الموضوعة الحديّة في الماركسية اليوم


فؤاد النمري
الحوار المتمدن - العدد: 6209 - 2019 / 4 / 23 - 20:07
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

الموضوعة الحديّة في الماركسية اليوم

أقول الموضوضوعة الحديّة أي هي الموضوعة التي تحدد الماركسي من غير الماركسي أو دعيّ الماركسية ومن هو فعلياً نقيض وعدو الماركسية .

ما استدعى موضوعتي هذه هو أن أحد الرفاق من البحرين تداخل على مقالتي الأخيرة مدعياً أن الولايات المتحدة ما زالت دولة إمبريالية لأنها الدولة الأولى في العالم في نشر الحروب وصناعة الأسلحة .
لست هنا لأناقش علاقة الإمبريالية بنشر الحروب وصناعة الأسلحة وخاصة أن الإمبراطوريات القديمة كالخلافات العربية والإسلامية كانت تقوم أساساً على صناعة الحرب ونهب الغنائم دون أن تكون إمبريالية أو حتى قريبة من عتبة الإقطاع فما بالك بالرأسمالية !! لكن موضوعة الإمبريالية وفيما إذا ما كانت الولايات المتحدة لا تزال دولة إمبريالية أم لا هي الموضوعة الحدية اليوم في الماركسية وهي التي تميّز الماركسي من غير الماركسي .

في خريف العام الماضي قبل بضعة أشهر أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بياناً يفاخر فيه مواطنيه بأن العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة توقف لأول مرة منذ عشرات السنين عند 550 ملياراً من الدولارات . أنا بحكم أطروحتي الرئيسة التي تؤكد انهيار النظام الرأسمالي في سبعينيات القرن الماضي راقبت باهتمام عجوزات الميزان التجاري للولايات المتحدة منذ ما قبل تسعينيات القرن الماضي وكانت دائما أكثر من 700 مليار دولارا ؛ وهكذا حق لترامب فعلاً أن يفاخر مواطنيه بأن العجز انخفض في عهده لأول مرة منذ عشرات السنين إلى 550 مليارا فقط .

لكن ما معنى أن عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة لم يكن أبداً أقل من 700 مليار دولاراً منذ أكثر من ثلاثين عاماً !؟
لذلك معنى واحد وحيد وهو أن نظام الإنتاج في أميركا لم يعد ينتج فائض القيمة (Surplus Value) وهو ما يعني قطعاً أن نظام الإنتاج لم يعد نظاماً رأسماليا، بل إن ماركس ذهب إلى حد القول أن المنتج الذي لا ينتج فضل القيمة ليس منتجاً على الإطلاق فما بالك أن يكون منتجاً رأسمالياً ينتج فائض الفيمة !!
لئن كان لأي دعيّ من أدعياء الماركسية أي تفسير آخر للعجز الدائم في الميزان التجاري غير هذا التفسير الذي يقول بانهيار النظام الرأسمالي في أميركا وفي العالم في سبعينيات القرن الماضي فلينورنا به، وإلا فليعلن ندمه على سوء فهمه للماركسية وللعلاقات الدولية، وليفدنا أيضاً عن هوية نظام الإنتاج القائم اليوم في الولايات المتحدة .

الرفيق البحراني ومعه رهط عريض من الذين يرون الولايات المتحدة اليوم دولة إمبريالية لم يكونوا قد ولدوا بعد ليقرأوا قرار المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي السوفياتي برئاسة ستالين في أكتوبر 52 يؤكد انهيار النظام الإمبريالي في وقت قريب . ولم يقرأوا إعلان الأمم المتحدة في العام 72 الذي يؤكد على أنه لم يعد هناك أي أثر للإمبريالية في العالم ولذلك تقرر حل لجنة تصفية الإستعمار التابعة للأمم المتحدة بموافقة كافة الدول الإشتراكية بالطبع .

أنا بانتظار أولئك الذين لديهم زيغ في أبصارهم، كيلا أقول أعداء الشيوعية، أن يقرأوا فعل الندامة وإلا فليأتوا بحجج إقتصادية وليست سياسية تدل على أن الولايات المتحدة اليوم دولة إمبريالية .