رساله الى صديقي عقيل الناصري


حسين مزعل محسن
الحوار المتمدن - العدد: 6393 - 2019 / 10 / 28 - 00:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي     

رساله الى صديقي د.عقيل الناصري

قال احد الحكماء اليونانيين اني احب صديقي لكني احب الحقيقه اكثر وانا اقول لعقيل اني احب العراق اكثر.
كنت دائما اناقش واختلف مع د.عقيل حول مايجري في العراق, مثلا اختلفت معه عندما وضع توقيعه على مايسمى ميثاق 91, والميثاق عباره عن مجموعه من النقاط التي وضعت عام 1991 كخارطه طريق لتدمير العراق( موجوده على موقع الذاكره),وقد سامحته حين اذ واعتبرت ان ذلك كان هفوة من شخص ماركسي وقف ضد الدكتاتوريه في العراق برغم ان جوهر الميثاق لم يكن صدام حسين بل تدمير العراق ة وهذا ما حصل في عام 2003
وقد مرت السنوات وسقظت الدكتاتوريه وفجاه تحول عقيل من اقتصادي الى مؤرخ, كرس جهده للكتابه حول موضوع واحد هو عبد الكريم قاسم(كان ممكن ان يكتفي بكتاب واحد او اثنين). اي بمعنى اخر ان عقيل اصبح مرجعا ومؤرخا للجمهورية،وهو اللقب الذي ارتضاه اضافه الى لقب المفكر الكبير وبالتالي قبوله تلبيه الدعوات التلفزيونيه والمنتديات الثقافيه للحديث عن عبد الكريم قاسم والجمهورية.
كان ما يحيرني هو قبول ميثاق 91 والكتابه عن عبد الكريم قاسم لما في الموضوعين من تناقض كبير، فلو كان مثلا كتب عن مناقب نوري السعيد وصالح جبر المفترضه او في ذكر مناقب الاقطاع في العراق اذا افترضنا ان للاقطاع مناقب ، لاستقام الامر اما ان كان الامر بين ميثاق 91 وعبد الكريم قاسم حينها يثير التساؤلات والحيره ايضا.
لقد اختلفت مع عقيل كثيرا حول مايجري في العراق بعد 2003 ، وكنت اقول له ان العراق مذبوح من الورديد للوريد فلماذا لاتكتب عن مايجري من مآسي ومصائب وتركز في الكتابه فقط عن عبدالكريم قاسم ، فيكون جوابه اني اكتب للشباب حتى يعرفوا هذا التاريخ وهو لعمري جواب فيه الكثير من المواربة والهروب الفكنت اصمت حينها احتراما واكتفي بالجواب رغم عدم قناعتي به.
اليوم هو اليوم السادس والعشرون على بدايه الانتفاضة وقد بحثت طويلا في اغلب مواقع التواصل الاجتماعي والفيسبوك والحوار المتمدن لعلي اجد مقاله لعقيل تدين الجريمه ومايحصل من مآسي في تظاهرات العراق فلم اجد سوى الصمت جوابا.
ان الشهداء الذين سقطوا في شوارع العراق يذكروني بقصيده شاعر فلسطيني شهيد ، والذي قال وهو متوجه للمعركه ضد عصابات الضباع الصهيونية:
سأحمل روحي على راحتي والقي بها في مهاوي الردى
فأما حياة تسير الصديق واما ممات يغيض العدا
وهذا برأيي ماتمثله شهداء المدن العراقية في وجدانهم قبل الاستشهاد وهم هؤلاء هم من كرس عقيل نفسه لتنويرهم عن حقبه الجمهورية.
صديقي عقيل لم يعد مجد ان تكتب اليوم او لا تكتب فموقفك واضح لي وللشباب الذين كنت تسعى لتنويرهم . لقد ادركت انك لم تعد عقيل المناضل الماركسي الذي اعرفه ، وان موقفك منذ ميثاق 91 مرورا بكتاباتك عن عبد الكريم قاسم انتهاءا بصمتك ( مؤرخ الجمهوريه) هو موقف منهجي مقصود وليس عفوي.
لقد أزفت ساعه الحقيقة ياصديقي، تلك الحقيقه التي جافيتها بصمتك وانت تجلس على التل متصورا ان جلوسك هذا سوف يشفع لك .ان جلوسك صامتا على التل ياعقيل هو موقف.
اني لا اعرف بماذا يبرر صمتك هذا وانت ترى احفاد وورثة عبد الكريم قاسم ( شهداء الضمير) يتساقطون برصاص الباطل والغدر والخيانه، رصاص الفاشية الخارجة من كهوف الظلام وهم يلعقون خناجرهم المخضبه بدماء الشهداء الزكية.
ان صمتك مريب ، لم اعد احتمله، موقفك يثير في الاسى والخجل ، انه موقف متواطيء.
يقول الشاعر الكبير سعدي يوسف:
فلنرتفع بالروح
ولنعترف مره بالدوره المره
ولنبدأ الرحله من عتمه الليلة
يبدولي انك لاتريد ان ترحل لأي مكان لانك اثرت القعود في العتمة.

حسين مزعل محسن
طبيب مقيم في بريطانيا