العبث بالديانة الإسلاموية!


ياسين المصري
الحوار المتمدن - العدد: 5716 - 2017 / 12 / 2 - 20:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

جميع الأديان - بلا استثناء - يجري العبث بها؛ كلما أمكن ذلك في أي زمان أو مكان ، وذلك بهدف تحقيق فوائد مادية أومعنوية ، ولكن ديانة الأسلمة المحمدية - دون غيرها - يتفشى العبث الدائم بها بين معتنقيها على كل مستوياتهم ، مثلما تتفشى الأوبئة بين البشر.. وهو عبث لا يقتصر على اللعب بالقرآن والأحاديث والفقه الديني فحسب ، بل يطال الديانة بكاملها ، من حيث الاستغلال المظهري وإقحامها في كثير من التعاملات الحياتية اليومية ، لخداع السُّذَّج والبسطاء ومغيِّبي الوعي والمرضى نفسيًّا وجسديًا ، وتحقيق مآرب شخصية من ورائهم ، خاصة وأنَّ كل متأسلم مفروضٌ عليه أنْ يرى نفسه نبيًّا أصغر لنبي أكبر يُدْعَى محمد!
مازلت أتذكر، في السبعينات من القرن الماضي ألتقيت مصادفة بعمدة القرية التي ولدت فيها. وبعد ترحيبه المبالغ فيه وكرمه المصطنع ، والسخرية من بعض الذكريات الحمقاء في فترة الصبا والشباب ، قـلـت له أنت حققت رغبتك الكبير وأصبحت "عمدة" لهذه القرية كي "يعتمد" أهلها عليك ، ولكن الكثيرين منهم يقولون إنك عمدة ظالم وتفاضل بين الناس لتحقيق مآربك الشخصية ، فرد على الفور قائلا:
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (القصص 56) إبتسمت ولم أعلِّق ، ورحت أركز نظري على حبات المسبحة وهي تتهاوى تباعًا ، وتعلو طرقعاتها بين أصابعه!
هذا هو العبث بالدِّين.
بداية ، كلمة "عَبَثٌ" ، في قواميس لغة العربان ، ذات دلالات كثيرة منها اللعب والاستخفاف وخلط الأشياء بهدف إفسادها وتعني أيضًا السفه والطيش.
وهناك فرق كبير بين أن نقول العبث (بـ)الدِّين أو أن نقول العبث (في) الدِّين ، إذ أن الأخير عبثٌ تاريخيٌّ يعتمد على مرونة الديانة وغموضها وتناقضها ، وله قواعد ينطلق منها ومحطات يتوقف عندها ليكتسب زخمًا جديدًا ، وهو يعني اللعب في نصوصها المقدسة ، بالقراءة والتأويل وكذلك التغيير بالحذف أو الإضافة كي تنسجم مع الأهواء الدنيوية لرجال الدين والسياسة وتبرر مواقفهم أو مصالحهم الشخصية ، الأمر الذي حدث دائمًا على مر التاريخ لأن لهم في رسول الله أسوة "حسنة".
أما العبث بالدِّين وهو الذي يعنينا في هذا المقال ، فله منبع وأساس وله استمرارية عبر الأجيال لا تتوقف منذ زعم محمد أنه نبي مرسل من عند الله ، وأن الله اصطفاه من دون البشر ، وتكليفه بتبليغ رسالته وتعليماته إلى الإنسانية جمعاء ، وفرض المطالب والرغبات الإلهية علي الناس ، ولكنها في الحقيقة لم تكن سوى تعليمات محمد نفسه ومطالبه ورغباته الشخصية، مُدَعَّمة بكلمات جاءت من عنده أو كانت تملى عليه . وقد أدرك المكِّيُّون هذه الحقيقة منذ البداية وعرفوا أنه يسخًِّر ما يسمى بالوحي الإلهي من أجل تبرير نزواته ومقاصده ، ومحاولة السيطرة المادية والمعنوية عليهم . ساورهم الشك في نبوته وفي قرآنه ، ومن ثم شككوا فيهما علانية. { وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } (الفرقان 5). والأساطير في اللغة تعني الأباطيل، أو أحاديث لا نظام لها، أي تخاريف وهذيان.
وبينما الموروث الإسلامي المفبرك يقول أن المكيين لقبوه قبل البعثة "بالصادق الأمين" ، وكان يثقون بكلامه ثقة تامة، يقول ايضًا أنه ظل لـ 13 عام يدعوهم إلى ديانته ولم يصدقه أو يُؤْمِن به سوى 40 شخص (يصل عددهم إلى 140 في روايات مختلفة) ، اغلبهم من العبيد المضطهدين من سادتهم والصعاليك المنبوذين من قبائلهم . فكيف كان إذن الصادق الأمين وأين إذن ثقتهم بكلامه ولو حتى ربع ثقة؟؟
ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن مازال أهم عمل لرجال الدين الإسلاموي هو إنكار مثل هذه الشكوك وغيرها الكثير ، ومحاولة ضحدها وإبطال مفعولها بشتى الألاعيب التي تصل إلى حد السفه والطيش.
إنهم يتجاهلون كون نبيهم نفسه قد ساوره الشك فيما يقوله للناس ويدعي أنه وحي من عند الله ، ففي سورة يونس 94 يقول القرآن
{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} "
ولأن جميع المتأسلمين دون استثناء يتصورون أنفسهم أنبياءَ صِغَار لنبيهم الأكبر ، فقد جبلوا في حياتهم اليومية على اللعب بوتر الدين بما فيه من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وأقوال فقهية والاستخفاف بها لتبرير نزواتهم ورغابهم مهما كانت!
إن الذين تمكنوا من معرفة حقيقة هذه الديانة وفي مقدمتهم الساسة ورجال الدين لا يأخذونها مأخذ الجد ، إلَّا فيما يعود عليهم بالنفع المادي والمعنوي ، وفيها الكثير جدًّا مما يعود عليهم بهذا النفع ، ولذلك يتلاعبون بها بمهنية مدعومة بنصوص دينية موجودة أو مختلقة . أما السواد الأعظم من المتأسلمين الذين يأخذون ثقافتهم الدينية من أفواه المهنيين ، فهم يشكلون منظومة مستقلة ، يطلق عليها "التدين الشعبي" وهو مزيج بين ما تحتوية الديانة من عادات ومعاملات وطقوس وبين الهياكل السياسية والاقتصادية والثقافية المعمول بها في المجتمع ، والمحصلة عبارة عن جملة من الظواهر الاجتماعية التي تتغير وتتبدل بتغير الأحوال والأزمنة . قد تبدو هذه الظواهر لا صلة لها بالإسلاموية ، ولكنها في الحقيقة من صميمها ، إذ تعتمد على استغلالها قدر المستطاع والتلاعب بها قدر الإمكان لتحقيق مصالح شخصية آنية، خاصة على المستوى المادي . فالمتأسلم العادي لا تهمه المصلحة المعنوية كثيرًا ، لقناعته أنه رجل صغير وسوف يبقى صغيرًا حتى الموت ، وأن الصراع الطبقي الذي تفرضه عليه هذه الديانة أهم عنده من أن يحيا حياة تتسم بالعزة والكرامة !.
ولكن هذا التدين الشعبي من الهشاشة ؛ بحيث يسهل اختراقه والسيطرة عليه من قبل المتلاعبين بمهنية واحتراف ، والاستفادة من جهل العوام وفقرهم ومرضهم وإحباطهم وقلة حيلتهم!
ومن الغريب والشاذ ، أنه بعد ما يزيد على 1400 عام من فبركة هذه الديانة وتوليفها، نسمع من يقول أن المتأسلمين لم يفهموا ديانتهم على حقيقتها وأنهم يسيئون فهم قرآنهم وأحاديث نبيهم ، ونسمع إتهامات بأن الكثيرين منهم إنحرفوا عن صحيح الدين. ومع كل هذه المؤسسات والجمعيات والجماعات الدينية والجيوش المجيشة والألوف المألفة من رجال الدين والدعاة والأئمة .... إلخ ، بصراخهم الذي لا ينقطع ليلًا أو نهارًا ومطاردتهم للبشر في الأزقة والشوارع والمدارس والكنائس واقتحامهم عليهم عرف نومهم ، لم يفهم أحد ماهية الإسلاموية الصحيحة ، ولم يفهمها أحد على حقيقتها ، أين إذن حقيقتها، وأين هو صحيحها المزعوم؟ وإن لم يكن في استطاعتهم توضيحها ، أو في استطاعة المتأسلمين بعد كل هذا العناء الطويل والمضني أن يفهموها، فالتذهب إذن إلى التنوير والحداثة ، كما ذهبت غيرها.
ولكنها لن تذهب إلى التنوير والحداثة بسهولة ويسر نظرًا لأنها ديانة هلامية ومطَّاطة وتعاني بشدة من الاضطراب والتناقض ، ويقوم عليها سدنة مدججين بسلاح التكفير والرِّدة . وهي في المقابل تسمح لكل شخص مهما كانت ثقافته أن يتكلم فيها ويفتي بشأنها، ويطوِّع مقدساتها لأهوائه ورغباته ، أي يعبث بها، طالما تحقق له منفعة مادية أو معنوية! ، فالعبث بها ثقافة شعبية ليست وليدة الصدفة وليست انحرافًا ولكنه حرفة مفضلة لدي نبي الأسلمة وجميع معتنقيها دون استثناء! وهنا لا يجب للمرء أن يقلل من تأثيرها على نفوس البشر ، خاصة الذين يحتاجون إليها. وهم يحتاجون إليها عندما يقعون في فخ الفقر والجهل والمرض ، ويعانون من طغيان الظلم وقهر العبودية ، وهل يخفى على أحد ان المتأسلمين جميعًا يكابدون منذ قرون طويلة من هذا وغيره ، حتى وإن كان ذلك على مستويات متفاوتة ، وفي أزمنة مختلفة؟؟
لقد سبق وذكرت في مقالات سابقة أن هذه الديانة لا تزدهر وتبقى مزدهرة إلَّا وسط هذا الفخ المعد سلفًا ، تماما كما تزدهر وتنمو بعض النباتات في الروث!!
إن التلاعب بالايديولوجيات البائدة والسائدة سواء كانت دينية أو سياسية أو غير ذلك هدف أساسي للمنتفعين من ورائها ، طالما أعدت لهذا لغرض، ولأن هذه الديانة ، في جوهرها، تحمل كل هذا وتفتح له الباب على مصراعيه ، فإن رجال السياسة يعملون يدًا بيد مع رجال الدين على إفسادها وتعكير مياهها ليحلوا لهم الصيد الثمين فيها!
فكيف لدين يزعم أنه "الدين الحق" أن يدعو إلى كراهية البشر وقتلهم وسلب ونهب ممتلكاتهم واغتصاب نسائهم وبناتهم؟ ويتسبب في كل هذا البلاء والعناء؟ ألا يشير هذا بوضوح إلى أنه دين الباطل ودين الضلال والانحلال وفساد العباد وخراب البلاد ؟؟
وإذا كانت السيدة عائشة الزوجة الأثير لنبي الأسلمة والمطلعة على كل شؤونه الخاصة والعامة قد قالت صراحة أنها ما رأت ربه إلَّا يسارع في هواه ، وأن هناك آية تقول: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ (الله) أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ} (المؤمنون 71). فلابد أن يكون زوجها قد وضع بذلك أسس الفساد هنا في الأرض على أقل تقدير! ، لأن السماء المزعومة ومن فيها يجب ألَّا تعنينا في شيء ، طالما لا تدخل ضمن إبستمولوجيا (معرفة وإدراك) العقل ، وطالما كان أهم نشاط للعقل على الأرض هو الاستدلال الذي ينقلنا من معارف قديمة إلى معارف جديدة، وأن أقوى وأهم أشكال الاستدلال العقلي هو الاستدلال الاستنباطي السليم الذي يتم حين يستحيل صدق مقدماتنا التي نستدل منها حال بطلان نتيجتنا التي نستدل عليها. 
ومن ناحية إتباع الهوى يقول كاتب القرآن في سورة الفرقان 43 : {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} . وفي تفسير ابن عباس للآية بقوله إنه: ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان . و يقول الحسن البصري إنه : لا يهوى شيئا إلا تبعه . وابن أبي حاتم عن قتادة ، قال : كلما هوى شيئا ركبه ، وكلما اشتهى شيئا أتاه لا يحجزه عن ذلك ورع ، ولا تقوى .
إذن الكلام يحمل بلا أدنى شك دلالات قوية وواضحة على أن إله محمد إتَّبع هواه ونزل عند رغباته ، ووافقه وانصاع إليه! بينما في سورة ص 26 يقول نفس الإله للنبي دَاوُدَ:{ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه} ، فاتباع الهوى يضل الأنبياء أيضًا عن سبيل الله .
كما يصف مَن يتِّبع هواه بأنه كلب يلهث في سورة الاعراف 176 : {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَــلـْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} . الاستنباط السليم هو أن ذلك النبي المزعوم كان كالكلب الذي يلهث ليس من أجل النساء فحسب ، بل أيضًا من أجل الغنائم والسلب والنهب والقتل! وأنه لم يعمل بما جاء في سورة النازعات 40 : {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} وبذلك يكون قد استغنى عن الجنة باتِّباع هواه ؟! ، وهنا يسارع العابثون بالدِّين ويقولون لنا إنها أمور أباحها الله لنبيه دون غيره من أمته واختصه بها هو وحده.
وهو وحده يحدد بعض خصوصياته قائلا:« أعطيت خمساً لم يُعطهن أحد قبلي، نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل، وأُحلت ليَ الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» رواه البخاريستاني و مسلم النيسابوري. ألم يكن إذن من {الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} (الأعراف:51)؟؟.
ولأن أي متأسلم يجب أن يكون له في رسول الله أسوة حسنة ، يجب عليه أيضًا أن يتِّبع هواه. ويُعبث هو الآخر بهذا الدين قدر إمكانياته. إن إتِّباع الهوى الشخصي يتطلب العبث دائما بمقومات الأيديولوجيات الدينية أو السياسية أو غيرهما ، طالما وضعت لهذا العبث من أساسها.
الأستاذ مصطفى السعيد أوجز قسطًا مما أسماه "التدين المظهري وانحطاط الأخلاق" السائدين في مصر في مقال بنفس العنوان (الأهرام 2/4/2017) :
http://www.ahram.org.eg/News/202222/4/586461/قضايا-واراء/التدين-المظهرى-والانحطاط-الأخلاقى.aspx
وذكر في المقال جزءًا يسيرًا للعبث بالدِّين وتجنيده لتحقيق مآرب شخصية في ظل حكومات رخوة وحكام جهلة ، إعتلوا السلطة في مصر منذ عام 1952. بطبيعة الحال أكَّد على النغمة السائدة وهي أن هذه الأفعال ليست من أصول الدين ، دون أن يسأل كما لا يسأل غيره عن ماهيَّة أصول الدين هذه ، وما إذا كان هذا التدين "المظهري" الذي لا مثيل له في الديانات الأخرى، مظهريًا بالفعل أم أنه حقيقيًّا وعلى كتاب الله وسنة رسوله . وإن كان تدينًا مظهريًا فلماذا لا يتصدى له المسؤولون سياسيا ودينيًّا وإعلاميًا .... في الدولة؟؟!.
إذا كان هناك بالفعل من يزعم أنه من المعتدلين الإسلامويين ويريد حقًّا ديانة تتسم بالمحبة والسلام والتسامح وقبول الآخر ، قبل أن يجبر عليها ، يجب عليه أولًا أن يعترف صراحة ودون مواربة بأن الأسلامية السائدة ، وضعت من قبل نبيٌّ سفاح وقاتل ورئيس عصابة من الصعاليك وقطاع الطرق والمجرمين ، وأنها فقدت صلاحيتها ولم تهد تنسجم مع تطلعات الإنسانية وأهدافها في الوقت الراهن.
مجمل أفعاله الشاذة وجرائمه في حق الإنسانية على العنوان التالي:
http://alkalema.net/articl/akhlak_mohamad.htm
ولان العبث بالدِّيانة الإسلاموية وباءٌ يتفشى بين المتأسلمين ، فقد صدر حديثًا كتاب للشيخ أسامة السيد محمود الأزهري يحمل عنوان: " الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدِّين" ، دار الفقيه ، أبو ظبي ، الإمارات العربية المتحدة، ط 2 ، 2015. أقل ما يقال عنه إنه أيضًا تلاعبٌ بالدِّين للرد على من يتلاعب بالدِّين ، لينضم بذلك إلى غابة الكتب الدينية العبثية ، وإن لم يحمل عنوانه رسالة تحريضية من قبيل : "السيف المسلول على من سب الرسول" مثلًا.
التلاعب بالدِّين يفهم من عنوان الكتاب إذ يشير إلى أن لدي الشيخ "الحق المبين" ، شأنه في ذلك شأن رجال الدين جميعًا ، فقد أعطى بنفسه نتيجة عمله في العنوان قبل قراءته ، ولم يترك للقارئ إمكانية الحكم بنفسه ومعرفة ما إذا كان ما قاله حق أم باطل ، وهل هو حق مبين أم أنه باطل مبين.
