الشيوعيون المفلسون وتعدد الأقطاب


فؤاد النمري
الحوار المتمدن - العدد: 5856 - 2018 / 4 / 25 - 19:29
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

الشيوعيون المفلسون وتعدد الأقطاب

تعبير "الشيوعيون المفلسون" لم يكن مستساغاً على الإطلاق وذلك لأن من يمتلك الماركسية إمتلاكاً كاملاً ويستخدم أدواتها بكل كفاءتها يسنطيع أن يجيب على جميع الأسئلة في مختلف الحقول، وكان يفترض فيما مضى أن يمتلك الشيوعي الماركسية بكل أدواتها ويحسن استخدامها - تبين فيما بعد أن عامتهم لا يمتلك من الماركسية حرفاً . ولذلك تجد الكثيرين اليوم يحتجون بغضب شديد على اتهامي حتى لأعلام شيوعية بارزة بالإفلاس السياسي . أنا هنا أؤكد إفلاسهم لأنني عندما أذكرهم بأدوات الماركسية المعروفة للقاطبة يخرسون ولا ينبسون ببنت شفه وهو ما يدل على قبولهم تهمة الإفلاس وإلا لما صمتوا .
يُرون مفلسين لأنهم استبدلوا راية العمال براية البورجوازية وأخذوا ينادون دون حياء أو خجل بإرساء الديوقراطية البورجوازية في مجتمعاتهم التي تقضي بالتعددية والتساكن الطبقي (Classes Coexistance) أي رضى العمال ياستغلالهم من قبل مساكنيهم البورجوازية . أليس بعد هذا من إفلاس !؟ ينادون بإرساء الديموقراطية البورجوازية في مجتمعاتهم المتخلفة التي تفتقد الطبقة البورجوازية المنتجة !! من الدلائل القطعية على إفلاس هؤلاء القوم هي أنهم ينادون إلى بناء فوقي سياسي دون أن يكون هناك بناء تحتي . الشيوعيون المفلسون يبنون قصوراً في الهواء ويضللون شعوبهم .
اليوم نشير إلى دمغة أخرى من دمغات الإفلاس السياسي ألا وهي أن الشيوعيين المفلسين يبشرون مهللين بعالم متعدد الأقطاب يغمرهم فرح الإنتصار على الولايات المتحدة لأنها لم تعد القطب الوحيد في العالم كما كانت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي حيث كان العالم قبلئذٍ ثناثي القطبية، قطب رأسمالي هو الولايات التحدة وقطب اشتراكي هو الاتحاد السوفياتي . لكن هؤلاء الشيوعيين المفلسين الجذالى بانتصارهم لم بفسروا معنى هذا الانتصار . يقولون أنه ولد مؤخراً في العالم عدد من الأقطاب الأخرى وهم يعنون دول ما يسمى بالبركس (BRICS) أي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا . وهنا نسأل هؤلاء المفلسين .. هل دول البركس الخمسه أصبحت دولاً رأسمالية إمبريالية نظيرة للولايات المتحدة أم أن الولايات المتحدة لم تعد دولة رأسمالية إمبريالية نظيرة لدول البركس الخمسة !؟ فكرة الأقطاب المتعددة تعني قبل كل شيء آخر التناظر أي أن تكون الأقطاب الستة، دول البركس الخسة والولايات المتحدة، متناظرة، فإما أن تكون جميعها رأسمالية إمبريالية وإما أن تكون اشتراكية .
الشيوعيون المفلسون ليس لهم أن يقولوا غير أن الأقطاب الستة جميعها رأسمالية إمبريالية أي أن روسيا الرأسمالية الإمبريالية لن تسمح بالطبع للولايات المتحدة الرأسمالية الإمبريالية لأن تهيمن على دول تهيمن عليها روسيا، كما أن جنوب أفريقيا الرأسمالية الإمبريالية لن تسمح للصين الرأسمالية الإمبريالية أن تهيمن على مجالها الحيوي في أفريقيا الوسطى والجنوبية . الشيوعيون المفلسون ههنا لا يعودون مفلسين فقط بل ومهرجين مثيرين للضحك والسخرية .

أنا عندما أصف الشيوعيين المفلسين بأعداء الشيوعية فإنني لا آتي بما ليس فيهم - وأذكر في هذا المقام عندما أكدت للأمين العام المساعد للحزب الشيوعي في العام 1965 أن قادة الحزب الشيوعي السوفياتي هم أعداء للشيوعية وتبين صحة اتهامي في العام 1991 . فها هم الشيوعيون المفلسون اليوم يبشرون بحبور طافح بعالم متعدد الأقطاب أي أن خمس دول أخرى غير الولايات التحدة اختارت شعوبها بملء إرادتها النظام الرأسمالي وفضلته على النظام الإشتراكي وهو محط سعادة الشيوعيين المفلسين الأمر الذي يشكل دلالة قطعية على أن هؤلاء الشيوعيين المفلسين هم أعداء للشيوعية .