لماذا يسعون إلى حجب التاريخ

عائشة عبد الله

الحوار المتمدن-العدد: 5127 - 2016 / 4 / 8 - 12:25
المحور: المجتمع المدني
    

ما قامت به داعش من تحطيم للمعالم التاريخية كان الفعل رمزيا لتحطيم ذاكرة الشعب وصناعة ذاكرة أخرى ذاكرة في الحقيقة لم تتشكل بشكل صحيح لأن شواهد التاريخ ليست كافية وحدها دون شرح وتقييد ونقل ما دوّنه ذلك الشعب الذي خلف الشواهد وكيف عاش ومن اين أتى وما علومه وماضبه جزء كبير من حاضره... السعي الى طمس هذه الحقائق امر ممارس كثيرا في كل المجتمعات العربية الحديثة إذ لا يذكر من تاريخها إلا الأمور المغلوطة المغشوشة وبطريقة اديولوجية تناسب طموح الشوفينية التي زرعت في الاذهان منذ تشكل هذه الدول الحديثة وعندما اكتشفت ان تاريخها الحديث جدا غير نافع كفاية ليزيد من حجم الشعوبية المتغلغلة لجأت الى تاريخ مصطنع ناقص مركب من عناصر ضعيفة مليئة بالمثاليات وخال من العقلانية تاريخ أشخاص لا تاريخ أفكار وعلوم وما يصنع الاجيال... أريد ان أربط هذا بما حدث في إحدى مدارس غزة من عملية تطهير على الطريقة البدائية جدا وللعلم هي طريقة بدأت تعود لتنتشر بين الأكثر تشددا وبين فاقدي الأمل في الحياة ويتبناها المتدينون جدا ليستعدوا للموت ولساعدوا غيرهم من الاجيال الصغيرة للاستعداد لذلك يبترون الامل والفرح من جذوره... وأنا أشاهد تلك الصور المريعة تساءلت بشكل جدّي ماذا يعرف هؤلاء عن تاريخ غزة وعن جدورها وعن اعماقها وهل قاموا بطمس كل الماضي ولم يبق لهم إلا أحاديث الموتالقادمة من بعض الكتب الصفراء؟؟؟ كيف يجب مواجهة هؤلاء؟؟ لا أظن أن التعنيف والاستنكار مفيد في حالة مماثلة لأن الأمر العام هو أن الثقافة تراجعت إلى حد لا يمكن معه الاكتفاء بالاستنفار والتعنيف واللعن والشتم وربما امضاء ورقة الى احدى الوزارت لعلها تعاقب الفاعل...لا يمكن أبدا الاكتفاء بذلك بل إن فعل ذلك ضار لأنه ذر للرماد في العيون والتظاهر باصلاح الأمر دون اصلاحه فعليا لأنه إذا لم يفعل ذلك ثانية في المدارس فإن يتم في المساجد والساعات والبيوت والتلفاز والكتب والاقلام مهما تعددت إنه وباء عام أخطر من الطاعون الاسود الذي ضرب الاندلس في القرن الثالث عشر وسهل من سقوط بقايا دويلاتها...الشيء الوحيد النافع هو تدمير هذه المعتقدات داخل البيوت أولا والرجوع إلى الثقافة الحقيقية واطلاع الأجيال على ماضيها مرتبا خاليا من الاديولوجيا موضوعيا غير مثالي الى درجة تمني الرجوع اليه وليس جافا إلى درجة لعنه علموا اطفالكم ما قام به تيموتي الغزاوي هل تعرفونه علموا اطفالكم اللعب والرياضيات والمنطق وعلموهم الأدب الرفيع علموهم ما قام به الإنسان من كل مكان لا تجعلوا منهم أشباه مثقفين لا تضعوهم في طريق يخلوا من الانسانية لابد أن يكون الطفل إنسانا مستقبليا لا مجرد آلة عاطفية متقلبة متعجرفة احيانا غير انسانية شعوبية مبالغ فيها... علموهم التسامح قليلا وتقبل التفكير والحجة في الكلام والنقد لكل ما يرونه وعلموهم أن يتحرروا من أبائهم وأجدادهم...علموهم أن الحياة هي ما سياتي وليس أبدا ما ذهب علموهم أن الإنسان معذور مهما كان وأن العقاب الالهي ليس شأنا بشريا وأن الأديان كلها سواء وأن الله ليس كائنا ساديا أوجد الناس لينتقم منهم وأن الدين محبة للذات وللاخرين وليس انتظار للموت وللحساب.... سيحبونكم أكثر في المستقبل إن حررتموهم من نواياكم السيئة وقدّمتم لهم تعليما صحيا عقلانيا يحميهم ويعلمهم الاعتماد على الذات والحرية والمسؤولية وليس التبعية والطاعة العمياء والرضوخ المنكر....

#عائشة_عبد_الله (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات