حواتمة: عندما لا يقع الاصلاح الديمقراطي الشامل تقع الثورات


نايف حواتمة
الحوار المتمدن - العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 15:33
المحور: مقابلات و حوارات     

حواتمة في حوار شامل مع صحيفة "الجمهورية" الجزائرية

التغيير الثابت الوحيد في تاريخ الشعوب، العرب بدون التغيير الشامل يبقون خارج جديد التاريخ
انجزنا لشعبنا انجازات استراتيجية كبرى، والاخطاء في مسارنا دائماً تحت سقف المراجعة والاصلاح
الانقسام الفلسطيني عبثي مدمّر واسرائيل الرابح الأكبر

حاوره: عمر هواري
الجزائر - عمان
س1- منذ أن هبّت رياح ما يسمى بـ "الربيع العربي" على عديد الدول العربية التي كانت تعاني من مشكل الديكتاتورية، الاستبداد والفساد... إلخ، تحوّل فصل شعوب هذه الدول من ربيع مزهر إلى شتاء، برأيكم كيف استطاعت الدول الغربية أن تتدخل بمخابراتها، أذنابها في المنطقة وبعض ممثلي التيار الإسلامي المتشدد (ممثلاً في حركة الإخوان المسلمين)، أن تسرق هذا الخيط من الأمل الذي تشبثت به الشعوب العربية في سبيل تحررها من هذه الأنظمة الفاسدة، إلى أوجاع وجراح، باتت اليوم تهدد أوطانهم بالتمزيق والتقسيم؟
ج1: الانتفاضة والثورات الجارية في عدد من الاقطار العربية أبعد وأعمق وأوسع بكثير من "ربيع عربي" إنها تعبير عن أزمات عربية تاريخية وراهنة للخلاص من "أنظمة الاستبداد والفساد".. أنظمة التخلف التاريخي عن عالم العصر الحديث، عالم المعرفة والحداثة، عالم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، عالم الثورة الصناعية بمراحلها الثلاث، الاصلاح الديني و"تقديم العقل على طغيان فتاوي النقل.. فتاوي إلى الخلف دُرّ إلى العصور الوسطى، الديمقراطية التعددية والشراكة الشعبية، تجاوز الامراض الكبرى المزمنة: الفقر والبطالة، الجهل، والمرض، غياب المشروع النهضوي الحديث القطري والقومي وشرطه الرئيسي" تحرير العقل، بناء الدولة المدنية الديمقراطية دولة المساواة في المواطنة وبين المرأة والرجل، دولة العدالة الاجتماعية، بديلاً عن دول التمييز العرقي (الاثني)، والديني الطائفي والمذهبي، محاربة العقل والمعرفة بفتاوي العصور الوسطى من منتصف القرن التاسع الميلادي بتقديم النقل على العقل حتى يومنا بفتاوي إلى الخلف در..، "جهاد النكاح" بالعودة إلى رقيق العبودية والاذلال التاريخي للمرأة في بلادنا العربية وبلدان العالم المسلم.
وعليه؛ لا استخدم تعبير "الربيع العربي"، فربيع العرب صحراوي في محيط صحراوي من التخلف التاريخي والراهن عن الحداثة والتحديث المعرفي المعاصر.
انجزت شعوبنا العربية في النصف الثاني من القرن العشرين "الاستقلال السياسي عن الاستعمار الاجنبي"، ولم تنجز بعد "الاستقلال الثاني الداخلي عن التخلف والاستبداد والفساد"، ضاع القرن العشرين على العرب شعوباً ودولاً، القرن الاستثنائي في تاريخ مسار البشرية وتاريخ الشعوب، ولا زالت الشعوب والدول العربية في قديم التاريخ ما قبل عصر الحداثة وجديد التاريخ، ولذا الصراع مفتوح حتى انجاز جديد التاريخ بتحرير العقل والدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بثورات وانتفاضات مشتعلة في غير بلد عربي، ولا يمكن لأي بلد عربي أن تَفُرَّ منها [راجع كتاب حواتمة "اليسار العربي – رؤيا النهوض الكبير – نقد وتوقعات / طبعة الجزائر 2009 – 2010، وكتاب حواتمة "الأزمات العربية في عين العاصفة / سبع طبعات/ 2012].
الانتفاضات والثورات العربية الجارية، والحراكات الشعبية في صفوف الطبقة الوسطى، والطبقات العاملة والفقيرة في المدينة والريف، انتفاضات ثورية، ديمقراطية واجتماعية، لم تأت بانقلابات ودبابات بل بانتفاضات الشباب والمرأة تم بناؤها بشبكة التواصل الاجتماعي في العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، تم انزالها إلى الميادين بعشرات الملايين في تونس، مصر، اليمن...الخ، عظيمة وضعيفة، عظيمة بعشرات الملايين في الميادين، ضعيفة لأنها بدون قيادة ائتلافية منظمة مسبقاً، لحقت بها الاحزاب القديمة قبل الانتفاضات وعملت على احتواء وافراغ الثورات من محتواها "خبز، حرية، عدالة اجتماعية، مواطنة، دولة مدنية ديمقراطية"، ومحاولة اعادة تركيبها على مقاس احزاب لم تتكيف وتجدد برامجها ومكوناتها بما يستجيب للثورات الكبيرة.. ثورات الشعب يريد... هذا اولاً.
ثانياً: الصراع بين الاحزاب والتيارات قبل وبعد الثورات والصفقات بين احزاب وقوى ما قبل الثورات الشعبية (مصر، تونس، اليمن... مثالاً)، ومن هنا تجدد صراع الميادين بالملايين فجاءت الموجة الثورية الثانية في مصر 30 يونيو/جوان 2013، تونس، اليمن الآن، لتصحيح مسار ومصير ثورة 25 يناير في مصر، ثورة 14 يناير في تونس، وما يجري في غير بلد عربي لتصحيح مسار الانتفاضات والحراكات الشعبية: اليمن، سوريا، الأردن، البحرين، المغرب، السودان واقطار أخرى على الطريق...
ثالثاً: التدخلات الدولية والاقليمية تفاجئت بانتفاضات وثورات وحراكات الشعب يريد...
تسارعت ودخلت على المشهد لتطويق وأحتواء الحدث الكبير، لافراغه من محتواه الثوري السياسي والاجتماعي، بالمال والضغوط وعقد الصفقات، تفكيك مكونات القوى الثورية، وتركيب تحالفات أخرى تحاصر الثورات وبرامجها في اطار محدد: الحريات السياسية المحدودة وضمان السياسة الاقتصادية والاجتماعية النيوليبرالية المتوحشة كما كانت قل سقوط نظام الاستبداد والفساد تحت عنوان "اقتصاد السوق الحر "ووصفات البنك الدولي".
وعليه؛ وتحت مظّلة الادارة الامريكية ثم في مصر عقد "صفقة التحالف بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والاخوان المسلمين باتفاقات تقاسم السلطة"، وابعاد وتهميش، بل محاصرة واقصاء" كل قوى الثورة الشبابية والقوى الوطنية الليبرالية واليسارية والقومية، تقاسم واحتكار السلطة بين المجلس العسكري الاعلى والاسلام المعتدل (الأخوان) بحسابات الإدارة الامريكية.
الاخوان اندفعوا بسياسة "التمكين" لاحتكار السلطة واقصاء الاخرين كل الاخرين، وهذا ما وقع بالانتخابات التشريعية والرئاسية بقانون انتخابات يسمح بذلك (المختلط النسبي والفردي)، وامامهم تجربة ودرس الانتخابات الفلسطينية يناير 2006 بالنظام المختلط 50% نسبي و 50% دوائر فردية، والنتيجة احتكار حماس واقصاء الاخرين بانقلابات عسكرية وسياسية يوليو/ جويليه 2007، وهذا ما حصل في مصر.
