أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فيصل محمود طه - الزمكان الفلسطيني














المزيد.....

الزمكان الفلسطيني


فيصل محمود طه

الحوار المتمدن-العدد: 4776 - 2015 / 4 / 13 - 00:10
المحور: القضية الفلسطينية
    


الزمكان الفلسطيني

نعايش الآن حالة ينقضي فيها الزمن البيولوجي المتاح لصاحب مفتاح الدار لحافن تراب الوطن المثقل بالذكريات والأحلام الواعدة بالعودة.... للمشاهد المشارك والشاهد لنكبته، لنكبة شعبه، لنكبته التي فاقت حدود الزمن، لهذا اللاجئ بجوار الوطن خلف جدرانه، لهذا اللاجئ الضحية، لهذا اللاجئ الفلسطيني الطيب طيبة طيب الوطن، الصابر صبر بلاده. نعايش الآن فترة يذهب فيها هؤلاء الأحبة الذين حرمنا رؤية محياهم كما حُرموا هم، مُنع التواصل المباشر ونما الخيال ليمد جسور التلاقي عبره، عبر خيال الافتراض.


يذهب هؤلاء الأحبة ذهابا تتابعياً تراجيدياً محتقنا بحسرة خانقة لأمل لم يتحقق، لعودة لم تتم. إنها حالة تتجلى فيها المأساة الفلسطينية بخصوصياتها الفريدة المطوّلة عنوة وقهرا، القاتلة للحالم وحلمه، الدافنة للحلم وحالمة هناك حيث نصبت خيمته الأولى والأخيرة، علها تصبح شاهدا تثير حنين العودة مجددا لوارثي الحلم... وهل تورث الأحلام؟؟؟....

يذهب هؤلاء الأحبة موتا لا ينتظر، ويحتضر من تبقى في هامش الانتظار نحو موت لا يتأنى بل يتأتى مثقلا متعبا كحالة اللاجئ قبيل الرحيل الأخير، كحالة ذاكرته المعتقة المثقلة المتعبة الجوالة في غياهب ومعالم الأشياء التي كانت في الأمس عامرة، هذا الأمس الرابض على صورته الأخيرة قبيل النكبة الجاثم في مخيلة من أصابتهم هزة النكبة، الأمس الثابت الجامد الذي لا يبدي حراكا زمنيا مكانيا، بل نُحت في زمكانه الثابت مولدا ذاكرة استحوذت خلايا الدماغ كلها، ذاكرة وسعها الوطن وجميع مكوناته الحية وغيرها، اختزلت في مستقرها في الدماغ الفلسطيني.

عقم اللقاء بين الشق المهجر في وطنه والشق اللاجئ في بلاد العرب أوطاني!!، صبَّ أوجاعاً فوق أوجاع المأساة الفلسطينية وفجّر لوعة ما بعدها لوعة، وحنينا عصّي الوصف والرصد ما أبدع في خلق أشكال تَخاطب تتلاقى فيها روائح الأحبة والأماني وملامح الوطن وأحباؤه، تزدحم الأحلام باللقاءات ويتراجع الواقع مشاهدا وشاهدا لحالة إبداعية بديلة له، وتصبح الحياة هنا في شقنا وهناك في شقهم حلما واقعياً وواقعاً حالماً، تداخلاً مبهراً لا ينفك فيه الحلم عن الواقع كصقل بلورة واحدة، ترى المخيم بناسه منصوبا فينا كما نرى الوطن قابعا فيهم، هم لاجئون فينا ونحن مهجرون فيهم.

عرجتُ بأحلامي الحدود وجاورت المخيم، صمتٌ هامد على المخيم، حراك بطيء تناجيه آهات خافتة تخاطب سكون الليل الرتيب، تخالطه جلبة الحنين وبريق العيون الساهرة.

لمحت دمعة دفؤها جذبني وبهرني وميضها، تابعت انسيابها على أخدود الخد حتى استقرت في قسطل ماء صفورية. عدت الى هنا لامستها ثم عدت الى هناك لامستها انها هي ، هي... قطرة دمع تكورت في بؤرة ذكرى حالمة تشع من ذاك العبث بعثا جديدا يفض فضاء المخيم المزدحم بالذكريات الحالمة بالعودة الموعودة ويرتقي بأحماله ويهبط بها على أديم الوطن على ماء القسطل وعلى أحجار القلعة الناطرة، ثم يرتقي بأطياب الوطن وأعباقه هابطا مخيلة المخيم، ثم جيئة وروحة، وروحة وجيئة وربما عودة، انه سفر الأحلام في مساره الفلسطيني المؤقت الممتد الى حين... الى حين يقتنص أرقاعاً من المستقبل، يمتد الماضي بماضيه ويمضي الى مستقبل غامض انها حالة يلتهم الماضي الفلسطيني مستقبله ويصبح ماضيا دؤوباً ينوء بأعباء وآلام النكبة التي انفلقت وأفلقت مُصابيها وما زالت.

نعايش الآن مرحلة يذهب فيها هؤلاء الأحبة وتذهب ذكرياتهم الحالمة ويبقى الغضب، الغضب... وهو المشهد الآتي!....


بقلم
فيصل طه
صفورية - الناصرة



#فيصل_محمود_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تبدأ من مدينة تبري ...
- جواد ظريف يدّعي أن أمريكا تسببت بمقتل الرئيس الإيراني ومرافق ...
- -البدلات غير المرئية- تساعد في إنقاذ العسكريين الروس من المس ...
- -حالة تسبب الضرر-.. بيان من هيئة الغذاء السعودية بشأن المشرو ...
- هل سيؤثر غياب عبد اللهيان على الزخم الإيراني في ملف غزة؟
- منحوتات رملية مبهرة في مهرجان هونديستيد الدنماركي
- غالانت في تسجيل مسرب: لا دولة فلسطينية والأمريكيون يفهمون ذل ...
- مصر.. وزارة الداخلية تكشف واقعة تحرش جديدة داخل سيارة تابعة ...
- -أعطى انطباعا خاطئا بالمساواة-.. برلين -تأسف- لتحرك الجنائية ...
- افتتاح أول -مسجد ذكي- في الأردن


المزيد.....

- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فيصل محمود طه - الزمكان الفلسطيني