الحرب الروسية الاوكرا نية


حسين مزعل محسن
الحوار المتمدن - العدد: 7400 - 2022 / 10 / 13 - 02:04
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

" أنه خطأ فادح جدا ولا أحد يستطيع أن يجد تبريرا له وأن يقنعني أنه لا داعي لروسيا أن تقلق . إذ لا يمكن إهانة وإذلال الشعوب والتصور أن إن ذلك سيمر بسهولة ودونما تبعات. هل هي إستراتيجية جديدة؟. إن استمر الحال على هذا المنوال فلن يكون ممكنا حل أي من الأمور بطريقة كهذه والتي تشبه لعبة ورق/ بوكر". من خطاب لغورباتشوف في أحدى الجامعات الأمريكية Gorbachev comments on NATO expansion you tub 21/07/2015

يقول الفيلسوف الالماني فلهم كممار ما يلي" اكتب لدوافع تنويرية نبيلة لان تاريخا مزورا هو خطر جسيم على الحضارة ويمنحنا مفاتيح خاطئة تؤدي الى وعي خادع سرعان ما يتحول الى وقود لصراعات قادمة" عن الاستاذ نادر قريط
تتحدث مقالتي هذه عن حرب مستعرة الان, لكنها قد تنير بعضا من حقائق التاريخ التي سبقت هذه الحرب.

كُتبت المقالة بعد بداية الحرب , الان وقد توضّحت الكثير من الامور التي قد تجعل  البعض ربما يراجع قناعاته حولها. أتحدث في مقالتي هذه عن الماضي وعن احداثه وعن بعض من الحقائق والمراجع التي ترتبط بالماضي البعيد والقريب، والتي قد تساعد في فهم ملابسات هذه الحرب المحزنة.
يدفع الشعب الاوكرايني للأسف ثمنا باهظا لهذه الحرب. الخاسر الاكبر فيها هو الشعب الاوكرايني اولا والشعب الروسي وحتى الشعب الكردي في صفقة اوردغان السويد.
لابد في البداية من الذهاب لمنتصف القرن التاسع عشر للمفكر الروسي دانيليفسكي(عالم  بيئة ومياه وصديق يوفيه ذو التوجه المسيحي المثالي  الذي تأثر به ماركس)

استشرف دانيليفسكي خطر اوربا على  روسيا  حيث كتب في مؤلفه المهم (اوربا وروسيا) عن سمات روسيا المطعمة بالشرق  والمسيحية الارثدوكسية، كنيسة الرحمة والمحبة، و عن المشاعة الفلاحية Obshena. كذلك كتب عن خصوصية روسيا واختلافها عن أوربا والنموذج الاوراسي (اليورو آسيوي) في التطور.
كان الغرب يسعى لاستعمار روسيا وتقسيمها للاستحواذ عليها و على ثرواتها (بريطانيا و فرنسا) كي يمنع من تحولها إلى قوة مناهضة للغرب. تحدث في مقدمة كتابه انه التقى بمواطن نمساوي في بهو فندق في مدينة سانت بترسيورغ الروسية. النمساوي قال بلهجة عدم رضا عن حجم روسيا وسعتها" انكم جاثمون على صدورنا" مشيرا الى الخارطة المعلقة على بهو جدران الفندق " بلدكم هائل و به الكثير من الخيرات" منوها إلى مطامع أوربية في خيرات روسيا. تردد نفس هذا الكلام بعد مائة وسبعيت عاما على لسان هيلاري كلينتون.
اتخذ الغرب طريق التطور الرأسمالي بسبب توسع الإنتاج الذي دفعها لاقتسام العالم كما حلل ذلك لينين في كتابه الشهير الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية. لدمج البلدان المستعمَرة بالاقتصاد الرأسمالي كمصدر للمواد الأولية وسوق لتصريف المنتوجات.

يختلف الأمر كثيرا عن النموذج الروسي حيث ساد اقتصاد زراعي سمته الأساسية الحيازة الصغيرة للأرض حيث المشاعة Obshina هي الوحدة او الخلية السياسية والاجتماعية والاقتصادية حيث يسود نظام التكافل الاجتماعي في ظل الفقر المدقع على نقيض ما كان موجودا في الغرب في بداية الثورة الصناعية.
يقول عالم السياسة الروسي اولغ نيمنسكي " نعم نحن مختلفون"بمعنى ان لدى روسيا هوية ثقافية اجتماعية وسياسية خاصة تتمثل في بناء فوقي للاقتصاد تبلور عبر قرون من تاريخ الإمبراطورية الروسية التي واجهت بسبب طبيعة تشكل الدولة الروسية الامبراطورية الأسلوب الغربي للنمو. فروسيا ذات المساحة الجغرافية الواسعة لا يمكن ان تحكم الا بحكم مركزي وبمؤسسات ذات طبيعة تختلف عنها في الغرب وكذلك عداء الغرب لروسيا ومن ثم الاتحاد السوفياتي، حيث أجبر الغرب روسيا على توجيه الموارد نحو التنمية وإقامة الصناعة العسكرية التي التهمت التراكم على حساب الاستهلاك.
دعنا نعود للباحث الامريكي ج كوهن الذي قال "كان دانيلوفسكي مقتنعا تماما مثل ستالين بان الشعب الروسي اتبع المثل العليا التي تتناقض مع الروح العدوانية و البلوتوقراطية للغرب" -----البلتوقراطية حكم النخبة الثرية الصغيرة
plutocracy which is the rule of the wealthy minority
واستطرد يتحدث عن الهوية والدفاع عها حيث يقول (ان تذكر نفسك الثقافي والتاريخي وعدم السماح للاخرين والطابور الخامس فرض الهويات الأجنبية تحت شعار التسامح والقيم الأجنبية والشعور بالذنب التاريخي)
ومن هنا وكما قال دانيليفسكي للمواطن النمساوي أن روسيا دافعت عن أوروبا أبان غزو نابليون لها. من هنا بدأ الصراع بين الغرب وروسيا. باتت العلاقة التي تحكم روسيا بالغرب علاقة ضد مع ضديد منذ معاركها مع نابليون وهحوم البيض لخنق ثورة أوكتوبر الوليدة. خيم عور بالتهديد لاحتواء روسيا الذي كان وما يزال هاجسا يقض مضجع النخبة الروسية المثقفة والقيادات العسكرية. من هنا فأن شعار " الوطن الام" و الدفاع عنه لم يكن واجبا وطنيا وقوميا فحسب بل واجبا "دينيا مقدسا. وهذا ما فسر اصطفاف الكنيسة الأرثوذوكسية إلى جانب الجيش الاحمر للدفاع عن الوطن رغم خلافها مع الشيوعيين وستالين.
العلاقة التضادية بين الغرب وروسيا هي علاقة ذات طابع اقتصادي وجيوسياسي وتاريخي حتمتها عوامل منها اتساع روسيا وقدراتها المهددة للغرب قبل وقت طويل من ثورة اكتوبر. التاريخ الروسي مليئ بحالات تدخل فيها الغرب ضد روسيا حيث بلغ التدخل حد احتلال موسكو و الكرملين من قبل البولنديين، ثم الهجوم السويدي والهجوم الفرنسي بقيادة نابليون و كذلك الهجوم الألماني لمرتين في أعوام 1914 و 1941 ناهيك عن حرب التدخل والحرب الاهلية الممولة والمدعومة من الخارج. تلك التدخلات كانت وما تزال ندب عميقة في الذاكرة و الوجدان الروسي.

قامت روسيا القيصرية عام 1852 بتبديل كل خطوط شبكة السكك الحديدية(يوتيوب) والعربات وجعلها اعرض من الخطوط  الاوربية  كي لا يتمكن اي محتل استخدام هذه الخطوط للهجوم على روسيا, برغم أن الكثير من الضباط القياصرة كانوا معادين للبلاشفة لكن ذلك لم يمنعهم من الدفاع عن روسيا لا بل وان قسما منهم عمل مع البلاشفة للتحضير لاكتوبر في لجنة سرية انشاها لينين وكان ستالين عضوا فيها  ربما كان خوفهم   من تسليم روسيا للغرب بعدما تيقنوا بان البلاشفة يدافعون عن أراضي روسيا ووحدتها (يوتيوب الارشيف السوفيتي بالغة الروسية)

هنا لابد من العودة لموضوع الاختلاف في تطور البناء الاجتماعي السياسي والروحي بين روسيا والغرب. على خلاف الكنيسة الارثدوكسية  سمحت الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية بان تكون اداة في التطهير العرقي (قتل 60 مليون و20 مليون بين هندي احمر و افريقي في تجارة العبيد , هذه المعلومة من كتاب الغرب والعالم –كيفن رايلي سلسلة عالم المعرفة الكويت ) ليس هذا فحسب بل ان اهم المؤسسات المالية التي ترتكز الرأسمالية والغرب عليها كانت قد مولت حملات العبيد منها بنك باركليس و لويدز( نفس المصدر السابق)
ولكن الماساة لم تتوقف هنا بل استمرت في القرن 20 ولغاية ستينات القرن الماضي من خلال الكوكلس كلان البروتستانتية، وقبلها في القرن االتاسع عشر او نهايات القرن ا لثامن عشر حيث قتل الرجل الابيض في امريكا 8 مليون من الجاموس البري في 3 اعوام من اجل القضاء على الهنود الحمر وذلك بحرمانهم من مصدر حياتهم و رزقهم وقد انقرض الجاموس البري تماما لولا جلب بعض الجاموس البري من روسيا وايضا جهود عالم بيئي امريكي في القرن العشرين (تليفزيون ب ب س). وقد وثقت هوليود هذا الموضوع في فيلم الصيد الأخير the last hunt
والماساة مستمرة في موضوع عيد ما يسمى عيد الشكر حيث يتم الاحتفال به سنويا وهو عيد ذو ملابسات تاريخية مخجلة ولها الكثير من الظلال العنصرية والدماء.
دعنا نتقل لموضوع اخر وهو ظروف أوروبا السياسية عشية الحرب العالمية الاولى حيث كانت الامبريالية الالمانية تسعى وبشكل محموم للحصول على مستعمرات وهذا ما قادها للاصطدام بالامبرياليات الاخرى فرنسا وبريطانيا. كانت روسيا مطمعا وهدفا للاحتلال الالماني لولا انقلاب اوكتوبر الذي الغى المعادلة والتي انتهت بصلح بريست ليتوفسك والتي أعطت جزء من أراضي الامبراطورية الروسية –في البلطيق لالمانيا ,
ان روسيا كانت هدفا للتوسع الألماني قبل الحرب العالمية الأولى مثلما كانت هدف للتوسع البريطاني والفرنسي ولكن ليس من خلال الاستعمار الاستيطاني. وهنا يجب الحديث عن فلسفة العقيدة العدوانية التوسعية الالمانية والتي تسمى فكرة المجال الحيوي لألمانيا lebonsraum(ويكيبيديا)
ان سياسة الاستعمار الاستيطاني كانت قد بدات كمصطلح سياسي في تسعينيات القرن التاسع عشر واستمرت حتى اربعينيات القرن العشرين حيث انتهت باندحار المانيا في الحرب الثانية
وقد تم تداول هذه السياسة في منشورات الادب السياسي لاول مرة في عام 1901 وكانت فكرة  المجال الحيوي قد تكاملت حتى اصبحت هدفا جيوسياسيا لالمانيا في الحرب 1914-1918 من اجل التمدد والتوسع الاقليمي نحو الشرق ودفع الشعوب (المتخلفة) في وسط وشرق اوربا من خلال الترحيل الجماعي إلى سيبيريا او الابادة او الاستعباد وهو ما سمي بالخطة الشرقية (ويكيبيديا)
في عام 1860 استخدم احد علماء البيولوجيا الالمان اثناء مراجعته لكتاب دارون اصل الانواع "مصطلح الانتخاب الطبيعي " ثم استخدمه فيما بعد عالم الجغرافية السياسية فردريك راتزل العنصري الألماني الذي استخدم مصطلح المجال الحيوي لالمانيا .الولايات المتحدة أيضا استخدمت نفس المبدا في القرون الماضية لتوسيع حدودها ضمن ايديولوجية (المصير الواضح) والذي هو ربما امتداد لمبدا مونرو 1830(جيمس مونرو)  رئيس الولايات المتحدة الذي ينص على عدم السماح لاي دولة بالتمدد نحو الجزء الغربي من الكرة الارضية اي منطقة النفوذ الامريكي.
