دور خليل فرح في ثورة 1924 وتطوير الأغنية السودانية (1 /2 )


تاج السر عثمان
الحوار المتمدن - العدد: 7873 - 2024 / 1 / 31 - 15:05
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

تناولنا في حلقات سابقة الذكرى المئوية لثورة 1924 التي سوف نحي ذكراها طيلة هذا العام، ومواصلة لذلك، نعيد نشر هذه الدراسة التي تسلط الضوء على الدور الذي لعبه خليل فرح في ثورة 1924، وتطوير الأغنية السودانية .
في 30/6/1932م توقف قلب كبير عن الخفقان، توفى خليل فرح الذي كان نزيلا بمستشفى النهر بالخرطوم، بعد أن ادركته علة الرئه – السل، تلك العله التى قال عنها الخليل:
علتى وهى علتى قصة الناس في البلد .
الواقع، عندما نتحدث عن الاغنية السودانية الحديثه وروادها يقفز الى الذهن خليل فرح، انه كان مبدعا ومجددا حقيقيا في الأغنية السودانية، وقد صدرت حول الخليل عدة كتب نذكر منها على سبيل المثال لاالحصر :
- نقوش على قبر الخليل ، للأديب المثقف والدبلوماسي عبد الهادى صديق، رحمه الله.
- ديوان الخليل، الذى قدم له وحققه طيب الذكر الراحل على المك.
- كما قدمت الأستاذة حاجه كاشف دراسه عن الخليل.
- وفى مؤلف المرحوم حسن نجيله: ملامح من المجتمع السودانى- الجزء الأول، جوانب مختلفه من شعر الخليل ودوره في الحركة الوطنية وفي جمعية اللواء الأبيض وذكريات نابضة بالحياة عن صالون (فوز). *
الخليل من ذلك الجيل من المتعلمين والمثقفين السودانيين الذين تخرجوا في كلية غردون وغيرها ، الذين حملوا أعباء النهضة السودانية الحديثه وصارعوا من أجل إرساءها في مختلف المجالات، ووضعوا حجر الأساس الذي لازلنا نبنى عليه في تلك المجالات، سواء اكان ذلك في ميادين الاقتصاد أم الاجتماع أم السياسة، ام الموسيقى أم المسرح .. الخ.
الواقع أننا لايمكن فهم تطور السودان الحديث دون المعرفة العميقة والباطنية لجذور وجينات ذلك التطور والظروف التى حكمت وشكلت قسمات نشأته الأولى.
من هذه الزاويه ، نتناول الدور الذي لعبه الخليل في نهضة وتطور السودان الحديث، ونتناول قضايا التقدم الاجتماعي التى كان يثيرها ، كما نتناول الربط المبدع لأشعار الخليل بالوطنية والطبيعه السودانية وتخطيه لحدود المكان والزمان.فلازالت قصيدة( عزه في هواك) ترن في الاذان كرمز للوطنية السودانية، وسوف تظل خالدة في حاضر ومستقبل السودان ، كما كانت في الماضي.يقول الخليل فيها:
عزه في هواك نحن الجبال وللبخوض صفاك نحن النبال
عزه ماسليت وطن الجمال ولاابتغيت بديل غير الكمال
وقلبي لسواك ماشفته مال خذينى باليمين وأنا راقد شمال
عزه مانسيت جنة بلال وملعب الشباب تحت الظلال
وهى من القصائد الرائعه التى يربط فيها الخليل الوطن الكبير(السودان) بالوطن الصغير (امدرمان) ومنطقة مولد الخليل.
يتناول البحث القضايا التاليه:
1- الخليل وعصره
2- الخليل والتجديد
3- النهضه في أشعار الخليل
4- الخليل والوطنية السودانية
5- الخليل والمرأة
6- الخليل والطبيعه
7- خاتمه.
أولا: الخليل وعصره:
وُلد خليل فرح في قرية دبروسه بمنطقة حلفا سنة 1894م (1) ، أى أن الخليل ولد في السنوات الأخيرة لدولة المهديه التى استقل فيها السودان لمدة ثلاثة عشر عاما وتم سقوطها في عام 1898م ، فالخليل تفتح على الاحتلال الانجليزى – المصرى للسودان، وهزيمة دولة المهدية، وربما يكون اختزن في ذاكرته فظائع احتلال السودان واستباحة الخرطوم خلال الأيام الاولى للغزو ، ومؤكد ان - صح ذلك – أن هذا الواقع يكون قد ترك اثره بهذا القدر أو ذاك في الخليل، كما تفتح الخليل ايضا في طفولته الباكره على النيل وجمال الطبيعه والنخيل والسواقي والاشجار والطيور المتنوعه، وكل ما تحمله حياة الريف في منطقة السكوت أو المنطقة الشمالية من جمال وبساطه وبهحه، اضافه لأغانى النوبة ورقصهم وتراثهم الشعبي وأمثالهم وحكمهم، كما نلاحظ بعضا من ذلك في أشعاره، فعلى سبيل المثال هناك مثل نوبي يقول:زوج البنت دينار فوق جبهة الحماة، والدينار عند النوبة حلية من الذهب الخالص مستديرة الشكل تربطها المرأة في شعر الناصية وترسلها إلى الأمام ، فتستقر فوق الجبهة، وهى حليه من الحلى الزاهيه تعتز بها كل امرأة. وهو مثل يضرب للدلالة على مكانة زوج البنت وعلو قدره في نظر حماته، وفي قصيدة ( جنائن الشاطئ) يستلهم الخليل هذا التراث عندما يقول:
القوام اللادن والحشا المبروم
والصدير الطامح زى خليج الروم
حلى جات متبوعه الصافيه كالدينار
في القوام مربوعه شوفا عاليه منار
كان والد الخليل : فرح بدرى يعمل بالتجارة ، وكان كثير الأسفار في المنطقة من حلفا ودنقلا وكثيرا ما كان يصحبه خليل في تلك الأسفار، وبطبيعة الحال، ان هذه الأسفار كان لها الاثر في شخصية وتفكير الخليل فجعلته يتعرف على مناطق مختلفه من السودان في بداية حياته، الشئ الذى جعله واسع الافق والخيال كما ساعدته على حب وعشق الطبيعه التى عبر عنها كثيرا في اشعاره، توفى والده سنة 1915، كما توفيت والدته سنة 1927 م.
نال الخليل جزءً من تعليمه في خلوة الشيخ أحمد هاشم بجزيرة صاى، ثم الكتاب في دنقلا، كما درس في أمدرمان حيث كان يقيم واهل ابيه، ودخل كلية غردون وتخرج فيها مهندسا ميكانيكيا، وعمل بعد تخرجه في مصلحة البوسته والتلغراف، ونتوقف هنا قليلا لنلاحظ ، أن الخليل تلقى تعليما مدنيا حديثا أو مدنيا فرضته احتياجات الإدارة البريطانية بعد قيام مشاريعها الصناعية والزراعية والخدمية، واحتياجها لنوع من التعليم الحديث يلبى تلك الاحتياجات، وبدراسة الخليل للهندسه تفتح افقه وخياله وبدأ يتعامل مع المنجزات الحديثه للثورة الصناعية الأولى من أدوات إنتاج ومبادئ العلوم والرياضيات والهندسه . الخ، كل ذلك اسهم في تنمية وعى الخليل الاجتماعي الذى صقله فيما بعد باطلاعه الواسع في الأدب والشعر القديم والتاريخ الإسلامي والسوداني ، أي ان الخليل تخطى برنامج كلية غردون الدراسي الذي كان يقتصر على تدريب الطالب على مهنه محددة معزوله عن الثقافة العامة، وهذه نقطه مهمه تشكل المفتاح لفهم سر التجديد في الأغنية السودانية وفي الشعر السوداني عامة، ذلك لأن الخليل نفسه هو نتاج القوى الحديثه من موظفين وعمال ومهندسين الذين برزوا بعد قيام مؤسسات الإدارة الاستعمارية في بداية القرن الماضي، وهذه القوى هى التى قادت دفة التجديد في مختلف المجالات الأدبية والفنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية فيما بعد.
