أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد هجرس - ماذا لو أن -مانديلا- كان عربيا؟!















المزيد.....



ماذا لو أن -مانديلا- كان عربيا؟!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 256 - 2002 / 9 / 24 - 03:22
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

انجازات الزعيم الوطني الافريقي العظيم نيلسون مانديلا.. كثيرة ومستمرة وملهمة.. ومستفزة ايضا! وبقدر فخرنا بنضالاته الرائعة ونجاحاته المضيئة، بقدر ما نخجل من انفسنا ومن انكساراتنا واخفاقاتنا المتكررة وتنازلاتنا المهينة عن حقوقنا الوطنية المغتصبة حتي عن الحقوق التاريخية للاجيال القادمة التي ليس من حقنا مصادرتها او الافتئات عليها. فهذا المناضل الفذ، الذي قضي في غياهب السجون اكثر من سبعة وعشرين عاما متصلة. لم يساوم ولم يستسلم.

ولم يتعلل باختلال موازين القوي لصالح عدوه العنصري المدجج بالاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل للتفريط في اهدافه الاستراتيجية وطرحها في سوق المزايدات والمناقصات.

وعندما تغيرت الظروف ولاحت في الافق فرصة التفاوض مع هذا العدو العنصري الاستيطاني لم يلق السلاح، او يتنكر للكفاح المسلح، او يرفع الشعار القائل بأن السلام خيار استراتيجي لابديل عنه، بل استمر في التفاوض في نفس الوقت الذي واصل فيه الكفاح المسلح، حتي اجبر العنصريين الاستيطانيين البيض علي رفع الراية البيضاء والاعتراف بالهزيمة.

وبعد ان توج كفاحه بالانتصار المبين واستعادت الاغلبية الوطنية السوداء كرامتها وحقوقها لم يستبدل العنصرية البيضاء بعنصرية سوداء بل عمل علي ارساء دعائم حكم ديموقراطي مناهض للعنصرية بكل اشكالها وألوانها وقائم علي مباديء العدل وليس نوازع الانتقام.

رئيس الرؤساء
ورغم ان نضاله الاسطوري وانجازاته الوطنية الرائعة قد اكسبته شعبية كاسحة ومستحقة بطبيعة الحال، وكانت تؤهله للاستمرار علي رأس الحكم الوطني مدي الحياة دون منازع، فانه نجح في الامتحان الاكبر، فلم تسكره أبهة الحكم والجاه والسلطان، بل ترك السلطة وهو في قمة مجده، ليعطي الفرصة لدماء جديدة كي تتدفق في شرايين العمل الوطني.

 

وبالتوازي مع هذه المسيرة النضالية الحافلة كان السلوك الشخصي لنلسون مانديلا درسا ثانيا في البساطة والصدق. فالرجل يمارس حياته بين الناس العاديين ويرتدي الملابس الكاجوال غير المتكلفة، ويرقص في الشوارع وفي المناسبات العامة مع الشبان والشابات ويطلق زوجته الاولي بعد ان اطفأت تقلبات الزمان جذوة شعلة الحب المقدسة، وخفق قلبه بالحب من جديد رغم تجاوزه الثمانين حيث وقع في غرام ارملة رئيس دولة مجاورة وصمد هو وعروسه امام مرض السرطان اللعين حتي هزمه، ولم يستنكف اعلان تفاصيل مرضه وتطورات مواجهته.

ومع ان الرجل قد تكرست مكانته المرموقة في سائر انحاء العالم بوصفه احد الحكماء ان لم يكن كبيرهم، فانه لم يزعم احتكار الحقيقة او الصواب، والدليل علي ذلك انه في اعقاب احداث 11 سبتمبر اياها شد الرحال وذهب الي البيت الابيض والتقي بالرئيس الامريكي جورج بوش الابن ليعرب له عن تعازيه لضحايا هذه الاحداث ووقوفه الي جانب الولايات المتحدة ضد الارهاب والارهابيين.

