إنتصار عمالي هام

جهاد عقل
(Jhad Akel)

الحوار المتمدن-العدد: 1956 - 2007 / 6 / 24 - 11:58
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

• "وول - مارت " –WAL*MART - شبكة تسويق عولمية ... وإستغلال عمالي بلا حدود..
• محكمة امريكية تحكم على الشبكة بدفع غرامة بمبلغ حوالي 2 مليون دولار .
• السبب إنتهاك حقوق وتمييز في الأجر على خلفية جنسيه ضد العاملة سينتا حداد .



أكبر شبكة تسويق في العالم ..

منذ فترة طويلة والنقابات العمالية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا تخوضان نضالات مريرة ضد شبكة التسويق التجاري للمنتوجات الإستهلاكية المعروفة بإسم "وول – مارت " (WAL-MART) ، حيث يجري رفع مطالب عمالية عديدة من أجل ضمان حقوق العمال والعاملات في أكبر شركة تسويق عولمية في الولايات المتحدة وكندا خاصة وفي العالم عامة . ومن هذه المطالب ضمان دفع اجر الحد الأدنى ، عدم تشغييل الفتيان والأطفال القادمين من دول امريكا اللاتينية ، مساواة الأجور ما بين النساء والرجال ، تحديد ساعات العمل وساعات الإستراحة ، ودفع مخصصات التقاعد والضمان الإجتماعي .

ليس من السهل أن تقوم النقابات العمالية والعمال ممن يعملون في هذه الشركة التي تُعتَبر "أُخطبوط " عولمي يمتص دم كل من يقف في طريقه من أجل ضمان الأرباح الطائلة ، وقد كنت شاهداً شخصياً على هذه الصعوبة عندما شاركت في إحدى المظاهرات التي نظمها الزملاء في النقابات الكندية امام فرع الشركة في مدينة مونتريال ، لاحظت بنفسي التهديد والوعيد الذي صدر عن حراس الفرع وإدارته ضد النقابيين والعمال المشاركين في المظاهرة . ولذا نجد أن هذه النزاع يتواصل على مدار سنوات طويلة منه النضالي والآخر قانوني ، في أروقة المحاكم ، حيث تقوم النقابات بخوض معركة عنيفة في هذا المجال ، ضمن عشرات الشكاوى التي تقدمت بها ضد إنتهاكات لقوانين وإتفاقيات العمل.

11.2 مليار دولار أرباح سنوية

تاسست شركة "وول – مارت " العام 1962 من قبل صاحبها سام وولطون ن الذي قام بتسجيلها العام 1969 كشركة محدودة الضمان . وفي سنة 1972 سجّل الشركة في البورصة بنيويورك ، حيث بدات أسهمها تتداول في البورصة . وفق ميزانية او موازنة الشركة ليوم 31 كانون اول 2006 ، يتضح انها ثاني أكبر شركة في العالم (الشركة الأولى هي أكسون موبايل) ، وأكبر شركة تسويق إستهلاكي عولمي ويتضح من التقرير المالي نفسه ان أرباح الشركة للعام 2006 بلغت 11.2 مليار دولار ، وان مجموع مدخولاتها في السنة نفسها بلغت 316 مليار دولار , وتسيطر الشركة على اكثر من 20% من منتوجات الإستهلاك في الولايات المتحدة ، وللشركة فروع في معظم دول العالم منها :كندا ن المكسيك ، المانيا ، اليابان ،بريطانيا ، الأرجنتين ،البرازيل وجنوب كوريا ومؤخرا في الصين .للشركة اكثر من 6500 فرع ومتجر ، ويبلغ عدد العاملين فيها اكثر من 1.8 مليون عامل وعاملة . معظمهم يعملون باجر منخفض للعاملين لديها وتقوم بإنتهاج سياسة يقال بأنها سياسة تمييز ضد النساء في الشبكة ، وإستغلال متواصل للفتيان المهاجرين ممن يعملون لديها او ما يُطلق عليه عمالة الأطفال والعمال المهاجرين .

محاكم العمل تؤكد إدعاءات العمال والنقابات
وحملة تضامن عمالي عالمية

قبل فترة وجيزة حكمت إحدى المحاكم الأمريكية ، بقرار صادر عن هيئة المُحلفين فيها أن الشركة تقوم بإنتهاك قوانين العمل ، ولا تدفع الحقوق الإجتماعية ، أي مخصصات الضمان الإجتماعي ،من مخصصات تقاعد وغيرها ، عن شريحة واسعة من العاملين فيها ، وعددهم مئات الألوف ، وقامت هيئة المحكمة بتوبيخ إدارة الشركة ،وطلبت منها دفع حقوق العاملين وفق القانون ، مؤكدة ان المبالغ المُستحقه للعاملين وفق تقدير هيئة المحكمة والمعطيات الجزئية المتوفره لديها ولدى النقابات العمالية تصل الى مبالغ تزيد عن عشرات ملايين الدولارات ودعت الإدارة الى تنظم شؤونها مع العاملين بهذا الخصوص .

النقابات العمالية تقدر المبالغ بمئات ملايين الدولارات ، هذا بما يتعلق بالضمان الإجتماعي ، والمبالغ الأخرى التي تطالب بها النقابات العمالية باسم العاملين بما يخص العمل ساعات إضافية دون دفع تعويض لهم ، منعهم من الإستراحة وقت الأكل (تقدم 138 الف عامل وعاملة بشكوى بذلك يطالبون دفع تعويض لهم بمبلغ 66 مليون دولار)، دفع تعريفة للساعة أقل مما يحدده اجر الحد الأدنى الأمريكي ، وكما قلنا القيام بتشغيل الأطفال بشكل مخالف للقانون، وتشغيلهم ساعات طويلة وفي أشغال يمنعها قانون العمل . هذا على صعيد كل من الولايات المتحدة وكندا ، لكن ماذا يحدث مع العاملين في فروع الشبكه في دول العالم الثالث ، مثل دول امريكا اللاتينية ، وآسيا وغيرها ، ونحن لا ننسى الحملة التي قامت بها النقابات الألمانية تضامناً مع مطالب النقابات في كل من أمريكا وكندا ، على خلفية عدم دفع أجر الحد الأدنى وإستغلال الفتيان وغيرها من المطالب ، وضمت هذه الحملة مقاطعة لفروع الشبكة في المانيا ، مما أدى الى هبوط دورة المبيعات باكثر من 25% مما ، دفع إدارة الشركة الى التفكير بانها ستقوم بإغلاق الفروع في المانيا ، لأنها "لم تعد مُربحة كفاية " ، وإنضم الى هذه الحملة النقابات في عدد من الدول مثل فرنسا وبريطانيا وكوريا وغيرها .

سينتا حداد ...إذكروا هذا الإسم

سينتا حداد (CYNTHIA HADDAD) ، هذا هو أسمها ، إذكروا هذا الإسم ولا تنسوه ،لأنه سيجري تسجيله في تاريخ علاقات العمل الأمريكية خاصة ، والعالمية عامة . في المعركة التي يخوضها العمال ونقاباتهم ضد الشركات العولمية التي تُشبه الأخطبوط في شكل إنتشارها في عالمنا ، هذا من جهة ، وفي طريقة عصره – خنقه فريسته من جهة اخرى ، أي إستغلال الطبقة العاملة في كل مكان من اجل ضمان الثروات والأرباح العالية .

"وول – مارت" ، كما ذكرنا سابقا، هي ثاني اكبر شركة عولمية في عالمنا ، لكن المعطيات بخصوص أجر العاملين فيها تؤكد انها تدفع أجور أقل ب 40% من معدل الأجور المتعارف عليه في سوق العمل الأمريكي للعاملين في شبكات التسويق الإستهلاكي ، وأنها تتبع سياسة تمييز ضد النساء العاملات لديها . العاملة سينتا حداد طالبت خلال عملها إعادة فروقات لها عن أجر ومكافئات تستحقها وأن تقوم الإدارة بمساواة أجرها مع أجر زملاءها من الرجال . رد الإدراة كان الرفض والفصل من العمل بإدعاء ان العاملة قامت بالتوجه بشكوى لسلطة حقوق المُستهلك الأمريكية تتعلق بخروقات ما بخصوص أدوية ومستحضرات مختلفة يجري إنتقاص الكميات فيها .وانها – العاملة – فشلت في توفير الأمن والحراسة للصيدلية التي عملت فيها في الشبكة .

هذا الإدعاء الظالم من قبل الإدارة دفع عاملة الصيدلية (الصيدلانية) سينتا حداد الى تقديم شكوى ضد إدارة الشركة ، التي عملت فيها مدة 11 سنة (1993-2004) طالبت فيها دفع كافة الحقوق التي فقدتها خلال فترة عملها بما في ذلك المكافئات التي تستحقها وفوارق الأجور ومساواة اجرها مع الزملاء من الرجال وفرض غرامة على الإدراة وتعويض لقيامها بالتمييز ضد العاملة .

غرامة مالية على الشركة ب-2 مليون دولار

بعد مداولات طويلة في أروقة المحاكم والوقوف بحزم امام كبار المحامين الذين قامت إدارة الشركة بتجنيدهم من اجل كسر شوكة العاملة ومطالبها العادلة ، صدر قرار الحكم من قيل هيئة المُحلفين في المحكمة العليا بمسشوسس الذي يعيد الحق لطرف العاملة ويوجه الإنتقاد اللاذع لإدارة أكبر شبكة تسويق إستهلاكي في العالم وثاني اكبر شركة عولمية ، حيث أقرت هيئة المحكمة أن أقوال ومطالب العاملة صادقة ،وان الشبكة تنتهج سياسة تمييز ضد النساء العاملات فيها وتدفع لهن اجور اقل من الأجر الذي تدفعه للرجال في نفس المهنة ، وتقرر تغرييم إدارة الشركة بمبلغ حوالي 2 مليون دولار تدفع للعاملة عمّا خسرته خلال فترة عملها جراء هذا التمييز ، ويشمل غرامة رادعة للإدارة ومصاريف المحاماة وغيرها .

النقابات : هذه خطوة اولى نحو المطالب الأخرى

وقد عبّرت جهات نقابية وحركات نسائية أمريكية عن رضاها لهذا القرار من هيئة المحكمة ، معتبرة هذا القرار "الخطوة الأولى" نحو المطالب الأخرى التي تطالب بها من الشركة باسم العمال والعاملات . لأنها سبق وتقدمت بشكوى تمثيلية بخصوص التمييز الذي تتعرض له النساء العاملات في الشبكة والذي تطالب فيها إدارة "وول مارت" بدفع مبالغ طائلة للنساء العاملات في الشبكة جراء هذا التمييز ...فهل سنذكر جميعنا إسم سينتا حداد العاملة الصيدلانية التي سجّلت الخطوة الأولى في مسيرة النجاح الذي ستحققه النقابات والنساء في الشبكة ضد الظُلم الذي تقوم به إدارتها بحق العاملات خاصة والعاملين عامة ... فمن قال أننا نحن ايناء الطبقة العاملة لا نستطيع كسر شوكة الظُلم العولمي الذي تقوم به كبرى الشركات العولمية بحقنا ؟؟

#جهاد_عقل (هاشتاغ)       Jhad_Akel#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات