أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - الكتاب الأخضر في القارة السمراء .. أوهام العقيد















المزيد.....

الكتاب الأخضر في القارة السمراء .. أوهام العقيد


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 1978 - 2007 / 7 / 16 - 10:56
المحور: حقوق الانسان
    



أوسلو في 2 يوليو 2007

عندما أقنع متزلفو السلطة الرئيسَ العراقيّ السابق صدام حسين بمشروع ( صُوَر القائد المهيب ) لتوزيعها على كل شخص في العراق، وأنْ لا ينسى عراقيٌ واحدٌ زعيمَه وسيّده لحظةً واحدةً ولو وقعت عيناه على أرض خلاء في مكان مهجور، كانوا يعلمون أن الطاغيةَ هو الذي وضع الفكرة في أفئدتهم المذعورة قبل ألسنتهم.

تلك هي المعضلة المعقدة والمتشابكة لصناعة الاثنين معا: الطاغية والشعب، السوط والظَهر، الكفّ والقفا، الزنزانة وأدوات التعذيب، القلم والأيدي المرتعشة.

العقيد حالة عجيبة ودرامية وكوميدية ومأساة يختلط فيها الضحك بالبكاء ولا تستطيع أنْ تفصلهما، فلا تدري إن كان في القاموس الليبي معنيان مختلفان لكلمة المهرج، وهل يمكن أن تضحك وأنت تستمع إلى حكيم فيلسوف، وأن تبكي في سيرك للتهريج؟

تاريخ أحفاد عمر المختار منذ أقل قليلا من أربعين عاما يجعلنا نعيد النظر في كل الأيديولوجيات والمذاهب والأفكار والزعامات وسيكولوجية الشعوب.

ماذا لو أن صانعي الطغاة وقفوا على قارعة طريق وأختاروا أكثر الناس بلاهة وتخلفا، وعادوا به إلى القصر ليعلنوه سيّداً على الجميع؟

أغلب الظن أن الخطبة الأولى له سيستخرج منها معظم أفراد الشعب جواهر مِن الحِكَمِ، ولآليءَ من العبقرية حتى لو وقف أمامهم، وفتح أزرار ملابسه وطرطر عليهم ( وهو تعبير طفولي للتبول ) !

وربما تخرج الجماهير للتبرك بالطرطرة، ويكتب رؤساء تحرير الصحف الكبرى افتتاحيات تاريخية عن الحدث الجلل الذي سيجعل البلد في ركب الأمم المتقدمة.

لا أعرف لماذا أتصور العقيد يجلس في خيمته الملونة وعن يمينه خزنة تتسع لمليارات الدولارات الخضراء، ووزير ماليته يؤكد له بأنه كلما تمكن من انفاق المال فإن الذهب الأسود يتحول إلى ورق أخضر ويدخل من الناحية الأخرى!

ويخرج الليبيون في مظاهرات يومية احتفالا بهدر أموالهم، والعبث بوطنهم، وبناء سجون جديدة لأبنائهم!

يمدّ العقيدُ يده فيُخرج رزمةً بمليون دولار ويمنحها لفريق كرة قدم ألماني مفلس شريطة أن يرتدي اللاعبون فانيلات عليها شعار الكتاب الأخضر.




ثم يُخرج رزمة للصحفيين والمثقفين وباعة الضمير الذين يتكدسون في المكاتب الشعبية لبلده استعدادا لاطعام أولادهم أموالا حراما نظير الصمت عما يحدث في جماهيرية الصمت.

يفشل في الانضمام لحلف وارسو قبل وفاة الاتحاد السوفييتي تحت حذاء جورباتشوف.

ويفشل في لعب دور رامبو على الساحة اللبنانية.

يقرر القيامَ بعمليات اغتيال واختطاف للكلاب الضالة، أي الشجعان الذين يعارضون طغيانه وتخلفه، ويصمت الغربُ ردحاً من الوقت فلا يزال العقيد قادرا على حلب البقرة الممتدة لنصف شمال أفريقيا ، من السلوم إلى الحدود مع تونس.

يأمر بقتل 1200 مواطن ليبي في سجن ( أبو سليم )، ويصمت الضمير العربي والاسلامي والدولي صَمْتَ الحِملان، فنفط العقيد فيه قوة يسيل لها لعاب الشرق والغرب على حد سواء.

الخَزنة لاتزال مليئةً فيقرر دعم الجيش الجمهوري الايرلندي الذي يثير الفزع والرعب في شوارع لندن، وبعد سنوات يبيع أسرار نفس الجيش للاستخبارات البريطانية.

يفشل في زعامة العالم العربي، فكل أسياد القصر في وطننا العربي الكبير زعماء فكيف يكون بينهم؟

حتى لو لم يبلغ ابن زعيم عربي أربعين عاما ففي خمس دقائق كان مجلس الشعب السوري قادرا على تغيير الدستور وجعل الأربعين تصبح أربعة وثلاثين رغم أنف كل علماء الرياضيات، فنسبية آينشتين لها عدة استخدامات.

يقف العقيد أمام شعبه ويقول لهم بأنهم ماعز، فيضحك الليبيون كما يضحك السجين عندما يصفعه مدير السجن على قفاه.

