بعد ان اصبح شبح الحرب ماردا حقيقيا حيث ازدادت تاكيدات المسؤولون
الاميركيون ويطرحون خيار الحرب على العراق في كل مناسبة وبدون
مناسبة فقط لارسال رسالة واضحة الى صدام وكل من يراهن عليهم بان
الارادة الامريكية هي الغالبة في النهاية ولامجال للنقاش .
وفي خضم هذه الاحداث يحب البعض ان يعمل مقارنة بين الانجازات
الامريكية في افغانستان وما تنوي تحقيقه في العراق حيث يقولون بان
امريكا استطاعت ان تنهي نظام طالبان في الحكم ولكنها لم تنهيه كمنظمة
ارهابية ومن ثم منظمة القاعدة وان الحرب لم تنتهي هناك وحرب العصابات
تنزف بالقوة الامريكية .
ولكن عند المقارنة الحقيقية بين الساحة العراقية والساحة الافغانية
نجد الكثير من الفروق .
المعلوم ان قوات تحالف الشمال اكثرها كانت يوما ما قوة واحدة بوجه
الاجتياح السوفياتي النظام الذي كان في طالبان نظام عشائري قبلي
فقد كانت طالبان معروفة بالبشتون اكبر عشائر افغانستان وطبيعة الارض
الافغانية تختلف عن الارض العراقية من ناحية التضاريس او من
ناحية دول الجوار الفكر الظاهر على طالبان هو فكر اسلامي اصولي
وهذا بحد ذاته مشكلة معقدة في تلك الارض التي ترتبط باقاليم من
دولة باكستان الاسلامية او بايران وكذلك مدعاة لجذب تعاطف الكثير
من التيارات الاسلامية .
اما النظام العراقي فهو عبارة عن نظام شبه معزول عن العالم منذ اكثر
من عقد القوى المعارض الرئيسية اكثرها ليس لها اي رابط مع النظام
فاكبر قوتين معارضة هي الشيعية في الجنوب والكردي في الشمال
والمعلوم عن النظام انه يمثل نفسه من خلال الاقلية السنية عدا عن
انحصاره الشديد في السنوات الاخيرة في العائلة التكريتية العوجوية
الفكر المعروض للنظام هو حزب البعث وهو مرفوض من اكثر الانظمة
العربية ما عدى سوريا حيث يحكم فيها الجناح اليساري للبعث وهو
في النهاية بعيد عن الالتقاء مع النظام العراقي في حرب طاحنة خاصة
في وجه امريكا وهو النظام الذي عرف عنه الوقوف دائما في صف
المناوئين للبعث العراقي وظهر هذا جليا في حربي الخليج التضاريس
والاراضي التي ممكن ان تكون مسرح حرب بين القوتين هي ارض
مكشوفة صعبة الاستخدام لحرب العصابات .
النظام العراقي وخلال الفترة الطويلة التي حكم فيها لم ي! بق وسيلة
لفصله عن الشعب الا واستخدمها بحيث وصل الحال ان يقول العراقي
اي كان الحاكم القادم ليس بالامر المهم فالمهم هو يوم الخلاص فوسائل
النظام لم تقتصر على الاعتقالات السياسية ومنع الحريات كما هو الحال
في كل الانظمة العربية بل تعدى الى عمليات تطهير عرقي وديني وقومي
بدءا بالكرد الفيليين ثم الشيعة ثم عمليات الانفال والاسلحة الكيمياوية
ومن ثم اغتيال واعدام الكثير من اعلام العراق ومنهم الشهيد الصدر
الاول واخته الفاضلة .
الاقلية السنية العربية التي ظل النظام يلعب على ورقتها ويبني اساس
حكمه عليه عمل النظام ومن خلال سياساته الخاطئة على شق الخط
بينه وبينهم من خلال الاعتقالات والاعدامات العبثية وبسبب ومن دون سبب
وخاصة في صفوف قيادات الحرس الجمهوري والحرس الخاص ادى الى
تقليص اعمدة النظام في صفوف العائلة التكريتية وانشق هذا الخط
ايضا بعد اعدامه لصهريه حسين وصدام كامل .
اذن السؤال هو من الذين يعتمد عليهم في حربه القادمة والذي يحب
البعض المراهنة على قساوتها وعبث الخوض فيها فحزب البعث الذي
اصبح الكادر القاعدي والوسطي له عبارة عن اناس شحاذين بعد سنوات
الحصار لاهم لهم الا اشباع بطونهم وقد فرغوا من اي فكر قد يكونوا
امن من السخط c0قد حملوه وهم سيكونون اول من يهرعون الى ايجاد ملا
الشعبي وهذا ماشاهدناه ايام الانتفاضة اما القوات المسلحة فمعلوم ان صدام
عمل على افراغها من اي معنويات وانهكها بطول حربه التي خاضها في
ايران ومن ثم تجويعه بعد حرب الكويت .لم يبق في الصورة الا الحرس
الجمهوري والحرس الخاص وفدائيي صدام الذين نظمهم عدي في
السنوات الاخيرة ومجموعة من اسلحة الدمار الشامل .
فعن الاسلحة فالمعلوم ان امريكا تحرص على جيشها اكثر من حرصها
على الشعب العراقي لذا يجب ان تكون اخذت حذرها قبل اي ضربة
اما عن القوات الموالية فهل حقا ستخوض حرب العصابات من اجل صدام
قبل وبعد اعلان موته واين سيخوضوها ولاجل اي مبداء اذا اعلنت القيادة
الجديدة عفوا عاما على كل من حمل السلاح مع الطاغية .
مسرح الحرب واضح منذ الان فهو شيء مضحك ان نقراء ان صدام اعطى
اوامره الى المحافظين بممارسة حرب المدن فقد راءينا في الانتفاضة كيف
تسقط المدن اسرع من وصول خبر سقوط المدينة التي قبلها ومعلوم ان
قوات بيشمركة كوردستان استط! اعت وبمس اعدة الشعب الكردي الوصول
من اقصى نقطة حدودية لكردستان في الشمال وهي مدينة رانية الى
ادنى نقطة في الجنوب وهي كركوك وخانقين وغيرهن بفترة لاتتعدى
الاسبوع ومعلوم ان خانقين لاتبعد عن بغداد باكثر من مائتين كيلومترا
وكذلك وصلت قوات المعارضة الشيعية في الجنوب الى منطقة المحمودية
في جنوب بغداد بفترة لاتتعدى الشهر بمعاونة كافة طبقات الشعب حتى
الكثير من الطبقات التحتية من البعثيين .
فالسؤال هو هل الجيش العراقي اليوم بمعنويات اكبر من معنوياته
ابان الانتفاضة ام ان الكرد يبعدون عن كركوك وخانقين باكثر من المرة
السابقة ام الحملة الامريكية هذه المرة اقل جدية من المرة السابقة
والخبر الذي يشترى اليوم بالمال يهدى غدا مجانا مع الصحف المتراكمة
دالةهو خانقيني
هولندا