ومن الملامح الانسانية للخليل زواجه من السيدة سلامه اغا ابراهيم أرملة شقيقه بدرى وذلك في جزيرة (صاى) عام 1923 م ، وكان له من الولد فرح وعائشه.
وكان للخليل نظرة عميقة للاستعمار باعتباره سبب الشقاء والتخلف للسودانيين ، وهذه النظرة نلمحها في قصيدة ( صائد الأنام) ، وهى قصيدة نظمها بمناسبة زيارة ( أمير بريطاني) للسودان جاء فيها :
ياصائد الأنام سافر ياأمير وانزل أراضينا
جوب ساحاته واستعرض ميادينا
ما تهمك مدارسنا ونوادينا
اهلك اهملوا تأسيسه عامدينا
ساد الجهل وسادت عوادينا
وعم الفقر مداينا وبوادينا
ما اتسولنا أو مدت أيادينا
غير الخالق المن فيضه يدينا
ياصائد الأنام المولى عاطينا
طبيعه غنيه في بواطينا
ما اخصب جزائرنا وشواطينا
وخيرات الجزيرة الدافقه طينا
ويختتم الشاعر بقوله :
بس الشفته من أحوالنا بيألم
احكى عنه لأهلك وعد سالم
والخليل هنا يعبر عن مفهوم عميق للاستعمار كظاهرة اقتصادية اجتماعية، باعتباره سبب الجهل والتخلف رغم ادعائه بأنه جاء لنشر التعليم والمدنية، ويتضح ذلك من اهماله للتعليم والشح في بناء المدارس والأندية التى ترمز للوعى والتقدم الاجتماعي والثقافي، ورغم خيرات البلاد وخصوبة أرض الجزيرة، الا أن عائدها يذهب لجيوب المستعمرين بينما السودانيون يعانون من الفقر في المدن والبوادى، والخليل هنا كان عميقا عندما يلاحظ الفقر في القطاع الحديث ( المدن)، وفى القطاع التقليدي ( البوادى)، ويشير الى عزة السودانيين الذين يرفضون التسول رغم الفقر الذي عمّ في فترة سيادة الاستعمار الذي اهتم بالمحصول النقدي ( القطن) وأهمل زراعة قوت الناس مثل: الذرة والدخن والخضروات .. الخ، أى أن الاستعمار لم يكن يهمه غذاء السودانيين ورفاهيتهم، بقدر ما كان يهمه إنتاج المحصول النقدي( القطن) اللازم لمصانعه في لانكشير.
اعتقد أن الخليل هنا عبر بالحدس والفطرة تعبيرا عميقا عن فهم ظاهرة الاستعمار والأسباب الأساسية للتخلف التى نشأت من استنزاف خيرات البلاد، وتصدير الفائض الاقتصاي للخارج وابقاء السودانيين في حالة من الجهل والفقر.
وبعد استقرار دولة الحكم الثنائي شرعت في إرساء البنيات الأساسية للدولة السودانية الحديثة، بقيام السكك الحديدية، النقل النهرى، ميناء بورتسودان، التعليم الحديث وقامت كلية غردون، بناء المستشفيات الحديثة، مصلحة البوستة والتلغراف، مشروع الجزيرة، خزان سنار، ودور الطباعة والنشر والصحافة. الخ.
شهدت الفترة(1900 – 1919 م) تخرج متعلمين من كلية غردون، وتطورات عالمية وداخلية كان لها الأثر في تطور وظهور شكل جديد للوطنية السودانية بعد هزيمة دولة المهدية واتباعها وهزيمة الانتفاضات القبلية والدينية التى استمرت حتى 1916م. حيث تم القضاء على تمرد السلطان على دينار في دارفور. وشهدت تلك الفترة الحرب العالمية الأولى، وما تمخض عنها من تطورات في الحركة الوطنية لشعوب المستعمرات، والاتجاه العام للمطالبه بحق تقرير المصير، كما شهدت نشوء ومولد الصحافة السودانية التى بدأت أجنبية الملكية سودانية القراء، حتى قامت أول جريدة ( الحضارة) سودانية في الملكية والقراء(2 ).
