أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم الراوى - قصة فصيرة














المزيد.....

قصة فصيرة


محمد عبد المنعم الراوى

الحوار المتمدن-العدد: 3984 - 2013 / 1 / 26 - 19:13
المحور: الادب والفن
    


مأساة حمار
الشمس فى كبد السماء الصافية الزرقاء تُطلق أشعتها الذهبية، البرسيم الأخضر يتمايل فى الحقول الممتدة، اللجين يتلألأ على صفحة الماء السارى، الأوز الأبيض يمطّ رقبته، يضرب بأجنحته، يرغب فى الطيران، الكروان يتأرجح مع الغصن، يشدو بأعذب الألحان.
الحمار ما زال مُقيداً بالحبل المتين الملتف على الوتد، عيناه جامدة ترقب ذرات التراب الدافئ، شاردة. ذكريات الماضى دائماً قريبة. أمٌّ مفقودة. أبٌ مجهول. مرح الطفولة قصير جداً. عيدان البرسيم كان يخطفها من أمام البقرة، يقفز بها بعيداً، تحدق فيه البقرة بعينيها الواسعتين، كان يخاف من نظرتها، لكنه يضحك من عدم قدرتها على ملاحقته، ثمّ يعاود الكرّة وهو يقفز ويتراقص فى عدوه.
الأم حزينة، تبدو دائماً مهمومة، لا تمرح كما يمرح، لاتعاتبه على شقاوته، ومع ذلك تُطلق له ثديها بحنانه ودفئه، لم يكن يعلم حينئذٍ أنها تحمل عنه أعباءً ثقيلة، وعناءً لا تبوح به، كانت ملازمة له حتى شبّ عن الطوق، صار جحشاً. بعدها غابت، أين ذهبت؟! لا يدرى! منذ غابت غاب معها كل شئ، المرح، الضحك، الراحة، الطعام اللّذيذ، هى الأنثى الوحيدة التى كان يعرفها جيداً، التصق بها، أحبها بإرادته، وأحبته، أعطته كل ما يريد، لم تبخل عليه بشئٍ تملكه! لا أنثى يعاشرها، يفرضها عليه صاحبه، وقتما شاء!
كبر الحمار، لايعلم كم من العمر بلغ، لكن يعلم كم من الأعباء حمل! وكم تحمّل! وكم من الضرب بالسياط أخذ، رغم طول الصبر والجلد!. ورغم هذا كله ذلك البشرىّ لا يرحم، حتّى مع كثرة الحفر، الآن فقط عرف لماذا كانت أمه دائماً حزينة!، تجوع، تتألم، تتوجع، لكن لا تشكو، ولا تبوح لأحد! ظل الحمار هكذا شارداً، حتّى جاء صاحبه، وضع أمامه فولاً مدشوشاً مخلوطاً بالذرة، ودلواً مليئاً بالماء، مرّر يده على رقبته. اقشعرّ جسد الحمار، تعجب ما كل هذا؟! فول وذرة ، اليوم لن يتناول سيقان الكرنب التى نفخت بطنه، لأول مرّة يمدّ هذا البنى آدم يده بكل هذا الحنان، لا بالسياط؟!
دمعت عين الحمار وهو ينظر لصاحبه، أطلق نظره عبر الحقول والآفاق، ظلّ يتمرغ فى التراب ليستردّ شيئاً من الدفء والحنان المفقود، أقبل على الطعام بنهمٍ لم يعهده، أتى عليه كله، أغرق فمه فى الدلو حتّى شفطه! بدأت أحشاؤه تتمزق، ظلّ يتلوّى، أخذ يرقب صاحبه، ينظر إليه بنفس العين الدامعة، لعلّه ينقذه، حتّى غاب عن الوعىّ، حينئذٍ عاد وتذكّر أمّه، لكنّه نسى كل الذكريات القريبة والبعيدة!






#محمد_عبد_المنعم_الراوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: كل حاجة قديمة للبيع


المزيد.....




- الشعلة الأولمبية على السجادة الحمراء لمهرجان كان السينمائي
- فستان الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت يثير جدلا في مهرجان كان ...
- -عائدة-.. فيلم وثائقي يحقق حلم العودة إلى فلسطين
- افتتاح متحف لأعمال الفنان بانكسى فى نيويورك
- روسيا توجه دعوة لمؤسسات السينما القومية للمشاركة في الجائزة ...
- معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية يحتفي بالنسخة ...
- معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية يحتفي بفيلم R ...
- العائد من الموت لنشر تراث المالكيّة.. حوار مع مركز دار نجيبو ...
- الجيش الإيراني يدحض الروايات عن دور المسيرة التركية -أكنجي- ...
- -توقف وأخذ يخلع ملابسه-.. فنانة مصرية تنشر فيديو حول تعرضها ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم الراوى - قصة فصيرة