وعليه؛ تجدد الصراع في الميدان بعشرات الملايين، ورأس الحرية "حركة تمرد" الشبابية التي تعلمت درس 25 اقصاء شباب ثورة يناير 2011 وافراغها من مبادئها وبرنامجها، فجاءت ثورة 30 يونيو / جوان 2013 لكسر الاحتكار والاقصاء، وتصحيح مسار ومصير ثورة 25 يناير 2011 "خبز، كرامة، عدالة اجتماععية، مواطنة، دولة مدنية ديمقراطية، مساواة المرأة والرجل..".
الصراع لا زال مفتوح، الضغوط الامريكية والغربية برزت علنية، ضغوط حكومة اردوغان وقطر، وكلها لاعادة تركيب السلطة والدولة والمجتمع بين المجلس العسكري الأعلى والإخوان...
تراجعت الضغوط نسبياً، الصراع مفتوح إلى أن يتم انجاز دستور مدني ديمقراطي جديد، قانون انتخابات ديمقراطي جديد يستخلص دروس التجربة المصرية بين 25 يناير 2011 إلى 30 يونيو 2013 وحتى يومنا.
تداعيات ثورة 30 يونيو / جوان تتواصل في تونس، اليمن، سوريا، وفي بلدان عربية أخرى..
بكلمة اخيرة اقول:
الثورات الشعبية تأخذ زمناً قد يطول إلى ان تنتصر على قاعدة الشعب يريد...، لنقرأ جيداً تاريخ ثورات الشعوب.. الثورة الفرنسية، الامريكية ضد الرق والعبودية، ثورة اكتوبر الاشتراكية في روسيا، الثورة الصينية، الفيتنامية، الجزائر، جنوب افريقيا، الثورة الفلسطينية.
لتتعلم شعوبنا العربية والمسلمة درس التاريخ: "عندما لا يقع الاصلاح الجذري الشامل تقع الثورات""التغيير الثابت الوحيد في حياة الشعوب، العرب بدون التغيير الديمقراطي الشامل يبقون خارج جديد التاريخ".

س2: تجري المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في ظروف تثير العديد من التساؤلات والاستفهامات، حيث لا تزال لحد الآن هذه الجلسات الماراثونية بين الأطراف المتفاوضة، شحيحة من حيث المعلومات وغامضة من حيث النتائج والمصير، لاسيما إذا ما ارتكزنا على تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المثير للجدل والذي أبلغ فيه لجنة المتابعة العربية أن سبب استمرار الصهاينة في الاستيطان راجع إلى أن تفاهماته (تفاهمات كيري) التي انعقدت عليها المفاوضات والتي لا تشمل وقف هذا المشروع (الاستيطان)، ما الفائدة برأيكم من مواصلة هذه المفاوضات؟ وما هو موقفكم منها إذا كانت لا تلبي حقوق وآمال الشعب الفلسطيني الجريح؟
ج2: هذا ينطبق على "تفاهمات كيري"، وقد التقى مؤخراً لجنة "المتابعة العربية" مؤكداً لها "بأن الاستيطان لا يمنع المفاوضات"، لقد وصلت الأمور اليوم، نحو ما كنا نؤكده منذ انطلاقة المفاوضات، فقد استقال الوفد الفلسطيني المفاوض، وإن بدت الاستقالة بجوهرها كموقف "حرد"، فإننا نريد البرنامج الذي يوجه الموقف الفلسطيني إلى استراتيجية جديدة، التي نادينا بها على امتداد أعوام. إن الولايات المتحدة "وإسرائيل" يفضلون أمام صعوبة السيطرة على الموارد والمواقع الإستراتيجية في الشرق الأوسط؛ "التسويف والوعود التي لا تصرف" في الموضوع الفلسطيني، وإغراق الدول العربية في حروب وصراعات طويلة المدى بهدف إضعافها، وبالتالي العمل على فرض سايكس- بيكو 2 أو المعادلة المسماة بـ "الفوضى الخلاقة" أو الأحق "الفوضى الهدامة" من أجل رسم حدود جديدة.
إن ما نراه على أرض الواقع، هو أنه تريد واشنطن أن تجعل من تل أبيب المركز الطرفي، وهذا يترتب عليه خرائط جديدة، بما يخدم هدفها "يهودية الدولة"، تجاورها دويلات مذهبية وطائفية وإثنية، كانت ومازالت متعايشة منذ عمق التاريخ، نسأل هنا ماذا كانت تعني "الصفقة بين حركات الاسلام السياسي اليميني وخاصة الأممية الإخوانية وواشنطن"(؟)، وقد أثبتوا في مصر وهي مهدهم منذ خمسة وثمانين عاماً، وفي اقل من عام انهم يحملون مشروعاً يمينياً رجعياً إلى الخلف عشرات السنين وبالعلاقة والتعاون مع السياسات الامريكية والحلول الثنائية مع اسرائيل تحت عنوان الالتزام باتفاقات مصر السادات مع الاحتلال الاسرائيلي، والمثال الاخير اتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحكومة حماس في غزة 2012 برعاية محمد مرسي الرئيس المصري وواشنطن.
هم محور تفتيت ولعبة التفتيت في المنطقة وبدءاً من مصر، وبعد اعلان مرسي "الجهاد" في سوريا، وطلب ذلك من الجيش والشعب بدأ العد العكسي بالأيام، حتى شاهدنا تسونامي الميادين الذي اطاح به، مصر لم تشهد في تاريخها هذه الأسس الطائفية الدينية التي وضعها "الإخوان" بها، وهكذا لم يكن وصولهم إلى السلطة محض صدفة، وعليه جرت مهمة دعم "الإخوان في دول الانتفاضات والثورات الوطنية الديمقراطية الجديدة،" من قبل واشنطن وفي عموم المنطقة، وقد جرى ذلك في العراق وسوريا وليبيا واليمن..،.
في مصر ولهم تاريخ طويل في العمل السياسي وهي مسقط راسهم، بما فيه من ممارسات العنف، وهو ما اطلقوه في ميدان "رابعة العدوية" في القاهرة، والإخوان يخشون أن يلحق بها ما لحق بهم عام 1954 حين دخلوا في صدام مباشر مع قائد ثورة 23 يوليو جمال عبد الناصر، حين حاولوا فرض ارادتهم على الثورة المصرية، ثورة التحرر الوطني والتحولات الطبقية الاجتماعية والسياسية الكبرى للتقدم والعدالة الاجتماعية.
إن الغرب الامبريالي يعتمد على قوى اليمين الطبقي، والاسلامي السياسي اليميني وخاصةً "الإخوان" ومثيلات هذه الجماعة لإنجاز هذه الأهداف.
واليوم تستعيد مصر اصطفافها على أسس طبقية وطنية، وكأنها تقوم بإجراء مصالحة وطنية شاملة بين جميع أطياف الوطن، بعد عام من البؤس على حكم الإخوان، والذي انتهى بحرقهم للكنائس القبطية، وتأجيج التطرف في شبه جزيرة سيناء، حيث يتواجد بها "جهاديون تكفيريون" اطلق سراحهم الرئيس مرسي المعزول، فضلاً عن متشددين آخرين يتجمعون هناك، سبق لهم أن اعتدوا مراراً على الجيش المصري.
اصطدمت المشاريع الامريكية واليمينية الدينية والطائفية بجدران عشرات الملايين من الشعب المصري، وتصطدم الآن في تونس واليمن وبلدان عربية أخرى، وعليه أقول: لن تمر سايكس – بيكو أخرى، والزلازل والثورات الجارية منذ 2011 تحمل مشروعاً آخر... مشروع التحرر والتقدم إلى امام، وبعبارة يسارية "مشروع الثورات الوطنية الديمقراطية".
