|
اما آن لهذا الشاعر أن يستريح ؟
نجاة عبد الله
الحوار المتمدن-العدد: 1520 - 2006 / 4 / 14 - 07:19
المحور:
الادب والفن
انهم رحلوا الى المنفى بالاسى والذكريات يودعهم الشاعر.. تلك الذكريات التي تأخذ شكل حمامة بيضاء مثقلة بصليب الامهات وهذا الشاعر الذي ينحدر من اصول عريقة، من اب ذي علم وجاه ومن ام متعلمة تقرأ وولدها في دار ابيها عن الادب والحياة. انه الشاعر باسم فرات ابن مدينة كربلاء.. الذي ظل يستمع لحكايات الجدة سنوات طوالاً.. يجمع الكتب عاماً بعد عام يفزعه التاريخ الذي تقطعت فيه البلاد ولمت اشلاءها على عجل ويبكيه النحيب الذي يتعالى في صدر مسن اجفلته الحياة. يتكلم بجدية كبيرة ولايعرف طريقا للمزاح.. هذا ما غرسه فيه التراب الكربلائي الطاهر والتربية الدينية المقدسة. يكتب الشعر الذي يمثله ويدس الكلمات في قباب براءته لتخرج على مهل بكامل شفافيتها وصفائها النفسي الواضح.. يؤرقه الاصدقاء الاصدقاء حقاً وليس اشباه الشعراء او الذين يرتزقون من وراء الشعر. يتعالى صوت الخيبة وتتخذ الكلمات شكل رداء محموم حين يستنجد الشاعر بذكرى من رحلوا وتركوا ”امانيهم تغافلهم وتنتحر.. تنتحر.. تنتحر“. اما آن لهذا الشاعر ان يستريح.. وهو يستذكر وحشة الاصدقاء، عذاباتهم الصغرى في بقعة القلب وعذاباتهم الكبرى في بقعة تسمى الوطن. بل اما ان لهذا الوجع العراقي ان يستريح.. وحين يقود الشاعر قناديله الى لغة الضوء.. تتبارى الاحلام والذكريات في غزل منافذ براقة وابواب يصدح خلفها التاريخ. تاريخ الحروب التي سرقت فرحة الشاعر.. الحروب التي يجلس خلفها الوطن غريباً ومنكسراً ومذعوراً. الوطن الذي يجلس بصحبة الشاعر.. كل يذكر بصاحبه. يقول الشاعر ” انا وبغداد نجلس معاً على شاطئ نعرفه نحتسي خرابنا بغداد ليل يجفف عتمته بضيائي“ وهنا تدب صرخة الحياة مرة اخرى.. الحياة التي تنسج سجادة بقائها بألم ساحق وملامح افسدها الرصاص.. صرخة اخرى.. انها صرخة السومري الذي يدور بقناديل الوحشة دون ان يفزع الطفولة التي افزعها الوطن واهال عليها الحروب. وهو يردد ”انا السومري المدجج بالاحلام والاسئلة متكئأً انفض الحنين عن اصابعي“ ليته يستطيع.. يتكلم عن كربلاء كأنه غادرها بالامس.. ويعيش بين دجلة والفرات صبياً يلهو بالحصاة الصغيرة ويافعا يدس كتاباً عن الشعر في بدلته العسكرية.. يقرأ.. يتأمل.. يتصفح الحياة ورقة ورقة، فتقفز دمعة بحجم البلاد.. تهوي على كف شاعر مثقل بالاسى.. ليطلق صرخة في الهواء. ”انا جنة نفسي وقيامتها“ يتكلم بنبل شاعر حقيقي عن مأساة العراق التي هي مأساته بطبيعة الحال دون ان تتسلل الانا بردائها الاسود على خارطة كلماته النابضة بالحياة . شاعر يعيش الشعر.. قوامه الشعر وشعره الحياة ويبقى هذا الامل الساحر يرفرف في سماء الشاعر، امل من يملك طائرة خرافية تحلق في سماء الله الواسعة وتنادي على الشعراء تجمعهم من المنافي وتعود بهم الى وطن نشم فيه اريج العراق.. عراق ما بعد الدسائس والدموع. *خريف المآذن: مجموعة شعرية للشاعر العراقي باسم فرات. *باسم فرات: شاعر عراقي يعيش الان في هيروشيما.
#نجاة_عبد_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في معرض الدوحة للكتاب.. دور سودانية لم تمنعها الحرب من الحضو
...
-
الرباط تحتضن الدورة ال 23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية
...
-
الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 161 على قناة ا
...
-
-أماكن روحية-في معرض فوتوغرافي للمغربي أحمد بن إسماعيل
-
تمتع بأقوي الأفلام الجديدة… تردد قناة روتانا سنيما الجديد 20
...
-
عارضات عالميات بأزياء البحر.. انطلاق أسبوع الموضة لأول مرة ف
...
-
نزل تردد قناة روتانا سينما 2024 واستمتع بأجدد وأقوى الأفلام
...
-
عرض جزائري لمسرحية -الدبلوماسي زودها-
-
مترجمة باللغة العربية… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 161.. مواعيد
...
-
علماء الفيزياء يثبتون أن نسيج العنكبوت عبارة عن -ميكروفون- ط
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|