علاء عبد الفتاح.. رمز ثورة الشباب مضرب عن الطعام لأكثر من 100 يوم في السجون المصرية


اساف اديب
الحوار المتمدن - العدد: 7317 - 2022 / 7 / 22 - 00:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


بعد أكثر من 100 يوم على إضرابه عن الطعام في السجون المصرية لا يزال علاء عبد الفتاح مصمماً على مواصلة نضاله حتى نيله الحرية هو وعشرات آلاف السجناء السياسيين الذين حبسوا تعسفياً بتهم واهية في ظل نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي الاستبدادي، في حين تعكف إسرائيل على بناء تعاون وثيق مع النظام المصري وسائر الأنظمة الاستبدادية في الخليج وتتجاهل تماماً السجل المروع لهذه الأنظمة عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان. لابيد وبينيت، مثل سلفهما نتنياهو، مهتمان بالتعاون مع السيسي ودول الخليج الفاسدة، لأن هذه الأنظمة تساعد اسرائيل في السيطرة على المنطقة وإسكات الفلسطينيين.


علاء عبدالفتاح وشقيقته مني سيف خلال نظر قضية حرق مقر شفيق بدار القضاء العالي عام 2014 – تصوير: صبري خالد / الشروق المصرية
أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، يائير لابيد، يوم الأحد 10 تموز/يوليو، محادثة هاتفية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهي الأولى للابيد منذ تسلمه منصبه. وقد تناولت المكالمة بين الزعيمين الاسرائيلي والمصري زيارة الرئيس الأمريكي بايدن إلى المنطقة والقضية الفلسطينية، كما تحدثا عن التحقيق الصحفي الذي كشف مؤخراً عن “مقبرة جماعية” تحوي 80 جثة جندي مصري قتلوا في حرب 1948 في منطقة اللطرون غربي القدس.

تزامنت المحادثة الهاتفية الأولى بين لابيد والسيسي مع اليوم الـ 99 لإضراب السجين السياسي علاء عبد الفتاح عن الطعام في السجن المصري، وعلى رغم من أن إضرابه أثار نقاشاً هاماً عالمياً، إلا أن الموضوع غاب عن جدول أعمال المحادثة الإسرائيلية المصرية.

الطبقة السياسية في إسرائيل، بمختلف تصنيفاتها بما في ذلك حزبا ميرتس والعمل اليساريين، تنظر إلى العالم العربي من منظار ضيق جداً وتقسم القوى السياسية في العالم العربي شاقولياً إلى قسمين: محبي إسرائيل ومعاديها. ووفقاً لهذا التقسيم المشوه يعتبر الزعيم المصري الجنرال السيسي عنصراً إيجابياً يجب بناء علاقات ودية معه، ونتيجة لذلك تتجاهل إسرائيل تجاهلاً كاملاً لما يفعله الدكتاتوريون في أوطانهم من قمع المعارضين السياسيين، ومن بين هؤلاء الكثير ممن لا علاقة لهم بالأنشطة الإرهابية أو أعمال العنف.

قد يبدو للوهلة الأولى بأن نظام السيسي هو نظام مستقر، لكن مما لا شك فيه، وبحسب رأينا في حزب “دعم”، فإن الشخص الذي يمثل مستقبل مصر وشعبها هو السجين علاء عبد الفتاح رمز ثورة الشباب في عام 2011، وتمثل قضيته أهمية أعلى من الصفقات السياسية مع الأنظمة الاستبدادية والقمعية في المنطقة.

علاء عبد الفتاح (41 عاماً) هو من الناشطين البارزين في ثورة 25 يناير عام 2011، يعمل مهندساً لبرمجيات الحاسوب (مبرمج كمبيوتر) وكاتب وصاحب مدونة بالاشتراك مع زوجته منال بهاء الدين حسن.

منذ أحداث “ماسبيرو” في القاهرة عام 2011، تعرض علاء عبد الفتاح للسجن المستمر مرات عديدة كان أبرزها بعد تظاهره ضد دستور السيسي عام 2013، ومنذ ذلك الحين يدخل السجن ويخرج منه باستمرار.

في عام 2019 وبعد قضائه شهور قصيرة في البيت في أعقاب الإفراج عنه بعد فترة خمسة سنوات في السجن تم اعتقاله مرة أخرى بتهمة “نشر أخبار كاذبة” حيث حكمت عليه السلطات المصرية خمس سنوات سجن اضافية.

على مدى سنوات، تم احتجاز علاء عبد الفتاح في سجن طرة سيئ السمعة جنوب القاهرة، حيث مُنع من الوصول إلى الكتب والصحف. وخلافاً للقانون المصري واتفاقية حقوق الإنسان، منعته ​​السلطات أيضاً من مغادرة زنزانته للتنفس والرياضة، وسمحت له بزيارات تشمل فقط شخص واحد كل بضعة أسابيع. رغم أنه يحمل الجنسية البريطانية بالإضافة إلى جنسيته المصرية، إلا أن السلطات المصرية تمنع مندوبي السفارة البريطانية من زيارته.

احتجاجاً على هذه الظروف الصعبة قرر علاء، في نيسان/أبريل الماضي، البدء في إضراب مفتوح عن الطعام إلى أجل غير مسمى للمطالبة بتحسين ظروف اعتقاله والإفراج عنه. ينفذ علاء إضرابه عن الطعام وفقاً لطريقة الزعيم الهندي مهاتما غاندي، ويتضمن استهلاك 100 سعرة حرارية في اليوم (يشار إلى أن متوسط ​​استهلاك الشخص البالغ في حالة عدم النشاط هو 2400 سعرة حرارية). ولا يزال علاء يواصل إضرابه عن الطعام منذ ما يزيد عن المائة يوم.

