ملاحظات أوّليّة على الانتخابات ونتائجها


خالد حدادة
الحوار المتمدن - العدد: 7253 - 2022 / 5 / 19 - 10:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     


أما وقد انتهت الانتخابات، وذهبت السكرة وبدأت تترك مجالاً للفكرة، لا بدّ من الإشارة أوّلاً، ومن حيث الشكل، إلى الضرر الذي ألحقه قانون الانتخاب الحالي بالوطن وبالديموقراطية المفترضة، إذ إن الصوت التفضيلي تحوّل إلى المال التفضيلي المتعدّد المصادر.

هذه الانتخابات، رغم نجاح عدد من الوطنيين والديموقراطيين، الذين أكتفي بذكر عدد منهم على سبيل المثال وليس الحصر: أسامة سعد وإلياس جرادة وعبد الرحمن البزري، الذين أهنئهم جميعاً، لكنها بالمقابل أفرزت واقعاً خطيراً سيستمر معه الانهيار المالي والاقتصادي، وربما تضاف إليه مخاطر أكبر، إذ إن الانقسام الحالي يذكّر، ولو شكلاً، بأجواء سادت انتخابات الـ 1972 ومهّدت للحرب الأهلية.


أوّلاً، أظهرت إلى حد كبير، ومن خلال التدخلات المباشرة وجولات السفراء على المرشحين، خطورة المشروع الأميركي على لبنان والمنطقة والدور الحاسم في رسم الأزمة الاقتصادية وتنفيذها، بالتكامل مع فساد قوى النظام الطائفي.
ثانياً، أبرزت حدّة التعبئة المذهبية، إلى جانب المال السياسي، وبشكل خاص الدور الخطير لرجال الدين في كل الطوائف، في مساندة قوى النظام، ما يضع البلد أمام احتمالات خطيرة لن نخوض فيها الآن.
ثالثاً، أكدت الانتخابات عقم النظام الحالي وانهياره سياسياً واقتصادياً، وعدم جهوزية البديل، والتأكيد أن البدائل المطروحة والممكنة هي بدائل خطيرة تتواتر مع البدائل التي يعمل لها المشروع الأميركي والتي تضع لبنان مجدداً بديلاً في الصراع (التآمر) الإقليمي وعلى أبواب حروب أهلية جديدة.
رابعاً، أفرزت إلى جانب الانقسام السابق مجموعة تسمى تغييرية، تحمل الشعارات ذاتها، تهمّش السعي إلى تغيير النظام الاقتصادي والسياسي، كما تهمّش هموم المواطن المعيشية وتحمل شعارات تركز على «سلاح المقاومة»، وتضع قوى «التغيير» في خانة تغيير ثوب النظام وليس النظام نفسه.
خامساً، أكدت أن الشعب اللبناني، منذ عام 2011، جاهز للتغيير، إذا توفّر له برنامج وقوى تقوده باتجاه مشروع ديموقراطي حقيقي، بدل أن تضعه مجدداً في قلب المشاريع الخارجية.
سادساً، نتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت إلى قوى المقاومة، بأن المقاومة ومشروعها لا يمكن حمايتهما بمزيد من التعبئة المذهبية، وبحماية الفاسدين تحت شعار وحدة الطائفة، ولا بحماية النظام الطائفي الذي ينتج الحروب الأهلية، وهو نفسه يتآمر على المقاومة. حماية المقاومة تكون بإعادة تكوين مشروعها المتكامل وطنياً وسياسياً واقتصادياً، بما يعزز ثنائية: المقاومة طريق التحرير ورافعة التغيير. أمّا أن نستمر في دعم النظام المتآمر عليها، فهذا ما سيجعلها عاجزة عن مواجهة مشاريع التطبيع والتفريط بالثورات.
سابعاً، تظهر الانتخابات، وخطورة الواقع الذي خلقته، كم كان ضرورياً النضال في الشارع لخلق حالة شعبية في مواجهة الانعكاسات الاجتماعية للأزمة الاقتصادية، ولمواجهة القانون الانتخابي الحالي، حركة شعبية وطنية وديموقراطية، نخوض معها الاستحقاقات وليس عنها.
هذه ملاحظات أوّلية، رأينا ضرورة توجيهها، قبل أن تأخذ السكرة مداها. وفي النهاية، سنكون إلى جانب من سيلتزم بالمفهوم المتكامل للمقاومة:
مقاومة المشروع الأميركي - الصهيوني، مقاومة النظام السياسي الطائفي، ومقاومة نظام الرأسمال التابع ونظام المصارف - مسبب الإفقار والجوع. .