مسألة ذات أهمية إستثنائية


فؤاد النمري
الحوار المتمدن - العدد: 7134 - 2022 / 1 / 12 - 18:25
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

بعد أن كنت قاطعت الكتابة في الحوار المتمدن بسبب هبوط مستواه الفكري الفاضح، ترتب عليّ أن أسوق دالة قاطعة أخرى تدل على الخواء الفكري الذي يتجلّى في كتابات جميع كناب الحوار المتمدن دون استثناء وأولهم أدعياء الشيوعية الأفّاقون حيث كلّ ما يكتبون في السياسة وبكافة توجهاتها إنما هو هذر مذر .

نسأل هؤلاء الكتبة عن جنس النظام الدولي الماثل اليوم فيلوذون بالصمت أو بالتأتأة في حالة الإجتراء على الحقائق فيقولون أحياناً بالرأسمالية وأحياناً أخرى بالرأسمالية المنهارة أو الرأسمالية المالية أو الديموقراطية الإجتماعية والتي هي بعرف منظري حزب العمال البريطاني "الرأسمالية الحديثة" . يقولون كل ذلك بعد أن أقلعوا عن دعوى العولمة بوصفها المرحلة الأعلى من الإمبريالية .
بمواجهة مثل هذه الجراءة المنافية للمنطق ليس للمتعقل سوى رفض مثل هذه الدعاوى جملة وتفصيلا واعتبارهؤلاء القوم في جهل مطبق لجنس النظام الدولي الماثل بمختلف عناصره وشتّى تداعياته . ومن يجهل طبيعة النظام الدولي القائم ليس مؤهلاً على الإطلاق لآن يأتي بمشروع وطني حيث الشرط المسبق لكل مشروع وطني قابل للحياة هو التساوق والإنتظام مع النظام الدولي القائم .
طبعاً كتاب الحوار المتمدن يجهلون مثل هذا الشرط الناظم للوحدة العضوية للنظام الدولي غير القابلة للكسر .
حاولنا عبر سنوات عديدة أن نطرح مثل هذه المسألة الشائكة على كتبة الحوار المتمدن علّهم يعون ما هم فيه من خواء فكري وعبثاً حاولنا بل كان جزاؤنا السباب والشتائم .

عدنا أمس للكتابة في الحوار المتمدن لنطرح مسألة أخرى تدل بالضرورة على الخواء الفكري لكتبة الحوار المتمدن من مختلف الأجناس والدرجات .
في العام 1919 تشكلت الأممية الشيوعية الثالثة إستجابة لنداء ماركس وإنجلز في المانيفيستو الشيوعي 1848، والقيام بالثورة الشيوعية الدائمة لنقل العالم من مرحلة الرأسمالية إلى الحياة الشيوعية حيث يتم تحرير الإنسان من مختلف قيود الإنتاج .
تبدّى نجاح الثورة الشيوعية بقيادة القائدين التاريخيين للبروليتاريا لينين وستالين بصورة تستولي على الألباب ما بين 1919 و 1945 حتى كان أن استظلت الدول الغربية الكبرى الثلاث، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تحت جناح الجبروت السوفياتي لحمايتها من الأعداء في ألمانيا النازية واليابان العسكرية . وفي مؤتمر يالطا في فبراير 1945 كان روزفلت وتشيرتشل ليسا إلا تلميذين يتلقيان التعليمات من المعلم ستالين كما أوحت بذلك الموسوعة البريطانية .

ما نتوقف عنده بقوة تحول دون تجاوزه هو أن ستالين في العام 1951، بعد إنجاز إعادة الإعمار بقدرات خارقة، دعا على غير العادة إلى عقد ندوة عامة تبحث في "المسائل الإقتصادية للإشتراكية في الإتحاد السوفياتي" الأمر الذي يشي أن هناك خللاً في الإقتصاد السوفياتي خاصة وأن تلك الندوة كانت الندوة الوحيدة في تاريخ الإتحاد السوفياتي . إهتم ستالين بمختلف تفاصيل أبحاث تلك الندوة وألف كتاباً صدر في العام 52 يحمل نفس العنوان ؛ وأعلن ترحيبه بكل نقد لمحتويات الكتاب، غير أن المكتب السياسي للحزب اغتال ستالين بالسم في الأول من مارس 1953 وطوي كتابه الهام جداً طي النسيان .
ما نتوقف عنده بقوة هو أن ستالين كان حاسماً جداً في موقفه ضد تسعير الصراع الطبقي الذي نادى إليه عامة المشاركين في تلك الندوة اليتيمة بقيادة مولوتوف الرجل رقم 2 في الحزب .
كنت قرأت كتاب ستالين في العام 1954 ولم أفهم منه شيئاً غير أن ستالين قائد الثورة الشيوعية العالمية يقف ضد الصراع الطبقي (!!) لا بل ينادي بالأخوة الطبقية مثله مثل الأحزاب البورجوازية وزاد على ذلك التحذير من أخطار جدية تحيق بالثورة الشيوعية . وكان ذلك أن أصابني بالإرباك الشديد رافقني طيلة حياتي الحزبية إلى ما قبل سنوات قليلة حيث نجحت في تفكيك اللغز لكن بعد دراسة معمقة وطويلة .

ما إن إسلم ستالين الروح إثر حقنة قاتلة عشية السادس من مارس حتى بدأت عجلة التاريخ تدور إلى الخلف حتى وصل العالم اليوم إلى شفا الكارثة التاريخية الأعظم مديناً بأكثر من مائتي ترليون دولاراً وهو ما لا يرغب المدينون اسنشعار خطورته، وأن جميع العملات في العالم مغطاة بالدولار المكشوف الزائف وليس بالذهب وهو ما يعني أن "النظام" الدولي الماثل ليس نظاماً قابلا للحياة .

الإتحاد السوفيلتي كان أقوى دولة في العالم، وكتبت وكالة المخابرات الأمريكية في أول تقرير لها حال إنشائها في العام 1947 تؤكد أن الجيوش السوفياتية كانت قادرة على ألا تتوقف في برلين وتستمر متقدمة إلى الغرب وت=عبر باريس والوصول إلى لندن وتعبر الأطلسي حتى الوصول إلى واشنطن . كان الإتحاد السوفياتي بتلك القوة أو قريباً منها ورغم ذلك يتخوف ستالين من أخطار حقيقية تحيق بالثورة فكان موقفه ضد سياسة الصراع الطبقي واستبدالها بسياسة الإخاء الطبقي وهذا مناف للفكر الشيوعي . وفي مؤتمر الحزب في نوفمبر 1952 ندد ستالين بقيادة الحزب باعتبارها ليست بمستوى ما وصلت إليه الثورة الشيوعية وطالب باستبدالها طالما أنها تشكل خطراً على الثورة .
ذلك ما كلف ستالين حياته .
قيادة الحزب الخائنة للثورة دفنت ستالين ودفنت معه كل تراثه ومنعت أحداً عن أن يتجرأ ويعلن أن مخاوف ستالين وهواجسه التي عبر عنها في ندوة 51 ومؤتمر الحزب 52 سرعان ما إنفلبت إلى حقائق على الأرض .
لئن كان أعداء الشيوعية السوفييت، قيادة الحزب والجيش ، قد منعوا الشيوعيين من الإتعاظ بموقف ستالين من الصراع الطبقي ومن قيادة الحزب، فما الذي يستددعي كتبة الحوار المتمدن عدم إلإتعاظ بها !!؟

ليس شيوعياً، لا بل ليس سياسياً من لا يأخذ العبرة مما خلفه ستالين مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين .
لماذا كان ستالين ضد الصراع الطبقي مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين ؟؟؟
ليس هناك ما يستحق الكتابة خارج تفكيك هذا اللغز