لم يحدث قط ولن يحدث أبدًا أن تصطدم تقلبات الأهواء السياسية مع تقلبات الأهواء الدينية الإسلاموي ، وإذا ظهر أن بينها اصطدامًا يلوح في الأفق ، فليس بسبب تعليمات الديانة ومبادئها أو الحفاظ عليها على حد زعمهم ، بل بسبب الاختلاف على أساليب تحقيق المصالح الشخصية لكلاهما. فجميعهم « يقدمون قراءات سطحية أو تحايلية مغـرضة كي يستخدمها الساسة العجـزة أو المنحـرفين كـوقـود لتحريك دعاواهم المضللة وتبرير شعاراتهم السياسية الخادعـة، فـيـلونون التاريخ ـ مثلا ـ بلـون اشـتراكي في عصر الاشـتراكية ولون رأسمالي في عصر الرأسمالية، إذ نجد مثلا محـمـود شلـتوت شـيـخ الأزهـر في عـصر عـبد الناصر وقـد أفـتى بأن « القوانين الاشتراكية لا تتعارض مع الإسلام ». « ونشطت العقول الـدينية والمؤسسات الإسلامية في مصر وغيرها من الدول، لتبرير سياسة الثورة الاشتراكية بتبيان انسجامها مع الإسلام*19* ». وعندما انقـض السادات عـلى اشـتراكية سلـفه وأعـاد الـرأسمالية تحـت شعار « ثورة التصحيح » في عام 1972م أفتى محمود الفحام الذي تولى المشيخة في الفترة من 1969 ـ 1973م بأن هذه « خطوة تأتي من أجـل كفالة الحـريات للـوطن والمواطنين وسيادة القانون وبناء الدولة الجديدة » الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن ولن يتحقق ـ كما يبدو ـ في المستقبل المنظـور ».
أنظر كتابي على الرابط التالي:
https://www.facebook.com/Almaktaba.Alamma/
وروابط أخرى كثيرة أو الاطلاع عليه في حلقات على موقع الحوار المتمدن.
جميعنا يعرف أن مملكة آل سعود منبع الديانة واصلها، ظلت منذ تأسيسها في 23 سبتمبر 1932 معتمدة في سياستها على التعاون الوثيق بين آل سعود وآل الشيخ (الوهابيين) أبناء محمد بن عبد الوهاب ، وعملت بكل ما في جعبتها من أموال النفط الوفيرة على تصدير الوهابية التي تمثل الإسلاموية الحقيقية ، وفرضها على الدول المتأسلمة ، وجميعنا يعرف أن ولي العهد الملكي الشاب خرج علينا فجأة تحت ضغط هائل من الدول المتحضرة، ليلغي الكثير من تعليمات الوهابية. ودون تردد بارك الوهابيون خطواته ، وبذلك وضعوا رجال الدين في البلدان الإسلاموية الأخرى في مأزق ، لابد وأنهم سوف يخرجون منه كما تخرج الشعرة من العجين !
ومن العبث الدائم بالدِّين تشبيه حكَّام المنطقة المتأسلمة بمحمد نبي الأسلمة ، وأن ما تسمى بالعناية الإلهية أرسلتهم من السماء لإنقاذ الإنسانية جمعاء، أو أن نسمع وزيرًا للدفاع يهنئ الحاكم بالمولد النبوي ويقول له أن القوات المسلحة تسير على نهج النبوة ... إلى آخر هذا العبث المبين والنفاق الثمين !!
ولأن حكام المنطقة أقزام وضعفاء ولا يقوون إلَّا برجال الدين ، ويتسمون بالرخاوة والطراوة في تطبيق القوانين المتحفية ، فإنهم يلجأون إلى العبث بالدِّين ويسمحون بنفس العبث للمواطنين على كافة مستواياتهم وفي كافة مناحي حياتهم ، فلا مانع من أن يكون هناك مؤسسات دينية عديدة تقتات من أموال الشعب المسكين، وبنوكًا إسلاموية لا أحد يعرف ماذا تفعل! ومحلات تجارية إسلاموية تبتز المواطنين وتسرق أموالهم ، وشركات توظيف أموال ومعاملات نهب إسلاموية وذقون وملابس إسلاموية ومساجد تبنى دون داعٍ وصراخ وضجيج إسلاموي في كل الأماكن وفي كل الأوقات، واعتداء إسلاموي على مقدسات وأرواح الآخرين . ولا مانع أو رادع أن تكون بلادهم مرتعًا للفساد المادي والانحطاط السلوكي كنتيجة حتمية للعبث بالدِّين.