أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - علي عودة - مثقفو فتح بين التميّز والتحيّز















المزيد.....

مثقفو فتح بين التميّز والتحيّز


علي عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3006 - 2010 / 5 / 16 - 23:11
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


حصاد الشوك
(1) مثقفو فتح بين التحيّز والتميّز

كلّما نشبت الخلافات والصراعات بين زعامات حركة فتح ووصلت إلى الصحف والمواقع ووسائل الإعلام واختلفت كوادر فتح حولها وأثاروها في مجالسهم , انتفض المثقفون من أبناء الحركة – خاصة في قطاع غزة – ووضعوا أيديهم على قلوبهم وتداولوا بمرارة وغصة همساًً وعلانية , هذه الخلافات والصراعات والبيانات الهابطة, سواء كانت تصريحات مباشرة من (الزعامات) نفسها أو من خلال أقلام وحناجر موجهة , تعبّر عن مواقف تلك الزعامات وتعلن وجهة نظرها .
وللمثقفين الفتحاويين - أو لبعضهم على وجه الدقة- تجربة مريرة وقاسية مع (زعامات) العمل الفتحاوي في قطاع غزة , فمنذ عودة السلطة في عام 1994حاول نفر من المثقفين الفلسطينيين أن يؤسس موقفاً مستقلاً غير خاضع للاستقطاب والتحيّز وحاولوا الابتعاد عن فتات الزعامات وإغراءاتها , كما قرروا الترفّّّع عن النعرات (والحشودات) القبلية والجهوية والمناطقية , وقد تسلّحت الفئة المخلصة بخبرتها في معرفة العمل التنظيمي الفتحاوي وسقطاته , في الداخل والخارج , وحاولت أن تؤسس لوضع تنظيمي متميّز يناسب المرحلة الفلسطينية الجديدة ويتجاوز الأخطاء, السابقة..
وقد اتسم منهجهم برفضه لمجموعة من للظواهر السلبية :
الظاهرة الأولى :
اللهاث وراء الوظائف و التكالب المزري , الذي تدافع فيه بعض (المثقفين) بالمناكب على الامتيازات , حتى توهّم المتنفذون أن المثقفين أرخص من قشر الفول. وأن متنفذاً صغيراً واحداً يستطيع أن يجلب عشرات المثقفين والأكاديميين إلى مكتبه خلال عشر دقائق ليستمتع بهرولتهم واصطفافهم أمام مكتبه انتظاراً(لمعاليه) , في حين يتلهى هو بالتغزّل في عيون سكرتيرته وقوامها أو يتبادل الطرائف الهابطة مع أحد ضيوفه السفهاء , وهو الأمر الذي شجّع هؤلاء المتنفذين على التدخل في جميع الأمور, ودس أنوفهم وذيولهم في جميع (الطبخات) وإقحموا أنفسهم في الجامعات والنقابات والمؤسسات والدوائر, فتحولت بفضلهم إلى ساحات لصراعاتهم ومنافعهم ونفوذهم .. وهكذا , مارس المتنفذون التعنيف على هؤلاء المثقفين تارة , والقمع والتهديد تارة أخرى, فانكمش الأكاديميون والمثقفون , خوفا أو طمعاً وتحولوا إلى مجرد أدوات وطراطير ينفذون الإشارات والتعليمات والرغبات ..
الظاهرة الثانية:
الانصياع إلى رغبة المتنفذين في تضخيم ذواتهم وتلميع صورهم , حيث تحوّلت مجموعة من المثقفين إلى (فرقة مداح القمر) وأبواق تردد الشعارات والمقولات بل والنكات الهابطة والمواقف السخيفة لهؤلاء المتنفذين , وحاولت الفئة المخلصة معارضة هذا النهج واستبداله بالحوار والنقاش والوعي وكشف السلبيات , في اللقاءات التنظيمية والوطنية والشخصية , ونبهوا إلى خطورة ما تقوم به تلك القيادات من تحشيد لجماعات وفئات معينة وتجميع لأبناء عائلات وعشائر بعينها , وأشرنا , في أكثر من مناسبة , إلى خطورة هذا الفرز والتحيّز على حركة فتح وعلى مستقبلها , وهو ما لمسنا نتائجه المروعة عندما أقدمت حركة حماس على انقلابها المشئوم وفوجئنا بالقبليين والعشائريين الأنانيين يتنصلون من حركتهم ويزعمون الحياد ويلقون باللائمة على (فتح الأخرى), وكأننا في وجبة مكايدة وشماتة للضرائر والسلائف , وكأنه لا يوجد خطر كبير تتعرض له الحركة وكأننا لسنا أبناء حركة نضال رائدة عملاقة تعلّم من تراثها العالم ودرس على يديها كيف يسمو أبناؤها فوق الجراح والخلافات عند اشتداد الأزمات والمحن , لتصبح المصلحة الفتحاوية مقدمة على جميع التناقضات ..
لكن المحاولات المخلصة قوبلت بالتهميش والسخرية , والقمع أحياناً , فذهبت الآمال والطموحات أدراج الرياح وتسيّد القبليون والسطحيون والمكروهون وجثموا فوق أعناقنا وأجبرونا على أن يكونوا قادتنا وسادتنا . (وممثلينا) , فهُزمنا جميعاًً بفضلهم ! هُزمنا في الانتخابات وهزمنا أمام حركة حماس , وقبل ذلك وأخطر منه أننا هزمنا وشعرنا بالخجل أمام أنفسنا , وحصد المثقفون الشوك والمرارة , ولم يفعلوا سوى أنهم راحوا يرددون بأسى ومرارة بيت دريد بن الصمّة:
نصحتهم نصحي بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح الا ضحى الغد
لكنهم ظلوا أوفياء لحركتهم العظيمة فتح , وتعاهدوا على إلا يغفروا لأولئك الذين تسببوا في ضياع هذه الحركة وأهانتها , ويعلموا ذلك لتلاميذهم وأبنائهم ..
الظاهرة الثالثة :
الاعتماد على ثلاثية المال والسلاح والإتباع في استقطاب المريدين وجمع المؤيدين , وكذلك في تأسيس الجمعيات والمؤسسات الوهمية وتوزيع المناصب والامتيازات وتحديد المراتب والاعتبارات , وأشرنا في أكثر من مناسبة ومحاضرة ولقاء إلى سطحية هذا التفكير وسرعة زوال التأثير وقلنا أن ذلك النهج لن يكون بديلاً عن الصدق في الفكر والتطبيق والوضوح في العلاقة بين الفتحاويين جميعا.. وتوسلنا لهم ورجوناهم أن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان , وأن ينأوا بأنفسهم عن الانتهازيين والنفعيين الوصوليين , لأن من طبائع هذه الفئة ومن أخلاقها أن تتخلى عن (حلفائها) عندما تنتهي صلاحيتهم ويزول نفعهم وخيرهم ويشعر الوصوليون أن أولئك (القادة العظام) قد استنفذوا قوتهم ولم يعد هناك خوف منهم فيتحولون إلى غيرهم , بسرعة ومهارة , وهذا ما حدث بالفعل إذ سرعان ما تخلت النماذج الوصولية (المثقفة)عن قدوتها وقادتها وتنكرت لهم , بل وهاجمتهم بقسوة وشراسة وتحولت بمنتهى الثقة والهدوء إلى أبواق للانقلابيين , بعد أن كان أعضاؤها يقعون مثل الكلاب بين أقدام الفتحاويين , يلهثون ويلعقون أحذيتهم ويلتقطون ما يتساقط من فتات موائدهم .
هل أدركنا الآن كم خدعنا كوادرنا وأنفسنا وحركتنا ؟ هل أدركنا حجم المصيبة التي صنعناها بأيدينا ؟ من الذي صنع هذه الخطيئة ومن الذي أوصلنا إلى هذا الدرك من اللامبالاة وعدم الانتماء ؟ هل كان المثقفون الفتحاويون شركاء في هذه الجريمة ؟ سيبادر كثيرون إلى الاعتراض ويصرخون في وجهي : لم يكن لدينا المال الذي تُشتري به الأنفس , ولم تكن لدينا المناصب والامتيازات التي يسيل لها اللعاب وتذوب عندها الاعتراضات , ولم يكن لدينا السلاح الذي يخيف ويقتل , ولم يكن لدينا الأتباع والأزلام الذين يهددون ويبطشون !! وصمت ,,, لكنني همست لنفسي كان لدينا ما هو اقوي منها مجتمعة : كان- وما زال - لدينا الوعي والإرادة والكفاءة , ولدينا النزاهة وصدق الانتماء ولدينا الأقلام الشريفة الجريئة , لكن الحقيقة أننا لم نجازف بالقدر الكافي ولم نكمل دورنا المتميّز ! تراجعنا في منتصف الطريق وآثرنا السلامة , مثل معظم المثقفين العرب ! أصبنا بالخوف والرعب – وصنعنا لأنفسنا المبررات والمعاذير وأعجبتنا صورة الضحية فلذنا بها وصمتنا – هذه هي الحقيقة , فكيف نطالب الناس بأن يخافوا من الخائفين !
