أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزم ألالوت - هويتي في حكاية















المزيد.....

هويتي في حكاية


أزم ألالوت

الحوار المتمدن-العدد: 1810 - 2007 / 1 / 29 - 11:38
المحور: الادب والفن
    



الحلقة الأولى
التّعرف على الهوية
بعد خروج سـاليس من صالة الامتحان متجهة إلي حديقة الجامعة، حاملة في يديها زجاجة عصير تتناثر منها قطرات الندى, كانت الرطوبة يومها عالية جداً, استرخت على أحد المقاعد، فهي لم تُصدق بأنها استطاعت أن تجيب على أغلب الأسئلة، وكان التعب واضحاً في عيناها، فهي لم تنام البارحة إلا ساعات الفجر لشدة خوفها من مادة الإحصاء.
بعد هدوء أعصابها بدأت تسترجع ما سمعته قبل أيام عن الأمازيغ ولغتهم، حيث استغربت هذا وقتها، لكن لشدَّةِ خوفها من الامتحانات لم تُعر الموضوع أهمية، كما أنها لم تكن تُفكر يوماً في الهوية أو الانتماء، لأن الهوية كانت من المسلمات، فكل المقررات والشعارات التي درستها تُقر على أنها عربية الأصل.
لم تتركها الهوية في شأنها، بدأ التفكير في الهوية يبحر في أفكارها، تأخذها أمواج الحيرة وتردها، كيف أكون ليبية الأصل ولست عربية؟، ما هي الأمازيغية؟، وماذا تعني اللغة البربرية؟، تساؤلات ترددها في نفسها علّها تجد لها الشفاء.
لم تستطيع سـاليس أن تستوعب كل هذه الأسئلة المتناقضة، مر أحد الأصدقاء بجانبها لاحظ عليها الحيرة والربكة تكاد تُنسيها نفسها، اقترب منها، لكن دونما أن تشعر به أو بما حولها، أخذت حقيبتها الملقاة جانباً متجهة إلى البيت، وما أن دخلت حتى قالت....
لا أجد سيارة أبى أمام البيت، أيعني أنهُ غير موجود؟
الأم / وعليك السلام، يبدو أنك لم تفلحي اليوم في الإجابة
سـاليس/ آه آسفة والله نسيت السلام، صباح الخير يا وجه الخير، لالا..بالنسبة للإجابة كانت جيدة، ولكن ثمة أمراً يشوش أفكاري
تغيرت ملامح الأم واحمرَّ وجهها، فقالـت بلهجة القلق.. لا إله إلا الله خيراً بُنيّتي مـا الأمر؟
سـاليس/ لالا.. تقلقي أماه فالموضوع يخص الهوية و الانتماء، يقول لي أحد الزملاء بأننا أمازيغ ولسنا عرباً، كل ما في الأمر أريد من أبي أن يُفهمني هذا
الأم/ الحمد الله..هذه أنت دائماً تخيفينني بأمورك الزائدة
سـاليس/ سامحك الله أماه أرجوك لا تقولي هذا، فالهوية تعد من الأمور المصيرية، وتعتبر من الأولويات التي يجب أن يتمسك بها كل من ينتمي لجنس أو وطن، كيف يكون الإنسان منَّا حرًا و شريفاً، وهو يجهل هويته، أو إلى أي جنس ينتمي
الأم/ دعيني أكمل أعمال البيت، وحين يأتي والدك تحدثي معهُ في هذا