لقد أكدنا مراراً رفضنا للمفاوضات؛ لأن المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية تدور في طريق مسدود على امتداد الجولات الثمانية عشرة التي تمت منذ تموز/ يوليو حتى الآن بدون جدول أعمال محدّد وملموس، تتناول العموميات، بدون مرجعية الشرعية الدولية، ويركز الجانب الإسرائيلي على "الأمن أولاً ليتم سحب نتائج الاتفاق الأمني على خارطة "الحدود" بما يستجيب للحدود التوسعية الاحتلالية" التي تدعو لها حكومة نتنياهو اليمنية المتطرفة.
إِن هذه المفاوضات تنعقد على أساس "تفاهمات كيري" دون مرجعية ورقابة الأمم المتحدة التي "اعترفت في 29 نوفمبر 2012 بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية (العربية)"، وحقوق اللاجئين وفق القرار الاممي 194، ومنظمة التحرير التي تمثل الائتلاف الوطني لكل الشعب الفلسطيني.
كما أن حكومة نتنياهو استغلت فترة المفاوضات بتكثيف تهويد القدس، وتسريع زحف الاستيطان في الضفة الفلسطينية لرسم حدود الأمر الواقع التوسعية لدولة إسرائيل، وتقطيع أوصال الضفة لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.
إن "تفاهمات كيري وشروط نتنياهو" جعلت "المفاوضات مرجعية نفسها" وليست قرارات الشرعية الدولية، وعطلت دور الأمم المتحدة والرباعية الدولية بالانفراد الأميركي، وهذا ما قاد ويقود إلى "مفاوضات عقيمة وعبثية" على امتداد عشرين عاماً من 1993 حتى يومنا.
ناضلنا ودعونا مراراً إِلى الانسحاب من المفاوضات، والعودة إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي واستكمال الانضمام إلى المؤسسات الدولية وفي المقدمة المحكمة الجنائية الدولية، العدل الدولية، اتفاقات جنيف الرابعة، مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، وتدويل الحقوق الوطنية الفلسطينية بتقرير المصير والدولة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، وحل مأساة اللاجئين وفق القرار الاممي 194.
إن قرارات ورعاية الأمم المتحدة هي الطريق الجديد لمفاوضات جديدة متوازنة وجادة وصولاً لتسوية سياسية متوازنة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي؛ وبدون الأساس السياسي والقانوني الدولي ستبقى المفاوضات تدور في الفراغ، بينما لا يتوقف التهويد للقدس والاستعمار الاستيطاني التوسعي في الضفة الفلسطينية لخلق حدود توسعية بالأمر الواقع لدولة "إسرائيل".
كما اننا نطالب بعقد دورة عمل للمجلس المركزي لمنظمة التحرير لمراجعة المفاوضات الجارية، ولإنهاء الانقسام على أساس اتفاق مايو 2011 وتفاهمات فبراير 2013 في القاهرة، التي أكدت على مرجعية قرارات الشرعية الدولية الكفيلة لعقد المفاوضات على الأسس السياسية القانونية التي تؤدي لحل سياسي شامل بين الجانبيين الفلسطيني والإسرائيلي.
س3: ذكرى 2 نوفمبر 1917 أو ما يعرف بـ "وعد بلفور"، ستظل إلى أبد الآبدين تاريخاً أليما ومأسويا لجميع العرب والفلسطينيين، حيث وصفتها العديد من الفصائل الفلسطينية المقاومة بكونها "أفظع الجرائم المرتكبة من قبل البريطانيين في تاريخ الإنسانية جمعاء"، وأن هذا الوعد المشؤوم أعطى أرضاً طاهرة وغالية لشعب يملك ولآخر لا يملك ولا يستحق، وها هي اليوم فلسطين التي كان يقطنها آنذاك 5% من تعداد اليهود فقط أضحوا اليوم هم الأغلبية يعيثون فيها ظلماً وفساداً بل بات قادة الكيان الصهيوني اليوم يضغطون ويطالبون بما سموه بـ "يهودية الدولة الإسرائيلية"، أولا هل من كلمة بخصوص هذه الذكرى الأليمة؟ ولماذا طرح نتنياهو هذا المشروع ( يهودية الدولة ) في هذا التوقيت بالذات وما موقفكم منه ؟
ج3: "وعد بلفور"... والضمير البريطاني..
أعطت الكولونيالية البريطانية ما لا تملك وأغدقت العطاء، وتابعت الولايات المتحدة بالإغداق الكثير مما تملك، وليس آخرها في "ذكرى الوعد المشؤوم"، ان يأتي وعد "تشيك هاغل" بما يحمل من معنى ومغزى "وعد بلفور" السادس والتسعين؛ بإعلان موافقة واشنطن على تزويد "اسرائيل الاحتلال وغزو الاستيطان بـ "ستة طائرات متطورة جداً (في - 22 "أوسبري")، لتحصل "إسرائيل" الحليف الأول تحت الرعاية الأميركية الكاملة أول مَنْ يحصل على هذا النوع من الطائرات..
يأتي هذا، ودولة الاحتلال تحتفل بـ "آرثر بلفور" بإطلاق غول الاستيطان وجرافاته، يطلقها مزمجرة تحت غطاء المفاوضات.
اليوم "بلفور" ومعه العديد من الأسماء الاميركية يعتلون صهوة الجرافات الصهيونية، ولن يكون آخرهم وزير الخارجية جون كيري، الذي حاول في بداية "المفاوضات" تخفيف ساعات هدير الجرافات، وقد اطلقتها "اسرائيل" مزمجرة، وبكل ما تملك من طاقة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة والعنصرية، فوافق كيري على اطلاقها بلا "مجاملات" أو خجل أمام الجانب الفلسطيني ودخلت في "تفاهماته"، كما صرح باجتماعه مع لجنة المتابعة العربية مؤخراً..
استعمار الاحتلال والاستيطان يزداد صلافة وعنصرية وعدوانية، وبكامل فجاجته يحظى بالتغطية والحماية الكاملة بالكثير من المحافل الدولية بما فيه الفيتو الأميركي.. ويتلقى الوعود المتممة لوعد بلفور..
تقوم واشنطن على دوام العقود المنصرمة، بحماية "وعد بلفور"؛ أفكاراً ومشروع ضمانة، واستمرار الهيمنة الامبريالية في المنطقة، وهذا الوعد يأتي في السنوات الأخيرة وانظمة الاستبداد والفساد العربية اسوأ في سنوات انحطاطها، والمهم لديها "اقناع" الحليف واشنطن لنيل رضاها عنها، دون اغضاب ربيبتها "اسرائيل.
على الصعيد الفلسطيني المطلوب الاعتماد على الذات؛ على الشعب الفلسطيني أولاً، وعلى صموده الأسطوري المشهود له، والتحضير لدخول كل مؤسسات الأمم المتحدة كافة، "وتدويل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي الصهيوني"، عملاً بقرار الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012 "الاعتراف بدولة فلسطين على حدود حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة عام 1967"، وعملاً بالقانون الدولي واتفاقات جنيف بمنع دولة الاحتلال من التغييرات الاستعمارية الجغرافية والسكانية على أراضي دولة فلسطين تحت الاحتلال.
إن قيام "إسرائيل" بالذات، هو مشروع صهيوني امبريالي غربي، وحُظيت منذ 1948 برعاية غربية، وفي الخمسينات من القرن الماضي حتى يومنا بالرعاية الأميركية الكاملة، وواشنطن تحارب عنها عند الملمات الكبرى كما ورد في مذكرات الفريق الحمصي عن حرب تشرين/ اكتوبر 1973، وهي جزء من "الأمن القومي الأمريكي الامبريالي" بشهادات وخطابات ورسائل رؤساء أميركيين تولوا تباعاً رئاسة الإدارة الأميركية.