لكن ما يزيد الصورة قتامة ويجعل الواقع أكثر مرارة وإحباطاً هذا التهافت والتقاذف الذي يبرز مرة أخرى بين (قيادات)الحركة , ويشير إلى بقاء الأمور السلبية على حالها , ومنها :
1- تمسّك القبليين والعشائريين بمواقفهم , رغم أن حركة حماس التي آزروها على حساب حركتهم , قامت بالبطش بهم وطاردتهم حتى ألجأتهم إلى حضن العدو ! فماذا يريدون عبرة أكثر من ذلك ليكفوا عن عنصريتهم وتصرفاتهم الكيدية ؟ ويتخلوا عن مقولة (عنزة ولو طارت) التي لا تصلح للعمل الوطني ..
2- تمسّك المتنفذين السابقين , وفي مقدمتهم المركزيون الجدد – نسبة إلى اللجنة المركزية لحركة فتح – بمنهجهم السابق ويبدو أنهم ,كذلك , لم يأخذوا العبر ولم يتبينوا أخطاءهم ولم يدركوا بعد عاقبة سلوكياتهم السابقة . ما زالوا يحشدون ويمارسون الأخطاء ذاتها ويفضلون النماذج الوصولية المدعية ذاتها , وإذا واصلوا دربهم ونهجهم فإنهم سيصلون إلى النتيجة البائسة ذاتها وكأنهم لم يدركوا بعد أن الحلفاء ألأقوياء الواعين الصادقين أفضل من الأتباع المأجورين الوصوليين المنافقين
3- تمكنت بعض (القيادات) السابقة من الحصول على الشهادات والألقاب العلمية العالية فظنت أنها حصلت على ما يؤهلها للقفز على مشاعر الجماهير الفتحاوية وذوي الشهداء واعتقدت أنها مؤهلة للتحدث كيفما شاءت ويحق لها تجاوز أحزان الناس وآلامهم وشطبها , وهي التي طالما تغنّت بأمجاد الشهداء ودعت إلى عدم التفريط في دمائهم.. وهم بدورهم الجديد يعيدوننا إلى أسباب (الهزيمة) عندما جرى إكراه الناس على انتخاب من تكرهه الأرض والسماء .
إذا بقيت عند القادة الفتحاويين (مركزيين وغيرهم ) بعض النوايا الحسنة , فإن واجبهم التنظيمي والوطني يفرض عليهم أن يغيروا الوسائل والأدوات وأن يتمعنوا ويدققوا في ترشيح الرجال للمهام الإدارية والتنظيمية والوطنية , لأن حركة فتح تستحق أفضل الرجال وأكفأ الرجال وأصدق الرجال انتماء وفعلاً . واعتقد أن الخطوة الأولى لبدء الإصلاح الحقيقي تكون بالكف عن هذه المهاترات والملاسنات (والحروب) الدائرة بين أبناء الحركة ..
أما الخطوة الثانية فهي (إقحام) المثقفين والأكاديميين وأصحاب الكفاءات والزج بهم في ميادين العمل الفتحاوي والإنصات الجيد إلى أفكارهم واقتراحاتهم والإفادة من خبراتهم وإخلاصهم ونزاهتهم , إنها حركتنا جميعاً فلا بد أن تتضافر الجهود لإصلاحها وإعادتها إلى عافيتها وريادتها , خاصة بعد أن انتهت فترة الرعب خلال انعقاد المؤتمر السادس , وقبله ..



#علي_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعقيب على مقال غازي حمد


المزيد.....




- رغم تهديد بايدن بالفيتو.. -النواب- الأمريكي يقر مشروع قانون ...
- احتجاجات في بيروت على قرار مصادرة الدراجات النارية غير المسج ...
- النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل ...
- وزارة الطاقة الأمريكية تعتزم بدء شراء اليورانيوم من المنتجين ...
- تقرير: تزايد عدد الأطفال الوافدين من دون ذويهم على مدينة تري ...
- شقيقة كيم جونغ أون تتهم -قوى معادية- بنشر -تقارير سخيفة- عن ...
- مراجعة علمية تكشف عن النظام الغذائي الأفضل لخفض خطر الإصابة ...
- مجلس النواب الأمريكي يمرر تشريعا يعارض وقف إرسال أسلحة إلى إ ...
- النواب الأميركي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إرسال أسلحة ل ...
- المجلس الدستوري في تشاد يقر فوز ديبي بالرئاسة


المزيد.....

- مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3 / عبد الرحمان النوضة
- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - علي عودة - مثقفو فتح بين التميّز والتحيّز