أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرتضى هاتف بريهي - (القلقُ الوجوديّ، والاغترابُ .. وألفةُ المكان الأول) قراءة في (سيّان) لأغوتا كريستوف














المزيد.....

(القلقُ الوجوديّ، والاغترابُ .. وألفةُ المكان الأول) قراءة في (سيّان) لأغوتا كريستوف


مرتضى هاتف بريهي

الحوار المتمدن-العدد: 6818 - 2021 / 2 / 19 - 13:05
المحور: الادب والفن
    


"البيتُ هو ركننا في العالم. إنه، كما قيل مراراً، كوننا الأول، كون حقيقي بكل ما للكلمة من معنى"1 غاستون باشلار.

يبدو مثل هذا الشعور الملحّ بالمكان الأول وألفته بارزاً في كتابات (أغوتا كريستوف)، وقد تجلى بشكل أكبر في مجموعتها القصصية (سيّان)، بوصفها آخر أعمال أغوتا المنشورة.

ولعلّ حنينها إلى الديار مع الشيخوخة المرهقة، قد أججا فيها قلقاً وجودياً، مع اغتراب لايطاق، لذلك أصبحت الأشياء بتناقضاتها تارة، أو بتضادتها تارة أخرى، أو بتقابلاتها ثالثة لا تعني لها غير (سيّان).

فهذه - سيّان - المجموعة القصصية تنبثق من سيرة حياة، كما يبدو، سيرة حياة حافلة بالتجارب والخبرات والآلام، سيرة حياة أغوتا كريستوف.

هذه الـ(سيّان) المنبثقة من القلق والـ(لاجدوى)؛ إذ تصبح الأشياء متساوية ولا فرق فيها، ولايمكن أن يخاف منها الإنسان، في حين يصرّح أحد شخصيات قصة (عجلة الخط الكبرى) بأن ((الشيء الوحيد الذي يمكن أن يخيف، ويسبب الألم، هو الحياة))2، الحياة التي وصفها (سارتر) في غثيانه، والتي تتكرر في وصف أحد شخصيات قصة (أحسب)لأغوتا، إذ يقول: ((أخرجُ إلى الشارع لأنسى، اتجوّل مثل الجميع، لكن لاشيء في الشوارع، فقط أناس، ومتاجر، وهذا كلّ شيءٍ))3، في حين أنه كان يتوقع غير ذلك، إذ يقول: ((كنتُ أحسب أن الحياة لايمكن أن تكون فقط هذا، كأنّها لاشيءَ. لابدّ أن تكون الحياة شيئاً، وأنا كنتُ أترقب هذا الشيء، لا بل إني كنتُ أبحث عنه))4، ويظهر القلق مرتبطاً بأشياء ليقوّض المكان على أحد شخصيات قصة (الكاتب)، إذ يقول: ((الأشياء الثلاثة الفظيعة، الوحدة، والصمت، والفراغ، تقوّض سقف بيتي، وتنطلق حتى تبلغ النجوم، تتمطى إلى ما لانهاية، فلا أعود أدري أهو المطر أم الثلج؟ أهي رياح الصّبا أم رياح السموم))5، فهذه الأشياء تجعل الإدراك مشوشاً ومتخبطاً.

أما ملمح العبثية فيظهر في قصة (أبي) التي تقترب من غريب (كامو) حينما، تذهب البنت لدفن والدها، ومن ثم تسكر لتنسى، لكن يلحظ التحويل في القصة بتأثيرات المكان الأول، فتحاول الفتاة إعادة رفاة والدها إلى مدينته الأولى.

فهذه القلق الذي تعيشه شخصيات مجموعة (سيّان) تتناوبه جوانب عدّة، لكن أظهر جانبين هما: الأول: الحنين إلى المكان الأول(المدينة، البيت)، والثاني: الخوف من حركة الزمن والشيخوخة، إذ يصبح الزمن لصاً ليسرق منا الأيام.

والخوف من الشيخوخة ملازم للاغتراب، فلا خوف منها بوجود ألفة المكان، وهذا ما تقتضيه قصص عدّة في المجموعة، مثل: (قطار إلى الشمال)، و (في بيتي)، و (المنزل)، و(الأزقة)، وهذه العناوين تشي بالمكان بشكل واضحٍ.
وألفة المكان الأول في المجموعة القصصية تبعث الراحة والسعادة في الشخصيات، وتصرح به، فهذه شخصية قصة (في بيتي) تقول: ((وإذ أصير في بيتي، سأكون متعبة، فأنام على السرير، أي سرير، والستائر ستموج كالغيوم. هكذا سيمرُّ الوقت. وأمام ناظريّ ستمرّ صور هذا الكابوس الذي كان حياتي. لكنها لن تؤلمني بعد. لأني سأكون في بيتي، وحيدة، عجوزاً، وسعيدة))6، ويظهر المكان الآخر وجوداً غير مطمئن للشخصيات، وتشعر معه الشخصيات بأنها ليست بخير، كما في قصة (سيّان) إذ يرد هذا الحوار الداخلي :
((- و غداً؟ ستستيقظ، وأين ستذهب؟
   - لن أذهب إلى أيّ مكان. أو لربّما ذهبتُ إلى مكانٍ ما. سيّان في جميع الأحوال لانكون بخير في أيّ مكانٍ))7، فأي مكان غير المكان الأول لايشعر بالرحة والاطمئنان.

لذلك تعد شخصية قصة (المنزل) ترك المكان الأول بمثابة الجريمة، حيث يقول: ((غير ممكن. أن نترك منزلاً لنعيش في آخر أمرٌ محزنٌ، كأنما قتلنا أحداً))8.
…………………………………
1- جماليات المكان، غاستون باشلار: 36
2- سيّان، أغوتا كريستوف: 69
3- نفسه: 89
4- نفسه: 87
5- نفسه: 28
6- نفسه: 14
7- نفسه: 39
8- نفسه: 31



#مرتضى_هاتف_بريهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
-      (واقعيةُ داڤيلا .. وشذراتُ الإيمانِ) قراءةٌ في فن ...
- فرقة العازفين الحزانى .. دكتاتورية الواقع .. وتوهج السرد
- من بنية المفارقة إلى اللامعقول .. (عودة الكومينداتور ..بائع ...
- المكان المغيّب ومثالية الجسد .. كتاب المراحيض


المزيد.....




- روسيا تؤكد صلة أوكرانيا -المباشرة- بهجوم المسرح
- سماعة الترجمة لملك البحرين وصعوبة ارتدائها خلال لقاء بوتين.. ...
- مصر.. -حكم نهائي- على الفنانة منة شلبي بعد إدانتها بحيازة مخ ...
- السلطات المصرية تكشف تفاصيل واقعة تعرض فنانة لـ-التحرش- من س ...
- مصر.. مخرج -بنقدر ظروفك- يعلق على فيديو الفنان أحمد الفيشاوي ...
- فنانة سعودية تكشف تفاصيل تبرؤ عائلتها منها بعد دخولها مجال ا ...
- بمتحف -أصداء السيرة الذاتية-.. نجيب محفوظ يعود للجمالية بعد ...
- فيديو يرصد -فاجعة المسرح- بالمكسيك.. 9 قتلى و50 جريحا
- بجودة HD تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 Tom and Jerry على ا ...
- إبراهيم معلوف... موسيقار لبناني فرنسي يبدع في عزف الترومبيت ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرتضى هاتف بريهي - (القلقُ الوجوديّ، والاغترابُ .. وألفةُ المكان الأول) قراءة في (سيّان) لأغوتا كريستوف