية في الغرب وبعد اطلاق مشروع التغيير الديموقراطي في الشرق الأوسط والحرب الكونية ضد الارهاب وأعتقد أن هذه الأسباب أكثر من كافية لتجديد الكثير من البرامج والسياسات والمواقف وخاصة في مسألة العلاقات القومية .
ج - نحن بأمس الحاجة الى تنظيم قوي وواسع ومتجذر يستمد نهوضه واستمراريته أولا وأخيرا من أوساط الجماهير الشعبية بفئاتها المثقفة ومختلف طبقاتها وشرائحها الوطنية والبرنامج السليم المستند الى استراتيجية ثابتة وتكتيكات متحولة بعد دراسة وتمحيص تجربة نصف قرن وغير قابل للانهيار عندما تتراجع الحركة الوطنية السورية في مرحلة معينة أو مجرد حدوث تطور سلبي أو نكسة في هذا الجزء أو ذاك من كردستان .
د - هناك البعض من حديثي العهد والخبرة في العمل القومي والسياسي يطيب له الحكم المتسرع غير العادل على نصف قرن من تاريخ النضال السياسي بجرة قلم والتشكيك ببرامج الحركة وأصالتها القومية وعدم التمييز بين اختلافات الرأي حول الأهداف والمطالب مثل أية حركة تحرر قومي واعتبار عدم وضوح في الرؤية بشأنها متناسيا أو غير عارف أصلا بأن الحزب منذ قيامه وحتى مرور عامين كان يحمل هدف – تحرير وتوحيد كردستان – ثم صقلته التجربة ليكون أكثر واقعية ويغير الاسم وبعض بنود البرنامج ومنذ العام 1965 وبعد كونفرانس آب تحديدا تمت العودة تدريجيا الى مقولة حق تقرير المصير المبدئي لغرب كردستان في اطار الدولة السورية الموحدة كشعار مبدئي ثابت والذي جرى العمل على ضوئه في برنامج وأدبيات الاتحاد الشعبي الكردي وهذا يعني أن الأهداف والمطالب كانت واضحة أمام القسم الأكبر من الحركة وأن الكثير من الجهود بذلت من جانب مناضلي الحركة الكردية في سبيل تحقيقها عبرالتفاني والتضحيات والسجون والمعتقلات والتشرد والحرمان من حق الجنسية والحقوق المدنية .

كيف السبيل للخروج من النفق المظلم ؟
ليس أمام مكونات الحركة القومية الكردية جماعات حزبية أو فئات مثقفة أو كتل جماهيرية وطنية وشرائحها نساء ورجالا شبانا وشيوخا الا التحاور والتواصل والمصارحة كسبيل وحيد لحل الأزمة القائمة والتوافق على ما هوقومي ووطني مشترك في حدودها الدنيا كمسلمات وثوابت لايمكن ولا يسمح تخطيها مثل وجود الكرد كشعب على أرضه من حقه تقرير مصيره في اطار الدولة السورية وقدسية العلاقات الكردية – العربية والتعايش الأخوي والمصير الواحد والمصالح المشتركة بين الشعبين ومشروعية النضال من أجل انتزاع حقوقه وكون الحركة الكردية جزء حيوي من حركة المعارضة الديموقراطية وشريكتها في تحمل مسؤوليات التغيير والعمل بكل الوسائل المتوفرة من أجل ازالة آثار الاضطهاد القومي خلال عقود خلت من حزام واحصاء وتعريب وتبديل في التركيب الديموغرافي في المناطق الكردية والوقوف صفا واحدا وبأعلى درجات الحزم والاصرار واذا دعت الحاجة بتقديم التضحيات أمام – ملاحق – مخطط الحزام العربي الذي يراد تنفيذها في هذه الأيام في منطقة الجزيرة من جانب أدوات النظام الشوفيني المستبد وهي تشكل تحديا سافرا لكل القيم الوطنية والأخلاقية وتهديدا لوجودنا ومحاولة فصل عنصري جديد بين جزئين من الشعب الكردي في سورية والعراق .
وعلى الضفة الأخرى وفي مجال اعادة بناء الحركة السياسية ضرورة مواصلة النقاش البناء حول عملية تقييم الماضي وتشخيص الخطأ والصواب والتركيز أساسا على مسألة البرنامج السياسي للحركة القومية – الوطنية الكردية وأقترح بهذا الخصوص اعتماد المشروع الوطني لكونفرانس آب لعام 1965 الذي تضمن ( البرنامج والنظام الداخلي المستحدثين والتعريف العلمي الواقعي الجديد للشعب الكردي وموطنه وحقوقه ولطبيعة الصراع الاجتماعي والسياسي والرؤية الثلاثية الأضلاع التي طرحت حول برنامج العمل الجبهوي كرديا وسوريا وكردستانيا والنظرة الثاقبة لمفهوم العلاقات الكردية العربية ...) قاعدة ومنطلقا للبرنامج الجديد المقرون بالتجديد والتطوير على ضوء المستجدات الداخلية والخارجية وانتظار دور واعد رئيسي من فئة المثقفين والجيل الناشىء الذي اختبر هبة آذار في كافة المناطق وخرق حاجز الخوف في انجاز هذه المهمة التاريخية المنتظرة التي عجز من اعتبرناهم امتدادا تنظيميا لنهج آب عن أداء الواجب بسبب الهوة الحاصلة والتي تزداد توسعا يوما بعد يوم بين توجهاتهم من جهة وبين مشروع اليسار القومي الديموقراطي الذي مازال أساسا صالحا بخطوطه العامة لايمكن تجاوزه لأي عمل تجديدي على الصعيدين القومي والوطني وبأسف شديد نقول بأن كل من كان يعول على وعود وعهود البيانات الختامية التي صدرت على مدار سنوات ماضية وخاصة في مواسم الانشقاقات والانتخابات من المجموعات الحزبية التي كانت تبشر بوراثتها لنهج آب قد أصيب بالخذلان لأنها تراجعت عن المضي في أداء مهامها على الصعيدين القومي النضالي والجهد الفكري الثقافي الابداعي مع خسارة المكانة الوطنية على صعيد العلاقات الكردية العربية وفقدان المصداقية في العلاقات القومية بل باتت عاجزة حتى على الحفاظ على أطرها الشللية المتواضعة أمام مظاهر الاحتجاج والتمرد الداخليين والكتابات النقدية الى درجة التجريح وهي على أي حال ظاهرة عامة تجتاح التنظيمات الكردية جمعاء كدليل على تفاقم الأزمة في التنظيم والفكر والنهج السياسي وستستمر في طريق المجهول اذا لم تنجز المهام المطلوبة التي أشرنا اليها في سياق هذا البحث .

#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات