|
حوار الثقافات و النزعة الإنسانية : إيريك فروم
حميد لشهب
الحوار المتمدن-العدد: 2978 - 2010 / 4 / 17 - 16:53
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
صدركتاب:"حوار الثقافات و النزعة الإنسانية. إريك فروم" المعد من طرف الدكتور حميد لشهب عن دار النشر المغربية Top بالدار البيضاء سنة 2007. و يظم الكتاب بين دفتيه أعمال ندوة علمية نظمت بمدينة فاس يومي 2 و 3 أبريل 2007 بمشاركة نخبة من الباحثين من أقطار مختلفة و على الخصوص من المغرب و من العالم الجرماني. افتتحت الندوة أنذاك من طرف الراحل عبد الهادي بوطالب بموضوع رائع حول الإسلام و حوار الثقافات و عمدة فاس السيد حميد شباط، الذي ركز على الدور الريادي لفاس كمعلمة حوار بين الثقافات و رغبته في أن تستمر في تأدية دورها هذا، كقنطرة بين الحضارات و الأجناس المختلفة في إطار احترام الآخر في خصوصياته الأنطولوجية و الثقافية. حاول د. حميد لشهب في نصه عقد مقارنة بين إريك فروم و عبد الهادي بوطالب في إطار ما سماه: "حوار الثقافات الإنساني البيوفيلي"، يعني الحي و المحب للحياة في مقابل الحوار "النيكروفيلي" أي الهدام و التواق إلى مسح الإنسانية. و أشار في البداية إلى تاريخ النزعة الإنسانية و خصوصياتها و مساهمات العديد من الثقافات و المفكرين في دعمها و تأسيسها. أما الأستاذ محمد سبيلا فتناول في بحثه الأحكام المسبقة المتبادلة بين الغرب و الإسلام. و الهدف الرئيسي للأستاذ سبيلا من بحثه هذا هو إعادة وعي هذه الأحكام، ليس من أجل تفعيلها من جديد و إشعال فتيلتها، بل قصد تجاوزها، لأنها تعتبر في العمق العائق الرئيسي في حوار مسؤول و بناء بين الغرب و الإسلام، على اعتبار أن مفعولها هو مفعول لاواعي توظفه الدوائر السياسية و السلطات الحاكمة في الغرب و في الدول الإسلامية توظيفا يتماشى و أيديولوجياتها الخاصة. وتطرق الدكتور فونك لـ: "أهمية الشرف والحشمة في التعايش الإجتماعي" مدعوما بأدوات سيكولوجية لدراسته موضوعه، مبينا أن معاشات هذين الشعورين يؤثران سلبا أو إيجابا ليس فقط على تطور الفرد، بل و كذلك على تطور مجتمع ما و ثقافته، لسبب بسيط يكمن في كونهما ينتميان إلى الأساس النفسي للإنسان و لهما علاقة وطيدة بالكرامة الشخصية و المجتمعية. و مس شخص أو جماعة إنسانية ما في شرفهما كما يمارس حاليا في منطقة الشرق الأوسط على شكل حروب عدوانية للإمبريالية الجديدة و بالأخص الصهيونية هو عمل شنيع و غير مقبول و لا يمكن قبوله تحت أية ذريعة كانت لأنه مس بحياة الإنسان و كرامته. و حاول الدكتور ميخائيل شميث في نصه تبيان دور اللاوعي في حوار الثقافات منبها إلى كون مؤسس التحليل النفسي "سيغموند فرويد" لم يعر أي اهتمام يذكر للإسلام بل اعتبره تقليدا لليهودية. و هو فهم اختزالي و غير صحيح في نظره، لأن الإسلام تتمة و تطوير للديانتين السماويتين السابقتين عليه. و هاتين الأخيرتين مبنيتان على صورة الأب الرمزي بينما تغيب هذه الصورة في الإسلام تاركة المكان لتوحيد صلب متين. و ساهم الباحث اللبناني المقيم في فرنسا الدكتور جيرار خوري بنص مهم حاول فيه تبيان أخلاقيات الحوار الإنساني البناء برجوعه إلى سقراط و فروم. و استطاع بهذه المقاربة الوصول إلى نتيجة مهمة هي كون الحوار الثقافي ذا النزعة الإنسانية لا يقوم فقط على الإحترام المتبادل و الأخذ بعين الإعتبار كرامة الآخر، بل يتطلب حسن الإصغاء كما مارسه سقراط و فروم و المشي سويا للبحث عن الحقيقة و ليس إيهام الآخر بأن حقيقته باطلة و حقيقتي صحيحة، لأن كل السبل تؤدي لحقيقة الحقائق المتمثلة في قدسية الجنس البشري و ضرورة حماية حياة هذا الجنس و توفير الشروط المادية و المعنوية و البيئية لاستمرار مشروع تنمية الإنسان. جمع أعمال هذه الندوة و السهر على نشرها على شكل كتاب يدخل في إطار تعزيز ثقافة الحوار أولا و أخيرا. أما المبتغى من نشرها فهو دعم النزعة الإنسانية و فتح أفاق عملها و مبادئها و تصورها للعالم و الإنسان على قاعدة عريضة من المهتمين و المتخصصين قصد تلقيحها و توسيعها إلى أقصى حد، لأنها النزعة الوحيدة التي تعترف بمساهمة كل البشر في بنائها و الدود عنها.
#حميد_لشهب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر.. ماذا نعلم عن إبراهيم العرجاني بعد تعيينه رئيسا لاتحاد
...
-
واشنطن وطوكيو تخصصان 3 مليارات دولار لتطوير صاروخ جديد يعترض
...
-
هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟
-
سيناتور أمريكي ينتقد تصرفات إسرائيل في غزة ويحذرها من تقويض
...
-
خطأ شائع في تنظيف الأسنان يؤدي إلى اصفرارها
-
دراسة: ميكروبات أمعاء الأب تؤثر على نسله مستقبلا
-
بعد 50 عاما من الغموض.. حل لغز ظهور ثقوب بحجم سويسرا في جليد
...
-
خبراء: هناك ما يكفي من الماء في فوهات القمر القطبية لدعم الر
...
-
الضغط على بايدن لمخاطبة الأمة إثراندلاع العنف في الجامعات
-
السلطات الإسرائيلية تؤكد مقتل أحد الرهائن في غزة
المزيد.....
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
-
فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو
...
/ طلال الربيعي
-
دستور العراق
/ محمد سلمان حسن
المزيد.....
|