بقيت الدهشة والحيرة تسيطرا على أفكار سـاليس، وليس بوسعها أن تنتظر رجوع والدها, دخلت إلي مكتبة أبيها، تبحث عن أي شيء يخبرها عن أصلها الذي تجهله، فازداد الأمر التباساً، فتارة تجدهم بربراً وأخرى أمازيغ، وبينما هي في كامل حيرتها دخل عليها والدها وهو يقول:
سلام الله بُنيتي، كيف هي الإجابة اليوم، فأنا متأكد بأنها جيدة، فالفرحة تملأ وجهك فأنت لا تستطيع أن تخفي أمراً، فوجهك البراق يفضحك دائماً.
بدا الخجل واضحاً على وجه سـاليس فاستدركت الأمر قبل أن يلاحظها والدها فقالت:
وعليك السلام، نعم كانت الإجابة رائعة، لكن ثمة أمراً آخراً يقلقني ويشوش أفكاري
بعد ابتسامة عريضة من الأب قال:
الأمـــازيغية إذن
سـاليس/ نعم أبي هذه أمي، أعرفها لا تستطيع أن تخفي عنك أمراً
الأب/ حسناً حسناً، لنتكلم الآن، بينما أعدت لنا أمُك الغداء
سـاليس/ أيعقل أبي أن يكون أصلنا أمـازيغي وليس عربي؟
الأب/ نعم بُنيتي، نحن جنس أمازيغي الأصل، وبعيدين كل البعد عن الجنس العربي
سـاليس/ كيف يكون هذا، وكل المناهج التي درستها تثبت هويتنا العربية!!!
الأب/ بالنسبة للمناهج الدراسية للأسف كان مسيَّسةٌ، في السعي لإخفاء وطمس الهوية الحقيقية للمغرب الكبير، وتشويه وتغيير التاريخ، ونجح المجلس القومي للثقافة العربية بجدارة، مع الظروف التي مرَّ بها الشمال الأفريقي، في تعريّب معظم المناطق الأمازيغية، مما جعل أكثر ساكنة المغرب الكبير يعتقدون يقينا أنهم من الجنس العربي
سـاليس/ ماذا تعني بالمجلس القومي للثقافة العربية؟
الأب/ المجلس القومي للثقافة العربية يتبنى فكرة العروبة، بمنظور عرقي محض، حيث يطبق سياسة تعريب كل ما هو ليس عربي، وإسناده إلى العربية, وأصبحت القومية هي البديل عن الدين عند هؤلاء القوميون، واستغل العرب أو بالأصح القوميون منهم الدين الإسلامي، فتبنوا خرافة التي تقول أن العرب هم قوم الله المختار، فجعلوا الدين الإسلامي، ذريعة و ورقة يغزون بها غيرهم، بحجة أن النص القرآني عربي ولتحقيق مرجعيه دينية واحدة، لابد من سيادة لغة القرآن، وحتى يتحقق هذا، يلزم قتل وطمس باقي اللغات والثقافات التي تعتبر عندهم دخيلةٌ، كالأمـازيغية, لمـاذا لأنها عائق أمام هذا التوجه الشوفيني.
سـاليس/ كيف يكون هذا، ألا نعدُ كلنا مسلمين !!!
الأب/ بُنيتي الإسلام بعيد كل البعد عن أفكار هؤلاء القوميون الدين يمارسون السّيادة والحكم في بلادنا، كما إن تعدد الديانة ليس عائقاً في تكوين الدول
سـاليس/ آسفة أبـي، أكمل حديثك واعذرني عن المقاطعة
الأب/ نعم وحتى يؤثر هؤلاء القوميون على الأجيال الجديدة، زرعوا في عقولهم فكرة العروبة وجعلوها مرادفةٌ للإسلام، فأشربوا العرقية وتمجيد الجنس العربي في كل هذه المناهج التي تُدرس في مؤسساتنا التعليمية.
وأنت الآن طالبة جامعية، بإمكانك التّعرف على هويتك والوصول إلى الحقيقة، بالثقافة والبحث في جميع كتب التاريخ المؤيدة للمد العروبي وغيرها ومقارنتها بالواقع المعاش
سـاليس/ للأسف أبـي، هذا الذي توصلت إليه خلال مسيرتي التعليمة، لم أذكر أني قراءة شيءً يتحدثُ عن هويتنا كأمـازيغ لهذا الوطن في كُتبي الدراسية.
الأب/ لا داعي للأسف، مازلنا في بدايةُ الطريق، وهنالك متسعٌ من الوقت لمعرفة وقراءة التاريخ, وأنا بدوري أستطيع أن أدلك على العناوين والكتب وكذلك المواقع
الكترونية التي تساعدك في التّعرف على هويتك.
الأم/ أعلمُ بأن الحديث في هذا الموضوع سيطول، ولكن ثمة هناك شيءٌ أسمه وجبة الغداء، أتمنى أن تُقدرا تعبي وتذهبا للأكل
الأب/ سيكون لك هذا.. ولكن من اليوم يـ تـانس لن نتكلم مع سـاليس إلا بالأمـازيغية حتى تتقنها جيداً.
الأم/ هذا منايا من قبل, بل يسعدني كثيرا لأنَّ سـاليس دائما تسخر على كلامي، حين أتكلم العربية معها أو مع غيرها، ولأن جاء دوري.
أضحك تعليق السيدة تـانس الجميع و سـاليس تحاول أن تستر ضحكتها فتقول:
نعم أمّاه يجب أن يتعود لساني على الأمازيغية, لأني رأيت التعجب في عيون أقربائي، حين يتحدثون معي بالأمـازيغية ويكون ردّي دائماً بالعربية، كُنت أحس بالخجل لهذا يجب أن أتكلم الأمازيغية جيداً، حتى أكون أمازيغية بصحيح، و لا أُساهم في طمس هويتي ولغتي.
الأب/ يسعدني كثيراً أنك توصلت إلي هذه النتيجة لوحدك، هذا يعني إنك بدأت في تحديد ورسم قناعاتك الشخصية، وحتى يتحقق هذا، يجب عليك بناء قاعدة ثقافية متينة تستندين إليها كفتاة أمازيغية مثقفة.
سـاليس/ هذا يعتمدُ عليك أيها الأستاذ الفاضل، و أول تساؤلي هو قبل مجيئك أبي تصفحت كتب التاريخ، فوجدت شيء لم أستوعبه، أقصد هل نحن بربراً أم أمازيغ؟
الأب/ كما قالت أمك إن الحديث في هذا الموضوع سيطول ويجول دعينا الآن نتناول الغداء، حتى أستطيع أن أجيبك على تساؤلاتك جيداً.

*****
تانميرتـ ـتنكن
أزم ألالــوت
http://www.libyaimal.com
المصدر : عن صحيفة ليبيا ايمال



#أزم_ألالوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 70 مترجمة باللغة العربية بجودة HD ...
- السحر والإغراء..أجمل الأزياء في مهرجان كان السينمائي
- موسكو تشهد العرض الأول للنسخة السينمائية من أوبرا -عايدة- لج ...
- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان
- تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزم ألالوت - هويتي في حكاية