كما اشترك الجنود السودانيون في الحرب العالمية الأولى وعادوا للبلاد بوعى جديد ، كما شهدت تلك الفترة نهوض الحركة الوطنية المصرية التى توجت بثورة 1919 م التى كانت تطالب بسيادة واستقلال مصر ، كما شهدت شعوب المستعمرات اللأخرى في الشرق ثورات مثل: ثورة الهند ، والثورة الروسية عام 1917م.
ولم يكن السودانيون ولاسيما المتعلمين منهم بمعزل عن تلك الأحداث والتطورات فتم انشاء نادى الخريجين ، وقامت جمعية الاتحاد السوداني وجمعية اللواء الأبيض فيما بعد التى كانت تطالب بوحدة وادى النيل تحت التاج المصرى وجمعية اللواء الابيض من أوائل التنظيمات التى قامت على اسس سياسية حديثة في السودان وشكلت تطورا ارقى في ميدان التنظيم في السودان. كان خليل فرح عضوا في جمعية الاتحاد السوداني التى تكونت عام 1921 م في منزل محى الدين جمال ابوسيف ومن أعضائها المؤسسين توفيق أحمد البكرى وبشير عبد الرحمن وكلهم كانوا من طلاب كليةغردون، وكان هدف هذه الجمعية وحدة وادى النيل ثم صار من اعضائها : مدثر البوشي، الامين على مدنى، عبيد حاج الامين، بابكر القبانى، توفيق صالح جبريل وغيرهم.
مارست الجمعية آساليب العمل السري، وكانت اجتماعاتها تتم سرا، وتوزع المنشورات التى توضح أهداف وأفكار الجمعية، وعندما قامت جمعية اللواء الأبيض انضم اليها خليل فرح وكان الخليل يعبر في قصائده واشعاره عن أهداف وشعارات وحدة وادى النيل التى قامت ثورة 1924 م على أساسها ونلمس ذلك على سبيل المثال في قصيدة ( الشرف الباذخ) والتى يقول فيها:
نحن ونحن الشرف الباذخ دابى الكر شباب النيل
قوم قوم كفاك يانائم شوف شوف حداك يالايم
مجدك ولىّ وشرفك ضلّ وامتى تزيد زيادة النيل
الى أن يقول:
ده ودعمى وده ضريب دمى وانت شنك طفيلي دخيل
يانزلانا امرقوا الذمه كيف ينطاق هوان الامه
شالو حقوقنا وزردوا حلوقنا ديل دائرين دمانا تسيل
من تبينا قمنا ربينا ما تفاسلنا لو في قليل
ما فيش تانى مصرى سودانى نحن الكل ولاد النيل
واضح من القصيدة انها تعبر عن جماعة ( نحن) أى جماعة وحدة وادى النيل، ويرد فيها ذكر (النيل ) اكثر من مرة ويختتم بقوله ( مافيش تانى مصرى سوداني نحن الكل (ولاد النيل)، ويرد فيها تعابير مصرية مثل( امتى تزيد زيادة النيل )، كما يشير الخليل الى الكبت الذي يعانى منه الشعب السودانى في ظل الاستعمار الانجليزى عندما يقول:
يانزلانا امرقوا الذمه كيف ينطاق هوان الامه
شالو حقوقنا وزردوا حلوقنا ديل دائرين دماءنا تسيل
ويقول للمصرى والانجليزى:
ده ود عمى وده ضريب دمى وانت شنك طفيلى دخيل .
اى أن القصيدة تعبر تعبيرا كاملا عن شعار اللواء الابيض ( وحدة وادى النيل).
بعد هزيمة ثورة 1924 م وخروج القوات المصرية من السودان وانفراد الانجليز بالحكم، نظم الخليل قصيدة ( ماك غلطان) في عام 1925 والتى تحولت الى نشيد وطني ذاع شأنه وكان يغنيه كثير من المطربين ، يقول فيها:
ماك غلطان ده هوى الاوطان نوح ياحمام
الى أن يقول فيها:
اطرى فلان وليالى عنان وين ياسلام
كنا حنان والحله جنان نوح ياحمام
اليوم آن للمحنه آوان ضل المرام
ما فى إخوان وحياتنا هوان نوح ياحمام
لاشك أن التزام خليل السياسي سبب له المتاعب في الخدمة المدنية، حيث كان هدفا لحزم الإدارة، وعلى حد تعبير على المك ( ربما كان ذلك عقابا على شعره واشاراته للإدارة البريطانية بالتلميح والتصريح) (4). فقد بلغ مجموع الأيام التى خصمت رواتبها من خليل فرح عشرون يوما في مدة خدمته من أخريات عام 1913 م الى عام 1929م.
