|
سعدي يوسف : رحالة بالاكراه في أرض التيه
الحسام محيي الدين
الحوار المتمدن-العدد: 6944 - 2021 / 6 / 30 - 15:54
المحور:
الادب والفن
نشعر دائماً برغبةٍ عارمة في الكتابة عن المُبدعين عندما يصلون محطتهم الأخيرة ولو لم نلتقِ بهم يوماً . رضيّاً بالقضاء والقدر رحل منذ أيام الشاعر العراقي سعدي يوسف عن 87 عاماً بعدما ألبسته المآسي قسراً جلباب ابن بطوطة الطنجي ، ليكُونَ رحّالة أوانِهِ بالاكراه بين الشّرق والغرب بعدما لفظته بلاده بسبب مواقفه السياسية ، متنقلا في حواضر العواصم العربية والغربية : فمن العراق إلى طهران والجزائر ثم بيروت وعدن وعمّان ودمشق ، فإلى بلغراد ونيقوسيا وباريس وأثينا حتى استقر في لندن محطته الأخيرة ، والتي أنعمت عليه باللجوء السياسي وجنسيةٍ بريطانية حمَتْهُ كإنسان جسداً وكرامةً حتى وفاته . عمل يوسف في التدريس والصحافة والترجمة ، وكان غزير الشِّعر في أكثر من 43 ديواناً أهمها : القرصان (1952) قصائد مرئية (1965 ) الأخضر بن يوسف ومشاغله (1972) نهايات الشمال الافريقي ( 1972) حانة القرد المفكّر (1997 ) الخطوة الخامسة (2003) في البراري حيث البريق (2010 ) . إلى ذلك كتب يوسف الرواية والقصة والمسرحية فضلاً عن مئات المقالات والنصوص الأدبية وترجماته العديدة لشعراء كبار أمثال لوركا ، كافكا ، ريتسوس ، فاستحق على ذلك كله جوائز عديدة منها : جائزة سلطان العويس ، جائزة فيرونيا الايطالية ، جائزة المتروبولس الكندية وآخرها جائزة نجيب محفوظ عام 2012 . سعدي يوسف هو من رواد الجيل الشعري الحداثي الثاني ، الذي وعلى الرغم من كتابته " قصيدة النثر " إلا أنه ظل وفياً لبحور الشعر مستمداً منها التفعيلة بإيقاعاتها المؤثرة في تلافيف قصائده مِداداً مُمْطراً ووَجْداً صَلْداً. شاعر الثورة والانسان والحرية بمستوياتها الواقعية وتفاصيلها اليومية ، التي جايلتْ قصائده المُنمنَمَةِ الخواطر والمُتسعة الإيقاع محايَثَةً لدهشة الشعر التي تنهض على تعلّات المفردات والصور في ممكنات خياله كلما فاضت عن خصوبة أحاسيسه بين السؤال والجواب ، لتجعل في كل نصٍّ مرآةً تعكس الطمأنينة قلقاً ، والقلقَ طمأنينة . هكذا هو مشروعه الشعري الفذ الذي ترجم المعادل الرمزي لعواطفه العبثية كيساريٍّ مُنفتح تأثر بماركس وجاهرَ بذلك دائماً لتجسيد رؤاه التي شكلت تحولاً مهماً في تجارب الكثيرين من الشعراء العرب ، مما ترك بصماته في قصائدهم وإن لم يعلنوا ذلك. إنه روح أحلام المواطن العربي المسحوق ، على الرغم من ضحالةَ التّطلُعات وخيبة المآلات ، والأشيَب الفقير المرمي على جسور الغربة المعلقة بين الأرض والسماء واهماً في قليل من الحرية :
أنا في حيٍّ من أحياء الفقراء بِروما ... حقّاً
لكنّ العسسَ الليلي هنا لا يزجرني.... لا يسألني
لا يأمرني أن أخلع أثوابي ليفتشني !!
#الحسام_محيي_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سعدي يوسف : رحّالة بالاكراه في أرض التيه .
-
مسلسل اولاد آدم : ما لا يلزم للّاجىء السوري !
المزيد.....
-
لبنان: رحيل نجم أفلام الحركة -الكابتن- فؤاد شرف الدين
-
فنانون ومشاهير عرب ينددون بـ-المحرقة- التي تعرض لها النازحون
...
-
وفاة نجم أفلام الحركة اللبناني -الكابتن- فؤاد شرف الدين عن 8
...
-
الإعلان الثاني موت يعقوب ح 162… مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 16
...
-
يوميات غزة .. الضحايا يشهدون
-
أبرز إطلالات السجادة الحمراء بمهرجان كان السينمائي 2024
-
فؤاد شرف الدين.. رحيل -كابتن- أفلام الأكشن في لبنان
-
إعلان 2 مترجم.. مسلسل المتوحش الحلقة 36 على mbc وشاهد vip مد
...
-
أحداث مثيرة… المؤسس عثمان 162 الموعد والقنوات الناقلة مترجم
...
-
محمد رمضان: -مكسوف لنفسي ولكل عربي- (فيديو)
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|