واخذته الحماسة وهو واقف مع الرئيس بوش فصب جام غضبه علي هؤلاء الارهابيين ونعتهم بأسوأ الاوصاف واعتبرهم اعداء للبشرية بأسرها وخارجين علي الحضارة.

وبعد ان هدأت الزوبعة فوجيء العالم ببيان صادر عن نلسون مانديلا يعرب فيه عن اعتذاره لـ"تهوره" في التصريحات الاولي التي صدرت عنه في اعقاب احداث 11 سبتمبر. وقال مانديلا في هذا البيان الجميل ان مناقشاته مع عدد من اصدقائه اثبتت له ان رد فعله الاول كان متسرعا وانه يجدر بالادارة الامريكية ان تعيد النظر في سياستها الخارجية التي تتسبب في زيادة عدد اعداء امريكا في كل قارات الدنيا.

هذا النقد الذاتي المستقيم والصريح والامين لا يجرؤ عليه سوي شخص نزيه وكبير حقا.

وفي سياق هذا البحث الدؤوب عن الحقيقة والاختيار الحر الواعي لنصرة الحق.. استمرت مساعي نلسون مانديلا بعد تركه كل المناصب الرسمية حتي اننا لانكاد نتابع صراعا مهما في اية قارة من قارات العالم الا ورأينا بصمة له او رأيا او موقفا.

ولم يكن من باب الصدفة اذن انه صمم رغم تقدمه في السن ورغم مشاكله الصحية علي ان يحضرمحاكمة الزعيم الوطني الفلسطيني مروان البرغوثي كشكل من اشكال التضامن النضالي مع حركة التحرر الوطني الفلسطينية والوقوف معها في مواجهة العنصرية الاستيطانية الصهيونية الاستعمارية.

الشياطين الخرساء
هذه المواقف السابقة ليست مجهولة، وانما هي محفورة في ذاكرة البشرية بأحرف من نور، لكنها تفرض حضورها الان في خلفية اخر المواقف المشرفة لهذا المناضل العظيم.

فالمعروف ان ادارة الرئيس جورج ووكر بوش دأبت علي التحرش بالعراق في الاشهر الاخيرة، دون مبرر او سند وعندما وجدت هذه الادارة نفسها تقف وحيدة في تهديدها للعراق، دون حليف سوي اسرائيل ورئيس وزراء بريطانيا توني بلير (رغم معارضة الاغلبية الساحقة من الشعب البريطاني) لم يجد بوش وزعانفه مفرا من اللجوء الي الامم المتحدة لمحاولة تغليف عدوانها الوشيك علي الشعب العراقي بمظلة الشرعية الدولية وكانت الورقة التي حاولت ادارة بوش اللعب بها في هذه المناورة هي المفتشين الدوليين لكن العراق حرق هذه الورقة بموافقته غير المشروطة علي عودة المفتشين الدوليين علي اسلحة الدمار الشامل.. وبينما رحبت الاغلبية الساحقة من دول العالم بالقرار العراقي الذي ينزع فتيل الازمة التي تهدد السلم الاقليمي والعالمي جن جنون بوش وصقور ادارته وهاجموا القرار العراقي ووصفوه بانه مناورة تكتيكية مخادعة وتفتقر الي الصدق!

ازاء هذا الموقف الامريكي رأي نلسون مانديلا ان الصمت لم يعد ممكنا او جائزا وتساءل بأعلي الصوت: بأي حق يجييء الرئيس الامريكي جورج بوش ليقول ان العرض العراقي غير صادق؟

ولا يقف مانديلا عن حدود التساول بل يستطرد قائلا: يجب ان ندين هذا الموقف الامريكي بشدة.

ولا يكتفي نلسون مانديلا بادانة موقف ادارة بوش بل ينتقد ايضا الصامتين لعي هذا الموقف الامريكي فيقول دون لف او دوران "انا انتقد معظم زعماء العالم لسكوتهم حين تريد دولة ما ان تستأسد علي العالم".