وهو نفس المبدا الذي استخدمته امريكا في ازمة الصواريخ الكوبية (رغم انه مبدا على شكل عرف وليس معاهدة دولية والذي لم تلتزم به امريكا اطلاقا حيث لديها حوالي 180 قاعدة حول العالم ما بعد 1945)
لنعود الان لموضوع المقالة الجوهري وهو موضوع الحرب على روسيا والاتحاد السوفيتي والتي لم تتوقف لا قبل 1917 ولا بعدها الا في ايام تهديم الاتحاد السوفيتي ايام غورباشوف ويلتسن .
اتفافية لوكارنو  Locarno Treaty 1925-1926 (انسكلوبيديا بريتانيكا- وكيبيديا). الاتفاقية عقدت في لوكارنو -سويسرا ووقعت في لوكارنو كمرحلة اولى وبعدها في لندن 1926 وكانت الدول المشاركة ممثلة بوزراء خارجية بريطانيا -وزير الخارجية اوستن شمبرلن. وقد شاركت بالاتفاقية ايضا كل من فرنسا والمانيا وبلجيكيا وايطاليا وكانت نقاط الاتفاقية تخص اجراءات التعويض الالمانية لدول الحلفاء، اما فيما يخص دول اوربا الشرقية(جيكسلوفاكيا و بولندا) فقد شملت المعاهدة فقط موضوع التعويضات ولم تشمل موضوع الحدود ويوجد نص للدفاع المشترك وهو ان تدافع بريطانيا وفرنسا وبلجيكيا عن بعضها عسكريا في حالة خرق الحدود او الحرب. اما فيما يخص شرق اوروبا فلا يوجد اي اجراء دفاعي اي اذا دخلت المانيا اوروبا الشرقية واحتلتها فلن يردعها احد. (وقد منح ثلاثة من الموقعين جائزة نوبل)
في عام 1925 وهو العام الذي نشر فيه هتلر كتاب كفاحي الذي ضمنه أيديولوجيتة الرئيسية وهي مشروع المجال الحيوي لالمانيا Lebonsraum. وما كان يدعوا للقلق ان الحرب الاولى كانت قد خيضت تحت نفس الشعار العدواني.
في هذه الاجواء الملبدة بالغيوم وفي ظل الحقد النازي على روسيا واليهود (فشل الثورة في المانيا التي قادها الشيوعيون ومنهم الكثيرون من اليهود) ادرك ستالين ان الحرب قادمة لامحالة وان اتفاقية لوكارنو بنصوصها هذه قد تشجع النازية على العدوان والتمدد شرقا. من هنا بدا صراعه المحموم في موضوع التصنيع والتسليح والصراع الشديد داخل الحزب بين تيار الثورة العالمية خصوصا داخل الجيش والخلاف مع بوخارين وفكرة التجميع الزراعي
.الكثيرون للأسف من الضحايا كانوا قادة افذاذ لكنهم لم يدركوا هول الخطر القادم (الارشيف السوفيتي). كان يجب الحفاظ جبهة داخلية متينة و موحدة لمواجهة الاعداء النازيين.
كان الاتحاد السوفيتي محاصرا ضمن مثلث ذو اضلاع مأساوية وكارثية وهي كما اسلفت العدوانية النازية التوسعية المدعومة بصمت غربي وبمعاهدة لوكارنو ,وفقر روسيا من ناحية التسليح ، وهشاشة الجبهة الداخلية المنشغلة بالثورة العالمية والذي لم يدرك بغض قياديها ان وجود وبقاء الاتحاد السوفيتي نفسه موضع تسائل وكمثال على ذلك كان وزير البحرية (الموالي لتروتسكي) منشغلا بالتخطيط لبناء غواصات كبيرة تجوب البحار في بلد لا توجد فيه بنادق كافية لخوض حرب. لذا كان ستالين يتحاشى اثارة الغرب و امريكا (الأرشيف السوفيتي بالروسية –يوتيوب) كانت فلسفته تتركز على بناء قدرة دفاعية وليست هجومية. فلم يكن الرجل حالما.
بعد انقلاب اكتوبر وفي اجتماع للمكتب السياسي صوت الجميع بما فيهم لينين لتاييد ونصرة الثورة العالميةما عدا ستالين  (الارشيف السوفيتي)، لانه كان مدركا لامكانيات روسيا البائسة التي لم تكن قادرة لدعم نفسها فكيف لها ان تدعم الثورة العالمية. تأكد صحة موقف ستالين بعد فشل الثورة في ألماني.
ملاحظة هامة رغم انها مؤلمة وهي ان خلاف ستالين مع بوخارين قد استمر حوالي 10 اعوام ولم يعدم الأخير الا في نهاية الثلاثينات حيث كان بوخارين ضد التجميع الزراعي ومصادرة الحبوب ( التجميع الزراعي بالاساس فكرة تروتسكي) والتي بدونها لما استطاع الاتحاد السوفيتي بناء القاعدة الصناعية التي واجهت الحرب.
لقد دفع الشعب الروسي ثمنا باهضا للحروب المفروضة علية خصوصا في الحرب العالمية الاولى (باختيار القيصر) و الثانية  اي حروب القرن ال20 . نظرة قريبة للادب الروسي  والادب السياسي توضح ما كان يعتمل داخل المجتمع, ففي كتابه القيم ,ستالين سيرة سياسية , يقول اسحاق دويتشر (ان الحرب قد قضت على الرعيل الاول من الشيوعيين ) وفي مكان اخر (ان الحرب قد قضت على الكثير من القوة المخصبة للمجتمع). نحن نعرف ما لهذا من تداعيات على السياسة وعلى المجتمع و الديموغرافيا. قرءة رواية ميخائيل شولوخف  الدون الهادئ توضح بعض الجوانب الماساوية للمجتمع ففي الترجمة الرصينة ( غانم حمدون  و علي الشوك وأمجد حسين ) هناك صورة مؤلمة وحزينة تؤكد ماقاله  دويتشر وما ذكرناه آنفا. ففي الرواية تناجي احدى النساء الطيور المهاجرة  في السماء وتشكو وحدتها فتقول
عد ايها الاوز الابيض الى البيت
فقد انتهى اوان السباحة
وانتهى اوان بكائي
بكاء امراة وحيدة
انها صورة حقيقية لمجتمع  ما بعد الحرب.
حاول ستالين كل ما بوسعه لتفادي الحرب مع المانيا حتى قبل ان تبدا في 1939 على اوروبا وقد طلب المعونات من اوربا لدحر هتلر و كان ذلك ربما ممكنا قبل بداية الحرب لكن حسابات اوروبا كانت مختلفة عنها لدى روسيا. اتفق ستالين مع الغرب للدفاع عن بولندا ضد المانيا لكن البولنديون رفضوا ان يدخل الروس بولندا للوصول للحدود الألمانية (الاعلام يصمت عن هذه الحقائق).بعد فشل كل محاولات ستالين الحثيثة للتحالف مع اوروبا حينها فقط اضطر ستالين للبحث عن حل مع المانيا نفسها ليؤجل الحرب في معاهدة مولوتوف ريبنتروب وهي معاهدة عدم اعتداء وليس تحالف، لكنها لم تنج روسيا من الهجوم الألماني وبدون اعلان حرب في يونيو. 1941 (لارشيف السوفييتي ,وكيبيديا )


خلال الحرب نفسها لم تفتح الجبهة الثانية الا في 1943 بعد ان اصبح الجيش الاحمر يقاتل في وسط اوروبا وبعد ان تيقن الغرب ان ميزان القوى لم يعد لصالح المانيا و هنا لابد من الاشارة الى ان المساعدات الامريكية للاتحاد السوفيتي لم تكن مجانية فقد سدد اخر الاقساط بعد البريسترويكا وان هذه المساعدات ساهمت 5 بالمئة في المجهود الحربي السوفيتي ( الارشيف السوفيتي).
ولابد هنا من الاشارة الى انه رغم الثغرات في النظام السوفيتي فقد كان نظاما يتسم بالكثير من العدالة الاجتماعية فمثلا كان راتب ستالين 600 روبل شهريا وهو لم يكن يمتلك بيتا له ولم يورث أي شيئ لابنائه سوى بعض الملابس القليلة و900 روبل في صندوق التوفير بينما كانت رواتب العلماء والفنانين  والمتميزين بالمجتمع 20000  الف روبل شهريا (في وقت ستالين) وما يؤيد هذا انه حتى اعداء ستالين لم يجدوا شيئا غير اتهامه بعشق السلطة  والدكتاتورية . ان الايجار وقوائم الماء والكهرباء والغاز كانت تساوي مجتمعة 6 بالمئة من المرتب.(  المصدر السابق)ناهيك عن مستوى التعليم العالي والرفيع المتاح للجميع (إنظر ياكوف كدمي المحلل السياسي اليهودي الروسي) .كان هدف ستالين هو بناء الانسان ولهذا كانت الثقافة ومؤسساتها في متناول الجميع في مجتمع عادل لدرجة كبيرة ولكنه ليس مثالي خصوصا اذا ما وضعنا في الحسبان ما فعلته الحرب من تدمير للاقتصاد وللقوى المنتجة. نعم يجب هنا الاقرار بالخراب الذي احدثه خروشيف ومن جاء من بعده.


خلال الحرب كان هم ستالين الاكبر هو الوصول لبرلين والقضاء على هتلر بسرعة ليس منفردا بل سويا مع الغرب (الجبهة الثانية) واذ به يتفاجا من ان الغرب كان يتفاوض مع المانيا للصلح ,قبل نهاية الحرب,اي صلح بدون هتلر وان ستالين كان قد  اخبر الحلفاء بهذه المباحثات  وعن خيبة امله الشديدة والتي جرت من  وراء ظهر السوفيت والتي توقفت  بعد اشارة ستالين هذه( المخابرات السوفيتية الارشيف السوفياتي يوتيوب باللغة الروسية يوتيوب) كان هناك ما يبرر خوف ستالين  من التباطؤ  في حسم  الحرب حيث كان هتلر و ماكنته  الحربية قد انتجت المحرك النفاث و الصواريخ التي قتلت المدنيين في شرق لندن وكان مشروعه النووي في طريقه للانجاز والذي كان من الممكن ان يغيير كل نتيجة الحرب ووجه الانسانية و يجعلنا عبيدا للابد.
اتبع الغرب نفس السلوك في تشجيع القوميين الأوكرانيين على معاداة روسيا. في الحرب الاخيرة في اوكراينا رفض الغرب دعاوى روسيا حول الممارسات العنصرية ذات المنشأ النازي ضد الروس و الناطقين بالروسية (كل 1 من 6 في اوكراينا روسي وكل 1 من 3 يتحدث بالروسية في اوكراينا  التلفزيون الهندي Gravitas Plus) ورفض الغرب فكرة وجود تيارات نازية وصلت للحكم هناك رغم ان تلفزيون sky newsarabic قد عرض في حزيران 2022 فلما لزيلينسكي  وهو في زيارة لاحد معسكرات النازيين في وقت سابق للحرب يطالبهم بنزع سلاحهم وقد طردوه من المعسكر واستهزؤا به.
ومنذ 2014 وبداية القتال ضد الروس في الدنباس وسقوط الطائرة الماليزية (والتي لم تنشر المعلومات والوثائق وصور الاقمار عنها)  والممارسات العنصرية النازية ومنع الروس من التحدث بلغتهم او إجبارهم على مغادرة ارضهم ووطنهم اذا ما استمروا بالتحدث بلغتهم , رفض النازيون السماع لصوت العقل واستمروا في عدوانهم الغاشم وحتى بعد تدخل المانيا وفرنسا كضامنين في اتفاقية  مينسك والتي تنصلت القوى النازية من تطبيق اهم بنودها وهو اضطهاد الروس لانهم روس ويتحدثون بلغتهم واستمروا في عمليات  القتل والترحيل.(Gravitas Plus  يوتيوب).
ان التواجد النازي في اوكراينا وفي بولندا قديم وقد بدا منذ تعاون جزء لا باس به من مجتمعات بولندا ودول البلطيق وأوكراينا مع الجيش النازي وكانوا يمارسون دورهم كمخبرين وقتلة (ياكوف كدمي) واما المعاداة للسامية فقد كانت طاغية بعد الحرب الاولى في بولندا.ففي كييف يوجد نصب تذكاري (بابي يار) لمجزرة قام بها النازيون  وكان القتلة بمجملهم من الاوكرانيين  والجيش الالماني حيث تم قتل 30000 الف يهودي من اهالي كييف في يومين وتم دفنهم في قبر جماعي في محل اعدامهم. ,وقد مارست النازية الاوكرانية الكثير من الفضائع والقتل الجماعي ضد اليهود والروس في المناطق المحتلة ضمن المدنيين.