يَحُكّ جلد رأسه فتظن أن خبرات سنوات الحُكم ستتحول إلى عبقرية وتنزيل من التنزيل، فيقول لشعبه بأن أوروبا تطمع في ليبيا لأن البطيخ الليبي لا مثيل له!

يحضر بعض مؤتمرات القمة العربية، وينفث دخان سيجاره الكوبي في وجه الرئيس مبارك.


ويضحك الزعماء، ويأخذ أكثرهم الأمر هزلا وكأن الشعب الذي يرزح تحت حكم هذا الفاشي لا يستحق من زعمائنا وقفة جادة ورجولية وأمينة.

تآمر تقريبا على أكثر الدول العربية، واشترك في عمليات ارهابية لا حصر لها، وأوجع المغرب سنوات طويلة بدعمه الصحراويين في قضية لا ناقة له ولا جمل.

ظن أن جيشه سيصمد بالسلاح أمام بنادق متهالكة للتشاديين، فعاد الجنود الليبيون في صناديق خشبية كما يعود الأمريكيون من العراق.

قام برحلة في مملكة سوازيلاند، وكانت سيارته تلقي بالعملة الخضراء على فقراء يلهثون خلفها لمجرد تحقيق نشوة أن هناك من يهتف له.

بعدما قام بتسليم كل وثائق واسرار خصوم أمريكا وأوروبا في مقابل وعد بأن لا يكون مصيره كمصير طاغية العراق السابق، سمح له الغرب أن يلعب من جديد لعبة الولد المطيع، لكنه يصيح بين الحين والآخر.

صناعة البطل التي أجاد وصفها المفكر العبقري مالك بن نبي تسمح بمساحة من الحرية لرجل الاستعمار أن يلعب البطولة، وأن يشتم قوى الاستعمار، وأن يلعن سنسفيل جدود الاحتلال وذلك لتغطية الخيانة كما تفعل امرأة لعوب عندما تدعو الناس إلى الصلاة علنا.

أفريقيا الفقيرة والتي تئن تحت الايدز والجوع والمرض والملاريا وحرب العصابات والتفرقة والمذهبية والفساد والقحط والتصحر والجفاف والأمية تنتظر الآن بناء خيمة للعقيد في غانا أو غينيا أو بوتسوانا أو النيجر فربما يصبح كل أفريقي مليونيرا، وربما يأتي النرويجيون والسويديون والسويسريون يعملون أجراء لدى الأفارقة.

والعقيد يؤمهم في الصلاة، ويحدثهم عن الولايات المتحدة الأفريقية كأن الدكتورة كوندي ستبحث عن عمل كخادمة لدى أسرة في ليبيريا حيث تم اختطاف ثلث سكانها، وباعهم القراصنة عبيدا منذ مئات الأعوام.

والعقيد الذي دفع من أموال شعبه أكثر من ثلاثة مليارات دولارا تعويضا لجريمة ارتكبها، قرر أن يصبح زعيما لأفريقيا حتى لو أنفق ما بقي فوق ظهر الأرض من مال وما تحتها من ذهب أسود ولو كان الثمن تحويل الليبيين لمتسولين في جربة وسوسة والحمامات في عهد الجنرال زين العابدين بن علي!

عامان فقط وتحتفل ليبيا بالعيد الأربعين للعبودية المختارة، ويُشَمّر المثقفون والاعلاميون عن سواعدهم ليدبجوا مقالات وقحة في مدح الديكتاتورية، وكتابات عفنة عن ضرورة لعق أحذية الطغاة، وكلمات سافلة عن فلسفة التخلف، والرسالة السامية لرسول الصحراء.

الخطوة القادمة بعد فشل الولايات المتحدة الأفريقية وتفريغ ليبيا من أموال شعبها، ربما يتجه العقيد لتوقيع معاهدة تأجير ليبيا للحكومة الأمريكية، وسيسمح له الأمريكيون أن يشتمهم ويلعن أجدادهم!

محمد عبد المجيد

رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
http://taeralshmal.jeeran.com
http://www.taeralshmal.com
[email protected]
http://Againstmoubarak.jeeran.com
http://blogs.albawaba.com/taeralshmal



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة القبض على سوريا
- لماذا لا يؤمن المصريون بأن مصر بلدهم؟
- ارفعوا أيديكم عن المغرب
- رسالة عتاب من إبليس إلى المسلمين
- السجونُ الأردنيةُ تخرج لسانها للسجون العربية
- العراق يحترق بنار الطائفية والكراهية و .. قوات الاحتلال
- التونسيون يتنفسون بأمر الرئيس
- محاولات لتخريب الشخصية المصرية
- لماذا أحلم بحبل المشنقة حول عنقك؟
- مدونة تجديد الدعوة للعصيان المدني في مصر
- المسلمون خصوم المسلمين، فكيف لنا أن نتحاور؟
- يا ولاد ستين ألف كلب
- الفلسطينيون يحققون أهداف اسرائيل
- القول السديد في بلاهة العقيد
- لماذا يخاف السوريون من السوريين؟
- دماء على أنياب الرئيس التونسي
- حوار بين كلب الشارع و ... كلب السلطة
- هل المصريون سعداء بالذل أم تعساء بالخوف؟
- العراق ... هزيمة كل المتصارعين
- متى يغضب السوريون على الرئيس بشار الأسد؟


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - الكتاب الأخضر في القارة السمراء .. أوهام العقيد