بعد نحو شهر من بدء الإضراب، وبسبب الضغط الشعبي والدعم داخل مصر وعلى الساحة الدولية، قررت السلطات المصرية نقله من سجن طرة الذي يُعد أكثر السجون المصرية قسوة إلى سجن وادي النطرون شمال غرب القاهرة. في السجن الجديد حصل على ظروف محسّنة نوعاً ما، على سبيل المثال، سُمح له بالحصول على فرشة نوم بعد أن أجبر على النوم على الباطون المكشوف لسنوات. لكن السلطات المصرية حتى يومنا هذا ترفض مطالبه الرئيسية، إذ لا تسمح له بتلقي زيارات عادية من أسرته ومحاميه، وتستمر في منعه من لقاء ممثل السفارة البريطانية.

علاء عبد الفتاح من عائلة ثورية، سُجنت شقيقته سناء لمدة عام ونصف ولم يُطلق سراحها إلا مؤخراً، والدته الدكتورة ليلى سويف، محاضرة في الرياضيات بجامعة القاهرة، ترافقه منذ عشر سنوات وتزوره بانتظام أينما كان مسجوناً، وتتحدث بشجاعة عن حرية الشعب المصري. ويعتبر والده المحامي المرحوم أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح مناضلاً رائداً في الدفاع عن حقوق الإنسان في مصر، وقد توفي الوالد في عام 2014 حين كان نجله علاء في السجن، وهو أحد مؤسسي مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان عام 1999، والذي ترأسه لسنوات عديدة.

في عام 2021 وفي أثناء وجود علاء في السجن تم نشر كتاب من تأليفه في بريطانيا، يشمل الكتاب سلسلة من المقالات عن ثورة شباب مصر التي نشرها علاء تحت عنوان “أنت لم تهزم بعد“.

السجون المصرية: التعذيب والإهمال يؤديان إلى مقتل العديد من السجناء السياسيين

المعركة من أجل إطلاق سراح علاء عبد الفتاح أصبحت رمزاً للنضال ضد النظام القمعي الذي فرضه الجنرال عبد الفتاح السيسي في مصر منذ الانقلاب العسكري عام 2013. وبحسب تقديرات هناك 60 ألف معتقلاً سياسياً في السجون المصرية، الذين يقبعون وراء القضبان فقط بسبب آرائهم السياسية المناهضة للنظام، وليس بسبب نشاط مخالف للقانون أو مرتبط بالإرهاب.

قبيل زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للشرق الأوسط، اوائل تموز الحالي، ولقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في السعودية نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقاً شاملاً في الاعتقالات التعسفية والسجن في مصر.

تحقيق الصحيفة الأمريكية يعتمد على شهادات المحامين المتطوعين الذين يأتون يومياً إلى المحاكم في القاهرة بهدف العثور على مئات المعتقلين الذين فقدت عائلاتهم الاتصال بهم. يقدم هؤلاء المحامون وأقارب السجناء قوائم لا حصر لها بالمحتجزين الذين تحجب السلطات المصرية معلومات عنهم.

يُظهر التحقيق الواقع غير المعقول حيث يواجه المعتقل الحبس التعسفي قبل تقديمه للمحاكمة، ولمدة قد تصل في بعض الأحيان إلى العامين (حسب القانون المصري يجب ان يفرج عن المعتقل بعد سنتين اذا لم تقدم ضده لائحة اتهام ولم يقدم للمحكمة) وبدلاً من إطلاق سراح المعتقل في نهاية المدة القصوى، يتم توجيه تهم جديدة إليه ثم يحتجز عامين آخرين.

وبحسب التحقيق، تسبب اليأس والظروف القاسية في السجون المصرية بمقتل المئات منذ وصول السيسي إلى السلطة عام 2013.

بدورها، أصدرت منظمة العفو الدولية (آمنستي) مؤخراً تقريراً عن وضع حقوق الإنسان في مصر تحت عنوان “مصر: التحقيق المعيب في وفاة أثناء الاحتجاز يبدّد فرصة تحقيق العدالة” تناول مقتل العشرات من السجناء والمعتقلين من دون محاكمة في أثناء سجنهم (52 سجيناً ماتوا في السجون المصرية في عام 2021) وسوء المعاملة والحرمان من الوصول إلى الخدمات الصحية في الوقت المناسب. كما تشير المنظمة الحقوقية الشهيرة إلى أن السلطات تستعمل التعذيب في محاولة لانتزاع الاعترافات ولمعاقبة معارضي النظام.

يذكر أن نظام السيسي كان قد دعا في نيسان/أبريل الماضي أحزاب المعارضة إلى المشاركة في حوار وطني، وذلك بادعاء البحث عن إعادة الحياة الديمقراطية. وقد استجابت بعض الأحزاب اليسارية والليبرالية للدعوة وأعلنت استعدادها الأولي للمشاركة في الحوار مع النظام، علماً بأن إطلاق الدعوة للحوار تزامنت مع وعود بالإفراج عن سجناء الرأي.

لكن في الواقع، وبعد عدة شهور لم يفِ نظام السيسي بأي من هذه الوعود، وبدأت في الأيام الأخيرة تعلو أصوات في المعارضة المصرية تشكك في جدوى الحوار الموعود وتخشى بأن يكون مجرد غطاء للنظام القمعي وممارساته الاستبدادية.