إن هدف الاعتراف "بيهودية" دولة اسرائيل هو شطب حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، أسرلة عرب 1948، شطب حق اللاجئين بالعودة وفق القرار الأممي 194.
س4: لم تنجح لحد اليوم جهود المصالحة الوطنية التي عملت بعض الدول العربية على تحقيقها لجمع الشمل بين الإخوة الفرقاء في حركتيّ "فتح" و"حماس"، حيث ظلّ هذا المسعى رهينة لخلافات عميقة بين الطرفين، لاسيما فيما يتعلق بقانون انتخابات التشريعي الذي لا تزال إلى حد اليوم حركة "حماس" متحفظة بشأنه وتطالب بإحداث تغييرات عليه، على أساس اتفاق 2009، باعتباركم قيادي بارز ومحنك يسعى دائما إلى لملمة و رأب الصدع الذي ما فتئ ينخر جسد الفلسطينيين، بماذا تنصح قيادات فتح و حماس لتجسيد هذه المصالحة على أرض الواقع؟ ومن هو المسؤول عن عدم نجاحها؟
ج4: حركة "حماس" هي نسخة في غزة لإخوان مصر، والفارق هو أن القضية الفلسطينية هي قضية تحرر وطني تحتاج لكل مكونات وتيارات الشعب الوطنية، وانتقالها إلى الصف الآخر المذكور قام على قرار "الأممية الإخوانية".
ثمة عناصر تشابه رغم تباين الحالة الحمساوية الفلسطينية بوصفها تحت الاحتلال، مظاهر التعصب الديني، بينما المقاومة الفلسطينية حركة تحرر وطني، تحتاج إلى الشعب كله، صعدت حماس بالانتخابات وصندوقها، وعملت على "حمسنة" قطاع غزة بانقلابات سياسية وعسكرية دامية 2006-2007، بغض النظر نجحت أم لا (!)، واستقدمت كل ما هو سلفي يرتد بالتاريخ إلى الوراء، ودفعت أعمال معادية للقوى اليسارية والوطنية والليبرالية في القطاع، بما يتناقض ويتصادم مع قوانين حركة التحرر الوطني والوحدة بين كل مكونات الشعب السياسية والاجتماعية والحزبية والنقابية، وتاريخ الثقافات والتيارات الفكرية المتعددة والتضامن الوطني.
بعد ذلك تمسكت بما حصلت عليه، رفضت اسقاط الانقسام وبناء الوحدة الوطنية برامج اسقاط الانقسام وبناء الوحدة الوطنية والعودة إلى صندوق الانتخابات، برامج الإجماع الوطني الاربعة وآخرها برنامج ماي/مايو 2011 وتفاهمات فيفري/ فبراير 2013، واضح أنها كانت تحت توجيه حكم الإخوان، وبانتظار مرسي القادم من السجن إلى الرئاسة وحتى الآن هذا الانتظار ايضاً قائم..
جاءت الموجة الثورية الشعبية المصرية الثانية 30 حزيران/يونيو التي انطلقت للإطاحة بمرسي والإخوان، تحمل معها صورة جلية واضحة بين النزعة المدنية التعددية، وبين حكم الاحتكار والاقصاء الاخواني (استبدال الاستبداد زمن مبارك باستبداد الإخوان)، ومعهم الجماعات المتطرفة من جهة ثانية، وقد أثبت المدٌّ الشعبي العارم الذي قادته جبهة الانقاذ وحركة "تمرد" ومعها الحراك المدني (الطبقة الوسطى، الطبقة العاملة، الطبقات الشعبية الفقيرة، المرأة والشباب)؛ أن مصر ليست مع الإخوان، بل لن تكون كذلك، وأن هكذا نظام حكم غير قابل للاستمرار.
كما أثبتت ان سياسات الإخوان في استقطاب الأشد فقراً وجهلاً، هؤلاء إذا لم يجدوا العدالة الاجتماعية، فإنهم سينفضون من حولهم نحو بناء النظام العادل (خبز، عدالة اجتماعية، كرامة، ديمقراطية تعددية، هوية المساواة في المواطنة، بين المرأة والرجل، الدولة المدنية الديمقراطية) غير الإقصائي، وهؤلاء شعارهم "تأمين لقمة العيش"، وقد رفضوا استبداد "مرسي – الاخوان"، الذي استعاد قوته في قوالب جديدة.
كما أن استغلال التعاطف مع "الدين" لا يكفي وحده ودون العدالة لاستقرار السلطة، ومن الجدير ملاحظة تصريحات أحد قادة إخوان مصر، لحظة استيلائهم على السلطة عندما قال: "سنحكم مصر لخمسمئة عام" ولكن هيهات..!
كيف لا تتأثر حماس بكل هذا، وهي التي انتظرت طويلاً عودة "مرسي"(!)، الذي رحل ولن يعود كما تشير التطورات والتحولات منذ 30 جوان/ يونيو 2013 حتى يومنا...
النضال الوطني الفلسطيني متعدد الأبعاد الوطنية التحررية والديمقراطية، في مواجهة عدو عنصري يطبق مفردات دينية على القوانين الوضعية والحقوق الطبيعية للإنسان، وهذا مخالف لثقافة العصر والمدنية قبل تطورها، فكيف بعالم اليوم (!).
لدينا في فلسطين إرثاً وطنياً تاريخياً بنيناه رداً وبديلاً عن هزيمة حزيران يونيو 1967 حتى 2006، الكتلة التاريخية بين كل التيارات والطبقات الفلسطينية في فلسطين والشتات (يمين، يسار، وسط) ائتلاف منظمة التحرير على أساس البرنامج الوطني المرحلي: تقرير المصير، دولة مستقلة على حدود يونيو 1967، حق عودة اللاجئين. أي الجبهة الوطنية في مرحلة التحرر الوطني ضد الاحتلال واستعمار الاستيطان الإسرائيلي والامبريالية الأمريكية حليفة إسرائيل.
هكذا؛ على يد مصالح اليمين ويمين الوسط الوطني في (فتح) واليمين الإسلامي السياسي في (حماس) وقع صراع الانقسام على السلطة في غزة والضفة .
س5: كيف هي اليوم العلاقات الفلسطينية - المصرية بعد سقوط الإخوان من الحكم بعد ثورة 30 يونيو التي كان من بين أهم نتائجها عزل الرئيس السابق محمد مرسي من الحكم؟ وهل فعلا ارتحتم لسقوط رؤوس هذا التيار الذي كانت له مواقف معادية لجميع العلمانيين واليساريين الراديكاليين الرافضين لسياسة أخونة الدولة المصرية؟ وماذا عن الأخبار التي تقول إنكم عقدتم مؤخراً عدة لقاءات مع بعض المسؤولين المصريين، لوضع خريطة طريق جديدة من شأنها ردم الخلافات بين حركة "حماس" المتهمة بالمشاركة في تفجيرات سيناء وبث البلبلة واللااستقرار عبر ربوع المحافظات المصرية التي يتمركز فيها الإخوان المسلمون؟
ج5: نحن ننطلق أولاً من أن مصر قاطرة مصرية تقوم على المواطنة والدولة المدنية، وعربية، وينبغي أن تعود لدورها العربي والإفريقي (المفقود) ودول عدم الانحياز. ثانياً، وهي تعيش اليوم مرحلة ميلاد ديمقراطي تعددي جديد، بعد أن استكملت مخاض تصحيح مسار ومصير ثورة 25 يناير / جانفي 2011 بثورة 30 جوان/ يونيو 2013، وتسير نحو تعديلات دستورية شاملة على الدستور الموضوع منذ عام على يد "الإخوان"، حيث تمضي "لجنة الخمسين" التي تشكلت بفضاء ثورة 30 جوان وبقرار جمهوري نحو خط النهاية في هذا المضمار نحو إعداد دستور مدني وديمقراطي جديد، قانون انتخابات ديمقراطي جديد بالتمثيل النسبي الكامل كي لا يتم احتواء وافراغ ثورتي يناير ويونيو من أهدافها الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية والمساواة في المواطنة.
