الشعراء فقط هم الذين سيخلصوننا

سهام سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 20:59
المحور: الادب والفن
    

الشعراء فقط هم الذين سيخلصوننا


مارتن هدجر

1889-1976

ولد في بادن بألمانيا

*********************

من كتاب الموت والوجود لجيمس ب – كارس

ترجمة بدر الديب

* * * * *

ورد على لسان هدجر :

فقرات من التفكير المثير الموحي في مناقشته للغة .

فهو يرى أنه كما أن أولوية الوجود تظهر نفسها من خلال الطاقة الطبيعية

وكونها قائمة كمخزون لا ينضب فكذلك بالمثل تسبق اللغة نطقنا وكلامنا بها .

ويقول هدجر أنه يفضل التعبير بالإفصاح وليس اللغة ، وذلك لأن الإفصاح له معنى ترك شيئا ما يظهر بل وينير .

وهذا يعني أن هناك شيئا ما هو أيضا لا ينضب وينتظر أن يفصح عنه أو يقال سابقا على قولنا أو إفصاحنا عنه .

وعلى هذا فاللغة لا يجوز أن تعتبر أداة نمتلكها ، فنحن لسنا حيوانات لنا القدرة على الكلام (كما يصفنا الميتافيزيقيون ) .

فكما أننا لا نمتلك الوجود بل هو الذي يمتلكنا فنحن أيضا تمتلكنا اللغة.

فالإنسان يتصرف وكأنه الذي يشكل ويسود اللغة، والحقيقة أن اللغة تظل هي سيدة الإنسان.

فنحن لا نتحدث باللغة بل أن اللغة تتحدث من خلالنا.

وللإمساك بهذه الخاصية التي يريد أن يعبر عنها للغة فإن هدجر يبتكر أكثر الاستعارات بروزا في أعماله الأخيرة فيقول :

"اللغة هي مسكن الوجود " . وقد وصل إلى هذه الاستعارة

باعتقاده " أنه عندما نجد الكلمة التي تدل على الشئ فالشئ عندئذ يكون شيئا وهو لا يكون كذلك إلا عندئذ فقط " .

وفي موضع آخر يدلل على أنه لأننا فقط نستطيع أن نسكن اللغة على أنها بيت الوجود فإننا نستطيع أن نبلغ كل ما في هذا البيت : (فعندما نذهب إلى البئر ونعبر إليه خلال الغابة فنحن بالفعل نسير خلال كلمة (بئر) خلال كلمة غابة

حتى وان لم تنطق بهذه الكلمات ولا نفكر بأي شئ يتعلق باللغة .

فإذا غفلنا عن أولوية اللغة وبدأنا نفكر في أننا نستطيع أن نسود عليها كما نفعل في أية أداة فإننا نقع في نفس الخطر مع التكنولوجيا إذ أساءنا فهمها .

بل في الحقيقة فإن عجزنا عن فهم اللغة هو الذي قاد إلى اتجاه التكنولوجيا إلى الموت ونفي الحياة.

فمن هذا الذي سينقذنا من هذا الخطر ؟..

الشعراء فقط هم الذين سيخلصوننا.

هذا ما يعلنه هدجر مشيرا إلى أن كلمة "شعر" مستمدة من الكلمة الإغريقية

Poicsis

التي تعني يصنع أو يخلق

ويقول هدجر

أن الشعر

وهو صناعة الكلمات من صمت الصوت هو ما يبني بيت الوجود.

والشاعر الحقيقي يدع صمت الصوت يشع من خلال الكلمات. ونرى في الشعر الحقيقي أن الكلمات لا تحل محل الأشياء القائمة بالفعل بل إن الأشياء توجد مع الكلمات فالشاعر إذن لا ينطق بالكلمات التي كانت موجودة بالفعل بل هو ينطق بكلمات تنير مضيئة معبرا عن كل هذا الذي لا ينضب ويمكن أن يقال .. ولهذا فإن هدجر يهيب بالشعراء الذين يستطيعون أن يفصحوا إفصاحا أكبر والذي يستطيعون بلغتهم أن يمضوا في مغامرة الموجودات مع الوجود .

وتظهر أولوية الوجود بوضوح تام خلال هذه المناقشة للغة من حقيقة أن هدجر يرى أن الإنصات أسبق من الإفصاح أو الكلام فالشعراء يستطيعون أن يفصحوا إفصاحا أكبر لأنهم قد فتحوا أنفسهم لما لم يقال والذي يأت من ما يقال .

وإفصاح الشعراء هو الذي يعكس دائما حقيقة أن اللغة أسبق من العالم .

ولكي يفعلوا ذلك فعلى الشعراء أن ينصتوا للطريقة التي منحت بها اللغة ولهذا يجعلون الإفصاح ممكنا.

وعندما تريهم اللغة وجودها الجوهري، فإن وجود اللغة يصبح لغة الوجود.

وعلى هذا فكل ما على الشعراء أن يقولوه هو ما يقوله الوجود وليس لهم هم كلمات خاصة بهم .

#سهام_سالم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات