أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خديجة السويسي - المأساة الوطنيّة: عندما يتزامن استقلال البلدان مع اغتصاب الأبدان














المزيد.....

المأساة الوطنيّة: عندما يتزامن استقلال البلدان مع اغتصاب الأبدان


خديجة السويسي

الحوار المتمدن-العدد: 6538 - 2020 / 4 / 15 - 13:23
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


إنّ جرائم الاغتصاب التي طالما أثارت جدلا على كل المستويات لا يمكن اختزالها في ذاك الفعل العدواني الوحشي الذي يتخذ عنوانا جنسيا يمارس على أجساد النساء وإنما هي جريمة أكثر تعقيدا ولها من الأسباب الاجتماعية والتبريرات الأخلاقية الدينية والنفسية المبطنة ما يكسبها مشروعية لانتهاك جسد المرأة عنوة ومن خلال التعنيف، وكأن الأمر نوع من العقاب الجنسي الذي كان يعتمد قديما كأداة لتأديب النساء وإعادة ضبطهن في حال خروجهن عن القواعد العامة. ولعل شبكات التواصل الاجتماعي( ومنها الفايسبوك الذي أتاح للجميع الحق في التعبير والتعليق عما يجيش في عقولهم) قد كشفت المستور وأظهرت أن للمجرمين الذين يرتكبون هذه الفظاعة من اغتصاب وتعنيف وقتل في كثير من الحالات، جمهور يساندهم ويبرر سلوكهم ويلتمس لهم الأعذار من خلال "الوسم" الأخلاقوي والدعوة الصريحة لاستباحة أجساد النساء لا لجرم ارتكبنه سوى الخروج من منازلهن في إعادة إنتاج لما يحصل دائما مع قضايا الاغتصاب من تأثيم للضحية ولكن من أي منطلق ؟
يرتكز مبررو الاغتصاب أو لنقل معنفو المغتصبات الفايسبوكيون في تأثيمهم للنساء على التصورات النمطية لأدوار النساء والتي تقوم أساسا على فكرة جندرة الفضاءات فالفضاء العام بما هو فضاء ذكوري بامتياز يسمح للرجل بممارسة فحولته على الوافدات على هذا الفضاء. أمّا التمثلات الاجتماعية فإنّها توزع الفضاءات وفق الجندر: الخاص للنساء ليكن "ملكات في بيوت أزواجهن" والحال أن من تخرج عن هذا الإطار تعد ضالة وتستوجب التأديب.
وهذا التقسيم الجندري للفضاءات وجد في الحجر الصحي العام الإطار المعزز لإعادة تثبيته فالشوارع الفارغة والتي تخلو من الأمن تهيؤ البيئة اللازمة لإعادة الضبط الاجتماعي والذي يعد العنف في شموليته أحد آلياته. لذلك لا نستغرب التعليقات التي تبرر العنف المرتكب وتعيد إنتاجه بطريقة سيبرنية "تدخل ضمن محاولات إعادة تثبيت الحدود الجندرية ولهذا كانت تحمل لهجة حادة تعكس عداء لأجساد النساء وتحملهن مسؤولية ما يتعرضن له إما بسبب لباسهن أو بسبب خروجهن إلى الفضاء العام.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض هذه التعليقات لم تكن موجهة إلى النساء وإنما للقوامين من رجال العائلة "تسيبوا نساكم" على سبيل المثال أي أن هذه التعليقات تستبطن أيضا دونية المرأة في مقارنة بعلوية الرجل الذي من المفروض أن يحدد لها طريقة لبسها والفضاءات التي يمكن أن ترتادها وكأننا بهؤلاء يوجهون رسالة للرجال مفادها أن على الرجل أن يستغل امتيازاته الذكورية ليمارس سلطة على النساء اللاتي يصنفن ضمن شبكة قوامته وإذا تنازل الرجل عن مهامه يتولى الآخرون لعب دوره الذي تخلى عنه.
ونلاحظ من ناحية أخرى أنّ التعاطي الأمني مع قضايا العنف الممارس ضد النساء يضعنا أمام حقيقة أنه وعلى عكس ما تدعيه سياسات الدولة فإن مناهضة العنف المسلط على النساء ليست من أولويات عمل المؤسسة الأمنية ولا تعمل الحكومة على توفير محيط أمن يضمن العيش المشترك في كنف الاحترام . فقد كان على الدولة أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان أمن المواطنين والمواطنات خاصة ، وكان من الواجب على المسؤولين اتخاذ اجراءات خاصة في سياق الجائحة لفائدة النساء المعنفات ،وكان من الواجب أيضا التفاعل مع قضايا المغتصبات بطريقة أنجع وأسرع وإلا ستجد النساء أنفسهن أمام ثنائية الكورونا أو العنف بكل أشكاله.
وعلى عكس ما يدعيه البعض لسنا إزاء ممارسات فردية شاذة وإنما هي ممارسات لها امتدادها التاريخي والثقافي ومن هنا يمكن أن نتبين المنطق الذي ترتكز عليه محاولات شرعنة الاغتصاب وتبرير من قبل فئات من المجتمع وبتواطؤ من أجهزة الدولة وعلى رأسها الأمن وبغطاء ديني أخلاقوي شعبوي في أكثر الأحيان.



#خديجة_السويسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المأساة الوطنيّة: عندما يتزامن استقلال البلدان مع اغتصاب الأ ...


المزيد.....




- كارتون وبرامج وأغاني.. تردد قنوات الاطفال الجديدة على نايل س ...
- إسرائيل.. إصابة امرأة بجروح في إطلاق صواريخ من غزة
- -تم إسكاتي-... جدل يغلف مسابقة ملكة جمال أميركا
- تقارير تكشف عن تفاصيل جديدة في قضية عصابة -التيك توك- المتهم ...
- لبنان: ارتفاع جرائم قتل النساء بـ300 % عام 2023!
- وانتم، لقيتوا متعتكم ازاي؟ اعملوا subscribe عشان تشوفوا الفي ...
- “ابسط العيال طول الاجازة!!”.. استقبل تردد قنوات الاطفال الجد ...
- “سجل عبر spf.gov.om”.. خطوات التسجيل في منحة منفعة الأسرة 20 ...
- السودان.. قوات الدعم السريع ترتكب جرائم تطهير عرقي في دارفور ...
- جامعة أريزونا تطرد أستاذا اعتدى على امرأة محجبة مؤيدة لفلسطي ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خديجة السويسي - المأساة الوطنيّة: عندما يتزامن استقلال البلدان مع اغتصاب الأبدان