ويقطع الطريق علي اية مبررات لهذا الصمت بقوله: "ان مساعدة الولايات المتحدة للبعض يجب الا تخرسهم عن قول الحقيقة، وانا شخصيا قد حصلت علي دعم من الولايات المتحدة (اثناء النضال ضد سياسة التمييز العنصري في جنوب افريقيا) وانا ممتن لذلك لكن هذا لن يخرسني فسأرفع صوتي حين يكونون علي خطأ.

اعراض عربية
ألا يدعو هذا الموقف الي الفخر والاعتزاز؟!

والا يحيي الأمل بأن هذا العالم ورغم كل ما يمتليء به من مظالم وافتراءات ونفاق وكذب وخداع وانتهازية مازال به مكان - مهما صغر - لصوت العقل والحكمة والضمير؟!

وفي نفس الوقت الا يجعلنا هذا الموقف المبدئي للمناضل العظيم نيلسون مانديلا نشعر بالخجل من انفسنا نحن العرب؟!

ان مانديلا الذي لا تجري في عروقه دماء عربية ولا تربطه بالعراق وشائج قومية فعل ما لم نفعله نحن العرب حتي الان.

بل ان مايخجل اكثر واكثر ان بعضا منا - نحن العرب - حاول ولايزال يحاول تجميل الموقف الامريكي القبيح وتبرير تناقضه المفضوح وافتقاره الي المنطق او الاخلاق.

لذلك ليس المهم فقط الاشادة بموقف مانديلا المناصر لبلد عربي شقيق في مواجهة البلطجة الامريكية وانما الاهم هو تأمل الدلالات الاعمق لهذا الموقف المبدئي الذي يكشف جبننا ونفاقنا وعجزنا.

ولعل اهم هذه الدلالات هي دور الارادة السياسية فهو كمناضل لا يكتفي بتسجيل موقف خطابي أو كلامي وانما يدعو الي موقف وتحرك وفعالية سياسية ولهذا نراه يصر علي ادانة الموقف الامريكي وينتقد معظم زعماء العالم لسكوتهم علي بلطجة امريكا او استئسادها.

وهذا يعني بعبارة اخري انه يدعو الصامتين الي نبذ هذا السكوت المشين حتي لو كانوا من اصدقاء امريكاويدعوهم ايضا للانتقال من موقف المتفرج السلبي الي موقف المقاوم الايجابي.

والواضح ان هذه الدعوة النضالية تنطلق من الايمان بدون الارادة الانسانية وقدرتها علي مواجهة البلطجة بل وهزيمتها وهذا ليس كلاما انشائيا بل انه خلاصة الخبرة التاريخية والدليل علي جدارة هذه الخبرة يتمثل في ذلك الانتصار الكاسح الذي حققه مانديلا وزملاؤه علي واحدة من اعتي القوي الاستعمارة والعنصرية وهو الانتصار الذي كان الكثيرون من عبدة الامر الواقع يعتبرونه من رابع المستحيلات.

لكن التاريخ اثبت ان مانديلا كان هو الذي فعلها وانتصر بينما فلاسفة الكلام والواقعية السياسية مازالوا يقودوننا من هزيمة الي اخري ومن حفرة الي مستنقع فماذا كان سيحدث لو ان مانديلا كان عربيا؟!

 

العالم اليوم المصرية

 



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بحشود -ضخمة-.. احتجاجات إسرائيلية تدعو نتانياهو للموافقة على ...
- -كارثة مناخية-.. 70 ألف شخص تركوا منازلهم بسبب الفيضانات في ...
- على متنها وزير.. أميركا تختبر مقاتلة تعمل بالذكاء الاصطناعي ...
- حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية دون تطبيع إسرائيلي؟ مسؤول ...
- قد يحضره 1.5 مليون شخص.. حفل مجاني لماداونا يحظى باهتمام واس ...
- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد هجرس - ماذا لو أن -مانديلا- كان عربيا؟!