اما في بولندا في مدينة كراسنوف كما تذكر(هادلي فريمان في كتابها بيت من زجاج )hadlyfreeman in her book house of glass  عن الشعور الجارف في معاداة السامية في 1918وتحميل اليهود تبعات كل ما يحصل من خيبات  ومآسي للبولنديين ففي ص33 تذكر الاستهتار والاذلال الذي مارسه البولنديون ضد اليهود فمثلا اذا شوهد يهودي متدين فانهم (البولنديون) ينتفون لحيته حتى يدمون وجهه وسط السخرية والإهانات  واذا ما شاهدوا يهوديا حليقا فانهم يضربونه تحت ادعاء عدم التزامه بالشريعة. كان البولنديون يخبرون الالمان عن اليهود وعن الجيران اليهود لينتهوا في معسكرات الاعتقال ص44-45 وفي ص 47 تقول ان 90 بالمئة من يهود بولندا قد قتلوا.
في ص 47 تتحدث عن ناشط امريكي من اصل يهودي بولندي اسمه جان توماس جروس كتب (ان بولندا قتلت من اليهود اكثر مما فعل الالمان)
ومن هنا ندرك ان ماساة يهود اوربا قد انعكست بشكل مأساوي وسلبي على الشعب الفلسطيني فأوربا تقتل اليهود وتجعل الشعب الفلسطيني يدفع الثمن.وهذا ما تحدث عنه اسحاق دويشر وكذلك البرفسور ايله شوحاط  اليهودية العراقية الاسرائيلية التي تركت إسرائيل و هاجرت لامريكا (صاحبة كتاب ذكريات ممنوعة الذي صدر مترجما في دمشق)


في كتابه الشيّق اليهودي اللايهودي يقول اسحاق دويتش ما معناه ان الغرب رمى اليهودي من فوق فسقط على الفلسطيني فقتله وهي اشارة عميقة للمهزلة والتراجيديا بنفس الوقت والتي حصلت للطرفين .
بينما تتحدث ايله شوحاط عن تجربتها و تجربة والدها المؤلمة بعد تسفيرهم من بلدهم العراق لفلسطين وكيف كان اليهود العرب يعاملون بعنصرية واحتقار من قبل اليهود الاوربيين. تقول كان والدها يستمع بحنين جارف لإذاعة بغداد وكيف كان يخاف من ان يكتشف امره عندما ياتي اي شخص غريب لبيتهم فيغلق الراديو حالا .(كتاب ذكريات محرمة الترجمة العربية صدر في دمشق)
ايله شوحاط كانسانة و كعالمة رفضت العيش في بلد الاستعمار الاستيطاني العنصري وهي تعمل الان في الولايات المتحدة كبروفسور في الجامعة.
يعيش الشعب الفلسطيني مظلوما نتيجة تواطؤ الصهيونية مع هتلر لدفع فقراء اليهود للذهاب لفلسطين بالترهيب ولكن هتلر لم يلتزم بالصفقة وقتل الجميع فقراءا واغنياءا.
ان زيلينسكي اليهودي يعرف كل هذه التفاصيل حول جرائم النازيين البولنديين ونازيي دول البلطيق والاوكرانيين ضد اليهود والروس ولكنه مع هذا يتحالف معهم كما القادة الصهاينة مع هتلر.
ان شق الكنيسة الارثدوكسية كان يهدف لشق الوجدان المسيحي الأرثودوكسي فلا يعقل ان تخاض السجالات والحروب تحت مرجعية دينية موحدة او على الأقل انها ستربك التجييش والتحزب للحرب

ساورد هنا تفاصيل موثقة يمكن العودة لها من الانترنيت ويوتيوب و اذاعة Gravitas plus الهندية Sharma 6/3 /2022 Palki
هذه التفاصيل في مجملها هي اراء سياسيين امريكان
((في مؤتمر ميونخ 2007 كانت اخر ملاحظة ودية قالها بوتن للغرب " الناتو وضع قواته على حدودنا، هذا التوسع يمثل استفزاز جدي لمستوى الثقة المتبادلة، ولدينا الحق للسؤال : ضد من هذا التوسع ومن المقصود به وماذا حدث للتطمينات التي أعطيتمونا إياها شركائنا بعد تفكيك حلف وارشو ))
والان لنعود ل مؤتمر ميونيخ في Gravitas plus
(( في26/6/1997 ارسل 50  خبير متميزون في السياسة الخارجية بعضهم اعضاء في مجلس الشيوخ كتابا للرئيس كلينتون يذكرون فيه ان توسع الناتو هو خطا سياسي تاريخي)).