مؤخراً – وعلى الدوام لدى بروز منعطف - التقيت بكل القوى والأطياف الوطنية واليسارية والليبرالية الفاعلة في مصر، بجميع ممثلي الجماهير المليونية التي اندفعت يوم 30 حزيران/يونيو الماضي إلى ميادين مصر، هم مَن رسم مشهد مصر وملامحها ودستورها ودورها في ميلادها الثوري الجديد، وهم من أحكموا صياغات دستورها وما ينبغي أن يكون عليه، يرأس "لجنة الخمسين" الأمين العام السابق للجامعة العربية على مجموعة تمثل مكونات المجتمع الحزبية والنقابية وتياراته الايدلوجية والسياسية التقدمية والليبرالية والأكاديميين القانونيين ممن لا ينتمون إلى أحزاب أو تيارات سياسية، بمعنى حرص مؤسسة الرئاسة المصرية على أن يكون أعضاء اللجنة تعبير عن التيارات الوطنية دون تمييز في العرق والدين والجنس والطائفة والمذهب وذلك انطلاقاً من "خريطة الطريق" المرسومة؛ لقد اقترب موعد الانتهاء من صياغة الدستور الجديد لمصر، وهي تسابق الزمن، على أن يكون موضع إجماع وشاملاً ومحصناً وغير قابل للتأويل، من أجل الحفاظ على الهوية المصرية، على دولة مدنية ديمقراطية، لا دكتاتورية دينية أو عسكرية، وهذا بحد ذاته يحمل مؤشرات مهمة حول المسار السياسي المستقبلي لمصر، على خلفية ما ترمي له المشاريع "الاخوانية" في محاولاتها صوغ علاقة بين الدين والمذهب والسياسة من جهة، ودور المؤسسة العسكرية وإدارة ومؤسسات الدولة من جهة أخرى، ذلك الذي سمي بـ "الأخونة"، للدولة والمؤسسات الوطنية الجامعة، فمصر التي بها "دينان" فقط، ورد في دستورها الاخواني (2012)، في المادة(219) التي تنص في المادة الثانية من الدستور على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة"، وهي التي تفتح الباب واسعاً لصراع وحروب "المذاهب الدينية الطائفية وتزج بالبلاد بحروب اهلية لا تنتهي، وهذا ما نشهده الآن في العراق، السودان، اليمن، باكستان، افغانستان، وبعض من هذا في اندونيسيا وايران"، [سنة – شيعة، سنة – سنة، شيعة – شيعة، مسلم مسيحي...]، وتأويلات التفسير محتكراً لجهة سياسية حزبية محددة، أي اسلام سياسي يميني ذاته يتحول إلى دينين.. وتأويلات أديان...
إن العمل والانجاز يسير بدون أوهام وتهويمات سياسية كالتي صنعتها الجماعة قبل عام، الأمر الذي من شأنه أيضاً أن يفتح الطريق أمام إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حقيقية، وبما يعكس التمثيل النسبي للقوى الفاعلة الحديثة في المجتمع المصري، التي بنت ثورتي يناير ويونيو...
هكذا فإن الإجراءات الديمقراطية للثورة (25 جانفي/ يناير) والميلاد الثاني لمصر (30 جوان/ يونيو 2013، ترى ضرورة إزالة منهج الإخوان، وكل ما سربوه في دهاليز الدولة، على مدار عام، وذلك عبر الحوار المجتمعي وصياغة أسس الدولة، "الإخوان" طوال 85 عاماً من تأسيسها (1928)، يواجهون اليوم أزمتهم الجدّية بعدما واجهوا الدولة بالسلاح، وضعوا أنفسهم في صدام مباشر مع المجتمع والمسار التاريخي للشعب المصري، بفض الحاضنة الفكرية لهذه الجماعة، وهي مواجهة طويلة لكن بدون سلاح، أي بفض المواقف الايديولوجية الأعنف من التآمر وحمل السلاح، وهي مواجهة طويلة لكن بدون سلاح، يتطلب النجاح بها دوراً واضحاً وكفوءاً للجماهير وللقوى السياسية والحزبية، وأولها على صعيد مطلب الهوية الوطنية، العدالة الاجتماعية والدولة المدنية الديمقراطية، أي توفير الغطاء الجماهيري الواسع لهذه المواجهة فضلاً عن حملات التوعية.
ولهذا نقول: أما مصر أُم الدنيا.. فحافظوا عليها برموش العيون.. لأنها أيضاً أم العرب.
ها نحن نشاهد ومن مصر الدروس بين تجربتين، ونشاهد الكلفة المترتبة على مصر الجديدة، من أخطاء حكم الصفقة بين المجلس العسكري والاخوان، وحكم الإخوان، خلال عام، وليس آخرها محاولات تصوير الثورة المليونية العارمة (عشرات الملايين) في ميادين مصر بأنها انقلاباً عسكرياً، ثم لجوء الإخوان إلى العنف ضد معارضيهم، ولدى تدخل الجيش لفض الاشتباك الأهلي، جرى، اشهار العنف بوجه الجيش ذاته ومواجهته بالعنف.
بل هي ثورة شعبية غير مسبوقة في تاريخ مصر والعرب، ثورة اندلعت مطالبة برحيل "مرسي" وانتخابات رئاسية مبكرة فكيف تكون انقلاباً على الشرعية(!) تماماً لما وقع بثورة 25 جانفي 2011 وانحياز الجيش للشعب، وكما أعلن سامي عنان رئيس اركان الجيش في مذكراته التي صدرت إن "الجيش قام بانقلاب ناعم على نظام مبارك"، الأمر الذي لا يمكن تجاهله. إن الخطيئة الكبرى تتمثل في توسل "الإخوان" للعنف، لمحاولة استعادة عهد سياسي انقضى، ولَبِس جماعاتهم وكوادرهم وقياداتهم زي الأكفان – زيّ الموت - على منصة مسجد رابعة، والتحريض على الأقباط والعلمانيين واليساريين والليبراليين "الكفار"(!)، أضرموا النار بالكنائس في عموم مصر، ويضرمون النار كذلك بالنسيج الاجتماعي الوطني المصري وبالسلم الأهلي المدني، هم يغامرون بأخذ مصر إلى حرب أهلية وإلى فتنة دموية؛ وأوغلو في دماء المصريين، معتقدين بأن التصعيد العنفي الدموي سيستدرج تدخلاً خارجياً (أميركياً)، هذا ما قاله مرسي للفريق السيسي في آخر لقاء "لن تسمح لكم أميركا"(!) وهذا كله أكلاف كبيرة أيضاً على جماعة الإخوان فضلاً عن مصر كلها، بل يشير إلى العلاقات العميقة الممتدة بين هذه الجماعة وواشنطن طيلة الحرب الباردة حتى 2001، واستؤنفت من 2003 حتى الآن، وفي ذات السياق تأتي العمليات الإرهابية في سيناء.