احب الخليل مصرالذى كان يرى فيها مثلا اعلى في الثقافة والعلم، كما ادرك قوة الصلة بين الشعبين المصرى والسوداني، وما انضمام خليل لجمعية اللواء الأبيض التى كان من أهدافها ( وحدة وادى النيل) الا دليل على ذلك، فقد ذكر مصر كثيرا في اشعاره كقوله ( نحن الكل أولاد النيل)، ( نحن كنانة إسماعيل). وعليه شد الرحال إلى مصر في آخر عام 1928م، واستطاع أن يكسر ويتخطى القيود التى كان يضعها الانجليز في سفر المثقفين والمتعلمين السودانيين الى مصر طلبا للمزيد من العلم والمعرفه.
في الفترة الى قضاها الخليل في مصر استطاع أن يطور قدراته الغنائية والموسيقية ويتزود بالعلم في هذا الجانب، ودرس علوم الموسيقي، واستطاع الخليل عن طريق المعارف العلمية الأولية في هذا الجانب أن يطور ويسهم في ارساء قواعد الأغنية السودانية على أسس جديدة راقية ومتطورة .
كان صراع الخليل مزدوجا : الصراع ضد الاستعمار والتخلف والفقر، والصراع ضد مرض داء السل العضال الذى كان يعانى منه، فازدادت معاناته ومتاعبه وعلى حد قول المتنبي ( ومن ذا يحمد الداء العضالا)، في قصائده اشارات كثيرة لذلك المرض ، وكان يربط علته بعلة الوطن كله ، ومن الامثله على ذلك قصيدة ( من يداويك) والتى جاء فيها:
من يداويك والحياة كما شاءوا وما شئت كلها آلآم
مالنا نسكب الدموع على القرطاس ياقوم ولعلى أقوام
وكذلك نلاحظ ذلك في قصيدة ( الاتومبيل والاسد) والتى جاء فيها:
يابناءً على المجد قد قام واعتمد
رفع الله امة رفعت مجدها السند
كم طبيب على عبادة الفجر ما رقد
يتلقاك باسما جس نبضا أو انتقد
تلك ستون ليلة هى كالسجن أو اشد
صدمة ليتها صدمة الاتومبيل أو الأسد
علتى وهى علتى قصة الناس في البلد
كان الخليل عميقا في ثقافته ومعرفته بالتاريخ والشعر العربي والتراث السوداني وينعكس ذلك في شعره وقصائده، كما استطاع أن يطوع تلك المعرفة على الواقع السوداني، وتحت مفاهيم جديدة ولغة جديدة وجمع في شعره بين العامية والفصحى.
وفي قصيدة ( طير الوادى) اشارة للتراث وللآثار السودانية والأمجاد الماضية يقول فيها:
كنانة آمون مشغوله قايدة وشايدة
من والدنه بى تلك القصور الشايدة
وفي قصيدة ( تعال الى ) يقول:
طربت وهزنى الشوق المشيم وعاود مهجتى داء قديم
الى أن يقول:
فسل سوبا وسنار عنا وواد النخل لبنك الرسوم
فالخليل هنا يصل لمرحلة متقدمة في الوعى بالذات وبالحضارة السودانية.
وفي قصيدة ( لاتقوم الشعوب الا على ماضي)، يقول:
رب ماض من الهوى بعثته ذكريات الهويل بالتغريد
لاتقوم الشعوب الا على ماض بقيت بذكره في النشيد
وبنفسى هى الحياة حياة اسلكت اهلها سبيل الخلود
ويدعو الخليل الى العلم والمعرفه حين يقول:
فكونوا كما الكواكب ذا زمان لغير اولى النهى ليل بهيم
وشدوا بعضكم بعضا وسيروا بغير العلم مسلككم وخيم
نواصل