أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام خوري - الإهداء لشاعر ودع فتاة تشبه بلقيس















المزيد.....

الإهداء لشاعر ودع فتاة تشبه بلقيس


عصام خوري

الحوار المتمدن-العدد: 572 - 2003 / 8 / 26 - 06:48
المحور: الادب والفن
    


الإهداء لشاعر ودع فتاة تشبه بلقيس
سكوت ((2))

سكن الليل وأطفأت السرج في المنازل وتمددت الرياح غنية بالغبار والأوراق . قارع الخريف دخان المنازل غازل مداخنها بروية ملامسة الضباب لبحيرة منسية . وابتعدت أسراب السنونو لعالم لا ضباب ودخان فيه ، ابتعدت حاملة رعشة لقاء بالحب والحنطة، ابتعدت راغبةً بكنوز أرض تختلس منها أطراف مجاعتها الدائمة للحياة . دندنة النجوم مع رقصة عرائس الجان بحليها الدائمة كانت تستعد لتقديم ذبيحةٍ جديدة لمارد الكون المرعب ، نجم صغير لا يقوى الصمود أمام جشع أخوته ورويداً... رويداً... سٌرِق شعاعه مع أجيج فرح أخوته.
وتلك العرائس تأهبت لاستقبال خليلةٍ جديدةٍ خليلة من الأرض حٌفِرَ اسمها عند نجم السماء ذاك .
كل المساء كان في انتظار وسيد الرعب يخشى خيانة عرائس الجان. كان يسكن في تشخص عيون زوج يراقب احتضار خليلته ، كان يراقب جسدها الممزق بعد معركة الشهوة القاتلة .
كان يراقب طرائق القمع الجديدة للأفكار والأقلام الحية ويتساءل أهذا ما يريدون !
أزوجتي ثمن صدقي … أزوجتي ثمن عشقي للبشرية !
وبموج داخلي من الأسرار تجلت لحظة خشوع أمام رب الأرباب فالدمع حام مشاركاً لحظات الضعف والتمسك بآخر الآمال :
أيها القادر الجبار يا من تزرع الأتراح والأحزان أيها النابض بمشيئة خشوع الحيوان والجماد صغير أنا أمام الآلام ، صريع أنا أمام جسد يخبو بصمت كصمت الحقيقة في حانت الاستئناف …
أيها الجبار حملت الأرض أجساد قديسيك بصمت تذكره دفاتر الذكريات بصمت يتأجج عند كل صلاة ترنيمة وتبجيلة وفاء . لكن صمت قديستي من يذكرها من يعزي روحي الجشعة للحب بحب يخدش سكون سكينتي المرّة بعد الفراق .
أنا الضعيف الآن وبلحظة ضعفي أتضرع أن تحمل جزءاً من روحي تغني بها أنفاس حبيبتي الممزقة... أنظر لجبهتها العالية، أنظر ليدها الباردة، أنظر لهذا الجزء من ضلعي وارحمه... مراراً ترحم المجدليه...ارحمني الآن،  أرحم هذا الخط الموصول بين رحم الموت وروحي الذابلة.
 نعم عشت كالمجدليه عشت قذارة أفكار الإنسان، توغلت غابة هيكل الإنسان كي أعلق أسرار الهوى معلقات لبشر لم يفهموا الجاهلية وعاشوا الجهالة... ولم يميزوا حديقة ومزبلة... لم يميزوا بين حبيبة وأحلامي بالعشق الأسمى...لم عشقي للعشق وعشقي لنفسي...
أيتها المغائر العميقة اكشفي أسرارك للمياه الجارية، ويا أيها الصخر الصامت غسل وجهك بهدير الشلال ويا مجدولية الروح الفاسدة رجمت روحي الطاهرة، وها أنا أستقي رجاء الله للروح الطاهرة.
وبسكوت اللحظة تقدمت الشفاه الأليمة نحو الثغر النائم ، تقدمت بهدوء الهدوء ولامست الشعر البّراق وانسابت بين العينين تشق طريقها نحو رغبتها، كانت العبرات تكلل الوجه الواهن فتزيده وميضاً كما الريح حين تخلع عن فتيل الشمع.
مر العمر ومضة ومرت القبلة عمراً حاول أن يوقظ بدفء صدقها عالم التجمد عند الثغر النائم لكن عبثاً.
نهض بهدوء وراقب الحقيقة راقبها بعيداً عن سراب النفس وكذب العين، راقبها وضحك.
 اهتز جسده برهة واصطكت أسنانه جزعاً، فالنجم سقط وشمعة الحياة الندية تندت بالدم فخبت ساكنة.
قتلوها يا ويل الياسمين ما من بستان أمين.
قتلوها والجدران تعاني أنين من قادر عظيم لا يرحم رحيم . أأشعل البخور وأطيب الطيوب، أم أهدي روحي لعرائس الجان .
ومع سلسلة الأفكار والأوهام تخلت الروح عن الجسد وحامت فوق السرير تراقب الدموع والوعيل والوعيد . بدت خائفة برهة وبأجيج الحنين انسابت بين أحضان خليلها غير واعية باستحالة تقبيله وتطبيب جراحه ، اندفعت غير شاخصة بما سيعتريها .
كانت بين ذراعيه ولم تكن، شعرت لأول مرة أنها تلتقط اللاشيء.
انسحبت مرتعبة وتوقفت أمام المرآة … مزقت ثوبها فاتحاك القماش سريعاً . وبصرخة حورية من عرائس الجان انجلت كل الأمور وشاهدت عند وسادة السرير مرآة روحها ، رفضت التصديق إلا أن عالم الخلاء وبقدرة قادر يهجن الأعصاب ويمدن الأفكار .
كان أمامها يتعذب ويتعطش زفرة من همود الجثة ورمال عينيه تنكب عند خشب السرير فتزيده تعطشاً، كانت تشاهد نمو الأشواك في زهرتها الباكية .
وبسؤال من مارد الجان شرع للروح الحائمة أن تزرع صوتها في روح خليلها المعذب:
يا خليل الروح والجسد جزء من روحك معي تدفئني في فضاء لم أعهد له مثيل. هذا الكنز الذي أحمله معي نجم جديد في فضاء جديد.
أحس شفاهك التي تجتر ملوحة دمعك الدامي وتترامى بين خصل شعري ، أحس مسام أوتار صوتك المخنوق أكوام نرجس تعطر جبيني، وأحس أنك أنت وأنت أنت...
أيها الصافي دموعك خمر تسكر شهوتي للحياة وحزنك يشبع غربتي بالغياب، لرعشتك أملك كلام وأبجديةً غابت عن الإنسان، أملك موكباً من الأفكار وهديراً من الأشجان. أملك رغبة في تأمل هدوء أنفاسك العطرة، وأحتاج عمراً لأغدو نحلة تمتص أحزانك. فأنا فراشة اشتعلت بعد رحيل شرنقة حامت وحامت كي تهامس روحك بضرورة العمر والعمار فيها .
أيها الأمين سمير قلبك يسامر وجعي ويهدي فؤادي لذة الانتظار هفوة أمين الجان كي أراقص لذتي بلحن جسدك الخلاب.
وداعا للشاي للأقداح شربت البن دون فنجان وعطرت الهال بالأهوال، ومن الأزمان لا ترتجي فنجان فيه كان الفراق .
   وداعاً... وداعاً... ولك مني في الأرض مرسال بذرة النرجس تحت التراب التي زرعتها رغبتنا بالبقاء ونسيناها عند تلملم الأحزان .
اجمع الوعاء واسقها بإتقان كي تبدو فتية كما الأحلام غذها بالحب والإيمان، ولا تنسى أن تخبرها أنك إنسان، والفرق بينك وبينها أعمار لها منها أفكار وليست إلزام.
قبِّلها عند الشباب ولا تكن شديد الانفعال، فالإقبال على الحياة ككسر دف الاتزان كلنا نطوف على دفوف الزمان ونبحر في بحر الأسرار نسقط حينا ونعيش حينا لحظة أسرار .
الوداع الآن … ولا تنسى ابنتنا نرجس بذرة بذور أملي في الطبيعة الفيحاء .
سرد الحكاية أمامي فأشعلني رغبة في محاكاة الأفكار والأوهام وجعلني أكتب :

مالي أذوب في هيكل الإنسان
بين مهب النار والإعصار
بين لهيب تنين ابتدعته
مخيلة رعب الزمان
يا رعبا أمس عنوانا للأحداث
أنت مثلي جبان
تتلاشى دوما مع أول إعلان
لأسطورة من أساطير الزمان
تتلاشى لأغدو وحيدا في مملكة
لم تعرف قناعات
تكورت بين ترانيم الأرض والسماء
وتنامت بأسرار الشمس والمياه
تبلورت بصرخة الأعشاب والأزهار
وفي النهاية تخشى الانهيار
والموت … والزكام
يوما ما هربت مع أثير الفضاء
وتأملت عالم الأشياء
تأملت حجرا نقش بإتقان
لقبر لم يعرف عنوان سوى
أشلاء أقحوان
تهامست مع الأرواح متى العزاء ؟
فهمهمت مأسورة بغرابة السؤال
حتى نادى الأقحوان آتني بكوب
من الماء القراح
وبلحظة إصغاء والهدوء يخيم على الأزمان
صوت يهج مع الغبار عاش … عاش
وغاب مع التراب
وأنين يهج مع الفضاء ارحل عليك
الأمان … لكن ابتعد عن مهب
النار والإعصار عن باطن الأفكار
فهي أوهام


 

 كاتب وصحفي سوري    [email protected]  



#عصام_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التضخم السكاني كارثة العصر
- لقاء مع الكاتبة والدكتورة نوال السعداوي
- بعض من اقتصاد الصغار
- اقتصاد الكبار
- مؤسسات اليمين والشرق الأوسط
- شيوعي بالنسبة للاميركيين ومنشق بالنسبة للسوفيات. يهودي بالنس ...
- الحاكم والحركات الشعبية
- المنتدى الاجتماعي العالمي الثالث


المزيد.....




- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...
- فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية ...
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- المؤسس عثمان الموسم الخامس الحلقة 159 على ATV التركية بعد 24 ...
- وفاة الممثل البريطاني برنارد هيل، المعروف بدور القبطان في في ...
- -زرقاء اليمامة-.. أول أوبرا سعودية والأكبر في الشرق الأوسط
- نصائح لممثلة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن بالبقاء في غرفتها با ...
- -رمز مقدس للعائلة والطفولة-.. أول مهرجان أوراسي -للمهود- في ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام خوري - الإهداء لشاعر ودع فتاة تشبه بلقيس