الحركة النسوية العربية...الى أين؟؟


سمر الاغبر
الحوار المتمدن - العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 23:18
المحور: ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي     

استهل سطوري ونحن نستعد للاحتفال بالثامن من آذار يوم المرأة العالمي، بتحية وتقدير لكل مناضله قدمت حياتها او حريتها،لرفع راية الحريه والعدالة والمساواة،لأجل مجتمعات خاليه من القمع والاستبداد،وليكن الثامن من آذار هذا العام،يوما نضاليا مطلبيا لجميع نساء العالم بصفه عامة والمرأة العربيه والفلسطينية بصفة خاصة.
وبما ان النقاشات والتحليلات لا زالت في اوجها من حيث أسباب ومسببات ونتائج الحركات الشعبية بالمنطقة، والتي لا زالت تتفاعل ولم تستقر،مع ان آفاقها العامه باتت شبه واضحه للعيان، بما انتجته الانتخابات في بعض الدول العربية، من فوز لجماعات الإسلام السياسي، وتأثيرات ذلك على جميع مناحي الحياة وخاصة على الحريات العامة وحقوق الانسان ،وبما أن النساء هن الأكثر تأثرا سلبا او ايجابا بأي تغييرات بنيويه في اي نظام سياسي او اجتماعي واقتصادي، فإن قضية المرأة وآفاق عمل الحركات النسوية وخاصة في مجال مشاركتها السياسية وضمان حرياتها، من النقاشات الساخنة في مجتمعاتنا العربية ،والتي علا صوتها طويلا وزاد حدة بعد ما واكب الثورات العربية من مشاركة فاعله للنساء بمختلف توجهاتهن السياسية والفكرية.
وبما انني بصدد المشاركة في ملف "آفاق المرأة والحركة النسوية بعد الثورات العربية" من خلال الحوار على صفحات الحوار المتمدن، فسأحاول قدر المستطاع النقاش من خلال الاطار العام الجامع لهذه الحركات، لإدراكي بوجود بعض التباينات والاختلافات الموضوعية فيما بينها، للاختلاف اصلا بالبيئة الحاضنة لهذه الحركات، وبتقدم او تراجع مستوى الوعي الجمعي بحقوق المرأة.
1- هل سيكون للمرأة في الدول العربية نصيب من التغيرات المحدودة التي طرأت حتى الآن على مجتمعات هذه الدول، كأحد نتائج الربيع العربي؟
بدون ادنى شك ان المرأة العربيه والتي تحملت الشعور والإحساس بالقهر والظلم والاستبداد بشكل مضاعف عما تحمله الرجل في ظل الانظمه المستبدة المخلوعه،ما دفعها لعدم التردد في تصدر المشهد من خلال الحراك الشعبي في المنطقة العربية، حيث رفعت ذات الشعارات التي رفعها الرجل، مطالبه بالعدالة والحرية والديمقراطية، لكن للأسف ما أن انتهت الحراكات حتى عادت النظره للمرأة إلى سابق عهدها، وتم تحييدهن من المشاركة في عملية رص الصفوف واعادة بناء ما تهالك من نظام للحكم ،كاستثناء النساء من لجان صياغة الدستور، وإلغاء الكوتا النسوية كما حصل في مصر بعد اسقاط حكم مبارك.
آخذين بعين الاعتبار مجموع المكتسبات النسوية التي حققتها المرأة العربيه في بلدانها، في ظل انظمة قمعية نتيجة نضال مستمر للحركات النسوية ،الا انني اعتقد ان نضالا شاقا ستخوضة ذات الحركات في المراحل القادمة، والتي سيتركز نضالها في المقام الاول على اهمية الحفاظ على مجمل هذه المكتسبات خوفا من الارتداد عنها نتيجة صعود الإسلام السياسي إلى سدة الحكم، وما سيرتكز عليه من مرجعيات دينية خاضعة لاجتهادات ذكورية لن تستطيع تجاوز النصوص الدينية وتفسيراتها، وستكون الضحية الاولى لها مجموع النساء وحرياتهن وحقوقهن. ويجب ان لا يغيب عنا أولى التصريحات التي اعلن عنها الغنوشي بتونس والسيد عبد الجليل بليبيا فور اعتلائهم منصة الخطابه حول قضية تعدد الزوجات،الامر الذي يؤشر الى حقيقة ان اي تغييرات على وضع النساء بهذه الدول ستكون إلى الخلف، وبالتالي ستحتاج إلى جهود جباره للحفاظ على ما هو قائم، باتجاه النضال لمزيد من المكتسبات.
