سكينة الروح في الطين السومري


نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن - العدد: 7522 - 2023 / 2 / 14 - 00:26
المحور: الادب والفن     

1
للصباح أوردة مثل خيوط الضوء التي تربط بين النجمة وشخير الأباء..
وللمدينة وجه سكينة مورق في صباحات سوق الشيوخ
عربات تجر المبكرين الى رزقهم في شوارع غيب الدراهم والأزابيل تمتلئ بأناناس مزورع في بستان لرجل بوذي من أهل كرمة بني سعيد.
عالمٌ فضيٌ .
ينصحنا بربط الحذاء جيدا قبل الصعود الى السطح وكوكب الزهرة .
أو ....وجهك القمري يشع في كل المدن السومرية وشوارع لندن وباريس وعلاوي الحلة.
إذا أنجزت فرض الحساب ، وغرقت بسحر الرقم سعادة قلم المعلم.
الصباح الباريسي.
حافل بالدمى والمغنيات .
والصباح هنا حافل بشتائم عمال البلدية
ستستيقظ أمي .
تقبل وجه امك
صديقتنا في سكينة الروح
وهما من جمعتنا انا وانت سوية.

2
اتذكرك في طقوس السفرات المدرسية ايام الابتدائية
والبيض المسلوق هديتها الى فرجينا وولف وقراءاتي الخلدونية.
أعترف أني كبرت قبل أواني.
وأشعر بسعادة الشموع في الصواني.
القاسم في عرسه
والعاشق في همسه.
وأنا في ثوب طفولتي .
أتخيل وجه أبي خيمة سسرك.
وحدها تصنع الفرح
ومارلين مورنو تصنع الأنتصاب.
( مبكر ) هذا الكلام في قواميس الولد.
لكنه يحس بها .
لهذا ألحقه القيصر في جيشه.
وكتب أول قصصه في جبهة الشوش.
أما تلك الطفولة
فلها برودة الطين
وظلال نخيل الناصرية وام العباس
ولها هريسة محرم .
والصفحة الأولى من طريق الشعب
للصباح ( سكينة الجدة بعد عامها الثمانين )
ترقبنا بسهام الغيرة.
كانت هناك نستلة أسمها نستلة الطالب
تتزاحم معنا من أجلها.
وعندما لاتحصل على شيء
ترمي بخاتمها الذهبي الى السماء
منقوشة عليه طغراء الرقم السري لبدء حرب طروادة.
تلك القديمة حسمها حصان من خشب .
الآن الحصان دبابة وحديد ، ولم تحسم .
أيتها الطفولة .
أتذكر حروبك جيدا .
أسلحتها النارية فك الخروف .
وأذا كان السلاح قاذفة فهو فك جاموسة .
وبعد ...يا سكينة الروح
أمي تخيط العباءات للنساء .
لكن العروسات يذهبن الى خياط نسائي.
كانت أمي تحسده وتسميه ( عكوبز ).......

2
عندما اتذكر اراجيح طفولتي المصنوعة اصلا في عالم والت ديزني
ومن جذوع النخل...
تعود ذاكرتي الى ارجوحة تتدلى منها جميعا وهي اثداء امهاتنا .
هناك اللذة كلها .
وهناك الحداثة كلها ..
وهناك الدنيا مهما تغيرت محطاتها ...
دموع الامهات قطاراتها...
وأنت عبرة اسمك المميز في دموع عاشوراء
تصنعين من الطين حناء
وبطرف رعشة اصبعك تكتبين خواطر قلبي باللغة المسمارية .

3
النجوم لن تطفئها الف غيمة .
لكن دمعة أم تجعلها تنكفئ على وجهها الى الصباح.
أكتشف هذا حين توفي أخي الأول .
ومع موت أخي الثاني .
أمي جعلت طفولتنا أوبرا سريالية.
سروايلنا فيها تحولت الى ملائكة من أهل المشخاب
وشخاخهم مطر صيف.
أما انت فكنت في حكم الغيب
حنائك عطور الكريستيان ديور
وابتسامتك اختام مخاتير محلات سوق الشيوخ.

4
يُفنى البشر.
وحدها الارواح تبقى ،
ولكن تلك الارواح التي فعلت شيئا
يجعلها موجودة على الدوام..
هذا يرتبط بوجود طفولاتنا .
نحن الذين قرأنا
ثم كبرنا .
وعلى اعتاب آلام فقرات الظهر.
الأنحاءة لاتبكي .
بل تدون خاطرة غرام لفراشة.
وتصنع من دمعتك دمية الطين
فنقول يا سكينة..
فتردين اتركوني اسمع اغنية يا حريمة.

5
يوم حملت يوم وشهر وسنة ميلادي على أكتافي.
شعرت أنَ ألف حمار
لا يستطيعَ أن يحمل هذا التأريخ..

6
قديما كانت لغة صباحاتنا تطورها أماني طفولة و أغاني فيروز...
الآن الذي يطورها سؤالنا :
كم قتلت المفخخة وفايروس كورونا ليلة أمس.
ولأنك مفاجأة ساحرة لهذا العمر
تصبحين اثمن من أي جرعة لقاح
انت حواء وتفاحتك جنوب العراق كله.
7
علمتنا ، الحياة .
أنها حياة .
وعلمنا السبات ..
أنه نوم..
وعلمتنا الطفولة .
أن الدراهم مهر الدمى..
أما انت فتعلمنا منك
ان يكون غرامك ابتسامة موزارت الخجولة وقلائد يصنعها المندائيين في سوق الشطرة.
8
هي معضلة أن لاتفهم حتى نفسك
ولا تعرف أن تستعيد شيئا من طفولتكَ
.وتذهب لتكوي قميصك الأبيض..
فتجدها مرسومة على الياخة
وجه السكينة وجه الملكات.
9
حظنا في الحظ
أن جوائزه مجرد غيب..
ولكن حظنا في الطفولة أننا نستعيد كلما غاب من أرواحنا.
ومعك
عيد الحب يصبح سماء لشباك القلب
ومن نراه هو جفنك القرمزي.