س6: كيف هي أوضاع مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سورية؟ وهل فعلا تحسنت الأمور من ذي قبل؟ وهل انتقدت جبهتكم فعلاً تصريحات أبو مرزوق التي قال فيها إن خالد مشعل حمل علم الثورة السورية عن طريق الخطأ؟
ج6: أوضاع مخيم اليرموك وعموم مخيمات سوريا، هو أشبه بالحالة السورية، حيث تتعرض للعدوان والتهجير، سبق وان قدمنا مبادرات عديدة؛ وما زلنا لتحييد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ودونما جدوى.
حيث قامت الجبهة الديمقراطية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية بتقديم مبادرات لتحييد المخيمات في هذا الشأن، وسحب المسلحين منها، وفك الحصار حولها، ولم تحل حتى الآن، وهي تعاني ما تعانيه في سياق الأزمة السورية، نحن في الجبهة الديمقراطية ننطلق من الحرص على سوريا الشعب ومع وحدة سوريا حرّة، وطنية وديمقراطية، وعلى الجيش العربي السوري، سوريا لها ارضاً محتلة مع "إسرائيل"، التي تحتل الجولان فضلاً عن فلسطين، كما ان الخاسر الأكبر من الأزمة السورية هو الشعب السوري أولاً، وفلسطين والعرب ثانياً..
منذ بداية الازمة اسورية اطلقنا مبادرة تدعو الى وقف كل الحلول العسكرية والامنية والعنفية، وبذات الوقت حوار سوري – سوري شامل بين كل المكونات والتيارات الحزبية والسياسية السورية وصولاً لحلول سياسية مشتركة وحكومة ائتلافية شاملة لبناء دستور ديمقراطي جديد وقانون انتخابات ديمقراطية جديد وقانون احزاب ديمقراطي جديد، وقطع الطريق على التدخلات الخارجية الاقليمية والدولية، ولكن وقع ما وقع.. وتفاقمت التدخلات الخارجية، وطال الصراع الدامي.
الآن لا حلول عسكرية، وعقد جنيف 2 لحل الازمة السورية.
نذكر هنا على سبيل المثال؛ ما دونه هنري كيسنجر كبير عرابي الاستراتيجيات الأميركية في آب أغسطس الصيف الماضي، بقوله: "لو سار مخطط إسقاط الدولة السورية مثلما نريد-لاحظ الدولة-، لتمكنت (إسرائيل) من السيطرة على نصف منطقة الشرق الأوسط"، ونستدل من هذا أن الأجندات مرسومة، لكن النتائج في واقع حال آخر، بالنسبة لمن خطط لها وعمل عليها ومولها، وبذات السياق نرى كيف تدخل "إسرائيل" على خط الأزمة التي تهدف إشغال وإضعاف واستنزاف سوريا شعباً ودولة..، هذا ما يدفع إلى الوعي حقاً بحقيقة ما يجري، وإلى تفويت الذرائع الكيسنجرية والصهيونية لاستنزاف سوريا بالوصول إلى حالة توافقية في مواجهة المحاولات لضرب بنية سوريا الواحدة الموحّدة ومقدرات الشعب السوري، وبالادارك أن الشعب السوري لديه حساسية استثنائية وفي مقدمة الشعوب التي تنشد السيادة الوطنية، وهذا ما يؤكده التاريخ...
مرة أخرى إن الزج بالمخيمات الفلسطينية، يستهدف التهجير بهذه التجمعات، محاولة إلغاء القرار 194 وحق العودة بالتشتيت، أليس هذا ما حصل في أكثر من رقعة سياسية جغرافية(!) آخذين بعين الاعتبار الدور الشبابي اللاجئ لمخيمات سوريا، في ذكرى النكبة الوطنية والقومية الكبرى في 15 أيار/مايو2011، حين اندفع الشباب الفلسطيني إلى الجولان المحتل، ووصل إلى يافا وصفد ومجدل شمس بالرغم من إطلاق النار من قبل الجيش الصهيوني، حيث استشهد العديد من الشباب، مما دفع القيادة الصهيونية إلى دراسة هذا الأمر..الخ.
س7: ما هو موقف الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، فيما يتعلق بمؤتمر "جنيف 2"، وهل تعتقدون أنه سيحل الأزمة السورية؟ وهل كانت لكم اتصالات مع المسؤولين السوريين والمعارضة، من أجل طي هذا الملف الدموي الذي احترق بنيرانه حتى أبناء المخيمات في دمشق؟ ولماذا عمل مسلحو المعارضة على توريط فلسطينيي مخيم اليرموك في هذا النزاع المسلح؟
ج7: منذ البداية قدمنا حلولاً للازمة السورية، قدمنا نداء العقل لوقف الحلول العسكرية والانتقال إلى الحوار السوري – السوري الشامل وصولاً غلى حل توافقي بين النظام والمعارضة وقطع الطريق على التدخلالت الخارجية الدولية والاقليمية..، انها مبادرة حلول توافقية استقرت بعد ذلك في مجرى الصراع الداخلي والتداخل الاقليمي والدولي على "جنيف1" بعد أن طال انتظارها مع النزيف السوري، ثم "جنيف2" الذي نؤيده لإنهاء الأزمة الداخلية وتمويلاتها المختلفة.
إن المطلوب هو حلول توافقية تؤدي من جديد إلى مرحلة جديدة، لأن المنطقة العربية وليس سوريا وحدها، هي في قلب الصراع الدولي الاقليمي، ويمكن ملاحظة ذلك، عندما رُفعت في ميدان التحرير بالقاهرة وميادين أخرى، صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجانب صور الزعيم جمال عبد الناصر، بعد أن حاولت الإدارة الأميركية الضغط على "خارطة الطريق" المصرية وللرجوع عنها. وقد استفادت موسكو من أخطاء أوباما وواشنطن، وتمتد إلى بكين ودول بريكس، ويطول التحليل والحديث، حيث لا احد يريد أن يرى هذه المنطقة المليئة بالإثنيات والأديان والمذاهب هي بيد التكفيريين، والاطماع التوسعية الصهيونية والامبريالية...
في أوائل القرن العشرين قسم سايكس- بيكو المشرق العربي، على يد الاطماع الكولونيالية البريطانية – الفرنسية وكانت قد انتهت من تقسيم واقتسام شمال افريقيا، وفي أوائل القرن الحادي والعشرين يرون أنه حان وقت تفتيتها لتسييد "إسرائيل" العاصمة الطرفية للامبريالية.
س8: يصفكم الإعلام العربي والدولي بأنكم فيلسوف الثورة الفلسطينية و"لنين الوطن العربي"، وأنكم تنتمون إلى حركة القوميين العرب التي نشأت كرد فعل مباشر على هزيمة العرب ونكبة فلسطين، ما هو تقييمكم لمسار عملكم النضالي منذ نشأة الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين؟ وهل حققتم لحد الآن أهداف فصيلكم المقاوم ضد المحتل الصهيوني الغاشم؟ وماهي الاستراتيجية الجديدة التي تنوون تسطيرها في سياق عملكم المقاوم اتي مع باقي التنظيمات الفلسطينية الأخرى لصد أي عدوان إسرائيلي جديد على الأراضي الفلسطينية المحتلة و لاسيما في غزة؟
ج8: قدمنا للقضية الفلسطينية العديد من البرامج الوحدوية، والعديد من المبادرات، وأسسنا لنظام ديمقراطي ائتلافي فلسطيني في صيغة منظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، وأنجزنا توحيد الكتلة التاريخية صاحبة المصلحة في تحرير فلسطين والاستقلال الوطني من كل الطبقات والتيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية لمواجهة التناقض الرئيسي مع الاحتلال واستعمار الاستيطان التوسعي الاسرائيلي، وعلى اساس البرامج الوطنية الجامعة. وانجزنا الكثير...