نفس المصدر السابق
((جورج كينان وهو أب سياسة الاحتواء خلال الحرب الباردة قال انه خطا ماساوي (اي توسيع الناتو) ولا يوجد سبب لهذا اطلاقا إذ لا احد يهددنا.
3- ((وليم ج برنسن السفير السابق في موسكو كتب رسالة لوزارة الخارجية الامريكية -- دخول اوكراينا للناتو هو افقع خط احمر واكثرها احمرارا بالنسبة للنخبة الروسية والتي يعتبرها حتى المعارضون لبتهديدا مباشر لروسيا))
4-((روبرت غيتس وزير دفاع بوش و اوباما  يقول في مذكراته --ان جلب جورجيا و اوكراينا للناتو هو تطاول  .ان هذه الخطوة كانت حالة من الاغفال الارعن بان لروسيا حق مصيري فيما يخض حقوقها القومية))
5-(( ستيوارت تالبت  ناب وزير الخارجية الامريكية - لماذا لم يحل الناتو بعد  حل حلف وارشو , ما الداعي له. ))
6- لقاء قديم للبرفيسور جون ميرشايمر في جامعة شيكاغو يوضح فيه اخطاء الناتو واخطاء التعامل مع روسيا
7- قد يتذكر الاخوة القراء بدايات الازمة منذ 2014 حين كان الروس يبيعون الغاز لاوكراينا بسعر مخفض لمساعدتها ولكن الروس تفاجؤا ان اوكراينا تبيع الغاز في السوق العالمية خلافا لشروط الاستخدام وتربح وتسرق الاموال ولاتسدد الديون ((لحد الان يوجد, من قبل الحرب ,ما يزيد على المليارين دولاردين في ذمة اوكراينا)) .ثم جائت بعدها حادثة اسقاط الطائرة الماليزية و الذي لم يفصح الغرب عن نتائج التحقيق الهولندي حيث تم منع الروس من المشاركة به (لانعرف لماذا, ولماذا لم تنشر امريكا صور الاقمار الصناعية التي بحوزتها والتي توضح من ضرب الطائرة كما قالت الدوائر الامريكية) .بعد هذه الاحداث بدات الزيارات المكثفة للمسؤلين الامريكيين وظهور اليمين المتطرف للواجهه و الذي انتهى بحوادث حرق الناس احياء والباقي معروف
8-قد يتذكر الاخوة القراء ان روسيا طلبت الانضمام للناتو ولكنها رفضت ربما انها كانت محاولة ذكية من روسيا لتفادي الحروب ولكن يبدو ان الغرب كان ذكيا أيضا فكيف يقبل روسيا وهي لديه على قائمة التفكيك /هذا مجرد استنتاج غير مدعوم بحقائق او وثائق ولكن ربما تؤيده الاحداث
9 قبل هرب بوروشينكو الرئيس الاوكرايني لموسكو كان قد زار واشنطن وفي لقاء صحفي مع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلنتون بعد المباحثات (يوتيوب) وكان الروس قد وعدوا بيرشينكو بالمساعدة حوالي 19 مليار قالت السيدة كلنتون نحن نرفض سياسة الولائات المشتركة فاما معنا او ما معناه ضدنا و هذا حق للولايات المتحدة ولكنهم رفضوا اعطائه اية مساعدة وهذا مدعاة لكثير من التساؤل
في ختام مقالتي اريد ان اوضح للاخوة القراء ان هناك الكثير من المعلومات من ممكن البحث عنها حول اسباب ومقدمات الحرب في اوكراينا في وسائل الاعلام المستقلة مثل Gravitas plus  الهندية  باللغة الانجليزية و الارشيف الروسي والسوفيتي  والذي كُشف عنه ايام غورباشوف ويلتسن لادانة ستالين ولكن هذا الكشف ساهم على العكس في تبديد الصورة النمطية السيئة عنه حتى ضمن مصادر امريكية منصفة.كل المعلومات موجودة باللغة الانجليزية والروسية .