2- هل ستحصل تغييرات على الصعيدين الاجتماعي والثقافي في منظومة القيم المتعلقة بالسلطة الذكوريه والعقليه التسلطية التي تعاني منها نساء الشرق؟والى اي مدى يمكن ان تحصل تغييرات جوهرية في ضوء الحراك الشعبي الواسع والخلاص من رأس النظام وبعض اعوانه في أكثر من دولة عربية؟
المجتمعات العربية قائمة اساسا على مفهوم السلطة الذكورية والقمع المركب من الانظمة السياسية، ومن مجموعة قيم وعادات وتقاليد لا زالت تسيطر وتحكم شعوب هذه المنطقة، ولا اعتقد ان اي تغييرات جوهرية ومفصلية ستحصل باتجاه تعزيز المساواة وضمان حقوق أفضل للنساء في مجتمعاتها، فرغم الترحيب والتهليل للقوى المختلفة للمشاركة والدور النسوي الفعال في الحراكات الشعبية بالمنطقة،الا انه وما بعد الخلاص من رأس النظام، بدأت تعلو الأصوات المطالبة بعودتهن إلى بيوتهن، وكانت تقابل دعواتهن ورفعهن شعار المساواة والعدالة الى ابشع انواع القمع والعنف وانتهاك للكرامة الانسانيه من بعض الجماعات والتي كانت أصلا مشاركة في الميادين، لذا اعتقد أن أي تغييرات لما كان قائما اصلا ستكون ضحيته المرأة والأقليات العرقية والدينية، في ظل أنظمة تقوم على اساس التمييز الصارخ بين البشر.
3- ما هو الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ودورها ومشاركتها النشيطه في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في تلك الدول العربية التي وصلت فيها الاحزاب الاسلامية السياسية الى الحكم؟
بما ان اي نضال لتغييرات اجتماعية وموروث ثقافي متجذر، بحاجة إلى مستويين للعمل، الأول من خلال التأثير في القوانين، والثاني عبر التوعية والتمكين المجتمعي، وذلك لتقليص حجم الفجوة ما بين المأمول والواقع، ولأن قضية المرأة هي قضية مجتمع بأحزابه ومؤسساته وقواه الحية، لا اعتقد أن أي نضال لفرض وجود ودور للمرأة ومشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية سيكون بمعزل عن هذه القوى، فمن الأهمية بمكان بناء تحالفات جادة ضمن رؤى ومرجعيات واضحة، آخذات بعين الاعتبار التجارب السابقة للاستفادة من الفجوات والثغرات التي رافقت عملهن وخطابهن في المراحل السابقة، مع ضرورة التحرر من صورة الضحية، وتجاوز الإحساس بالمهادنة لأي خطاب من شأنه ان ينتقص من انسانيتهن او حقهن بالمواطنة الكاملة، ومن الأهمية بمكان الانتقال من موقع الدفاع عن الحقوق الى موقع الهجوم السياسي الاجتماعي والثقافي، المبني اصلا على فكر نهضوي تقدمي واضح، وعدم التردد في طرح هذا الفكر رسميا وشعبيا.