اعدنا بناء الهوية والشخصية الفلسطينية بعد ان تم طمسها ومصادرة حق شعبنا بتقرير المصير والدولة المستقلة وحق عودة اللاجئين، وتناست الدول العربية المشرقية والعالم والأمم المتحدة حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية التاريخية وبموجب القرار الأممي عام 1947 بتقسيم فلسطين بين دولة فلسطين والوكالة اليهودية، واعترفت الأمم المتحدة والعالم بدولة "اسرائيل"، وتم حصر الحقوق الفلسطينية بمشكلة اللاجئين فقط حتى عام 1974 كما ورد بقرار مجلس الأمن الدولي 242، 338 عامي 1967- 1973.
اعدنا بناء الكيانية الوطنية الفلسطينية ووحدنا الشعب الفلسطيني بالبرنامج الوطني المرحلي الذي بادرت له الجبهة الديمقراطية في اوت/ اغسطس 1973 قبل حرب اكتوبر 73، وبنضالنا السياسي والمسلح تم اقراره باجماع المجلس الوطني الفلسطيني واصبح برنامجاً شاملاً لكل الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير في جوان/ حزيران 1974، وانجزنا اعتراف الدول العربية وكثير من دول العالم بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا بقمة الجزائر بعد حرب اكتوبر برئاسة الراحل الكبير بومدين في نوفمبر 1973، وفي قمة الرباط العربية اكتوبر 1974 انتزعنا لأول مرة في تاريخ القمم العربية اعتراف جميع الدول العربية بحقوقنا الوطنية بتقرير المصير والدولة المستقلة على حدود 4 جوان/ يونيو 1967 عاصمتها القدس العربية المحتلة وحق عودة اللاجئين عملاً بالقرار الأممي 194.
وعلى قرارات قمتيّ الجزائر والرباط اعترف بنا وبحقوقنا الوطنية الاتحاد السوفييتي وبلدان التجارب الاشتراكية، وبلدان عدم الانحياز وآسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية.
وعليه: دخلنا الامم المتحدة عام 1974 واصبحت منظمة التحرير الفلسطينية عضواً بالامم المتحدة، فتم تدويل الاعتراف بمنظمة التحرير وحقوقنا بتقرير المصير والدولة المستقلة وحق العودة، وانفتح امامنا فيها بعد الاعترافات الاوروبية وتأخرت الولايات المتحدة الامريكية حتى عام 1991 .
بهذه الانجازات الاستراتيجية اصبحت فلسطين وحقوق شعبنا الوطنية على خارطة العالم، لا يمكن تجاوزها، جمعنا بين "سلاح السياسة وسياسة السلاح" بالنضال الطويل عشرات السنين والوحدة الوطنية فرضنا لأول مرّة على "اسرائيل" الاعتراف بحق شعبنا بدولة فلسطينية على ارض فلسطينية في 15 جوان / يونيو 2009 بعد اسبوعين من خطاب اوباما في القاهرة 4 جوان/ يونيو 2009.
وعلى صعيد اليوم أولاً أقول إن هناك احتلالاً لا بد أن يزول، واستيطاناً لا بد من أن يُقتلع، وأسرى ينبغي أن يُحرروا، وحق العودة لا يملك أحد التصرف به أو التنازل عنه.
يدور الكلام الآن عن حق تقرير المصير، وعن قرارات الشرعية الدولية، وعن دولة فلسطينية بحدود عام 1967 وعلى ذات الحدود القدس الشرقية المحتلة بذات العام، وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم في فلسطين.. هذه هي الترجمة العملية للصراع بين الثورة والمقاومة الفلسطينية وبين حكومات الاحتلال والاستعمار التوسعي الاستيطاني.
أنياب التطرف الصهيونية توغل في بيت المقدس لحماً ودماً منذ عام 1967، اقتلاعاً وتهويداً، والسؤال هو كيف سيوفق العالم بين المخططات الشيطانية العنصرية الصهيونية(!).. سوى بقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بذلك؛ وبين الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، هذا المعيار هو فضح للزيف الغربي وخاصةً الولايات المتحدة، بالدفاع عن حقوق الإنسان وحريته وكرامته، وهو ما يرفعون راياته في الإعلام والمؤتمرات.
هكذا أيضاً باتت المسألة الفلسطينية هي الامتحان الحقيقي لهذه الشعارات، وهنا أخص العالمين العربي والمسلم دولاً وشعوباً بالعمل على إعادة الأمور إلى نصابها، في شأن أولوية القضية الفلسطينية، فإلى متى صمت القبور على عدوان واحتلال وغزو استيطان "إسرائيل" وإجرامها خارج أية مساءلة وعقاب، بينما إذا ما استجاب الحكام لشعوبهم سيجدون أن 300 مليون عربي وأكثر من مليار مسلم يريدون فلسطين محررة حرّة، ويطالبون بإنهاء الاحتلال، أليست الأولويات هي لربيع استقلالي فلسطيني طال انتظاره، لماذا لا نثبت لواشنطن وللغرب وللعقل البراغماتي أن مصالحهم هي بالوقوف مع إنصاف فلسطين وبحلول متوازنة... هم لهم مصالحهم الكبيرة، والعرب والمسلمين لهم مصلحة كبيرة بالضغط على امريكا والكيان التوسعي الصهيوني لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، معادلة بسيطة بديلها العنف والحرائق في عموم المنطقة.
ثانياً: على الصعيد الفلسطيني أقول إن هذا الحال من مواجهة احتلال غاشم، بكل ما فيه من دوائر مفرغة، أدت إلى انتشار سرطان الاستيطان الاستعماري سيفضي إلى الانتفاضة الفلسطينية الثالثة الكبرى، لأن كأس الاحتقان الفلسطيني قد طفح، وسيقطع الشك باليقين في سبيل الحرية والكرامة والاستقلال والعودة والسيادة، نحن أمام مشهد واضح وصريح، تتراكم مقوماته يوماً بعد يوم.
إن مواجهة حكومة الاحتلال والاستيطان والعدوان والاعتقالات برئاسة نتنياهو تستدعي:
• إسقاط الانقسام في الصف الفلسطيني وتطبيق اتفاق الاجماع الوطني 4 أيار/ مايو 2011 وتفاهمات فيفري/ فبراير 2013 للوحدة الوطنية.
• الإصلاح الديمقراطي الشامل السياسي الاقتصادي والاجتماعي في المؤسسات السياسية والتشريعية والحكومية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.
• وقف سياسة الاستئثار والهيمنة لسلطة فتح في الضفة، وسلطة حماس في غزة بالانقلابات السياسية والعسكرية، بقوة المال والامتيازات والتوظيفات الزبائنية الفئوية الضيقة في الضفة وقطاع غزة وأقطار اللجوء والشتات.
• العودة للشعب بانتخابات تشريعية ورئاسية لدولة فلسطين تحت الاحتلال، ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وفي المقدمة المجلس الوطني في الوطن والشتات وفق قانون التمثيل النسبي الكامل لبناء الوحدة الوطنية الائتلافية، دمقرطة كل مؤسسات المجتمع والسلطة ومنظمة التحرير، تطوير صمود شعبنا بتصحيح السياسة الاقتصادية والاجتماعية، وعلى قاعدة توزيع اعباء النضال والصمود الوطني والعدالة الاجتماعية.
• بناء كل مؤسسات المجتمع النقابية والمهنية والبلدية ولجان المخيمات والاتحادات الجماهيرية في الوطن والشتات على قاعدة الوحدة والشراكة الوطنية بانتخابات التمثيل النسبي الكامل.
هذا هو طريق الصمود ومواجهة حكومة الاحتلال والاستيطان والعدوان اليمينية القائمة والقادمة برئاسة نتنياهو.
