أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان بيرقدار - نظرة عامة في تجربة فؤاد ديب الشعرية وديوان الورد لا يوقظ الموتى















المزيد.....

نظرة عامة في تجربة فؤاد ديب الشعرية وديوان الورد لا يوقظ الموتى


قحطان بيرقدار

الحوار المتمدن-العدد: 1953 - 2007 / 6 / 21 - 10:02
المحور: الادب والفن
    



إنها شهادة تتضمن في ثناياها مجموعة من الانطباعات العامة التي كونتها حول تجربة فؤاد ديب الشعرية من خلال معرفتي به وسماعي لعدد لا بأس به من قصائده في الأمسيات الشعرية ومن خلال ديوانه الأول (الورد لا يوقظ الموتى) الذي أراه يستحق أن يكون ديواناً أول إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هناك من الأدباء من يصدر كتابه العاشر ولمَّا يصدرْ بعدُ كتابه الأول ، ومن عرف شعر فؤاد أو قرأ ديوانه قراءة عميقة فإنه يستطيع أن يتابع ما سأقوله ومن ثم بإمكانه أن يوافقني أو يخالفني ، وإن كل ما سأقوله هو مجموعة من الآراء الخاصة بي وبالتالي فأنا لا أصادر رأي أحد ...
عاش فؤاد على الدوام وسط الناس في المخيم ، وقد درس الحياة فيه بأن عاشها بنفسه لا أكثر .. بأن كان في غمار الحياة الصعبة هناك ، وقد تناولت أفكاره الكثير من الموضوعات الحياتية في المخيم وانعكست في شعره ، كل منا يمكنه أن يرى ويصف ما قد رآه وسمع عنه ، ولكن إنساناً ذا قلب كبير وروح شعرية فقط هو القادر على أن يحول ما قد رآه أو سمع عنه إلى جزء ثابت من الزمن .
لدى فؤاد ومن خلال قصائده شعور عميق تجاه الوطن ، وهو يرى نفسه جزءاً لا يتجزأ منه ، ويفهم أن الوطن ليس حلماً فقط وإنما هو واقع يجب فهمه واحتواؤه والتضحية في سبيله ، فالسمة المميزة لشعر فؤاد ديب هي تأمل موضوعة الوطن الحاضر الغائب ، وتحليل حياة الناس في مخيمات الشتات بل وتأريخها ، ومحاولة تحديد معنى لهذه الحياة:
المخيم
يرتدي البرد
يقرض أظافره
كلما مضى ظل
صوب الرصاص
ويربط على النوافذ ستائر
يرخيها حتى التراب
كلما مر ظل
محمولاً على الصياح ..

وفي مقطع من قصيدة عنوانها أمس وهي أولى قصائد الديوان يقول:
أمس
وافق العدو على عودة القائد
هبط الدرج فرحاً
ودعنا قائلاً :
أنا ذاهب لأشتري زجاجة عطر لزوجتي
ألعاباً لأطفالي..
ونسي أن لنا هناك
زوجات وأطفالاً
وزنابق بيضاء ..
ومضى يقطفها وحده .

وهناك سمة أخرى هي أن العقل والقلب عند فؤاد في أثناء بحثه عن الحقيقة التي يريد أن يجليها غالباً ما يعيشان في حالة مصالحة ووفاق ، إنه لا يريد أن يقهر كل الصعوبات من أجل إحراز الحقيقة المجردة من خلال شعره لأنه بشكل أو بآخر لا يستطيع الهرب من واقعية الحياة اليومية التي يعيشها وتنعكس في مضامينه الشعرية :
كفى
لن تحرق المخيم
بالقصائد
ولن يبعث القلب
وهذا البياض حولك
فعندما مضيت
قلبي مات بعدك
فارحل من جديد
وخذ قلبي معك
قد يكبر حب
مثل حبنا
مرة أخرى
مثلما ينمو المخيم
في مكان آخر ..

ومن سمات موهبته أن يكون قادراً على الخوض في أشياء تبدو مألوفة كثيراً ومعتادة ولكن بشكل مقنع وجذاب ، وبجهد ربما يبدو بسيطاً للوهلة الأولى يجد المفردات المناسبة ويؤلف فيما بينها ليخلق صوراً بصرية مؤثرة ، إنه شاعر صورة .. فقصيدته تتكون من صورة بانورامية عامة تتكون بدورها من مجموعة صور جزئية ، وأحياناً يكون هناك رابط وثيق بين هذه الصور وفي أحيان أخرى تكون متناثرة ، وجماليتها لا تخفى في الحالين .. لا أبالغ إن قلت إنه شاعر يتكلم بالصورة ويعبر عن أغلب مضامينه من خلالها ، وهذا من أهم سمات الشعر الحقيقي:
أمس
كان علي أن أجدل الريح
لأنها داعبت شعرك ..
لكنها فرت مسرعة باتجاه الغرب
أمس
طوحت يدي في الفراغ
لأمسك صوتك المرتد
من البحر
لكن الهواء خانني
برطوبته اللزجة
فانزلق صوتك
من بين أصابعي ..

إن القصيدة عنده مركزة ومكثفة .. حتى قصائده الطويلة تكون غالباً مؤلفة من مقاطع مكثفة ، ليس هناك زوائد لا ضرورة لها .. إنه لا يقدم لنا إلا المتن وعلى القارئ أن يَجِدَّ في صياغة الحواشي والهوامش التي يراها مناسبة لهذا المتن .
إنه يمسك بأكثر الانفعالات رقة ويحولها إلى شعر مؤثر ، وأسرار القلب الإنساني هي أكثر الأسرار تعقيداً ولا يتمكن من تحليلها وتفكيكها إلا الشاعر الحكيم الذي يستطيع أن يسلط عليها إضاءة داخلية وجدانية فتنكشف لكل ذي بصيرة .
كيف تسير قصيدة فؤاد ديب ؟ باختصار هناك مجموعة من القمم يواجهها الشاعر في أثناء الكتابة فنراه يستطيع أن يقهر هذه القمم واحدة بعد أخرى ، إلا أن كل قمة جديدة ليست هي الأخيرة ، إنها تفتح آفاقاً جديدة تؤدي إلى طرق غير واضحة ، ولكنه يتغلب على هذه القمم تباعاً ليكتشف قمة أخرى أكثر علواً وأكثر روعة ويبقى على هذا المنوال حتى تنتهي القصيدة.
إنه شاعر صادق وحساس ، يقدم لنا تجاربه بأسلوب شعري خالص ، من القلب مباشرة ، وهو متنوع أيضاً في إنتاجه الشعري ، والرتابة بعيدة في أغلب الأحيان عن شعره ، وإننا نجد في قصائده النفس الدرامي الشيق ، وروح الفكاهة الهادفة ، والفكر الجاد والملتزم ، كما أن لديه قصائد حب ممتعة ، وأغلبها صادق ينبع من الوجدان الأصيل ، وهي ذات نبرة أصيلة لشعور مبهج عال روحي في أحيان وحسي في أحيان أخرى ، ومن يقرأ شعر فؤاد فإنه يستطيع بقليل من التأمل أن يفصل حبيبة الشاعر الأنثى عن حبيبته الأرض الأنثى أيضاً:
في ليالي البرد والثلوج
عيناك ذئبة
فقدت وليدها
فحاصرتني
وافترستني
وسال دمي
نقطة
نقطة
ومع كل نقطة سقطت
رحت تخمنين
يحبني
لا يحبني
وأريق دمي
دون أن تدركي الحقيقة
وتلون الثلج بلون الجواب ..

