جرائم قتل النساء


سمر الاغبر
الحوار المتمدن - العدد: 5441 - 2017 / 2 / 23 - 10:49
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف     

مداخلتي في لقاء حول جرائم قتل النساء بالتعاون مع المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية

شهد المجتمع الفلسطيني ازديادا ملحوظا في نسبة العنف بشكل عام وكان للنساء الحظ الاوفر من مظاهر العنف الموجه ضدهن بداءا بالتهميش والاقصاء والدونية وانتهاءا بجرائم القتل حيث قتلت في العام 2012 13 امرأة وفي العام 2013 ست وعشرون وفي هذا العام ولغاية هذا التاريخ 16 امرأة فقدن حياتهن بمبررات واسباب وعناوين مختلفة .
وكما هي العادة في كل جريمة نسمع نداءات وخطابات التنديد استنكارا للجريمة، تثور ثائرتنا ما بين مطالبين/ات بتعديل القانون، وبين من يعطي صكوك وشهادات حسن الخلق والالتزام الديني ويتسابق في اعلان التزام الضحية او عدم التزامها بالمعايير المجتمعية والدينية المطلوبه منها كامرأة في مجتمع تحتاج فيه النساء للتوقيع على ولائها للمجتمع ولعاداته وتقاليده في كل لحظة وفي كل مكان تتواجد فيه، وان تستسلم لمشيئة الرجل حتى لو ذبحها بلا سبب او نتيجة لبعض النفسيات والسلوكيات المريضة التي يتسم بها الرجل.
عجز المشرع الفلسطيني في المجلس التشريعي الاول عن اقرار قانونين مهمين في حياة المجتمع بشكل عام والمرأة بشكل خاص وهما قانون الاحوال الشخصية وقانون العقوبات،مما أدى الى اتخاذ ردات فعل "تجميلية او ترقيعية" حين اصدر الرئيس مرسومين بتعديل بعض مواد قانون العقوبات نتيجة لتزايد حالات القتل بين النساء وبغض النظر عن نقاش دستورية او عدم دستورية القوانين بقرار او تعديلاتها لانها ليست عنوان بحثنا اليوم الا ان تلك القرارات لم تتمكن من الحد من ازدياد الجرائم والحفاظ على حياة النساء.
القانون الناظم لجرائم القتل في الضفة الغربية هو قانون العقوبات الاردني لعام 1960 وفي غزة قانون العقوبات الانتدابي رقم 74 لعام 36 وعدا عن عدم توحيد القوانين وقدمهما الى انهما جاءا سالبان للشخصية القانونية والانسانية للمرأة ويؤكدان عدم تكافؤ في التعاطي مع الجرائم التي تقع على النساء وعلاجه لها والعقوبات الناشئة عنهما.
بالتدقيق بالمرسوم الاول الذي جاء على الغاء المادة 340 من القانون في العام 2011 كردة فعل على مقتل آية برادعية وما أثارته في الرأي العام، حيث نصت المادة على1-"يستفيد من العذر المخفف من فوجىء بزوجته او احدى اصوله او فروعه او اخواته حال تلبسها بجريمة الزنا او في فراش غير مشروع فقتلها في الحال او قتل من يزني بها او قتلهما معا او اعتدى عليها او عليهما اعتداء افضى الى موت او جرح او ايذاء افضى الى موت او جرح او ايذاء او عاهه دائمة”.جاء التعديل بعد توافق اعضاء لجنة شكلها الرئيس ضمت كل من وزير العدل علي خشان ونائب رئيس مجلس القضاء الاعلى والنائب العام وروحي فتوح بصفته رئيس المجلس التشريعي السابق وبغياب تام لمؤسسات المجتمع المدني وللاتحاد العام للمرأة والمراكز والمؤسسات النسوية>
التعديل بالغاء المادة من الناحية العملية لم يقدم الكثير خاصة بعدم وجود احكام قضائية استندت على اساس هذه المادة.
اما فيما يتعلق بتعديل المادة 18 من قانون العقوبات الانتدابي المعمول به في غزة والخاص بالدفاع الشرعي فقد اضاف التعديل لنص المادة"ولا يشمل ذلك جرائم قتل النساء على خلفية"شرف العائلة" بمعنى ان التعديل جاء ليؤكد ويربط بين جرائم قتل النساء و "شرف العائلة" في حين اغفل من التعديل نص الماده 102 والتي تمنح الحكم المخفف.
التعديل الاخر الذي جاء على قانون العقوبات الاردني واستثنى قانون العقوبات الانتدابي هو التعديل الذي جاء على نص الماده 98 من القانون والتي نصت على" يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي اقدم عليها بصورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة اتاه المجني عليه" وقد جاء في تعديل الماده اضافة النص" لا يستفيد فاعل الجريمة من هذا العذر المخفف اذا وقع الفعل على انثى بدواعي الشرف"..الماده بنصها الاصلي لم تأتي على ربط شرف الانثى بجرائم قتل النساء وما قام به التعديل من ربط للمفهومين دون تعريف لهما هو ترسيخ المفاهيم المجتمعية التي تأتي على هذا الربط.
التعديلات اغفلت المواد 99 و100 المتعلقة بالظروف المخففه القضائية التي تخضع للسلطة التقديرية للقاضي خاصة عندما يتم التنازل عن الحق الشخصي.
اما فيما يتعلق بمسودة قانون العقوبات والتي وجب اعادة النظر في بعض نصوصه التي اتت على عدم استثناء جرائم قتل النساء من الاحكام الحلة او المخففة حتى تتلائم مع الوضع القانوني الجديد لدولة فلسطين والمصادقة على اتفاقية سيداو..
المادة 149 من المسودة والتي تنص على الاستفادة من تلك الاعذار في الجرائم التي ترتكب "لبواعث شريفة او بناء على استفزاز خطير من المجني عليه بغير حق"، والمواد 152 و153 والتي ايضا لا تستثني جرائم قتل النساء من تخفيف العقوبه، والمادة 367 بالبند الثاني المانع لاحتجاج ودفاع الضحية عن حياتها واعتباره جريمة كاملة الاركان.
الخلاصة:
• التعديلات التي اتت عليها المراسيم بقانون لا يمكنها ان تحدث اختراقا عمليا للتخفيف او الحد من جرائم العنف الموجه ضد النساء.
• يجب التقيد بوثيقة الاستقلال لعام 88 والتي اتت على المساواة وعدم التمييز بين المرأة والرجل وروح الوثيقة الحقوقية للمرأة الصادرة عن الاتحاد العام للمرأة والمؤسسات والمراكز النسوية والتي وقع عليها الرئيس.
• الاستفاده من مصادقة فلسطين على اتفاقية سيداو دون تحفظات والعمل على الغاء التمييز ومساواة المرأة وملكيتها لجسدها في تضمين هذه المبادىء بالقوانين والعمل على تعديل النظرة المجتمعية في هذا الخصوص باتخاذ مجموعة من الاجراءات منها تعديل المناهج.
• الاسراع في اقرار قانون حماية الاسرة من العنف كونه القانون الذي سيشكل حماية ووقاية للاسرة والنساء كونه قانون تأهيلي يتدخل قبل وقوع الجرائم.