تنفيذ اتفاقات الوحدة الوطنية والإصلاح الديمقراطي الشامل طريق الخلاص الوطني، الانقسام والاستئثار والهيمنة الفئوية طريق الفشل وتبديد الإنجازات والحقوق بتقرير المصير والدولة عاصمتها القدس والعودة إلى الديار عملاً بالقرار الأممي 194، وقرار "الاعتراف الدولي في 29 نوفمبر 2012 بدولة فلسطين على حدود 4حزيران/ يونيو 1967 وعودة اللاجئين" في هذه المرحلة من الصراع على طريق فلسطين ديمقراطية موحدة من البحر إلى النهر لكل سكانها الفلسطينيين العرب والاسرائيليين اليهود.
على الصعيد الداخلي الفلسطيني:
بدايةً أؤكد على أولاً: ضرورة البدء بالأعمال الملموسة لتطبيق قانون انتخابات التمثيل النسبي الكامل في المجتمع والمجلس التشريعي للسلطة والمجلس الوطني لمنظمة التحرير.. وتم اقراره بالاجماع الوطني مراراً واخرها في 27 ماي/أيار 2013.
ثانياً: إسقاط الانقسام وبناء الوحدة الوطنية وحكومة توافق وطني واحدة ضرورة فلسطينية.
فلسطين ترسف في أسوأ أغلال أنواع الاحتلال الاستعماري العنصري الإقتلاعي. لقد تأخر هذا القرار عقوداً ولا نريد سرد الأحداث والمنعطفات التاريخية التي عاشتها قضيتنا وفي خضمها وصولاً إلى محاولات تصفيتها، إن قرار الاعتراف الأممي بدولة فلسطين الرقم 491 يلهب جذوة المقاومة والنضال لإنجاز الاستقلال التي لن تنطفئ إلا بتحقيق أهدافها.. نحو الانتفاضة الثالثة لشعب تحت الاحتلال، لإنجاز حقوقه غير القابلة للتصرف وفق حقوقنا الوطنية التاريخية المقدسة، ووفق معطيات وقرارات الشرعية الدولية ومجلدها الضخم لجذور هذه القضية.
إن هذا يعني أن التاريخ الفلسطيني يسير الآن إلى الأمام، قرار الجمعية العمومية رقم 491 "الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 4 حزيران/ يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية المحتلة بذات العام" انجاز وانتصار سياسي وقانوني دولي تاريخي واقعي ودون تضخيم، ويدرج في معارك النصر الكبرى، بشهادات محللين "إسرائيليين"، وبمعطيات ردود الفعل "الإسرائيلية" الرسمية، خاصةً وأن الضغوط الصهيوأمريكية كانت على مستوى العالم، ومعها توابع و"نصائح" عربية، ومارست واشنطن أعتى ضغوطها السياسية وتهديداتها، كما مارستها "إسرائيل" ميدانياً وعبر وسائلها المختلفة، إن الإرادة الفلسطينية تستحق الاحترام، حينما تحسم موضوعة الأرض الفلسطينية والحقوق الفلسطينية، في مشهد "فلسطين الدولة" و"إسرائيل" الاحتلال المعزول، ومن كيان فلسطيني ما إلى دولة، ومن أراضٍ محتلة إلى وطن محتل ودولة تحت الاحتلال، ودولة تحتل دولة أخرى وفق مرجعيات قرارات الشرعية الدولية، أي الانتقال من مفاوضات ثنائية "برعاية أمريكية منحازة والكيل بمكيالين" إلى دولة يعترف العالم بها، وتحمل رقماً في سلسلة الدول المنضوية تحت راية الأمم المتحدة، تحاصر دولة الاحتلال وتعزل الكيان التوسعي الصهيوني سياسياً وقانونياً وتعترف بأراضي دولة فلسطين على حدود 4 حزيران/ يونيو 1967 تحت الاحتلال وليست "أرضاً متنازع عليها" [كما جاء باتفاقات اوسلو الجزئية والمجزوءة] من خلال نتائج تصويت الأمم المتحدة.
لقد شاءت حكمة التاريخ والأرقام أن يكون مقروءاً رقم القرار (491) من اليسار إلى اليمين، ومن اليمين إلى اليسار ليثير الذاكرة الفلسطينية بالقرار (194)، فالاقتلاع واللجوء مسؤولية هذا العالم، كذلك من "احتلال بلا تكاليف" لِـ "أراضٍ متنازع عليها"، إلى احتلال غاشم هو جزء من مسؤولية العالم، من المطلوب وضع حد نهائي له، كما أن معاهد خزانات التفكير والمستقبليات؛ ومنها "معهد واشنطن"، سبق حينها أن دوّن "ساتلوف" مسبقاً حول الانقسام الفلسطيني، وأن غزة أُخذت من مصر، وأن الحدود المصرية حُددت في كامب ديفيد، بين مصر و"إسرائيل"، وإذا ما توجب إعادة قطاع غزة، فإن "إسرائيل" لم تأخذه من الفلسطينيين، ومصر استعادت أراضيها، وبحسب المذكور؛ يمكن إعادته لمصر، ووفقاً لهذه المعادلة يجري الحديث عن الضفة الفلسطينية، الأمر المشابه لاتفاق الأردن و"إسرائيل"، في إشارة إلى الحال قبل عام 1967.
س9: تحل الذكرى الـ 25 إعلان الدولة الفلسطينية في 15 نوفمبر 1988 بالجزائر؟ كيف استقبلتم في ذلك الوقت خبر إعلان الدولة من أرض المليون ونصف المليون شهيد؟ وماذا يمثل بالنسبة إليكم القائد والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات؟ ومتى يتحقق حلم تأسيس دولة فلسطين الكاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشريف؟

ج9: الاعلان قرارنا نحن قادة فصائل منظمة التحرير الائتلافية، اشرقت شمس الاستقلال الفلسطيني من أرض المليون ونصف شهيد، من بلاد ثورة الجزائر إحدى أبرز ثورات القرن العشرين، مشاعلها تعتلي جبال الأوراس ومداخل المدن والأرياف وواحات الصحاري، فيا سعد إصباح بوجهك يا جزائر.. يا سعد اشراقٍ بـ "قسماً بالنازلات الماحقات..." .. أرض تاريخ الشهادة مجداً وسناء.. وشموخاً واعتزازاً..
بلاد العطاء الثوري.. ويا سعد إصباح بشعبٍ مهده الجزائر.. ثورة الجزائر وراياتها الخفاقة في التاريخ..
من أرض فلسطين الجريحة.. من جبال الخليل.. ونابلس جبل النار.. من غزة الفداء.. ومقدسُ قدس الصمود.. في قصر الصنوبر الوهراني.. وتحت ظلاله ورعايته بزغت إشراقة "اعلان الاستقلال" الفلسطيني استقلال فلسطين بما تحمل من تاريخ.. الوطن والهوية.. ومعنى ومغزى ودلالة..
معاً.. ونحن نتاج جهد انساني ثوري عظيم.. معاً نحو التقدم الفلسطيني والعربي والانساني.. من على منبركم أحيي شهداء الثورة .. ورجالاتها.. والثورات الافريقية التي اخذت بثقافة الثورة الجزائرية.
وأتجه عبركم بالتحية لإرادة مانديلا.. والإرادة التي لا تقهر.. حين تكون إرادة أمة.. الرجل الأعظم بأساً..
في حضرت الغياب، غياب الشهداء الكبار ياسر عرفات، جورج حبش، عمر القاسم مانديلا فلسطين، احمد ياسين، فتحي الشقاقي، وكل الشهداء الكبار، واقول "الشهداء لا يموتون".