إن مما يؤخذ على شعر فؤاد وجود حالة من الثبات التركيبي للجملة في بعض قصائده ، فمن قصائده ما يسترسل فيها مع التراكيب الخبرية حتى تكون هي المسيطرة على النص بأكمله كقصيدة المخيم ينمو في مكان آخر ، ومنها أيضاً ما يسترسل فيها مع التراكيب الإنشائية كقصيدة مكسورة الصدى ابتسامتك ، كما أننا نلاحظ في ديوانه قصائد يؤسسها على تكرار جملة أو شبه جملة يبدأ بها كل مقطع من مقاطع القصيدة ، كقصائد (أمس ، مكسورة الصدى ابتسامتك ، ثرثرة أصابع) ورغم الجماليات التي تجليها هذه القصائد فإن هذا برأيي يولد شيئاً من الرتابة في نفس المتلقي ، إن هاجسه في أثناء عمله الشعري هو أن يصل دائماً إلى جملة شعرية جديدة ليست عادية ولا مطروقة ، ولكنه في أحيان قليلة يتكلف ذلك تكلفاً وتخونه الذائقة فينتهي إلى جملة ربما تكون غير شعرية .
كذلك فإنه لا يهتم كثيراً بتعميق قصيدته بأن يضيف إلى محتواها بعداً ثقافياً أو معرفياً من خلال العمل على التاريخ مثلاً أو المثيولوجيا أو الفلسفة أو علم النفس إلى ما هنالك من محتويات ثقافية معرفية يمكن للشاعر من خلالها أن يوسع نطاق القصيدة العربية المعاصرة .
إن مصادر فؤاد في شعره تنحصر في تجربته الحياتية بمختلف جوانبها ثم قراءاته لألوان عديدة من المعرفة لاسيما الأدب وربما يكون الشعر أقلها ، وكذلك علوم اللغة العربية ، ولكن ورغم كل ذلك يستطيع أن يقدم لغته الخاصة هذه اللغة البسيطة إن كان على مستوى اللفظ أم على مستوى التركيب ، وأن يقدم أيضاً تجربته الشعرية الخاصة التي تستحق التأمل والتحليل والتي تبشر بأنها ستسير إلى الأمام وهي تتوسع وتنداح على الآفاق ، وإذا توقفنا عند مقولة (أدب الحياة) التي ينادي بها الشاعر العربي الفلسطيني عبد الكريم عبد الرحيم فإن تجربة فؤاد ديب الشعرية المتصاعدة لا ريب في أنها تنتمي أشد الانتماء إلى نطاق أدب الحياة .
يجب علينا أن نشجع فؤاد ديب بكل ما أوتينا من طاقة ، وإن كان لا بد لنا من أن نقسو عليه فليس من خلال نفي تجربته الشعرية إلى خارج مضمار الشعر باعتبار أنه ينثر شعره نثراً ولا يزنه على الموازين ، هذا الاعتبار الذي أرى النقاش فيه نفياً لشمولية الأدب وتنوعه وتطوره وتجدده عبر الزمن .
***************
فؤاد ديب ـ نبذة ذاتية
ـ شاعر عربي فلسطيني من قرية العبسية قضاء صفد ، من مواليد دمشق مخيم جرمانا 1970 م.
ـ عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين ـ فرع سورية .
ـ من مؤسسي منتدى فلسطين الثقافي بدمشق.
ـ ينشر في عدد من الدوريات والمجلات العربية.
ـ يشارك في الأمسيات والمهرجانات الأدبية التي تقيمها الهيئات والفعاليات الأدبية والثقافية في دمشق وخارجها .
ـ حائز على الجائزة الثانية في مسابقة الإمام الخميني للإبداع الثقافي عام 2001 والجائزة الأولى عام 2003 .
ـ صدر له ديوان شعر بعنوان :
الورد لا يوقظ الموتى ـ عن دار الطارق بدمشق عام 2006 م .



#قحطان_بيرقدار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسراء إلى صلوات الروح
- هجرة في تفاصيل الحنين
- بوح ليلي في انتظار نهار


المزيد.....




- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان بيرقدار - نظرة عامة في تجربة فؤاد ديب الشعرية وديوان الورد لا يوقظ الموتى