4- تدعي الاحزاب الاسلامية السياسية بأنها تطرح اسلاما ليبراليا جديدا وحديثا،يتناسب مع فكرة الدولة المدنية،هل ترين اي احتمال للتفاؤل بامكانية شمول حقوق وحريات المرأة ضمن البرنامج السياسي الاصلاحي الاحتمالي لقوى الاسلام السياسي وهي التي تحمل شعار"الاسلام هو الحل"؟
لقد اختبر شعار "الإسلام هو الحل" في محك الحركات الشعبية في البلدان العربية، حيث لم تتمكن الحركات الإسلامية من رفع هذا الشعار، وحينما حاول البعض منهم الهتاف بذلك واجهه جموع الثائرين بالصد والهجوم، هذا إضافة إلى ان الحراك الشعبي في المنطقه كان ديمقراطي الجوهر، لكن للأسف هناك حالة ارتداد وانتهاز للحالة مكنت الحركات الإسلامية من تصدر المشهد، وساعدها في ذلك نتائج الانتخابات التي أدت لصعود الحركات الإسلامية لسدة الحكم .
ان شعار " الإسلام هو الحل " هو الان على المحك، فإما تستطيع الحركات السياسية تطوير فكرها بما يمكنها من التفاعل مع التحديات القائمة، وتلبية حاجات المجتمع، وهذا يعني ان تخلع هذه الحركات الجزء الكبر من ثوبها، وإما ان تبقى متقوقعة في إطارها الفكري التقليدي وبالتالي ان يصطدم شعارها وفكرها بتحديات الواقع ليفشل في معالجة مشاكل المجتمعات التي تمردت على الواقع السابق التي أثقلها بالأزمات والماسي والآلام . وفي القلب من ذلك هناك تحدي ستواجهه الحركات الإسلامية في كيفية التعامل مع المرأة وحقوقها، واعتقد ان مستوى التفاؤل تجاه ذلك يبقى محدود فهناك العديد من التجارب في الدول الإسلامية مثل ايران وتركيا والسعودية وافغانستان، وبرغم تعدد المنطلقات الفكرية لها الا ان واقع المرأة لا زال يراوح مكانه في مجال التعاطي مع حقوقها كانسان، ولم تحظى المرأة بواقع ينصفها ويمكنها من اخذ دور فاعل أسوة بالذكور في تلك البلدان .
5- هل تتحمل المرأة في الدول العربية مسؤولية استمرار تبعيتها وضعفها ايضا؟أين تكمن هذه المسؤولية وكيف يمكن تغيير هذه الحالة؟
6- ما هو الدور الذي يمكن أن يمارسه الرجل لتحرير نفسه والمجتمع الذكوري من عقلية التسلط على المرأة ومصادرة حقوقها وحريتها؟
اخترت الاجابه على السؤالين الخامس والسادس معا،لقناعتي ان المجتمع بأكمله يتحمل مسؤولية استمرار تبعية المرأة وضعفها،كما يتحمل مسؤولية العقلية الذكورية التي يمارسها الرجل،فالرجل والمرأة ضحايا مجموعة قيم وعادات وتقاليد تحرمهم من ممارسة حقوقهم وبالتالي انسانيتهم،بما ترسمه من قيود ونظرة غير حقيقية للمرأة على انها الجزء الاضعف ويجب ان تكون كذلك،وللرجل على انه القوة والسلطه ويجب أيضا ان يكون كذلك، فلا يعني ان تكون امرأة لتكون مدافعا عن الفكر النسوي والعكس صحيح ،وبذلك يتحمل المجتمع بجميع أطيافه مسؤولية هذه النظرة، واعتقد ان أي عملية تغيير بحاجة الى اعادة اعتبار للفكر اليساري التقدمي واحزابه،ليتمكن الجميع من ابتكار ادوات عمل وآليات تكون بمستوى التحديات الراهنه ،ليتكامل جهد ونضال الجميع باتجاه التغيير والتعديل بالقوانين، والتأثير بالوعي الجمعي للمجتمعات لضمان حقوق افضل للنساء وبالتالي للمجتمعات.
كل عام والمرأة العربيه ونضالاتها ومجتمعاتها بألف خير***
عضو لجنة مركزية في حزب الشعب الفلسطيني*